صدر عن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عدد من التصرفات الغريبة، التي تشكك في سلامته العقلية، ومن ثم قدرته على ممارسة نشاطه الرئاسي ومتابعة شؤون الحكم، وذلك في ضوء تلعثمه المتكرر ونسيانه وخطئه في ذكر أسماء الدول والرؤساء، وكذلك ترديده كلمات غير مفهومة وإتيانه إشارات وتصرفات غريبة خلال بعض الخطابات.
تصرفات بايدن الغريبة:
تتمثل أبرز المظاهر التي تعكس تراجع الصحة العقلية للرئيس بايدن في الأحداث التالي:
1. المصافحة للهواء: تكرر هذا التصرف مرتين في فترة لم تتجاوز شهراً، فبعد الانتهاء من خطاب ألقاه بايدن بتاريخ 14 أبريل 2022 في جامعة ولاية كارولينا الشمالية الزراعية والتقنية، حول أزمة سلسلة التوريد المستمرة في البلاد، استدار الرئيس ليصافح الهواء على يمينه، في حين لم يكن هناك أي شخص آخر بجانبه على المنصة التي كان يلقي من عليها الخطاب.
وتكرر هذا التصرف الغريب في 23 أبريل الجاري، بعد أن أنهى خطابه في مدينة سياتل الأمريكية، إذ استدار ويده ممدودة للمصافحة رغم عدم وجود أي أحد في الخلف، وبعد ذلك قام بربع دورة أخرى، ومد يده مرة أخرى إلى الفراغ.
2. عبارات غير مفهومة: تعرض الرئيس لسخرية شديدة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحات أدلى بها في 8 أبريل الجاري حول تعريفه للأمة الأمريكية؛ حيث قال "بايدن" إن "أمريكا هي أمة يمكن تعريفها بكلمة واحدة، كنت عند سفح الهيمالايا مع "شي جين بينج" أسافر معه، سافرت 17 ألف ميل عندما كنت نائب الرئيس، لا أعلم حقيقة ذلك". ورأي المراقبون أن هذا التصريح يعكس أن "بايدن" يعاني مرض الزهايمر، ولا يدري عن ماذا يتكلم.
3. زلات اللسان: استبدل بايدن، في مطلع مارس الماضي، في خطاب حالة الأمة الشعب الأوكراني بــــ "الشعب الإيراني" أثناء حديثه عن الأزمة الأوكرانية، إذ قال إنه "بإمكان بوتين تطويق كييف بالدبابات، ولكنه لن يحصل أبداً على قلوب وأرواح الشعب الإيراني".
وقد أخطأ في اسم أوكرانيا مرة أخرى، في حديث صحفي أجراه في 5 مارس، حينما قال "كما تعلمون فقد اتخذ بوتين قراراً بغزو روسيا، وهذا أمر لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية". وفي منتصف الشهر ذاته، وصف نائبته كامالا هاريس بـ"السيدة الأولى"، خلال حفل بمناسبة يوم المساواة في الأجور، إذ وقف أمام الجمهور يبرر عدم حضور هاريس، قائلاً "حدث تغيير طفيف في ترتيب من يقف على المنصة بسبب إصابة زوج السيدة الأولى بفيروس كورونا.
4. الظهور غافلاً وتائهاً: رُصدت مشاهد لبايدن، في مطلع أبريل الجاري، وهو يغفو خلال احتفال للبحرية الأمريكية، حينما كان الجميع يشاهد لحظة إنزال غواصة نووية إلى المياه. وفي سياق آخر في الشهر ذاته، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر بايدن وهو تائه. ولا يجد أي اهتمام في ظل وجود الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، والذي حضر للمرة الأولى منذ خمس سنوات للبيت الأبيض، مشاركاً في الاحتفال بالذكرى الثانية عشرة لقانون الرعاية المُيسرة الخاص به، وداعماً للترويج لإصلاح قانون الرعاية الصحية.
جدال حول صحة الرئيس:
تحاط الحالة الصحية للرؤساء الأمريكيين دائماً بالسرية، غير أن علامات تقدم السن وزلات اللسان المتكررة وتصرفات بايدن الأخيرة، دفعت نواب الكونجرس والرأي العام الأمريكي لإثارة الشكوك حول مدى ملاءمة صحة الرئيس العقلية والجسدية، وهو ما حاول تقرير رسمي دحضه، ويمكن تفصيل ذلك على النحو التالي:
1. تشكيك في صحة الرئيس: اتخذ الجدل حول صحة الرئيس الأمريكي منحى أكثر جدية وأشد خطورة بعدما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة أن الأمريكيين أصبحوا غير متأكدين من اللياقة العقلية للرئيس لتولي المنصب.
فقد أجرت صحيفة واشنطن بوست وشبكة "آيه بي سي" الإخبارية استطلاعاً للرأي في مارس الماضي، وبالتزامن مع خطاب حالة الاتحاد، كشف عن أن 54% من الشعب الأمريكي "لا يعتقدون أن الرئيس بايدن لديه القدرات العقلية التي يتطلَّبها منصب الرئاسة"، بينما رأى 40% فقط أن لديه القدرة العقلية للقيام بمهامه الوظيفية، ويبدو أن هذه النسب تراجعت على نحو ملحوظ بعد أن كانت 51% لصالح بايدن مقابل 43% في الفترة التي تزامنت مع الانتخابات الأمريكية عام 2020.
