يتابع العالم اليوم حركة الاحتجاجات في كازاخستان ـ منذ نهار الأحد الموافق للثاني من كانون الثاني 2022 ـ التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي سابقًا منذ أكثر من ثلاثة عقود، وبرزت الاحداث في كازاخستان كعنوان ضمن أهم الأحداث على الساحة الدولية.
واللافت أن أحداث كازاخستان جاءت قبل أيام من بدء الحوار بين روسيا والولايات المتحدة والناتو بشأن أوكرانيا، يعني أن هذه الأحداث تحمل رسالة تهديد أميركي ـ أوروبي ـ أطلسي فهم مغزاها إعادة فتح ملف التوترات الحدودية وحروب الاستنزاف، لذا وصف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ما حدث بأنه نوع من الثورات الملونة في كلمته أمام قمة مجموعة معاهدة دول الأمن الجماعي التي انعقدت عبر الفضاء الافتراضي الإثنين الموافق للعاشر من كانون الثاني الجاري.
وفي ظلّ تدهور الأوضاع السريع، وكثرة اللاعبين الإقليميين والدوليين الذين قد يستغلّون ظروف هذا البلد الداخلية الذي يعد احدى أهم الدول في آسيا الوسطى وأكبرها من أجل خلق واقع جديد. وفي ظلّ تدهور الأوضاع السريع، وكثرة اللاعبين الإقليميين والدوليين الذين قد يستغلّون ظروف هذا البلد الداخلية الذي يعد احدى أهم الدول في آسيا الوسطى وأكبرها من أجل خلق واقع جديد. تضع الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين بين أيديكم بعضًا من المقترحات للتعامل معها في الخطاب الاعلامي، ضمن النقاط التالية:
1. تأكيد أهمية الحدث في كازاخستان وخطورته على الصراع الدولي، وعلى العلاقات بين الشرق والغرب والنزاعات والمنافسات القائمة بينهما في المواقع المختلفة، ومنها أوكرانيا، وتايوان، وسوريا؛ كما أن أحد أسباب الأزمة هو التدخل الاقتصادي الغربي عبر النخب التابعة لتغيير النظام الاقتصادي واستتباعه بالكامل لصالح الغرب.
إذ تعد كازاخستان أغنى دول آسيا الوسطى، وأكبر منتج للنفط بين الجمهوريات السوفيتية السابقة بعد روسيا، ويبلغ احتياطها من النفط الخام 30 مليار برميل، ما يجعلها صاحبة ثاني أكبر احتياطي في المنطقة بعد روسيا بحسب وزارة التجارة الأميركية. وتوجه كازاخستان معظم صادراتها من النفط إلى الصين. وتمتلك احتياطات من الغاز الطبيعي المؤكدة تتجاوز 3 تريليونات متر مكعب، فيما تفيد التوقعات بأن الاحتياطات قد تفوق 5 تريليونات متر مكعب وفقاً لوزارة التجارة الأميركية. وتنتج بحسب موقع "بلومببرغ" أكثر من 40 في المئة من اليورانيوم في العالم، ما يجعلها الموردة الأولى لليورانيوم عالمياً. كما يتوفر لديها ثاني أكبر احتياطي في العالم من اليورانيوم والفضة. وتمتلك وفقاً لموقع "تشامبرز أند بارتنرز" ثالث أكبر احتياطي في العالم من معدن المنغنيز، ورابع أكبر احتياطي من الزنك، وخامس أكبر احتياطي من الحديد، بالإضافة إلى ثامن أكبر احتياطي عالمي من القصدير. وأظهر مسح جيولوجي أنجزته الولايات المتحدة أن كازاخستان تمتلك أيضاً أكبر احتياطات معدن الكروم في العالم بنسبة 86 في المئة.؛ ما يجعلها موضع اهتمام الولايات المتحدة التي أنفقت في مجال الطاقة عشرات المليارات من الدولارات غرب كازاخستان عبر شركتي "إكسون موبيل" و"شيفرون".
وتشكل كازاخستان أهمية خاصة لروسيا والصين؛ إذ تقع بين روسيا بحدود تتجاوز 7600 كم، وتشترك في الحدود مع ثلاث جمهوريات سوفيتية سابقة أخرى، فضلًا عن وجود أكثر من ثلاثة ملايين روسى في كازاخستان.
