في تقريرهما الذي نشرته صحيفة "ناشونال إنترست" الأميركية، يؤكد الكاتبان لورانس جيه كورب وستيفن سيمبالا أن هجوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا كان خطأ إستراتيجيا فادحًا.
وقال الكاتبان إن الهجوم الروسي لم يؤد إلا إلى تعزيز حلف شمال الأطلسي (الناتو) عبر حشد توافق لم يسبق له مثيل بعد الحرب الباردة، من أجل التأهب العسكري والتعهد المشترك بردع العدوان على أي عضو؛ إذ أيدت الدول الأعضاء في الناتو بشدة العقوبات الاقتصادية والإجراءات السياسية الأخرى لعزل روسيا، ورفع كلفة القتال الروسي المستمر في أوكرانيا.
وبالإضافة إلى ذلك، أعلن القادة السياسيون في فنلندا والسويد نيتهم التقدم بطلب لعضوية الناتو، وهي إضافة ستزيد انزعاج روسيا من جهة، مقابل تفاؤل الناتو بشأن قدرته على صد المزيد من العدوان في أوروبا.
ويبين الكاتبان أنه مع تبعات حرب بوتين والتوسع المحتمل لحلف الناتو؛ يجب أن يتجنب أعضاء الناتو الرضا الزائد عن النفس، وتحدثا عن تقوية الترابط السياسي والاستعداد العسكري وتطوير مهارات إدارة التصعيد لحلف الناتو للتعامل مع مجموعة متنوعة من التحديات القادمة.
تحديات
وإلى جانب الملف الروسي، تحدث الكاتبان عن التحديات التي ستطرح أمام الحلف، وبينها ردع الإرهاب العابر للحدود، والعلاقة مع الصين، وقدرة الدول الأعضاء على الحفاظ على أنظمة ديمقراطية مستقرة داخل بلدانهم، ودعم المؤسسات الديمقراطية بين الدول غير الأعضاء في الناتو، وتكييف الإستراتيجية العسكرية للتحالف مع طفرة التكنولوجيا التي تميز الحرب المعرفية والقدرات الإلكترونية.
ويرى الكاتبان أن من المشاكل التي ستواجه الناتو خطته الأمنية في ما يتعلق بالإرهاب الدولي، وكان دعم الناتو للعمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان جوهريًا في استجابة الولايات المتحدة للتحديات المستجدة.
ورغم أن إستراتيجية الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن تقر بأن الولايات المتحدة تواجه الآن مشكلة المنافسين الناشئين والتهديد المتجدد بحرب القوى العظمى، فإن التهديدات التي يشكلها الإرهابيون المحليون والدوليون لم تختف.
الصين
ويوضح الكاتبان أن معضلة أخرى تقف أمام الناتو، وهي كيفية إعادة التفكير في علاقة الحلف مع الصين؛ إذ تتحدى القوة العسكرية والاقتصادية المتنامية للصين النظام الدولي القائم على القواعد الأوروبية الأميركية، وتخلق العديد من المعضلات الأمنية للولايات المتحدة وحلفائها.
وعلاوة على التهديد المباشر الواقع على تايوان؛ تخلق الصين أيضًا مخاطر عسكرية وسياسية لليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والفلبين وفيتنام ودولًا أخرى في آسيا.
ويتضمن برنامج الفضاء الصيني المتطور القدرة على نشر أقمار صناعية قادرة على مراقبة الأقمار الصناعية الأخرى أو تدميرها إذا لزم الأمر.
كما أن مبادرة الحزام والطريق الصينية زادت -حسب الكاتبين- نفوذها على الحكومات الأخرى، وحولت شكلًا من أشكال العولمة إلى انتصار إستراتيجي صيني على المنافسين.
وأضاف الكاتبان أن من التحديات التي يجب أن يواجهها الناتو هشاشة السياسة الديمقراطية الداخلية بالنسبة لبعض الدول الأعضاء، حيث يمكن لقوى اقتصادية وسياسية واجتماعية أن تطيح بالديمقراطيات القائمة من الداخل.
وبيّن الكاتبان أنه سيتعين على الناتو تكييف إستراتيجياته وسياساته مع التقنيات الناشئة للردع، فإذا كان القرن العشرون ذروة الدمار الشامل في العصر الصناعي، فإن القرن 21 سيوفر مجموعة متنوعة من أشكال الصراع غير التقليدية، التي غالبًا ستقترن بالعمل العسكري، وسيتم تعريف القوى الكبرى ليس فقط بحجم قواتها العسكرية ولكن أيضًا بمدى ذكائها وتكيفها.