لم تكن حالة الاستقطاب الموجودة في الحالة الليبية وليدة الأحداث المتأخرة فيها، من انقسام في الأجسام التنفيذية وتكوين حكومتين، ومحاولة الحكومة المكونة مؤخرًا من البرلمان في طبرق دخول العاصمة، طرابلس، في 16 مايو/أيار الماضي، للبدء في عملها، ولتكون واقعًا يمكن التعامل معه من العاصمة، وكذلك لم يكن رفض حكومة الوحدة الليبية لهذا الفعل من البرلمان، ولا الآلية التي قفزت على الاتفاق السياسي المبرم في جنيف والمنشئ لها كحزمة واحدة مع المجلس الرئاسي الجديد، والتي جاءت عبر تفاهماتٍ وحوارات متعددة، قادتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبر ملتقى الحوار الليبي لإنهاء الانقسام السياسي أولًا، والأجسام المؤسسية الموازية في البلاد ثانيًا، وصولًا إلى التهيئة اللازمة للانتقال إلى مرحلة الانتخاب وتجديد الأجسام التشريعية والتنفيذية تبعًا لذلك في البلاد، عبر خريطة الطريق المعدَّة سلفًا لذلك، لم يكن ذلك بداية الاستقطاب، وإنما تكونت هذه الحالة من تراكم الصراعات السياسية والأمنية عبر سنوات مختلفة تباينت فيها الآراء واختلفت فيها التجاذبات والدوامات السياسية، لينتج عن ذلك انقسام حاد بين الأجسام التشريعية في البلاد، وصولًا إلى صراعات مسلحة تغذيها الأطراف الإقليمية والدولية المتداخلة في الحالة الليبية بطريقة أو أخرى، كل ذلك من الديناميات التي أوصلت حالة البلاد إلى هذا المأزق، والإشكال السياسي والدستوري، الذي قد يتطور مرة أخرى في مرحلة مقبلة إلى حالة من الانقسام والتشظي، وبالتالي نحاول في هذه الورقة تقدير الموقف الحالي للأزمة، قراءة في الأحداث السابقة، والوضع الحالي، وكذلك المآلات التي يمكن أن تُنتجها، وصولًا إلى مقاربة استشرافية لما قد تؤول إليه الأحداث والحالة السياسية في البلاد.
أولًا: الاستقطاب مَدخل الانقسام
لا يمكن تقييم الوضع الحالي للحالة السياسية في البلاد والانقسام الحاصل فيها، من دون الرجوع إلى ماهية هذا الانقسام وبدايته، خاصة بعد اختيار حكومة الوحدة الوطنية، في 5 فبراير/شباط 2021 من العام الماضي، واعتمادها من قبل البرلمان في طبرق بتاريخ 10 مارس/آذار 2021. والناظر لذلك كله لا يجد صعوبة في تحديد موطن الخلل وبداية هذا الاستقطاب الذي كان في بادئ الأمر استقطابًا مصلحيًّا بين البرلمان وحكومة الوحدة الوطنية ليتطور بعدها وينتقل إلى مراحل حادة من الاستقطاب التي دعت كل منهما لإسقاط الآخر، ليس في ظل المماحكات والمصالح التي يحاول أن يجنيها كل فريق، بل أيضًا في ظل قلب المعادلة السياسية والعودة بها إلى المربع الأول، باعتبار أن الاستقطاب بينهما كان، في وقت ما، استقطابًا نخبويًّا عبر تحصيل المصالح، والموازنة بين الاستفادة وعدم إسقاط الآخر. وبمعنى آخر، السير معًا بأهداف مغايرة، وصولًا إلى مرحلة قطف الثمار، غير أن هذا الوضع لم يستطع كلاهما المحافظة عليه، أو حتى السير فيه طويلًا، لاعتبارات قد تكون واضحة لكل متابع، لعل أبرزها: استحالة السير معًا وفق توجهات ورؤى مختلفة تتغذى من الذاتية، وإبراز كونها الفاعل في المشهد الليبي داخليًّا، ومن ثمَّ إقليميًّا. ولعلَّ ذلك هو السبب الرئيسي في سحب الثقة من الحكومة، في 21 سبتمبر/أيلول 2021، حيث وجد البرلمان الحكومة تسحب البساط تدريجيًّا من حلفائه الإقليميين، وتثبت كونها الفاعل الرئيسي في المشهد الليبي. وكذلك كون هذا الاستقطاب، في حقيقته، تحكمه الولاءات السياسية التي لا يمكنها الجمع بين الشيء وضده. وبالتالي، سرعان ما كان الانقسام وتكوين حكومة جديدة من البرلمان هو الخطوة المتقدمة التي اتخذها البرلمان وداعموه إقليميًّا، بينما كانت الخطوة المضادة من حكومة الوحدة الوطنية وحلفائها إقليميًّا ودوليًّا، وكذلك أوساط داخلية، هو عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة، والتشكيك في شرعيتها، والتوجه نحو الدفع بواقع جديد تكون فيه الانتخابات وتجديد الأجسام التشريعية هو الفيصل في التغيير.
