مضى على الحرب الاوكرانية الروسية بما يقارب الثلاثة اشهر، شهدت خلالها تحولات ومعارك واسعة وضحايا وتهجير وتدمير لبنى تحتية مدنية وعسكرية، فيما حتى الان لم تضع اوزارها، ولم يظهر فيها غالب او مغلوب فقد القت روسيا بحميم جحيمها من الاسلحة المتطورة على جارتها التي ارادت التمرد على ثوابتها والانزياح نحو الغرب والتملص من ثقافتها الاجتماعية والدينية والسياسية القديمة بثياب جديدة، فيما تقف حتى الان اوكرانيا تدافع عن ارضها ومدنها دون ان تسمح لجارتها بالدخول الى العاصمة (كييف) وتغيير النظام، مستعينة بأصدقائها من دول الغرب واسيا سواء بالتسليح او الحرب الاقتصادية او الاعلام وحتى بالمتطوعين .
بعد ثلاثة أشهر يمكن لنا ان نتساءل عن سر عدم اعلان اي دولة بالعالم بدعم روسيا المباشر؟!
لا شك ان روسيا دولة سليلة امبراطورية عظمى قديما وحديثا، وشعبها مزاجه (عسكري) حتى انها والى الان لم تستطع ان تحول ثقافتها العسكرية باتجاه الصناعة المدنية، حتى قيل (لو طلبتَ من المصمم الروسي ان يصمم لك قلم رصاص لجعله شبيها بقاذفة (اربيجي7).
وهذا ما اكده الرحالة العربي ابن النظير الذي زار روسيا وقال عن شعبها (هؤلاء امة حرب)!
الذي يقود روسيا الان (بوتين) ربيب الامن والاستخبارات والطامح الى اعادة (مجد الاتحاد السوفيتي) الذي يعتقد ان امريكا وراء انهياره.
لا نعرف الى اي حد خطط بوتين لهذه الحرب مع جارته (اوكرانيا) التي خطط الغرب ان يسلخها ثقافةً ودينا واقتصادا وعرقا عن روسيا، بل وجعلها جدارا يطوق روسيا ويضعف من مصادر قوتها. ترى هل تشاور بوتين مع الصين او إيران او الهند او حتى باكستان في عهد عمران خان قبل اتخاذ قرار الحرب؟ وهل وفر جميع ظروف واليات الحرب في الداخل قبل خوض غمارها؟
هذه الاسئلة مازالت غامضة، وليس لدينا سوى ان نذكّر ان دولا ثلاثة تمتاز بـ (الغموض) امام العالم هي الصين وروسيا وإيران، وان اعلام هذه الدول لا يخرج من الاخبار الا الاقل او بعد ان يراجعها عشرات المرات وتلك (سمات شعوب) قديما وحديثا. وللتأكد؛ -هل لاحد ان يعرفنا ماذا يدور بالداخل الروسي الان او حتى قبل ذلك؟ وللطرفة ان الوكالات الروسية تنقل اخبار روسيا عبر وكالات عالمية اخرى الا ما ندر منها!! اما وكالة شينخوا الصينية فليس فينا من يطالعها رغم عملنا الطويل بالإعلام!! هل لنا ان نعرف ما الذي يفكر به (بوتين) الان؟ انه الاقل تصريحا وحديثا فيما الرئيس الاميركي بات (يهذي) عن الحرب الاوكرانية الروسية وكأنها على حدوده، رغم اصابته بـ (الزهايمر).!
السؤال الذي يشغلنا جميعا ان اعداء روسيا اجتمعوا ودعموا في موقف صريح وواضح فيما روسيا تبدو (وحيدة) تقاتل على جميع الجهات العسكرية والاقتصادية والاعلامية وحتى على مستوى الداخل فان المخطط ضدها وصل الى العمل على (ازاحة النظام)! ووصل الامر ايضا الى ان اميركا تهدد الصين في حال فكرت بدعم روسيا!
لا نعرف سر (الحيادية) لأصدقاء روسيا فجميعهم يتعاملون مع احداث الحرب وكأنهم (ناقلون) للأخبار لا غير ونسألهم: -ماذا لو خسرت روسيا الحرب وتفردت امريكا بالعالم؟
لا شك ان الصين وإيران والهند ودولا اخرى بما في ذلك فصائل المقاومة سوف تتضرر وسوف (تتنمر) علينا (اسرائيل) وهي تقف شامتةً (انهارت روسيا) فمن لكم؟
يقول مدير مركز المعلومات السياسية الروسي اليكسي موخين (لا مخرج للصين والهند وإيران.، من حيث المبدأ، سوى إنشاء نظام جديد للأمن الجماعي) ويقول (روسيا تقف بوجه الهيمنة الاميركية على العالم) وهذه التطلعات الروسية هي جزء من استراتيجياتنا! اليس كذلك؟
من تداعيات الحرب ان روسيا سحبت قواتها من سوريا، وذلك لحاجتها الى هذه القوات في حرب اوكرانيا، وحتما ان لهذا (الانسحاب) تداعيات على موقف روسيا الذي يعرف الكثيرون ان وجود هذه القوات سببا من دعم حكومة سوريا وثباتها!
لا نريد ان نقول ان علينا ان ننخرط بالمشروع الروسي ونورط شعوبنا في حرب بعيدة عن اراضينا، ولكن أعقب انسحاب روسيا من سوريا توالي الهجمات الاسرائيلية على سوريا والدنو من المراقد الشريفة.. فماذا يعني ذلك؟ يعني ان الحياد ليس بصالح اصدقاء روسيا.
رب سائل يسأل؛ -ما اوجه الدعم الذي يمكن ان نقدمه الى روسيا في حربها ضد اوكرانيا؟
اولا من حق اصدقاء روسيا مثلما فعل اصدقاء امريكا، حيث لم تترك الحرب بين جارين ويمكن ان تتدخل اطرافا محايدة لفض النزاع!
الغرب سمح بدخول السلاح الى اوكرانيا ونحن نعتقد ان روسيا ليست بحاجة لأسلحتنا المستوردة منها او من اي منشأ اخر، والغرب سمح بالحرب الاقتصادية ونحن إذا قطعنا تصدير الطاقة الى الغرب وامريكا (يكتلنا الجوع)!
اصدقاء اميركا ربما يفضلون اشغال امريكا أفضل من الدخول المباشر فمثلا المقاومة ترفع منسوب مواجهتها مع اسرائيل، والصين ممكن ان تضغط على تايوان وكوريا الشمالية تضغط على كوريا الجنوبية واليابان!
الخبراء يؤكدون ان روسيا اختارت الزمن (المناسب) لأوروبا التي وصفها ترامب (بالعجوز) ولأمريكا التي تعاني الانقسام فيما الصين في صعود والعالم في نقمة على امريكا.
(اليسار) بالعالم ينتظر