بعد ساعات من الهجوم الذي طال موقعا في اربيل اعلنت ايران انها من نفذت الهجوم بواسطة (12) صاروخا من نوع فاتح (110)، واكدت انها قامت بذلك ردا على هجوم اسرائيلي تم في الـ (14) من شباط الماضي - اي قبل شهر تقريبا - على موقع عسكري في محافظة كرمنشاه نفذته ست طائرات مسيرة انطلقت من اربيل .
ايران بهذا اعلنت مسؤوليتها عن الحدث وفي بيانين الاول عسكري لحرس الثورة والثاني دبلوماسي عبر وزارة الخارجية، وبذاك فهي تعلم مخاطر الاعلان عن الهجوم، وماذا يترتب على ذلك امام المنظمات والمحافل الدولية، ولا بد ان تكون قد وفرت لنفسها وسائل الدفاع من وثائق ومستندات.
ردة الفعل لدى الاقليم انه انكر وجود موقع صهيوني باربيل وان المنزل المستهدف مجرد منزل يعود لشخص اسمه (الشيخ باز)، ولم تسمح لوسائل الاعلام الدخول الى مكان الحادث الا لاحقا ومن وسائل اعلام قريبة من حكومة الاقليم، والدليل ان القنوات العراقية لم تزر المكان قط!
الرئاسات الثلاث بالعراق اصدروا بيانات (شجب واستنكار) واعتبروها (سابقة خطيرة !!)، والبرلمان - من جهته - شكل لجنة زارت اربيل وعادت الى بغداد ، والاعلام انقسم الى نصفين الاول اعتبر الهجوم تجاوزا على (السيادة) والثاني اعتبر ان اربيل منسجمة مع التطبيع وعلاقاتها مع (الصهاينة) تمتد لعام (1965) وانها رفعت اعلام اسرائيل وتصدر النفط العراقي لهم وان ايران تملك شرعية الدفاع عن ارضها وان الدستور يمنع العلاقة مع اسرائيل ويعتبرها (خيانة).
المواطن في اربيل تساءل عن جدوى وجود الصهاينة على ارضه؟ ويتساءل ايضا عن سر هذا التصعيد الاعلامي على هذه الحادثة، رغم ان ايران سبق ان قصفت مراكز لتدريب المعارضة الايرانية باربيل؟ وقالوا (ربما لانها اسرائيل )؟
ايران تقول انها اخبرت حكومة الاقليم بهجوم مسيرات اسرائيل في شباط الفائت وسلمتهم الادلة والمخططات لحركة الطائرات واكدت لهم ان هذا (القصر) كان وراء توجيه الطائرات ، وحتى (الان) حكومة الاقليم لم تنفي مااورده الايرانيون ولا الحكومة الاتحادية كذلك .
التسريبات تقول ان القصر المستهدف يعود حقا للشيخ باز صاحب اكبر شركة نفط بالاقليم، وقد باعه للسيد مسرور بارزاني قبل ثلاث سنوات بسعر (45) مليون دولار، وهو قصر محكم البناء وكأنه معد كملجأ وليس كمسكن والدليل ان الـ(12) صاروخا رغم دقة الضربة ونوع الصاروخ لم تحدث هدما كبيرا بالمبنى .
التسريبات تؤكد ايضا ان الايرانيين يراقبون المكان منذ فترة، ويبدو ان الاقليم قد اخبر اسرائيل بان ايران لديها معلومات كاملة عن تحركاتكم كما اخبروهم عن الهجوم الذي قامت به اسرائيل بالمسيرات على موقع عسكري تابع للحرس في كرمنشاه ودقة المعلومات .
يبدو ان حكومة الاقليم غير قادرة على اقناع اسرائيل بالمغادرة لذا تركت ايران تعالج امرها بنفسها، اما الحكومة الاتحادية فربما تعلم او لا تريد ان تعلم ما يجري بالاقليم فوضعت اصابعها باذانها واستغشت ثيابها، وكل الذي فعله القائد العام للقوات المسلحة انه زار الاقليم فدخل غريبا وعاد غريبا .!