ثانيًا: خارطة طريق البرلمان
بعد أن أُفشل إجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 الماضي اعتبر البرلمان أن المعرقل لذلك حكومة الوحدة الوطنية، بينما اعتبرت الحكومة وغيرها من النخب والكيانات السياسية في البلاد أن الفشل في إجراء الانتخابات كان بسبب قوانينها، التي صدرت بشكل أحادي من البرلمان المنقسم على نفسه؛ حيث لم يقدم قاعدة دستورية توافقية تسير عليها الانتخابات، وإنما جاءت على شكل قرارات أحادية ليس عليها اتفاق حتى من البرلمان نفسه؛ الأمر الذي اعتُبر هو مكمنَ الخلل في تعطيل إجراء الانتخابات. وإزاء الفشل وانسداد المعالم الواضحة التي كان من المقرر السير عليها وفق خارطة حوار جنيف، اتخذ البرلمان في طبرق التوجه إلى خارطة طريق جديدة لم تُعلم معالمها بالتحديد، وعلى إثر هذا الفعل كان هناك انقسام حاد بينه وبين المجلس الأعلى للدولة في طرابلس بشأن خارطة الطريق المعتمدة من مجلس النواب، القاضية بتشكيل حكومة جديدة والاتفاق على المسار الدستوري لاحقًا؛ الأمر الذي لم يوافقه فيه المجلس الأعلى للدولة، معبِّرًا عن رفضه لخارطة الطريق، وكذلك طريقة اختيار رئيس حكومة جديدة، بعد اتفاق لجنتي مجلسي النواب والدولة على خارطة طريق تؤدي إلى تغيير الحكومة والاتفاق على المسار الدستوري، بتشكيل لجنة دستورية للنظر في مشروع الدستور وتقديمه للاستفتاء؛ الأمر الذي يُظهر لكل متابع أن هناك خيوطًا غير واضحة المعالم في هذه الخارطة أولًا، وعدم وجود اتفاق بين المجالس التشريعية في البلاد على هذا الإجراء ثانيًا، وإزاء ذلك كله وجود قوى فاعلة إقليمية تدعم وكذلك تغذِّي هذا التوجه المتَّخَذ من قبل البرلمان.
ثالثًا: الاعتراف بالحكومة الجديدة
لم يكن هناك اعتراف بـ"الحكومة الليبية" المشكَّلة من قبل البرلمان بشكل صريح وواضح لا من البعثة الأممية في ليبيا، ولا من الدول الإقليمية والدولية المتداخلة في الشأن الليبي باستثناء روسيا التي أعلنت اعترافًا صريحًا بها، كما أن الأمم المتحدة، وعبر المستشارة الخاصة لأمينها العام بشأن ليبيا، أبقت خطوط الاتصال مفتوحة مع كلا الجانبين، ضمن مساعيها للتوصل إلى مخرج للأزمة عبر تحقيق توافقٍ ما بين الطرفين، الذي لم تستطع التقدم فيه إلى الآن، باستثناء بعض التوافقات التي حدثت بين لجنتي النواب والأعلى للدولة في القاهرة إزاء تكوين قاعدة دستورية جديدة، والتي لم تكتمل أعمالها إلى الآن، والتي ستكون مهددة بنسف هذا التقدم في لقاءاتها المقبلة من هذا الشهر عند التطرق لمواد حساسة ومفصلية سواء في شروط الترشح للرئاسة وكذلك المدد القانونية فيها.
كما أن الأمم المتحدة مؤخرًا ترى أن حل الأزمة الليبية لا يَكْمُن في تشكيل إدارات متنافسة ومراحل انتقالية دائمة، بل تتوجه نحو مرحلة دائمة يتفق الليبيون على طريقتها، للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها، غير أن هذا التوجه لم تقابله خطوات حقيقية نحو ذلك، خاصة أن البعثة لم تقدِّم خطوات عملية وفاعلة بعيدة عن السيناريوهات المتكررة في كل انسداد سياسي يطرأ في البلاد، باستثناء محاولاتها تخفيف حدة الوضع بين الأطراف السياسية في ليبيا، ومراكز القوة المتنافسة فيها.
