• اخر تحديث : 2025-12-25 15:01
news-details
تقدير موقف

كيف توازن الهند علاقاتها بين روسيا والولايات المتحدة؟


أجرى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يومي 4 و5 ديسمبر 2025، زيارة دولة إلى الهند، تُعد الأولى له لنيودلهي منذ أربعة أعوام؛ وذلك تلبية لدعوة من رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي. وقد التقى بوتين خلال الزيارة بـمودي، والرئيسة الهندية، دروبادي مورمو؛ حيث تمت مناقشة كافة أبعاد العلاقات الروسية الهندية؛ بهدف تعزيز الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمتميزة بين الدولتين، فضلاً عن تبادل الرؤى بشأن القضايا الدولية والإقليمية الراهنة. 
 
وقد اكتسبت الزيارة أهمية خاصة في ضوء تزايد الضغوط الأمريكية على نيودلهي بشأن تدفقات النفط الروسي. وهو ما يطرح التساؤلات بشأن حسابات الهند في التعامل مع روسيا، ومدى قدرتها على موازنة علاقاتها مع موسكو وواشنطن؟
 
حسابات مُتنوعة:
 
جاءت زيارة الرئيس بوتين للهند، في ظل حسابات هندية متنوعة، سواء فيما يتصل بالعلاقات الثنائية الروسية الهندية، أم فيما يتصل بعلاقات الدولتين مع الغرب عموماً، وواشنطن خصوصاً، ويمكن توضيح ذلك في الآتي:
 
1. تأكيد متانة العلاقات مع روسيا: ترتبط الهند وروسيا بعلاقات تاريخية وثيقة ترجع بواكيرها إلى الحقبة السوفيتية والحرب الباردة، وتدرجت هذه العلاقات في قوتها حتى وصلت منذ ربع قرن إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمميزة. كما تنظر نيودلهي إلى موسكو باعتبارها شريكاً استراتيجياً موثوقاً به في الوقت الحالي. ومن هنا؛ فإن زيارة الرئيس بوتين للهند تُتيح المجال أمام نيودلهي لإعادة تأكيد متانة علاقتها المميزة مع موسكو، فضلاً عن تأكيد استقلالية سياستها الخارجية في مواجهة الضغوط الأمريكية.
 
كما تتجاوز حسابات الهند في تعزيز العلاقة مع روسيا النفط والسلاح، وتمتد إلى التوازن مع الصين؛ حيث تسعى نيودلهي لضمان بقاء روسيا على مسافة من الصين أو على الأقل استخدام نفوذها للضغط على بكين عند الضرورة.
 
2. تعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية مع موسكو: يمكن للهند تلبية رغبة روسيا في إمدادها بقطع الغيار والمعدات التكنولوجية اللازمة لأصولها النفطية، خاصة في ظل العقوبات الغربية التي تمنع موسكو من الوصول إلى الموردين الرئيسيين. هذا بالإضافة إلى تطوير التعاون المصرفي والمالي، بما في ذلك إمكانية إطلاق نظام "مير" للدفع الروسي في الهند؛ وهي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى زيادة تدفق السياحة الروسية إلى الهند.
 
واتصالاً بما سبق، تحاول الهند زيادة صادراتها إلى الأسواق الروسية، وخاصة الأدوية، والسلع الهندسية، والمنتجات الزراعية، فضلاً عن إتاحة المزيد من فرص العمل للعمال الهنود المهاجرين في روسيا. كما تسعى الهند أيضاً إلى استحواذ شركة التنقيب عن الغاز الحكومية على حصة 20% في مشروع "سخالين-1" للطاقة في أقصى شرق روسيا. إضافة إلى ترقية حجم التجارة الثنائية مع روسيا من 67 مليار دولار حالياً إلى 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
 
