• اخر تحديث : 2024-04-19 15:15
news-details
ندوات وحلقات نقاش

حلقة نقاش: "بعد جولة محمد بن سلمان وزيارة بايدن المرتقبة: ماذا يعد للمنطقة؟"


مقدمة

بين جولة محمد بن سلمان التي شملت مصر والأردن وتركيا، وزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المرتقبة منتصف تموز الجاري الكثير من الإشارات إلى تمهيد لحلف سياسي وأمني وعسكري في المنطقة أطلق عليه اسم ناتو الشرق الأوسط لمواجهة الجمهورية الإسلامية وادماج الكيان المؤقت؛ فما الذي يعدّ للمنطقة ؟، وما هي أهداف تشكيل الحلف المعلن عنه باسم ناتو الشرق الأوسط، وما هي تداعياته؟

هذا ما ناقشته حلقة نقاش نظّمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين بمشاركة عدد من أعضائها بعنوان: "بين زيارة بايدن وجولة محمد بن سلمان أي تحولات في المنطقة؟". 

 أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

نهار الجمعة 1/7/2022

المكان

Zoom Meeting

مدة اللقاء

من العاشرة والنصف صباحًا لغاية الثانية عشرة

 

المشاركون السادة:

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح

2

عضو الهيئة الادارية د. ضرار البستنجي

3

عضو الرابطة الأكاديمي والباحث السياسي  د. إسماعيل النجار

4

عضو الرابطة الأستاذ طالب الحسني

5

عضو الرابطة الأكاديمي د. عبدالله زيعور

 

ثانياً: مجريات اللقاء:

بعد الترحيب بالمشاركين، أشار رئيس الرّابطة د. محسن صالح في مداخلته إلى وجود الكثير من التكهنات حول ما سيقوم به الرئيس الأميركي جو بايدن في زيارته الى المنطقة التي تشمل الكيان الصهيوني الغاصب، السعودية وربما الضفة الغربية.

وقال: إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ذهب الى الأردن ومصر وتركيا وكان ذهابه الى تركيا مفاجئًا، طبعًا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بحاجة إلى هذا اللقاء، خاصة أن الانتخابات الرئاسية العام المقبل، فماذا يريد اردوغان من السعودية؟، هل يريد الافراج عن ليرته الخاسرة؟، أم أنه سيعزز محور الأدوات التي كانت ولا تزال تنصاع للإرادة والإدارة الأميركية، والان وجدت نفسها بعد ذهاب اميركا بعيدًا باتجاه الصين وروسيا انها ستضعف؛ وبالتالي سيضعفون معها، ويصبحون أدوات في علم الغيب، لا يدركون ماذا يفعلون. إن العالم ربما يمر في أعمق ازمة قبل إعادة التشكل، وبالتالي كم من الوقت والمصالح تحتاج.

اعتقد ان الأدوات منها أدوات اصيلة وأخرى دخيلة، وبالتالي محمد بن سلمان أصبح الان يعتبر من الأدوات الدخيلة، فهل سيرتب اتفاقية على غرار اتفاقية أيزنهاور جديدة مع الإدارة الأميركية حتى يحفظ الاستمرار.

اخشى أن تلجأ بعض الدول العربية ومنهم الكيان الصهيوني الغاصب على القيادة البريطانية، فالولايات المتحدة الاميركية تتجه لتسليم المنطقة إلى بريطانيا أو الجزء الاكبر من القرار السياسي، لذلك برز ظهور انتوني بلير مجددًا، وقد عقد اجتماعًا مع نخبة السياسة والاقتصاد في بريطانيا، ولديه مشروع للعودة الى رئاسة مجلس الوزراء بعدما كان يقود الرباعية حول القضية الفلسطينية، ماذا سيفعل بلير الـ "Meta صهيوني"، والحرب بالنسبة له لها فلسفتها واخلاقياتها وقيمها، وليس ان الحرب هي حرب مصالح كالتفكير الأميركي، بل اعمق بكثير من هذا الامر، وبالتالي علينا ان نفكر في فلسفة هذا الموضوع والى اين نحن ذاهبون.

في الأمس تركز حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي حول تمتين العلاقات الاقتصادية وخلق علاقات مالية جديدة، لانهما يرون أن الغرب واميركا يتجهان الى التطرف في علاقاتهما مع العالم الاخر الى حد أن احدًا لا يستطيع تحمل ما يفرضونه من عقوبات وحصار وتشويه للقيم والافكار، حتى بوتين قال انها حرب ثقافية.

مداخلة د. ضرار البستنجي

 استطاعت المقاومة في العام 2000 أن تحقق انتصارًا مهمًّا كان مغايرًا بشكل واضح للواقع يراد للعالم السير عليه، وفي تلك الحقبة لم يكن هناك روسي صاعد بشكل فعلي؛ إذ بدأ يستعيد دوره في العام 2008، وفي العام 2003 صحيح انه جرى احتلال العراق، ولكن نشأت فورًا مقاومة، والإيراني كان له موقفه وكذلك السوري والمقاومة أيضًا، وبالتالي أُحبط جزء لا بأس به من المخطط الأميركي، وفي العام 2006 العدوان على لبنان، أيضًا وفي العام 2008 الحرب على غزة وصولًا الى ما سمي زورًا بالربيع العربي الذي لم يحظ بما كان يريد الأميركي؛ فعلى الرغم من كل المآسي والآلام والمخططات الا أننا لانزال في محور المقاومة قادرين على تعديل الكفة الى حد ما، وعلى المضي قدمًا.