رابعًا: محاولة فرض أمر واقع (القوة والنفط)
الكل ربما يتفق "تصريحًا" على عدم استعمال القوة في فرض حالة جديدة في البلاد، غير أن الواقع يكاد أن يكون مغايرًا وإن لم يكن على إطلاقه، فالمحاولة الأخيرة "للحكومة الليبية"، المنشأة من قبل برلمان طبرق، للدخول إلى العاصمة، طرابلس، وفرض أمر واقع جديد فيها، كاد أن يُحدث صراعًا مسلحًا يُدخل البلاد في فوضى مركَّبة، باعتبار مراكز القوة فيها، وكذلك الاستقطاب الداخلي الناجم عن ذلك.
كما أن معادلة النفط والتلويح بها كانت ظاهرة بقوة هذه المرة لفرض اتجاه معين في السياسة الليبية، عبر تحالفات مناطقية، تحركها قوى سياسية، فقد طالب "مغلقو النفط" خلال بيانات مصورة لهم "بخروج حكومة الوحدة الوطنية من المشهد وتسليمها السلطة إلى الحكومة المكلفة من البرلمان"، كما طالب أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) الممثلون لقوات "عملية الكرامة" في الشرق الليبي، بإيقاف تصدير النفط وإغلاق الطريق الساحلي وإيقاف الرحلات الجوية بين الشرق والغرب، إلى حين تسليم حكومة الوحدة الوطنية السلطة في البلاد إلى حكومة البرلمان في طبرق.
كل ذلك لم يُجد نفعًا في فرض أمر واقع مغاير؛ حيث إن حكومة الوحدة الوطنية لا تزال تحتفظ ببقائها واستمرارها، معتبرة أن الطريق الوحيد الذي يمكن عزلها عن طريقه هو إجراء الانتخابات وتجديد الأجسام السياسية في البلاد الشرعية ومن ثَمَّ التنفيذية؛ الأمر الذي جعل "الحكومة الليبية" -المنشأة من قبل البرلمان- تتخذ مدينة سرت وسط البلاد مقرًّا لها، وفي تعزيز هذا الاتجاه عقد البرلمان جلسة له فيها، في أواخر الشهر الماضي؛ الأمر الذي اعتبره كثيرون -كما هو الواقع- يمثل خطوة في الاعتراف بعدم قدرة حكومة البرلمان على السيطرة على طرابلس أو حتى الاستقرار فيها، وهذه أولى الخطوات في إعلان فشل حكومة برلمان طبرق، كما أن هذا الإجراء ستكون له آثار سلبية على البلاد، اقتصاديًّا وأمنيًّا، ناهيك عن الوضع السياسي المتأزم أصلًا، وكذلك العودة بها إلى المربع الأول، وذلك بأن يكون فيها حكومتان، بشرعيتين متضاربتين، الأولى في العاصمة طرابلس، والثانية في مدينة سرت.
وهذا الانقسام الذي بدأ فعليًّا في السلطة التنفيذية سيلقي بظلاله كذلك على مسارات الأزمة في البلاد ككل، كما حدث منذ 2014 الذي كانت نهايته صراعًا مسلحًا لم ينته إلا بتوافقات إقليمية وأخرى دولية أنتجت توافقًا نسبيًّا لم يستمر أكثر من عام ونيف، غير أن المعطيات الحالية خاصة الإقليمية والدولية المتداخلة في الأزمة الليبية لا تتجه اليوم نحو مزيد من الصراع المسلح في البلاد، وإنما تحاول إيجاد حالة توافقية بين كل الأطراف والعبور نحو مرحلة دائمة تنهي المراحل الانتقالية وفق آلية لم يتبلور شكلها إلى الآن في ظل تجاذبات إقليمية كل منها له خياراته واتجاهاته ومن ثمَّ مصالحه في ليبيا.
خامسًا: التدخل الإقليمي والدولي
تتسم العلاقات بين دول الجوار المعنية بالوضع الليبي بحالة استقطاب مشابهة لما كانت قبل إنشاء حكومة موحدة للبلاد، فمصر لا تزال تدعم مجلس النواب في طبرق، وتحركاته، وآلياته السياسية، غير أنها من جهة أخرى جعلت الباب مفتوحًا كذلك مع حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الأعلى للدولة، وخير شاهد على ذلك الحوارات التي تُعقد في القاهرة بين لجنتي النواب والأعلى للدولة حول القاعدة الدستورية.