3. تعزيز التعاون الدفاعي مع روسيا: تعتمد الهند منذ عقود طويلة في تسليحها بدرجة كبيرة على روسيا. وقد عملت الهند على الاستفادة من الزيارة في تعزيز علاقاتها الدفاعية مع موسكو، في ظل حاجتها إلى تحديث الأنظمة العسكرية الروسية التي تمتلكها. كما تُعد مبيعات الأسلحة الروسية للهند أحد المجالات الرئيسية للتعاون الدفاعي والعسكري بين الدولتين؛ حيث أبدت الهند اهتمامها بالحصول على الطائرات المقاتلة "سوخوي-57" الروسية الأكثر تطوراً، مُقارنة بطائرات "سوخوي-30" التي تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية. كما تسعى الهند للحصول على المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي "إس-400" الروسي، والتي تمتلك الهند ثلاث وحدات منها، ويتوقع استلام وحدتين إضافيتين.
 
4. مواجهة الضغوط الاقتصادية الغربية: يعاني الاقتصادان الروسي والهندي من ضغوط غربية وأمريكية عديدة. فمن جهة، ما زالت روسيا تتعرض بين فترة وأخرى لعقوبات غربية على خلفية حربها في أوكرانيا. فيما تتعرض الهند لضغوط اقتصادية أمريكية ناجمة عن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على نيودلهي، فضلاً عن استهداف بعض شركاتها بعقوبات غربية على خلفية شراء النفط الروسي؛ حيث تخطط المفوضية الأوروبية، بضغط من واشنطن، لفرض سلسلة عقوبات شاملة جديدة ضد روسيا؛ بسبب الحرب في أوكرانيا؛ تستهدف العديد من الدول التي توجد بها مصادر لتمويل موسكو، ومن ضمنها ثلاثة كيانات هندية.
 
ومن هنا؛ فإن الزيارة مثلت محاولة من جانب الدولتين لمواجهة هذه الضغوط والعقوبات، عبر تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما. خاصة وأن روسيا تُعد رابع أكبر شريك تجاري للهند، فيما تحتل نيودلهي المرتبة الثانية في قائمة الشركاء التجاريين لموسكو.
 
5. مُقاومة الضغوط الأمريكية: جاءت زيارة الرئيس بوتين للهند، في وقت شديد الحساسية بالنسبة لنيودلهي؛ إذ تشهد علاقاتها مع واشنطن توتراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة؛ بسبب مُشترياتها من النفط الروسي بأسعار مُخفَّضة، منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير 2022. والتي ترى واشنطن أنها تسهم في تمويل الحرب الروسية في أوكرانيا؛ وهو ما دفع إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أغسطس الماضي، إلى رفع التعريفات الجمركية على معظم الواردات الهندية إلى 50%.
 
كما ضغطت واشنطن على الهند لإثنائها عن شراء النفط الروسي؛ حيث دعا الرئيس ترامب مراراً مودي إلى التوقف عن شراء النفط والمنتجات البترولية من روسيا؛ إذ تستحوذ الهند على 36% من صادرات النفط الروسي. ومن هنا، يمكن النظر إلى زيارة بوتين للهند باعتبارها تنطوي على رسالة مهمة من جانب الهند للولايات المتحدة مفادها قدرة نيودلهي على التعويل على دعم ومساندة موسكو في مواجهة الإجراءات الأمريكية التي تستهدفها.
 
شراكة استراتيجية:
 
تمخضت زيارة الرئيس بوتين للهند، عن حزمة من النتائج المُهمَّة التي تصب في سياق تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والهند في العديد من المجالات، وذلك في ضوء توقيع العشرات من الوثائق والاتفاقيات المشتركة، وكذلك البيان المشترك الصادر في ختام قمة مودي- بوتين. ويمكن توضيح ذلك في الآتي:
 
1. تجاهل الضغوط الأمريكية على الهند: عكست نتائج القمة الروسية الهندية إصرار موسكو ونيودلهي على إطلاق مرحلة جديدة لتعزيز التعاون في كافة المجالات، بما في ذلك في قطاعي الطاقة والدفاع وفي المجالات النووية والتقنية. وبدا لافتاً تجنب الوثائق التي وقعها الزعيمان الروسي فلاديمير بوتين والهندي ناريندرا مودي، الإشارة إلى الضغوط الأمريكية على الهند لتقليص تعاونها مع روسيا.
 
