• اخر تحديث : 2024-05-08 00:17

ملخص الكتاب

كثرت الدراسات والابحاث على مستوى العالم وانتشرت مراكز الابحاث الاستراتيجية التي تناولت ملف السياسات الاميركية الخارجية  فحاولت الغوص في عمق عقول مدبري السياسة وصانعيها، سعيا لكشف أسرار تشكُّل الانظمة السياسية، مدّعين دقة التحليل مستعينين بالبراهين التي تثبت صوابية ما قدّموه. الا ان ما تم التوصل اليه بقي محدودا في العموميات، فلم يستطيعوا الوصول الى نواة قوة السياسة الاميركية وديناميتها التي ساعدتها على الانتشار في كل ارجاء العالم الى ان بات يطلق على الولايات المتحدة لقب الامبراطورية الاميركية. بالرغم من تنوع الدراسات واختلافها، الا انها لم تجب على كافة الاسئلة التي يمكن ان تطرح في هذا السياق ليبقى الغموض هو السمة الابرز التي تحجب حقيقة آليات صنع القرار في الدوائر الاميركية، ليبقى السؤال، كيف استطاعت الولايات المتحدة على مدى عقود من الزمن ان تتحكم في مجريات الاحداث العالمية وتحولها الى ما يمكن ان يخدم مصالحها؟

بنيت السياسة الاميركية الخارجية على عقيدة تجمع ما بين الابتكار والتنظيم، ينشط في برمجتها العديد من الفاعلين، يتنوعون بين سفارات ومنظمات غير حكومية وموظفين رسميين وجنرالات. يسعى هؤلاء مجتمعين الى تحليل ودراسة اوضاع الدول حول العالم دون اغفال اي تفصيل او حدث ممكن له ان يكون عاملا في صناعة وابتكار اجراءات معينة، يتم تنفيذها لتحقيق اهداف معينة تصب في مصلحة الولايات المتحدة. تنفيذ الاجراءات يتم بطريقة متسلسلة، يكون قد تم رسمها ضمن خطة واضحة، يطلق على هذه الاجراءات ما يسمى ب "الادوات"، تمثل ما يستخدمه الاميركيين للهيمنة على العالم.

بالاضافة الى ذلك، تفترض هذه العقيدة السياسة، التخصص في الاداة، حيث يعمد صناع القرار الاميركيين على وضع قائمة محددة تجمع بين الاداة والمشكلة المناسبة، يمكنهم الرجوع اليها عند صدور أي تقرير من سفارة او منظمة اميركية يفيد بوجود أزمة يتطلب علاجها التحرك سريعا، فتوضع الاداة المناسبة موضع التنفيذ. تخضع عملية تنفيذ الادوات الاميركية في السياسة الخارجية الى تقييم مستمر، وتقويم سريع للنتائج لكي تتلائم هذه الادوات مع الاهداف.  ان نجحت هذه الاخيرة بتحقيق المراد منها، يمكن اذن اما توسيعها واما ايقاف العمل بها لانتفاء سبب العمل بها. اما في حال فشلت، فيتم التحقق من اسباب الفشل والعوائق التي منعت الاهداف من ان تتحقق. من الممكن دعمها بأداة جديدة تستكمل ما تم البدء به، او تعديل الموارد المرصودة لها.

تتعامل الادوات مع المشاكل اليومية في السياسة العالمية، وبعد ان تكون الاداة قد اختبرت في دولة معين، وتم تعديلها، تصبح نافذة في أي وقت وزمان وتوضع في جعبة صناع القرار للعودة اليها عندما تدعو الحاجة لذلك. حتى بعد مرور عقود من الزمن تبقى هذه الاداة متاحة للاستخدام مع ادخال تعديلات تنسجم مع متغيرات الزمان والمكان والوضعية الراهنة. هذا ما ميّز العقيدة السياسية الاميركية عن غيرها، حيث تمتعت بالمرونة والتكيف، منطلقة من مبدأها في التدخل في الشؤون السياسية للدول الاخرى بهدف الهيمنة عليهم مستغلة للثروة والقوة التي بحوزتها والتي جعلتها متمايزة عن الاخرين.

تنوعت الادوات التي استخدمتها الولايات المتحدة طيلة قرن من الزمن فمنها الاقتصادية من خلال المساعدات المباشرة وغير المباشرة، والسياسية من خلال دعم المعارضة والانقلابات على السلطة، والعسكرية عبر تقديم الدعم العسكري والتدريبات بالاضافة الى دعم القوات العسكرية المعارضة، هذا عدا عن الغزوات العسكرية والعقوبات.

لم يعد يُنظر الى التحركات الاميركية عالميا على أنها تحركات عفوية تستند الى ظروف آنية، بل باتت تحركات مبنية على ادوات تمتد الى عقود عدة، لم يتم الا تعديلها لا أكثر كل فترة ، مما يحوّل  السياسة الاميركية الخارجية الى أيديولوجيا عامة نواتها أدوات الهيمنة. لم تتغير المعالم الاساسية للسياسة الاميركية بدءا من الحرب الاسبانية الاميركية، وصولا الى احداث 11 ايلول 2001 وما تبعها من حرب على الارهاب، مرورا بحقبة الحرب الباردة، الا ان مسارها قد تحوّل في الاهداف الجزئية وليس الادوات المستخدمة.

تقسم موضوعات الكتاب الى موضوعين رئيسيين، الاول، يتناول مجموعة الادوات الاميركية التي من خلالها انشأت اميركا علاقاتها مع الدول الاخرى، فاستحوذت عليهم، ثم انتقلت الى صيانة وحماية ودعم أنظمتهم والتأكد انها لن تخرج عن المسار المرسوم لها، وان خرجت تستخدم الادارة الاميركية ما بحوزتها من أدوات تسمح لها بالتدخل لتصحيح الخلل في النظام وكل ما في الدولة مباح للخبراء والمفكرين الامركيين.

أما الثاني فيتناول الادوات التي يحتمل استخدامها والتي تبدأ بالتهديد وابراز الملفات الاقتصادية والسياسة والتلويح بالعقوبات وصولا الى الحصار الكامل واضعاف النظام  فالغزو العسكري. ومنعا من الوقوع في اخطاء الدراسات السابقة، يعرض هذا الكتاب البراهين حول تنفيذ هذه الادوات من خلال ما حدث في العديد من دول العالم، والطريقة التي استجابة بها الادارة الاميركية للمشاكل التي واجهتها. واخيرا، تم اثبات ان الاستمرارية الاميركية في السياسة الخارجية مع كل ما تعرضت له الا انها كانت قادرة على التكيف مع التحولات في السياسة العالمية.

لتحميل الكتاب يمكن الضغط على الرابط