بالمقابل أيضًا، فإن دول الجوار الأخرى كتونس والجزائر لا تزال تدعم حكومة الوحدة الوطنية؛ حيث نشط مؤخرًا الدور الجزائري على المستوى الإقليمي لفرض وجوده في الأزمة الليبية باعتبار الجزائر إحدى دول الجوار الفاعلة في ليبيا ولا يمكن تخطيها، كما أكدت مخرجات برلين من قبل حول ليبيا على ذلك، معتبرة أن "دول الجوار هي مفتاح حل الأزمة في ليبيا، داعية إياها إلى دعم مسار الحوار". كما أن الجزائر وغيرها من دول الجوار تعتبر حكومة الوحدة الوطنية السلطة الوحيدة المعترف بها في البلاد، من منطلق الاعتراف الدولي، كل ذلك بمقاربة موازية حول إيجاد مخرج سلمي وواقعي لحل الإشكال داخل البلاد، كما هي الحال في المغرب الذي سبق ورعى اتفاق الصخيرات، في 2015، المسير للعملية السياسية في البلاد؛ حيث استضافت مؤخرًا اجتماعًا بين قادة سياسيين وعسكريين من برقة إلى جانب قادة من طرابلس والزاوية ومصراتة، ليأتي هذا الاجتماع بعد أيام من محاولة حكومة البرلمان في طبرق الدخول إلى العاصمة، طرابلس، وفشلها؛ الأمر الذي يطرح تساؤلات حول الاجتماع ونتائجه العامة، وكذلك تأثيره على الوضع الميداني والأمني في البلاد، والمسارات المتوقعة في العملية السياسية المقبلة.
كل ذلك وبجميع مقدماته ومعطياته يقود إلى حالة واحدة، وهي استبعاد اندلاع مواجهات مسلحة على الأقل في الوقت الحالي، ولكن بالمقابل قد توجد تفاهمات أخرى تقود إلى تغيير في العملية السياسية الحالية للبلاد قد لا تكون مآلاتها إيجاد انتخابات حقيقة في أقرب الآجال؛ الأمر الذي لا ترتضيه القاعدة الشعبية التي تدعم التوجه إلى تجديد السلطة التشريعية في البلاد في أقرب وقت ممكن.
سادسًا: مقاربة البعثة الأممية للحل في ليبيا
أطلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كخطة أولى، في الثالث من مارس/آذار 2022، في ظل تصاعد المخاوف من انزلاق البلاد نحو حرب أهلية، مبادرة لإنشاء قاعدة دستورية جديدة توافقية تُجرى على إثرها الانتخابات في البلاد عبر لجنة مشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة؛ حيث بدأت مباحثاتها الأولية بعدَّة اجتماعات على مدى ستة أيام في القاهرة، لم يرشح عنها توافق فعلي إلى الآن، ليكون آخر المدة في التوافق ووصول إلى نتائج في 15 مايو/أيار الحالي، غير أن هذا السيناريو يعتبر متكررًا باعتبار ما كان قبل 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي ومحاولة إيجاد توافق قبل هذا الموعد. وبالتالي، فإن التوافق قد لا يكون واقعيًّا باعتبار المقدمات التي على إثرها تُعرف النتائج وتَتَحَدَّد المآلات.
وإزاء ذلك، قد يكون للبعثة في ليبيا خيار ثان في حالة الفشل، وهذا ما بدا واضحًا وجليًّا، في كثير من تحركاتها في الأزمة، قد يكون على غرار مسار ملتقى الحوار الذي أنشأ المجلس الرئاسي الجديد وحكومة الوحدة الوطنية في جنيف، أو عبر خيار ثالث قد ينشأ عن هذا المسار في تكوين حكومة ثالثة بموازاة مع تكوين مسار دستوري وقانوني جديد تُجرى عليه الانتخابات في البلاد وفق أطر محددة بالتواريخ والمدد.
كل ذلك يُقرأ من تحركات البعثة داخليًّا وإقليميًّا مع جميع الأطراف في البلاد داخليًّا، ومع الأطراف الخارجية، الإقليمية منها والدولية التي تدعم الأطراف المختلفة في البلاد، وهذا السيناريو هو الأقرب إلى الآن، باعتبار أن التوافق بين لجنتي النواب والأعلى للدولة قد يكون من الصعوبة بمكان كما كان من قبل.
