قد تقود الصدفة إنسانا ما ليكون تاجرا، او يمهد القدر الطريق له لان يكون مسؤولاً كبيراً، او خطأً ليكون أحدهم قياديا في حزب، او الصدفة ليكون قائدا لشعب، وقد تمر رياح التغيير بما لا تشتهي السفن لتقلب عاليها سافلها ويكون في مقدمة الركب السفهاء والفاسدين والسراق والاميين ويكون في ذيلها النزيه والشريف والكفوء والمهني.
عندما تنقلب الامور بهذه الطريقة الغير متوقعة وربما (المدروسة) في بلد كالعراق فتلك الطامة الكبرى التي اوجدتها ظروف الاحتلال الامريكي حيث اسقطت دكتاتورية السلطة، ودمرت البنى التحتية للبلد وهدرت روح القيم الاصيلة فيه، ومكنت السفلة والمجرمين وممن يطمحون بذبح العراق وتقطيع اوصاله للوصول الى مراتب متقدمة لقيادة بلد كالعراق لسرقة ثرواته وتدمير شعبه وانتهاك سيادته وحقوقه.
اثبت الساسة في العراق بأنهم لا يشعرون بالانتماء والمسؤولية الوطنية التي تحدد انتمائهم الوطني للعراق، وانهم بتأخيرهم لتشكيل الحكومة وخلافاتهم وعدم اتفاقهم وجدلهم العقيم وتجاوزهم على التوقيتات الدستورية التي كتبوها بأيدهم انما يثبتون عدم صلاحيتهم لقيادة العراق في ظل ظروف صعبة وتحديات دولية وتدخلات اقليمية تريد بالعراق الشر.
ما أكثر الاحزاب والتيارات والتجمعات والشخصيات والائتلافات لكنها عجزت ان تلتقي في رافد واحد هو حب العراق، وخدمة الشعب، والا فهل من المعقول بعد مرور اربعة أشهر من اجراء الانتخابات المبكرة ولازال الجدل قائما حول رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة. لازالت العقد تتكاثر امام تفاهم الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والاصرار سيد الموقف للطرفين فلا تنازل ولا تفاهم ولا لقاء لتذويب الخلافات والوصول الى مشتركات لاختيار رئيس الجمهورية.
ولازالت المحاولات فاشلة لجمع شمل الإطار التنسيقي مع التيار الصدري الذي يطالب بالأغلبية الوطنية او السياسية التي شطرت الاحزاب الى نصفين وعجلت بالانشقاقات، وبدا المشوار صعباً ومعقداً والكل ممسك بخيوط اللعبة ولم يقدم تنازلات لإنهاء عقدة الرئاسات ولازالت عقدة الوزارات في الطريق.
لا شرقية ولا غربية.. ولازالت دول الجوار تتدخل في المشهد السياسي، لا شرقية ولا غربية.. وغالبية الشخصيات السياسية التقت خارج العراق في احضان الدول الاقليمية لرسم خارطة الطريق، لا شرقية ولا غربية.. والاحزاب والتيارات تبحث عن حلاً وتطلب المشورة من دول الجوار وتستعين بها لحل المعضلة. الكل عاجز ولا يستطيع او يجرؤ بتقديم مصلحة العراق على مصلحة شخصيات مرفوضة تعرقل المفاوضات وهي عثرة وعقدة في طريق تعجيل انهاء الخلافات.
لا حكيم بينهم يقود المفاوضات ويقرب وجهات النظر لينهي الازمة والتجاوز على التوقيتات الدستورية التي لم تحترم للأسف. ولا يوجد من يضحي بمصالحه ومصالح حزبه من اجل العراق وينادي بأعلى صوته الشعب بحاجة الى استقرار وامان لقد سئم الحال. الخروقات الامنية المستمرة بفعل الخلافات السياسية، المواجهات في التصريحات الاعلامية هي بفعل الخلافات السياسية، المواجهات المسلحة على ارض الواقع هي بسبب الخلافات السياسية. الى اين تقودون العراق؟ الى التقسيم، ام الى الدمار، او التركيع للتطبيع، لا تستحقون ان نطلق عليكم رجال دولة ولا رجال اصلاح ولطالما سمعنا ذلك، انما أنتم رجال تبحثون عن السلطة ومغانمها وتتنافسون على من يكون الفائز الاول بذبح العراق على دكة الحرية.