أما الأوروبي فهو ملحق اليوم بالكامل وبشكل غريب بالدور الأميركي، والأميركي يدرك أن العالم تغير، وبالتالي لا يمكن أن تستقر الأشياء كما هي. في جانب اخر هناك مجموعة من التفاصيل الأساسية قد يكون على رأسها الواقع الاقتصادي الدولي، وهنا يبرز دور الصين، وعلى رأسها العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، وعلى رأس رأسها قدرة إيران على الصمود، وما يعنيه ذلك من تبدل في هذه المنطقة، او على الأقل من مواجهة لمحاولات تغيير شكل المنطقة بشكل كامل. فالأميركي اليوم يدرك بأنه مطالب بأن يفرض رأيه وايقاعه في ما يتعلق بتبدل شكل العالم.

شكل العالم الجديد ليس له ارهاصات واضحة، والخشية أن الأميركي يعتمد على أن تداخل دوره مع الدور الروسي والصيني سيخلق حالة فوضى سيكون الأميركي أكبر المستفيدين منها أولًا، وثانيًا طالما أنه يسعى الآن إلى بلورة تكتلات لها علاقة بأدواته، فسيكون هو في منأى عن أي تغيير حقيقي، لأن الأطراف الأخرى لها حلفاء بمنطق ندي وسيادي، بينما يتعامل الأميركي مع أدوات؛ وبالتالي قد يكون واقعه وظروفه في اللعبة أفضل.   

اعتقد أن حلفاء الأميركي وأدواته باتوا على يقين بأن الأميركي ليس بالشكل الذي هو عليه دائمًا، وبأن الأميركي يتعامل بمنطق أن هذه الحملات الزائدة عليها تدبر امرها شريطة أن لا تخرج عن الخط المرسوم بحيث تبقى ضمن بيت الطاعة الأميركي، لكن في الوقت نفس تعتمد على نفسها في مكان ما، أو تصيغ على الأقل شكلًا من العلاقة تخفف من وطأة اعتمادها على الأميركي الذي له أولويات أخرى في المحصلة، ويدرك بأن المرحلة المقبلة يمكن ان تخلق تدخلات.

الأميركي وبعكس ما يفترض البعض ليس مرتاحًا ولكنه ليس مهزومًا بالمطلق، وسيكون مهزومًا إذا بقي يتعامل بالعقلية ذاتها والمنطبق ذاته، ومن الواضح أنه يذهب نحو مقاربات جديدة. فما الذي يدفع الأقطار العربية الوازنة مثل السعودية ومصر بالدرجة الاولى إلى احتضان الكيان الذي هو في اسوأ حالاته على المستويات كافة، وسابقًا كنا نقول بأنهم يذهبون الى الكيان لأنه واسطتهم عند الأميركي، ولكن اليوم هذا الكيان في ازمة وأنتم في وضع أفضل، فالسعودية استراتيجيًا دولة وازنة أكثر من هذا الكيان، ومصر دولة مهمة إذا تعاملت مع الأشياء بناءًا على وزنها على الرغم من أنها مكبلة بالإرهاب في حدودها الغربية وأزمتها مع اثيوبيا، الا أنه ليس من المنطق أن تذهب في هذا الاتجاه.

وعليه، أقول: ليس هناك حرب في المدى المنظور او المتوسط، ولا أرى ان "ناتو الشرق الأوسط" سيكتب له النجاح. الواضح انه على الرغم من فشل مخططاته او سياساته المتكررة يحاول محمد بن سلمان من خلالها أن يظهر السعودية على أنها قادرة على فرض نفوذ، وقادرة على فرض شكل من قيادة محور واشنطن في المنطقة في منافسة واضحة مع تركيا.  واعتقد ان الاميركي على الرغم من فشله في تفتيت المنطقة من الداخل، وعلى الرغم من التحريض ومحاولة تغيير المزاج الشعبي، وإن نجح في مكان ما وللأسف الشديد، لا يمكن أن يفلح في انهاء محور المقاومة شعبيًا وتجربة حزب الله في لبنان اكبر برهان. واعتقد ان الاطراف العربية المنخرطة او المضطرة للانخراط في هذا المحور ستجد نفسها قريبًا خارج هذه اللعبة تمامًا.

تدرك السياسة الايرانية والسياسة السورية أن ثمن الصمود على الرغم من قساوته أقل بكثير من ثمن الرضوخ والقبول بأن نكون أذلاء تابعين للأميركي، وعلى صعوبة الواقع لكن الامور في صالحنا.