2. توقيع حزمة اتفاقيات جديدة: وقَّعت روسيا والهند، خلال الزيارة، سلسلة من الاتفاقيات الجديدة؛ بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري في مختلف المجالات، فضلاً عن إقرار الجانبين برنامجاً للتعاون الاقتصادي حتى عام 2030؛ بهدف تنويع التجارة والاستثمارات وتحقيق التوازن بينهما. 
 
وتتمثل أبرز هذه الاتفاقيات في الآتي: اتفاقية للتعاون في مجالات الصحة والتعليم الطبي والعلوم، اتفاقية لحماية المستهلك وتعزيز الإشراف على حقوق المستهلكين في الدولتين، اتفاقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتعزيز العمل لمواطني كل دولة لدى الدولة الأخرى، توسيع التعاون في منطقة القطب الشمالي (مذكرتا تفاهم للتعاون في مجال الملاحة في المياه القطبية)، بروتوكول بين الهيئة الفدرالية للجمارك الروسية والهيئة الجمركية الهندية، فضلاً عن اتفاق لتعزيز الخدمات البريدية بين الدولتين.
 
كما أكد الرئيس بوتين استمرار بلاده في تزويد نيودلهي بالنفط رغم العقوبات الأمريكية، بينما أعلن رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، اتفاقاً ثنائياً واسعاً لتعزيز التعاون الاقتصادي؛ بهدف رفع حجم التبادل التجاري بين الدولتين إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030. كما يعمل الجانبان على التوصل إلى اتفاقية للتجارة الحرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده موسكو، ويضم كلاً من أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان.
 
3. تعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية والفضاء: يُعد قطاع الطاقة النووية أحد المجالات الرئيسية للتعاون بين روسيا والهند. وقد أكدت الدولتان خلال الزيارة اعتزامهما توسيع التعاون في مجال الطاقة النووية، بما في ذلك دورة الوقود النووي، وضمان دورة حياة تشغيل محطة الطاقة النووية الهندية "كودانكولام"، فضلاً عن أهمية التعاون في استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، خاصة في ظل خطط الحكومة الهندية لزيادة توليد الطاقة النووية في البلاد إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2047. هذا بالإضافة إلى اتفاق الدولتين على توسيع التعاون في استخدام الفضاء للأغراض السلمية، بما في ذلك برامج الفضاء المأهولة، والملاحة الفضائية، واستكشاف الكواكب.
 
4. تعزيز التعاون الدفاعي والعسكري: رغم عدم صدور أي إعلان بشأن أنظمة الدفاع الجوي "إس-400" أو طائرات "سوخوي-57" المقاتلة الروسيتيْن؛ فقد اتفق الزعيمان الهندي والروسي على إعادة هيكلة العلاقات الدفاعية لمراعاة مساعي نيودلهي نحو "الاعتماد على الذات"؛ إذ أشار البيان المشترك إلى إعادة توجيه الشراكة نحو البحث والتطوير المشترك، بالإضافة إلى إنتاج منصات دفاعية متقدمة. 
 
كما اتفقت الهند مع روسيا على استئجار غواصة روسية تعمل بالطاقة النووية بملياري دولار، وذلك في صفقة جرى التفاوض بشأنها على مدى عشر سنوات. ومن المتوقع أن تتسلم الهند الغواصة في غضون عاميْن، لمساعدتها على تدريب البحارة وتحسين عمليات تشغيل الغواصات النووية؛ وهو ما يمثل تطوراً مهماً بالنسبة للهند، خاصة وأن السفن التي تعمل بالطاقة النووية تتفوق بفارق كبير على نظيراتها التي تعمل بالديزل والكهرباء.
 