وما خصّ الصين، فإن كازاخستان تشاطرها حدودًا طولها 1500 كلم، وتكتسب أهمية استراتيجية مع حالة الحصار البحري الأميركي المفروض على الصين. ويمرّ عبرها أقصر طريق برّي من الصين إلى أوروبا، كما تربط الأسواق الكبيرة السريعة النمو في الصين وجنوب آسيا بأسواق روسيا وأوروبا عن طريق البر والسكك الحديدية.
من هنا يمكن القول بأن أحد أهداف الانقلاب هي عرقلة مبادرة الحزام والطريق، وتحويل كازاخستان إلى دولة تابعة للفلك الغربي.
2. التركيز على وجود محاولة انقلابية بدعم غربي/تركي ضد النظام في كازاخستان، بالاستفادة من التناقضات الداخلية السياسية والاقتصادية.
وهو ما أكده رئيس كازاخستان قاسم توكاييف في كلمته أمام قمة مجموعة معاهدة دول الأمن الجماعي، إذ قال إن بلاده نجت من محاولة انقلاب دبرها ما سماها "مجموعة منفردة" بعد أعنف اضطرابات منذ انهيار الاتحاد السوفيتي؛ مشيرًا إلى أن قوات "إرهابية" منظمة تضم في صفوفها "متشددين" و"مجرمين" و"مخربين" استغلت الحركة الاحتجاجية على رفع أسعار المحروقات في محاولة لقلب السلطة، وقال إنّ: "عصابات إرهابية دولية تلقّت تدريباً في الخارج، وينبغي اعتبار هجومها عملاً عدوانياً".
3. الإشارة إلى وجود تحضيرات مسبقة لهذه الفوضى الأمنية العارمة ووجود السلاح والمجموعات المنظمة للقيام بالاحتجاجات العنيفة؛ لاسيما أن السلطات الكازاخية ألغت على الفور قرار رفع أسعار الغاز المسال، واعتقلت المسؤولين عن القرار في محاولة لتهدئة الأوضاع؛ وبالتالي فإن ما يبدو أنه تداعٍ تلقائي للأحداث لا يبعد أن يكون صدفة مدبرة ومنظمة مسبقاً بشكل غير مباشر كما حصل في لبنان والعراق في العام 2019. والهدف من أعمال الشغب والعنف والفوضى والنهب والحرق هو دفع البلاد نحو المجهول والاقتتال الداخلي، وليس تلبية أهداف المتظاهرين المعيشية.
4. التحذير من محاولة الغرب ايجاد فتنة عرقية في كازاخستان المتعددة القوميات وفق السيناريو الأفغاني.
5. تأكيد أن التصريحات الغربية والحجج والشعارات المعتمدة لا تعكس الوقائع الجارية، ولا حجم التدخل الغربي، فالغرب يعمد دوماً إلى إخفاء تدخله عبر تلك الشعارات.
6. الإشارة إلى أن التدخل الروسي لحسم الأمور يفترض أن يمنع الاقتتال الأهلي في كازاخستان، وأن التدخل الروسي يعكس التحسب المسبق للسيناريو الأميركي.
7. تأكيد دور منظمة الأمن الجماعي في حماية كازاخستان من الانقلاب، ومشروعية التدخل ضمن الغطاء القانوني وبطلب رسمي من الدولة.
وهو ما أكده رئيس الوزراء الأرميني، والرئيس الحالي لمجلس الأمن الجماعي لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي نيكول باشينيان على صفحته في فيسبوك أنه "تجاوباً مع نداء رئيس كازاخستان، قرر إرسال قوات حفظ السلام جماعية تابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى جمهورية كازاخستان من أجل استقرار الوضع وتطبيعه...فيما يتعلق بنداء رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف ونظراً للتهديد الذي يهدد الأمن القومي وسيادة جمهورية كازاخستان بسبب التدخل الخارجي... قرر مجلس الأمن الجماعي التابع لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، وفقاً للمادة 4 من معاهدة الأمن الجماعي، إرسال قوات حفظ سلام جماعية تابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى جمهورية كازاخستان لفترة محدودة من أجل استقرار وتطبيع الوضع في هذا البلد".
8. المقارنة بين التجربة السورية والتدخل الغربي التدريجي من غير المباشر إلى المباشر، وكذلك التدخل الشرقي المؤيد لاستقرار النظام.