لاشك ان اللجنة التي تشكلت في بغداد للنظر بالهجوم الايراني سوف تبقى تدور في حلقات مفرغة والسبب لانها اذا لم تستضف من يمثل ايران باللجنة فسيبقى الامر مجرد اعلان بالصمت اسوة باللجان السابقة او بالشجب وهذا لايضر ولاينفع، اما اذا استضافت الجانب الايراني فسوف يورد معلومات تحرج الجميع في التواجد الاسرائيلي بالاقليم، لان ايران تملك ماتواجه به المحافل الدولية وليس العراق، وتعلم اين تم نقل جرحى الهجوم البالغ عددهم (7) الى فندق روتانا جميعهم افراد وضباط في الموساد الاسرائيلي وان القتلى عددهم (3) وبين الجرحى شخص عربي وليس عراقيا، وان الصحف الاسرائيلية والاميركية اكدت صحة الموقع وعائديته لاسرائيل .
الهجوم الايراني على الاراضي العراقية وفقا للاعراف والقوانين الدولية يشكل انتهاكا كبيرا لانه يضر بالامن العالمي، واعتداء دولة على دولة مستقلة، ولكن السؤال ؛-لماذا تتم مثل هذه الاعتداءات علينا؟
ان امريكا هي من شنت هذه السنة باحتلال العراق وهي التي تبعد عن بلدنا (12) الف كيلو متر وقتلت 2/5 مليون مواطن عراقي بشكل مباشر او غير مباشر وشردت وهجرت ستة ملايين مواطن بالداخل والخارج ودمرت (15) الف معمل ومصنع بحجة امتلاك العراق اسلحة (الدمار الشامل) ورغم ثبات عدم وجود مثل هذه الاسلحة لكن ليس هنالك من حاسبها !
القوات التركية تدخل بعمق 120 الى 80 كيلو متر الى شمال العراق وتنشر سبعة الاف عسكري وتنشيء (36) قاعدة عسكرية ومهابط طائرات ووزير دفاعها يزور المنطقة وبتفقد القطعات منذ ثلاثة سنوات ولم نسمع حسيسا لالحكومة الاقليم ولا للحكومة الاتحادية رغم ان العمليات العسكرية والقصف مستمر ليل نهار وهناك ضحايا وتهجير ومداهمات ولتركيا حجتها في مطاردة حزب العمال الكوردستاني ، بل لم نشهد تغطيات اعلامية لهذه الاعمال العسكرية ولازيارات لوكالات عالمية .
اجواء العراق بالكامل بادارة اميركية وليس لنا اي سلطة عليها، وحين تهاجم القوات الاميركية مواقع عسكرية عراقية ومدنية وتقتل وتدمر دون ان تتلقى ردا مناسبا فهذا يعني ان البلد في فوضى، فاجواؤنا محتلة واراضينا محتلة والسفارة الاميركية عبارة عن ثكنة عسكرية يوميا تنطلق منها الصواريخ وصفارات الانذار وغيرها. وفقا لذلك من حقنا ان نسأل؛ما دور قواتنا الامنية بالحفاظ على سيادة البلد؟
الاحصاءات تقول ان عدد القوات العراقية بكل عناوينها مليون وربع المليون منتسب وهو رقم كبير ويثقل الميزانية لكن هؤلاء مجرد عناوين واعداد، فالدول تتدخل عسكريا في بلادنا ونصف شبابنا يتعاطون المخدرات والاقليم بالكامل خارج التغطية الامنية الاتحادية وخارج ادارتها، فيما السياسيون في عالم اخر لا يهمهم ما يحدث بقدر التفكير بالامتيازات وحصد المنافع وتشكيل اللجان.
في اليوم الذي تم فيه التصويت على اخراج القوات الاميركية داخل مجلس النواب، وشهدت كيف غادرت مجاميع النواب صالة البرلمان رفضا للقرار، ادركت يومها ان العراق محتل من قبل السياسيين وليس من قبل قوات الاحتلال الاميركي !!