5. محورية دور منظمة شنغهاي للتعاون: أكَّدت روسيا والهند الدور المُتزايد لمنظمة شنغهاي للتعاون في تشكيل النظام العالمي الجديد. كما أبدت موسكو دعمها ترشيح الهند للعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي الموسع. واتصالاً بما سبق، أكد البيان المشترك، في إشارة غير مُباشرة إلى رسوم ترامب الجمركية، أهمية وجود نظام تجاري مُتعدد الأطراف تتمحور حوله منظمة التجارة العالمية، ويتسم بالانفتاح والشمول والشفافية وعدم التمييز.
 
وعلى الرغم من عدم الإشارة إلى أوكرانيا في البيان المشترك؛ فقد أعرب رئيس الوزراء الهندي عن تفاؤله بإمكان إيجاد تسوية للنزاع في أوكرانيا، من خلال ضرورة العودة إلى طريق السلام. وهو الموقف الذي قوبل بالتقدير من جانب الرئيس الروسي بوتين الذي ثمن جهود مودي الرامية إلى إيجاد تسوية للأزمة.
 
موازنة العلاقات:
 
تواجه الهند في الوقت الحالي إشكالية كبرى فيما يتصل بعلاقاتها الدولية، تتمثل في استمرار علاقاتها طويلة الأمد مع روسيا، وذلك بالتوازي مع سعيها إلى تعميق تعاونها مع الولايات المتحدة؛ الأمر الذي يجعلها تواجه حسابات معقدة فيما يتصل بموازنة علاقاتها مع كل من موسكو وواشنطن. ويمكن توضيح ذلك في النقاط التالية:
 
1. على المستوى الدفاعي والعسكري: عملت الهند على تحقيق التوازن في علاقاتها الدفاعية والعسكرية مع موسكو وواشنطن، عبر تقليل اعتمادها الدفاعي على روسيا، فبعدما كانت روسيا تزوّدها بـ70% من أسلحتها، انخفضت النسبة إلى أقل من 40% خلال أربع سنوات.
 
وعلى الجانب المقابل، اتجهت الهند إلى زيادة اعتمادها الدفاعي على الولايات المتحدة، حيث وقَّعت الهند والولايات المتحدة، في أكتوبر 2025، على إطار عمل دفاعي تاريخي لمدة 10 سنوات؛ بهدف تعميق التعاون العسكري بين الدولتين بشكل كبير. كما وقعت الهند مؤخراً صفقة دفاعية مع الولايات المتحدة، بقيمة 946 مليون دولار، لصيانة أسطول طائرات الهليكوبتر من طراز MH-60R Seahawk التابعة للبحرية الهندية، في خطوة مثلت دفعة كبيرة للتعاون الدفاعي بين نيودلهي وواشنطن.
 
2. على المستوى الاقتصادي والتجاري: اتجهت الهند في الفترة الأخيرة إلى تحقيق التوازن في علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع موسكو وواشنطن. فرغم أن روسيا لا تزال تُزود الهند بنحو 33% من إجمالي وارداتها النفطية؛ فإن العقوبات الأمريكية المتغيرة، ولا سيما تلك التي تستهدف شركتيْ "روسنفت" و"لوك أويل" الروسيتيْن، تُجبر شركات التكرير الهندية على إعادة تقييم عقودها. 
 
وعلى الجانب المقابل، قامت الهند بزيادة مُشترياتها من النفط والغاز الأمريكييْن؛ حيث ارتفعت واردات الهند من النفط الخام الأمريكي إلى 540 ألف برميل يومياً في أكتوبر 2025؛ وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2022؛ وذلك بهدف إظهار تعاونها التجاري والحد من تعرضها للتداعيات الجيوسياسية المحتملة للعقوبات المفروضة على روسيا.
 
