• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
مقالات مترجمة

"أوكوس" تحفز سباق تسلح في المحيطين الهندي والهادئ


نشر موقع "CGTN" الصيني مقالة للكاتب سيمور محمدوف، يتناول فيها محاولات الولايات المتحدة الأميركية تحفيز سباق التسلح في المحيطين الهندي والهادئ، وذلك من خلال ضم دول أخرى إلى تحالف "أوكوس" الذي أسسته الولايات المتحدة مع أستراليا وبريطانيا، وهي بشكل أساسي اليابان والهند. وفيما يلي المقال كاملاً منقولاً إلى العربية:

في أيلول/سبتمبر الماضي، قالت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهما ستساعدان أستراليا في بناء غواصات نووية. كما تعهدت الدول الثلاث بالتعاون في مجالات تتراوح من القدرات السيبرانية إلى التقنيات الكمومية.

الآن، وافق هؤلاء الحلفاء وقبل أن يحققوا أهدافهم في موضوع الغواصات النووية، على التعاون  لتطوير أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت داخل كتلة "أوكوس" العسكرية. السؤال لماذا هذا الاندفاع؟ لماذا تتعمد الولايات المتحدة إثارة سباق تسلح في منطقة المحيطين الهندي والهادئ؟

لا أحد يشك في أن السبب الرئيسي لإنشاء "أوكوس" هو احتواء الحيوية السياسية والعسكرية للصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ولأجل ذلك تسرع الولايات المتحدة الخطوات العملية في هذا الاتجاه، عبر البحث عن حلفاء وشركاء جدد، وتشكيل تحالفات ضد الصين.

وفقاً لتقرير صادرعن اليابان، دعت أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة طوكيو بشكل غير رسمي لتصبح عضواً في "أوكوس". ومع ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليابانية هيروكازو ماتسونو، إن اليابان لم تتم دعوتها إلى الانضمام لـ "أوكوس"، أو للمشاركة في اجتماعاتها.

مع ذلك، تدعم اليابان إجراءات "أوكوس" لزيادة تعزيز التعاون في مجموعة واسعة من المجالات، منها الأمن والدفاع. و"ستواصل طوكيو تعزيز التعاون بأشكال مختلفة مع الشركاء مثل الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة"، قال ماتسونو.

اهتمام اليابان بالصواريخ والقذائف التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ليس بالبسيط. وكانت طوكيو كشفت في عام 2018، أنها تعمل على إنتاج أسلحة تفوق سرعة الصوت. وفي آذار/مارس 2020، أعلنت الحكومة اليابانية عن خطط لتطوير فئتين من الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت؛ صواريخ كروز  وقذائف "اتش سي ام"  الإنزلاقية.

إذا انضمت اليابان إلى هذه الكتلة العسكرية، فسيؤدي ذلك إلى رد فعل سلبي حاد من بكين وقد يفسد العلاقات مع الصين. لكن لم يتضح بعد الشكل الذي يمكن أن تشارك فيه طوكيو. لا يتم استبعاد الخيارات اللينة، مثل أن تكون اليابان عضواً  مراقباً، وما إلى ذلك. لكن وجهة نظر المؤسسة العسكرية والسياسية لليابان، تعتبر المشاركة في "أوكوس" من مصلحة البلاد، ربما لأن طوكيو قد تعتبر الصين وكوريا الشمالية كتهديد أمني لمصالحها.

لكن، ما فائدة انضمام اليابان إلى هذه الكتلة إذا كانت ملزمة بالفعل بالتزامات عسكرية وسياسية إلىجانب الولايات المتحدة؟ توجد في اليابان قواعد وبنى عسكرية تحتية ضخمة  للجيش الأميركي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. الأساس القانوني لوجود القواعد الأميركية في البلاد هو معاهدة التعاون والأمن المتبادل بين الولايات المتحدة واليابان، الموقعة في عام 1960. بسبب المخاوف المحتملة من القوة الاقتصادية المتنامية للصين، من المرجح أن تقف اليابان إلى جانب الولايات المتحدة وليس مع الصين.

