• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
مقالات عربية

رسائل صواريخ إيران على قاعدة "الموساد" في أربيل


صواريخ إيران الباليستية دقيقة التوجيه، التي ضربت ما قيل إنه قاعدة "للموساد" الإسرائيلي في مدينة أربيل الكردية شمال العراق، فجر أول أمس؛ حملت الكثير من الرسائل، وأعلنت ما لم يكن مستورًا منذ وقت طويل، برغم التعتيم الإعلامي الكبير والغموض المتعمد من جميع الأطراف.

بمجرد تبني "الحرس الثوري" لإطلاق الصواريخ وإعلانه عن استهداف مقر "للموساد" الإسرائيلي في أربيل في ظل ذروة المفاوضات النووية، يعني أولًا كشف قدرات إيران الصاروخية، وهي رسالة تهديدية ردعية، أي إن إيران باتت تمتلك صواريخ باليستية بعيدة المدى ذات قدرة إصابة دقيقة وقدرة تفجير كبيرة، وأن بإمكانها دك المنشآت الاحتلالية في فلسطين المحتلة وقتما تشاء، أي إن الجبهة الداخلية الإسرائيلية (العسكرية والمدنية) ستكون ساحة استهداف مباحة للصواريخ الإيرانية، وهي المرة الثانية التي تستخدم إيران فيها مثل هذه الصواريخ؛ فقد ضربت في المرة الأولى قاعدة عين الأسد ردًا على اغتيال قاسم سليماني، وهذه المرة تعتبر زيادة في كي الوعي الردعي.

ضرب قاعدة "الموساد" بالصواريخ الباليستية، في ظل مرحلة التفاوض النووي، وفي ظل المطالبات الإسرائيلية والأمريكية إلى حد ما بشمل الصواريخ الباليستية ضمن ملف التفاوض؛ يعني أن إيران تظهر إصرارها على التمسك بتطوير قدراتها الصاروخية، معتبرة أنها في إطار التسلح الدفاعي والردعي، وغير مبالية بالمطالب الغربية، وهي بذلك تؤكد مركزها القوي داخل حلبة المفاوضات وتشي بثقة عالية بالنفس.

من جهة أخرى، فإن اختيارها لاستهداف قاعدة أو منشأة يُقال إنها في طور الإنشاء، وعدم إيقاع قتلي أو جرحى، واختيار مكان بعيد لا يتمتع بالسيادة، مستباح إلى حد ما، وحرصها على الامتناع عن ضرب مناطق داخل فلسطين المحتلة أو في الجولان، برغم قدرتها وبرغم العدوان الإسرائيلي المستمر عليها ينطوي على رسالة تؤكد حرصها على عدم الصدام المباشر مع إسرائيل، وتمسكها بسياسة حذرة تراعي مصالحها الكبرى، سياسة حكيمة، ناضجة ومسؤولة، غير مشحونة بالعواطف، بوصلتها المصالح وليست الأيديولوجيا. إن عملية القصف تأتي في سياق سياسة محسوبة، توتر واشتباك مسقوف ومحدود، وهو أمر لا نعتقد بأنه سيردع إسرائيل عن استمرار سياستها بضرب وتحجيم أي تمدد إيراني، في سوريا على وجه الخصوص.

الغموض الذي أحاط بالهدف الذي استهدفه القصف كان أكبر من أن تبدده صورة التقطها بعض الصحافيين، هنا أو هناك؛ فبحسب "الحرس الثوري" المبنى المُستهدف هو قاعدة "للموساد"، وبحسب بعض وكالات الأنباء فإن الاستهداف كان لمبنى القنصلية الأمريكية الجديد الذي لا زال في طور الإنشاء، وبحسب البنتاغون فإن القنصلية لم تتضرر، والقصف استهدف محيط القنصلية، وبحسب حاكم أربيل فإن القصف استهدف منشأة مدنية لم يحدد طبيعتها أو الجهة التي تخدمها، والإعلام - الذي عادة يغرق في تغطية التفاصيل بالصور واللقاءات - لم يقدم سوى تقارير مصحوبة بصور بعيدة دون توضيح، ممّا زاد الغموض غموضًا، وكأن الجميع أراد الإبقاء على الغموض دون كشف الكثير من النشاط الموسادي في أربيل، رغم أن الأمر منذ وقت طويل لم يعد مستورًا.