• اخر تحديث : 2024-05-10 13:04
news-details
مقالات عربية

عملية النقب: خلفية وأبعاد


عملية النقب اليوم مختلفة، وما قام بهِ منفذها الشهيد محمد أبو القيعان هي شكل آخر من العمليات؛ كون المنفذ كان يتحرك بشكل وكأنه في الأفلام، فقد قاد سيارته بسرعة جنونية إلى أن صدم راكب دراجة، ثم استمر إلى أن وصل إلى محطة وقود، هناك نزل من سيارته وقام بطعن سيدة، ثم عاد إلى سيارته وسار بعكس الطريق حتى اصطدم بسيارة حالت بينه وبين استمرار القيادة، فنزل وأكمل مشوار القتل، وحتى الشخص الذي قتله (وهو قائد حافلة) تردد في إطلاق النار عليه، ولم يطلق النار إلا عندما شعر بأنه الهدف التالي.

العملية جاءت في إطار المعركة الدائرة في النقب بين الكيان والفلسطينيين، من تهجير للبدو واستشهاد عدد من الفلسطينيين.

مدينة حورة التي يسكنها الشهيد تتوسط البلدات الأخرى في منطقة النقب في جنوب البلاد، لا يزيد العمر الزمني لحورة عن ربع قرن بكثير، حيث شُيد البناء الأول في بلدة حورة الحديثة عام 1989، هي من المدن التي شيدت من أجل إخراج البدو من مضاربهم، وخصوصا عشيرة أبو القيعان التي تواجه مصير تهجير بلدتهم أم الحيران غير المعترف بها، والتي لا تحظى بأيّ خدمات طبية أو صحية أو ماء أو كهرباء، ويستخدم سكانها مولدات الكهرباء الخاصة، ويتعلم معظم طلابها في مدارس بلدة حورة التي تبعد 8 كم. والتي تأسست عام 1956.

كان الحدث الأكبر في أم الحيران هو استشهاد ابن عائلة شهيد اليوم، وزميل التدريس مدرس الرياضيات يعقوب أبو القيعان، الذي اعدمته الشرطة الإسرائيلية أثناء هدم عشرات المنازل يناير 2017. يومها ادعت الشرطة بأنه قام بقيادة السيارة بشكل هجومي، لكن شهود عيان أكدوا أن أبو القيعان تعرض لإطلاق النار بينما كان يسير في سيارته بشكل طبيعي وبسرعة بطيئة، لكن السيارة أخذت في التسارع بعد إطلاق النار.

كانت ذروة تراكم الاحتقان، الأربعاء الماضي، مع تشييع جثمان الشهيد سند سالم الهربد (27 عامًا) الذي قتلته قوة إسرائيلية بلباس مدني داخل بلدة رهط التي يقطن فيها. ومع التحضيرات إلى فعاليات يوم الأرض في الأيام القادمة، ربما هذه الأحداث وغيرها في القدس والضفة هي التي تجعل الاحتلال يتحسب لقدوم شهر رمضان، الذي يتوقع أن يشهد تزايدًا في التصعيد وعمليات الاحتكاك بين الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين من جانب وبين الفلسطينيين من جانب آخر.

الشرطة الإسرائيلية تحاول أن تحرف مسار الأحداث وخلفية العملية المرتبطة بالصراع على الأرض، من خلال التركيز على عامليْن خارجيْن عن أداء الحكومة الإسرائيلية؛ أولهما: الادعاء بأن دوافع الشهيد دينية متطرفة "داعشية" لا علاقة لها بالسياسة، وإنما دوافع كراهية مجردة، وثانيهما: إلصاق الحدث بالتحريض القادم من قطاع غزة، وأن سلوك الشهيد لم يكن متوقعًا ولم تكن هناك أية تحذيرات؛ الأمر الذي لم ينطلِ حتى على اليهود أنفسهم الذين قاموا بمهاجمة مفتش الشرطة، الذي صرح في مكان الحدث بأنه لم يكن هناك أية تحذيرات.