كما أن مجلس الأمن تتجاذبه الأطراف الدولية كما هي الحال بين أميركا وروسيا، بشأن تعيين مبعوث أممي جديد؛ إذ تنتهي مهمة البعثة السياسية للأمم المتحدة في ليبيا، في 30 أبريل/نيسان 2022؛ الأمر الذي جعل مجلس الأمن يشهد خلافات بشأن عدد من المسائل في ليبيا، لذلك لم تُمدَّد مهمة بعثة الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول لأكثر من أربعة أشهر، ثم مُدِّدت في يناير/كانون الثاني ثلاثة أشهر فقط، وبالتالي فإن البعثة تحاول إيجاد حل للأزمة في أقرب الآجال، وعبر آفاق مغايرة للحل نحو التوجه إلى مرحلة دائمة وإنهاء المراحل الانتقالية المتتالية التي كانت عبر سنوات جزءًا من صناعتها وصياغتها وجعلها واقعًا.
التاريخ |
المؤتمر أو الاتفاق |
الإجراء |
الآثار المترتبة |
الأجسام السياسية |
17 ديسمبر/كانون الأول 2015 |
المغرب(اتفاق الصخيرات) |
- اختلاف في القبول به من عدمه بين الأطراف السياسية والأجسام التشريعية (المؤتمر الوطني العام، والبرلمان). |
- مسار سياسي جديد. - فرض أمر واقعي. |
- تكوين غرفتين للأجسام التشريعية (البرلمان والمجلس الأعلى للدولة). - تكوين مجلس رئاسي. - وجود حكومة موازية في الشرق. |
19ديسمبر/كانون الأول 2020 |
مؤتمر برلين 1 |
- إيجاد خارطة طريق. - إنهاء الصراع. - وقف إطلاق النار.
|
- التأكيد على اتفاق الصخيرات. |
-الدعوة إلى تجديد المجلس الرئاسي. - الدعوة إلى تكوين حكومة موحدة. |
نوفمبر/تشرين الثاني 2020 |
تونس (ملتقى الحوار السياسي الليبي) |
- الاتفاق على خارطة طريق جديدة. - إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021. |
- إقرار وثيقة البرنامج السياسي الوطني للمرحلة التمهيدية للحل الشامل. |
|
23 يونيو حزيران 2021 |
مؤتمر برلين 2 |
- التأكيد على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021. - تبني الترتيبات الدستورية والتشريعية للانتخابات. |
- إصلاح الوضع الأمني. |
|
26 فبراير/شباط 2020 |
جنيف (ملتقى الحوار السياسي الليبي) |
تكوين ثلاث لجان: - لجنة للصياغة، والقانونية، والاستشارية. للعمل على إجراء الانتخابات في موعدها. |
- البد في وضع القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. |
- اختيار مجلس رئاسي جديد، ورئيس للحكومة الموحدة الحالية. |
ونستخلص من ذلك كله أن البعثة في المقام الأول عادة ما تدور في المراحل الانتقالية وتجديدها وإيجاد أطر للحل تجري وفق هذا المسار، غير أن التحركات الأخيرة بدأ يطرأ عليها التغير؛ حيث تتجه نحو مرحلة دائمة وإنهاء المراحل الانتقالية المتعاقبة والدفع لإجراء الانتخابات كإطار لحل الأزمة.
خاتمة
الحالة الليبية تمر بمسارات متعاكسة داخليًّا وإقليميًّا ومن ثَمَّ دوليًّا، ناهيك عن وجود حالة من الانكفاء الدولي حيالها، وبالتالي فإن تسوية الأزمة في هذه المرحلة تمر بحسابات دقيقة يمكن أن تتلخص في السيناريوهات الآتية:
السيناريو الأول: فشل التوافق على قاعدة دستورية جديدة، وبالتالي فشل إجراء الانتخابات واستمرار الوضع الحالي مع تعمق في الانقسام والعودة إلى المربع الأول بحكومتين في طرابلس وسرت.
السيناريو الثاني: إيجاد شيء من التوافق في المسارات السياسية الأمنية التي سينعكس أثرها على لجنتي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في إنشاء قاعدة دستورية جديدة تحمل في طياتها شيئًا من التوافق وليس كله، واعتبارها مرجعًا في إجراء الانتخابات، كل ذلك باستبعاد احتمال صراع مسلح على الأقل في هذه المرحلة.
السيناريو الثالث: إيجاد تسوية سياسية جديدة عبر البعثة ومن ثم الولايات المتحدة الأميركية وكذلك القوى الأوروبية المستفيدة من النفط الليبي المتوقف، وكذلك بمشاركة القوى الإقليمية المتدخلة في ليبيا، عبر إيجاد تسوية غير تقليدية عبر ملتقى حواري أو ما شابه، تنتج عنه حكومة جديدة وفق أطر توافقية كلها تقود إلى إنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء الانتخابات وعدم تكرار سيناريوهات الماضي، خاصة إذا وُجد حراك شعبي حقيقي يدفع نحو الانتخابات بطريقة أو أخرى، وهذا السيناريو هو الأقرب.