الكاتب في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، تل ليف رام، يناقش تبعات الأزمة الروسية-الأوكرانية على أمن "إسرائيل"، ويبيّن رأي المؤسسة الأمنية من اتخاذ موقف محدد من طرفي النزاع. وفي ما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
في ظلّ تعقيدات "إسرائيل" في العلاقات مع الروس بسبب وجودهم في سوريا وفي شرق المتوسط ومصالحنا الأمنية في المنطقة، لا زالوا يسعون في القيادة السياسية – الأمنية إلى الحفاظ على بروفيل منخفض مع موسكو.
صحيح أنّ وزير الخارجية يائير لابيد أعلن اول أمس أنّ "إسرائيل" ستصوّت لمصلحة مقترح الإدانة لروسيا في الأمم المتحدة، لكن إلى جانب هذا، المستوى السياسي يمتنع في هذه المرحلة عن اتخاذ قرارات بخطواتٍ إضافية تقع ما وراء المساعدة الإنسانية لأوكرانيا، من أجل عدم الإضرار بالمصالح الأمنية وبالتنسيق الأمني مع الروس.
في كل ما يرتبط بالهجمات المنسوبة لسلاح الجو الإسرائيلي في سوريا، في هذه المرحلة لا تنوي "إسرائيل" تغيير سياستها، ومن المتوقع أن تستمر في العمل ضد الميليشيات الموالية لإيران وشحنات الأسلحة المخصصة لحزب الله أيضاً، إذا لم ترد في الخلفية رسائل أخرى من الروس عن تغيير سياسي من ناحيتهم.
مع هذا، يفهمون في المؤسسة الأمنية أنّ الأمر يتعلق بفترة حساسة جداً، فيما أي خطأ يمكن أن يعقّد الوضع. يمكن الافتراض أنّه في مناطق أخرى في الشرق الأوسط، التي تلتقي فيها مصالح بين الأميركيين والروس، على سبيل المثال في العراق، "إسرائيل" ستكون حذرة أكثر بكثير في كل ما يتعلق بتفعيل قوة عسكرية.
في الخط السياسي الحالي، صحيح أنّ "إسرائيل" تنضم في المرحلة الحالية إلى الإدانة الرسمية لروسيا، لكنها تسعى أيضاً إلى الحفاظ في المقام الأول على مصالحها الأمنية في المنطقة ضد استمرار محاولات التمركز الإيرانية.
في الواقع، "إسرائيل" تسعى من جهة إلى تقديم موقفٍ داعمٍ للولايات المتحدة، ومن جهة أخرى الحفاظ على التنسيقات الأمنية الخاصة مع الجيش الروسي في سوريا. إنّه تحدٍّ معقد جداّ، يمكن أن يخضع لاختبار في الأيام القريبة، في حالة حدوث تصعيدٍ إضافي في الأزمة العالمية.
في غضون ذلك، يُبدي الأميركيون تفهماً للحاجات الأمنية الخاصة لـ"إسرائيل"، على الأقل هذا ما يعتقدونه في المؤسسة الأمنية. لكن أيضاً هذا الصبر يمكن أن ينفد وفق التطورات المثيرة للدوار.
ويعتقدون في المؤسسة الأمنية أنّه لا زال من السابق لأوانه في هذه المرحلة فهم التداعيات المتوقعة على العالم بسبب الأزمة في أوكرانيا، وأنّه على الأقل في هذه المرحلة على "إسرائيل" الاستمرار في انتهاج خطٍ حذر مع الروس، وقبل كل شيء إدارة مصالحها الأمنية والسياسية.
إلى أنّ يقع تطور إضافي في الساحة الدولية، على "إسرائيل" اتخاذ قراراتٍ مغايرة فيما خص العلاقات مع الروس. "إسرائيل" تحاول انتهاج خطٍ متوازن وقيد السيطرة يفصل بين السياسة الخارجية، التي تُدين بلطف الروس على غزوهم، وبين المؤسسة الأمنية والجيش الإسرائيلي، اللذان يواصلان تنسيق الأنشطة في سوريا مع الروس.
في موازاة ذلك، المحادثات حول الاتفاق النووي مع إيران كان من المفترض أن تُجرى هذا الأسبوع كالمعتاد وكأنه لا توجد أزمة عالمية وشرخ بين الولايات المتحدة وروسيا. إلى ما قبل الغزو قدّروا في "إسرائيل" أنّ الدول الكبرى وإيران قريبة جداً من اتفاق، ووُسمت بداية آذار/مارس على أنّها التاريخ المحتمل.
سبق أن قال الإيرانيون في مطلع الأسبوع، بعد عودة وفدهم إلى فيينا، إنّه لا زال لديهم شروط. رغم هذا، التقدير في المؤسسة الأمنية كان ويبقى بأنّ الإيرانيين معنيون بإنجاز الاتفاق، حتى لو حاولوا استغلال الأزمة في أوروبا من أجل محاولة تحسين الشروط لصالحهم مرة أخرى.