وفي الوقت الذي تحاول فيه الهند الاستفادة من رغبة روسيا في توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية معها؛ فإنها تُجري في الوقت الحالي مفاوضات مع واشنطن بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري لخفض الرسوم الجمركية، بحلول نهاية العام الجاري. 
 
3. على المستوى الجيوسياسي والاستراتيجي: تعمل الهند على تحقيق التوازن في علاقاتها مع كل من روسيا والولايات المتحدة على المستوى الجيوسياسي والاستراتيجي، من خلال تأكيد سياسة الاستقلال الاستراتيجي التي تُعد العنوان الرئيسي للسياسة الخارجية الهندية في عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بما يوازن بين احتياجاتها الداخلية وطموحاتها الدولية.
 
في هذا السياق، تؤكد نيودلهي - في مواجهة الضغوط الأمريكية- أن سياساتها وتحركاتها الخارجية ترتكز على أساس المصالح الوطنية، وليس على حسابات الاصطفاف أو التبعية. كما تسعى الهند إلى إدارة توتر العلاقات مع الولايات المتحدة، من خلال اعتماد استراتيجية توازن بين مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.
 
ولعل نهج التوازن الذي تتبناه الهند في علاقاتها مع كل من روسيا والولايات المتحدة؛ يتضح في سياساتها ومواقفها المتوازنة في إطار الآليات الدولية متعددة الأطراف، والتي تضم في عضويتها الدولتين، وخاصة مجموعة "بريكس" وتحالف "كواد"، والذي يضم في عضويته الهند واليابان وأستراليا والولايات المتحدة. 
 
ففي الوقت الذي تحافظ فيه الهند على مشاركتها الفعالة في مجموعة "بريكس"، والتي تضم في عضويتها روسيا، ولا تضم الولايات المتحدة، محافظةً على الحوار ضمن أطر مُتعددة الأطراف بديلة وغير غربية، كما يتضح من مشاركة رئيس الوزراء ناريندرا مودي في قمة "بريكس" التي عُقدت بالبرازيل، في الفترة من 6 إلى 7 يوليو 2025؛ فإنها تحرص، في الوقت ذاته، على التعاون والحوار مع الولايات المتحدة ضمن الأطر متعددة الأطراف، ومنها تحالف الحوار الأمني الرباعي "كواد". 
 
واتصالاً بما سبق، فقد مثَّلت زيارة بوتين للهند اختباراً لقدرة نيودلهي على الموازنة في علاقاتها بين روسيا والولايات المتحدة؛ إذ وجهت الزيارة رسالة قوية لواشنطن بعدم خضوع الهند للضغوط الأمريكية للتخلي عن روسيا بفرض رسوم جمركية عقابية على شراء النفط الخام الروسي. ومن جانبها، تؤكد روسيا أن تعاونها مع الهند لا يستهدف إلحاق الضرر بأي طرف آخر، في إشارة ضمنية إلى الولايات المتحدة؛ وهو يهدف إلى حماية المصالح المتبادلة لموسكو ونيودلهي.
 
وفي التقدير، يمكن القول إن زيارة بوتين للهند تدشِّن مرحلة جديدة في العلاقات بين نيودلهي وموسكو، ترتكز على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما، وتوجه الدولتين نحو تفعيل دورهما ونفوذهما في مواجهة الضغوط الأمريكية عليهما، من خلال تأكيد الهند سياسة الاستقلال الاستراتيجي في الموازنة في علاقاتها مع القوتين الدوليتين الكبريين؛ بما يحقق مصالحها الوطنية وعدم الخضوع لإملاءات واشنطن. 
 
فيما تعمل موسكو على تعزيز دورها ونفوذها في جنوب آسيا بتفعيل علاقاتها مع قوة اقتصادية وجيوسياسية مهمة وهي الهند؛ وهو ما يؤكد أن تنامي العلاقات بين الهند وروسيا خطوة مهمة في إطار بناء علاقات دولية متعددة الأقطاب في مواجهة محاولات واشنطن للهيمنة على النظام الدولي.