الدولة الثانية المهمة التي تريد الولايات المتحدة رؤيتها في الكتلة العسكرية "أوكوس" قد تكون الهند. إن أميركا مقتنعة بأنه بدون الهند، لن يكون هذا التحالف فعّالاً. لذلك، ليس من المستغرب أن تضع الولايات المتحدة رهانها الرئيسي على نيودلهي. ولكن بغض النظر عن مدى صعوبة محاولة الأميركيين "جر" الهند إلى هذه الكتلة، حيث تجمع المشارب في بلد أكبر ديمقراطية في العالم حول ما إذا كانت الشراكة مع أميركا وبريطانيا واستراليا مفيدة للهند أو مضرة لمصالحها.

تدرك الهند جيداً أن المنظمة الأميركية الجديدة تعمل على تقويض النظام الاستراتيجي في آسيا، وأن كتلة "أوكوس" تمثل تحدياً صريحاً للصين، وهذا بحد ذاته يؤدي إلى زعزعة استقرار منطقة جنوب شرق آسيا. إضافة إلى ذلك، فإن الهدف المزعوم للكتلة هو بناء القوة البحرية لأستراليا، وليس الهند.

علاوة على ذلك، شهدت الهند على السلوك المشين من جانب أستراليا حين فسخت مع باريس لشراء غواصات فرنسية، ما أدى إلى غرس عدم ثقة نيودلهي بالوحدة المفترضة والتضامن الجماعي للغرب.

ألاحظ أن هذه ليست المرة الأولى التي تتصرف فيها الولايات المتحدة ضد مصالح حليف لها في حلف "الناتو". كانت هناك حالة عندما كانت بولندا مستعدة لشراء مروحيات عسكرية فرنسية وفي اللحظة الأخيرة رفضت وارسو العقد لصالح طائرات هليكوبتر أميركية. ومع ذلك، فإن إلغاء العقد بين أستراليا وفرنسا يوفر فرصاً جديدة للهند، من حيث توسيع تعاونها العسكري مع فرنسا لتطوير أسطول الغواصات النووي الهندي، الذي أعلنت نيودلهي عن إنشائه، والولايات المتحدة لم تقدم أي مساعدة للهند لتطوير سلاحها البحري.

أعلنت الهند عن خططها الخاصة لإنشاء أسطول من الغواصات النووية متعددة الأغراض. ومع ذلك، لم تعرض الولايات المتحدة على الهند أي مساعدة في التطوير التكنولوجي لأسلحتها البحرية. وكان قائد البحرية الهندية السابق آرون براكاش قد قال "إن الولايات المتحدة تخبر الهند منذ سنوات أن القوانين الأميركية تمنعها من مشاركة تكنولوجيا الدفاع النووي مع أي دولة". ومن الواضح أن لا خطط لواشنطن لنقل التقنيات المتقدمة إلى شركاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، باستثناء أستراليا.

هناك قلق من احتمال تجهيز الغواصات النووية الأسترالية المستقبلية بأسلحة نووية أميركية وبريطانية. كما أعرب الخبراء عن تخوفهم من ثغرة في نص معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تسمح للدول ببناء غواصات نووية ومستودعات بها مواد لمفاعلات تخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا يفتح إمكانية صنع أسلحة نووية من قبل الدول غير النووية.

"أوكوس" هرم كبير، من المرجح أن يضم شركاء إقليميين بغرض توسيعه لتخفيف فكرة أنه نادٍ أنغلوساكسوني، لن يكون جوهرياً في تنظيم المواجهة مع الصين، أمام أولوية  جمع الدول المعادية للصين من جيرانها وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة للأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال العقود المقبلة.

إذا كانت هذه محاولة لتخويف الصين فقط، فلن تنجح  في الحصول على تنازلات من بكين. و إذا كانت هذه خطط احتواء عسكرية أو سياسية جادة، فلن تؤدي إلا إلي مناهضة صينية قوية. وبدلاً من إعطاء الأولوية لتشكيل تحالفات جديدة وتصعيد سباق التسلح، سيكون من المناسب والمفيد، تركيز الجهود على المشكلات في المجال غير العسكري مثل القضاء على عواقب جائحة كورونا والاحتباس الحراري والتغلب على أزمة الغذاء الوشيكة.