2. نفي طبي رسمي: نشر طبيب البيت الأبيض، كيفن أوكونر، تقريراً صحياً مفصلاً عن الرئيس في نوفمبر 2021. وأكد فيه أن بايدن يتمتع بـ"الصحة الجيدة" و"القدرة" على أداء وظيفته الرئاسية، ومباشرة مهامه دون أي تدخل طبي. ومع ذلك، يبدو أن هذا التقرير لم يكن كافياً لتهدئة المخاوف الشعبية في الولايات المتحدة، حول صحة الرئيس، خاصة بعد تصرفاته غير المبررة الأخيرة.
3. استثمار جمهوري لصحة بايدن: يطالب أعضاء تجمع أطباء الحزب الجمهوري، منذ فبراير الماضي، فضلاً عن نحو 40 نائباً جمهورياً بضرورة إجراء "اختبار معرفي" لبايدن؛ وذلك بحجة طمأنة الأمريكيين بأن الرئيس لائق للمنصب، ولا يعاني أمراضاً، مثل الزهايمر والأوعية الدموية، أو مرض باركنسون أو التصلب المتعدد.
وسوف يكون الجدل المثار حول صحة الرئيس فرصة لتعزيز شعبية الحزب الجمهوري مع اقتراب انعقاد انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، وبالتالي، فإنه من المتوقع أن يعمل الجمهوريون خلال الفترة المقبلة على تضخيم مثل هذه التصرفات باعتبارها "غير سوية"، وتعكس عدم قدرة الرئيس على تلبية مهامه الوظيفة، ومن ثم خفض الدعم لقراراته والنيل من شعبيته، مما سيزيد معه فرص خسارة الديمقراطيين هذه الانتخابات.
واستغل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حالة بايدن الصحية للهجوم عليه. وعلى سبيل المثال، انتقده ترامب، في تجمع جماهيري بمقاطعة ديلاوير في ولاية أوهايو الامريكية، إذ أكد أن: "ارتباك الرئيس جو بايدن سيقود البلاد إلى الجحيم". وأضاف: "لدينا رئيس لا يدرك على الإطلاق ما يحدث، فهو يصافح الهواء، يتجول في حيرة من أمره. أقول لكم إنّه ليس من الجيد اتباع أوامره".
4. انقسام محتمل بين الديمقراطيين: من المرجح أن يكون هناك انقسام بين قادة الحزب الديمقراطي، وكبار مسؤولي الإدارة الأمريكية الديمقراطية بشأن مستقبل بايدن السياسي، لاسيما إذ ثبت خلال الأيام المقبلة أنه يعاني بعض الأمراض التي تحول دون استكمال ولايته الرئاسية.
ويبدو أن الانقسامات داخل الديمقراطيين قد تزداد إذا ما قرر بايدن الترشح للانتخابات الرئاسية في 2024، فقد أعلن البيت الأبيض، في نوفمبر 2021، أن بايدن لا يتخلى عن خططه بإعادة الترشح لفترة رئاسية ثانية عام 2024، وأشارت تسريبات أن بايدن، أبلغ الرئيس الأسبق باراك أوباما، في أبريل 2022، أنه سيترشح لولاية رئاسية جديدة.
وليس من الواضح ما إذا كانت هذه المواقف تهدف لإظهار أن الديمقراطيين متحدين ولا يعانون أي انقسامات داخلية قبل انتخابات التجديد النصفي، أم أن بايدن يعتزم حقاً الترشح لانتخابات 2024. وفي كلتا الحالتين، فإن نتائج انتخابات التجديد النصفي سوف تحدد فرص ترشح بايدن، كما ستكشف عن حجم الانقسامات داخل الديمقراطيين.
فرص الإطاحة بالرئيس الأمريكي
يحدد التعديل 25 لدستور الولايات المتحدة الإجراءات الواجب اتباعها حال إعلان عدم قدرة الرئيس على القيام بواجباته، والتي يمكن توضيحها على النحو التالي:
1. تنازل الرئيس طواعية: يبلغ الرئيس خطياً رئيسي مجلسي النواب والشيوخ بأنه سينقل السلطة إلى نائب الرئيس لأنه غير قادر على ممارسة مهام منصبه، أو أن يقوم نائب الرئيس وعدد من كبار المسؤولين بالإدارة الأمريكية بإبلاغ قادة مجلسي النواب والشيوخ بأن الرئيس غير قادر على أداء واجباته، وأن نائب الرئيس سيصبح رئيساً بالإنابة.
2. تدخل الكونجرس مباشرة: في حالة اعترض الرئيس على مثل هذا الإعلان، يُعطي للكونجرس الحق أن يتدخل لحل هذه المشكلة. ويتوجب على الكونجرس أن يصدر قراراً بأكثرية ثلثي أصوات مجلسي الشيوخ والنواب حول مدى قدرة الرئيس على القيام بسلطات ومهام منصبه، وفي حالة أكد الكونجرس عجزه، يتولى نائب الرئيس هذه السلطات والواجبات كرئيس بالوكالة. أما إذا كان الأمر خلاف ذلك فيستأنف الرئيس القيام بسلطات وواجبات منصبه.
وفي الختام، يتوقع أن تتم إثارة الجدل بشكل مكثف حول الصحة العقلية للرئيس الأمريكي في حالة تكررت المواقف التي تشكك في اتزانه العقلي، وكذلك مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، إذ إنها ستكون من الأدوات التي سيوظفها الجمهوريين في صراعهم لاستعادة السيطرة على الكونجرس في مواجهة الديمقراطيين.