• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
مقالات مترجمة

الغطرسة الغربية وراء الصراع الروسي الأوكراني


كتب الباحث الصيني هو تشون تشون من جامعة شنغهاي للدراسات الدولية مقالة رأي نشرت في موقع قناة CGTN الصينية تناول فيها الحرب الروسية الأوكرانية.

وقال الكاتب إن الصراع الروسي الأوكراني يعتبر بلا شك "أحد أخطر الصراعات الجيوسياسية في العالم منذ نهاية الحرب الباردة. وإذا استمر الصراع على هذا المنوال، لا يمكن استبعاد حدوث المزيد من التفاقم أو حتى احتمالية اندلاع حرب نووية".  وتساءل الباحث: إذن ما هي السبل التي ينبغي على العالم المتحضر أن يدفع بها طرفي الصراع لإنهاء المواجهة المسلحة بأسرع ما يمكن؟

وأجاب قائلاً "إن تصرفات طرفي الصراع روسيا وأوكرانيا هي في الواقع استمرار لتاريخ ومنطق أوروبا منذ نهاية القرن التاسع عشر. ففي الحربين العالميتين الأولى والثانية قسّمت أوروبا الدول القومية ومجموعات الدول كوحدات إلى معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء، وحتى اللجوء إلى الحرب كوسيلة لتحقيق هيمنتها وهيمنة مجموعات الدول. كما كانت أوروبا أيضاً هي الساحة الرئيسية للحرب الباردة والتي شهد العالم خلالها أزمات كادت أن تحوّلها إلى حرب فعلية. أما المشاركون في الحرب من جهة منحوا أعمالهم سمة أخلاقية، ومن جهة أخرى اتهموا الخصوم بارتكاب جرائم حرب. ومن ناحية تُعد أوروبا منارة الحضارة الإنسانية الحديثة، ولكنها من ناحية أخرى تزج بالحضارة الإنسانية مراراً وتكراراً إلى شفا الانهيار والدمار، فالحضارة الأوروبية الرفيعة مصحوبة ببربرية مروّعة، وترتدي عباءة مقدسة من القيم والمُثل المطلقة لا يمكن للحضارات خارج حدودها بالتشكيك فيها".

المشاكل الأوروبية تحتاج حلولاً أوروبية

وأضاف الكاتب أن الصراع الروسي الأوكراني يعتبر أولاً وقبل كل شيء مشكلة أوروبية، لذا "المشاكل الأوروبية تحتاج حلولاً أوروبية". في الآونة الأخيرة، ظهرت أصوات أوروبية باستمرار تدعو إلى "وجوب قيام الصين بالوساطة، وهي الوحيدة التي يمكنها التوسط في الصراع بين روسيا وأوكرانيا". ولكن إذا كانت أوروبا حقاً في حاجة لوساطة دول خارج منطقتها مثل الصين، فهل ستقبل أوروبا القيم الصينية الخاصة بأولوية السلام والوئام؟ هل تتوقع أوروبا تسوية سلام في حال قيام الصين بالوساطة، أم أنها تأمل أن الصين تقف إلى جانبها لمواصلة لعبة محصلتها صفر على النمط الأوروبي؟".

وأوضح الكاتب أن جوهر الصراع الروسي الأوكراني "هو ليس المواجهة بين الحرية وعدم الحرية للبشرية جمعاء، وإنما هو ناتج عن منطق تاريخ الحضارة الأوروبية الحديثة. ولا تملك أوروبا أي قوة لإجبار البشرية التي عانت الويلات وذاقت الآلام في القرن العشرين على مواجهة الخيار بين الحرب والسلام والبقاء والدمار مرة أخرى".

وتابع: منذ العصر الحديث كان دائماً مركز الثقل لروسيا هو الجزء الأوروبي منها، وحتى بعد نهاية الحرب الباردة، ساهمت في إنشاء "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" للمشاركة في تأسيس نظام أمني جديد لأوروبا. ومع ذلك، لم يستجب حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي لطلب روسيا، بل واصلا بغطرسة "نهاية التاريخ" الدفع بأجندتهما الخاصة وهي توسع حلف الناتو باتجاه الشرق، كما أن الاتحاد الأوربي يتوسع أيضاً. في السنوات الأخيرة، ابتعدت روسيا عن أوروبا أكثر فأكثر، وحلّ فكر المعارضة محل محاولات التقرب في السابق، بل وتصاعد إلى مواجهة. إن الصراع الروسي الأوكراني في الأساس هو فوهة بركان الصراع بين روسيا وبين أوروبا أو الغرب.

ورأى الباحث الصيني أن الإطار الأمني المستقبلي في أوروبا "يجب أن يكون إطاراً يتضمن دولاً أوروبية وروسيا، وليس إطاراً تقوم فيه الدول الأوروبية بإقصاء روسيا والتعارض معها، فالنظام الأمني الأوروبي إن لم يشمل روسيا يعني توقّف التاريخ بل وتقهقره. فإذا اختارت دول الناتو والاتحاد الأوروبي حل المواجهة، فهناك مستقبل قاتم بانتظار أوروبا، وستُثقل أوروبا كاهل العالم بسبب اتباعها الأساليب القديمة للقرن التاسع عشر والقرن العشرين. وفي الأخير، مهما كان السلام باهظ التكاليف، فهو أفضل من خيالات الهيمنة والبطولية التي تفرض حتمية الفوز".