مداخلة د. إسماعيل نجار

لا حرب بين العرب وإسرائيل، لكن الحرب هي قاب قوسين او أدنى بين محور المقاومة وإسرائيل، لأن الوضع الحالي المستجد بالنسبة للغرب والنفط في حقل "كاريش" قد يدفع بالأمور الى الحرب والمواجهة، لان إسرائيل تظن من خلال موقف حزب الله بأنه مرتعب وقد تلطى خلف الحكومة اللبنانية، وهذا بكل تأكيد تفكير إسرائيلي خاطئ. ففي لبنان هناك من أوحى للكيان الصهيوني أن حزب الله غير مستعد للحرب ولا يريدها. الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا اللذان قدما كل الدعم اللوجستي والمعنوي والسياسي وكانوا جاهزين بأن يبحروا الى سواحل المتوسط مقابل فلسطين المحتلة ولبنان ليقولوا للمقاومة اياكِ وان تبادري، هذا الامر أيضًا لن يخيف المقاومة.

بالنسبة لموضوع الناتو العربي، انا لا اعلم لماذا تستهوي العرب فكرة مقاتلة بعضهم البعض، وتستهويهم فكرة استبدال العداء العربي الصهيوني بالعداء العربي الفارسي، والسبب الرئيس في هذه المشكلة يعود الى نوعية الحكام الذين يتسلطون على هذه الأنظمة والثروات والشعوب.

إن الدول العربية التي رفعت اللاءات الثلاث في الخرطوم عام 1969 تراجعت كافة عن هذه اللاءات واصبحت اليوم دولًا مطبعة متقدمة في الحب والغرام مع الكيان الصهيوني أكثر من الأوروبيين والأميركيين أنفسهم.

نحن علينا ان نقف عند نقاط مهمة جدًا وتلامس الخطر الحقيقي الذي يداهم الامة العربية والإسلامية ويكتب نهاية القضية الفلسطينية، هي الإدارة الأميركية المتلاعبة بالقادة العرب والدول العربية والأنظمة العربية التي تريد الاستمرار في هذه الحرب ضد قضايانا، وهي اليوم تلعب مباشرة مع الدب الروسي عبر دول القارة العجوز الذين كانوا دولًا استعمارية وأصبحوا مستعمرين.

ان الله يسقي أوروبا من الكأس نفسه الذي سقت به شعوب افريقيا والشعوب العربية، أوروبا تعيش قمة الذل والمهانة في انبطاحها الذليل امام الولايات المتحدة مستجدية الحماية الأميركية من اجل الوقوف امام اجتياح الدب الروسي لأطراف شمال غرب أوروبا، وتعلم أوروبا ان الولايات المتحدة الأميركية اذا رفعت يدها عن القارة العجوز قد تصبح في خبر كان، وقد تعود القوات الروسية الى برلين ولكن ليس بشطرين بل بشطر واحد.

لقد أسست اميركا الجامعة العربية كي تكون ممسكة بزمام قرار هذه الدول من خلال هذه الجامعة، وعام 1948 دفعت عبر الجامعة العربية الى إرسال ما سمي بجيش الانقاذ ليس من اجل انقاذ فلسطين ودحر الصهاينة انما من اجل تحجيم حركات المقاومة التي اندلعت على ارض فلسطين وتذويبها في الوية وكتائب وقوى جيش الإنقاذ وبالفعل هذا ما حصل، وبعدها وقعوا الاتفاقيات وانسحبت الجيوش العربية، الامر الذي مهد لإسرائيل ان تقوم باجتياح عام 1967 بدعم سعودي من اجل كسر شوكة جمال عبد الناصر الذي كان يشكل الصخرة الأخيرة بعد سوريا بوجه احتلال "إسرائيل" لهذه الأرض. 

إن المعركة التي تدور على ارض أوكرانيا بين روسيا والولايات المتحدة هي معركة فاصلة نسف فيها فلاديمير بوتين كل جسور العودة، واحرق كل المراكب، لأنه قرر ضرب الأحادية القطبية بشكل مباشر مع بعض الخلافات مع الصين، لكن الأخيرة لم تأخذ جانبًا عمليًا بالوقوف الى جانب روسيا في هذه الحرب، والجميع يعرف أن للصين سندات خزينة أميركية بما يقارب 10 تريليون، بالإضافة الى 14 تريليون دولار موجودة في الخزائن الصينية، وإذا صدقنا ان الصين تريد كسر هيبة الدولار ومحاربته نكون اغبياء، لان 24 تريليون دولار للصين داخل اميركا وأوروبا غير الاستثمارات، لا يمكن للصين ان تنهيها بلحظة، فإنها قد تصبح دولة مفلسة، لذلك تحاول الصين إطالة عمر الدولار الى ما يقارب الخمسين عاما من اجل استثمار هذه العملات واستبدالها بعملات الكترونية او ذهب او استثمارات في دول أوروبية.

إذا ارادت الولايات المتحدة الأميركية تنفيذ مشروع فلا مشكلة لديها لو تم فناء العالم، واليوم روسيا ستكمل في مشوارها حتى لو تم فناء العالم. والناتو الشرق اوسطي العربي الذي سيأتي جو بايدن من اجل اعلان ولادته، ويتباهى به الملك الأردني هو موجود في الأصل، والا ماذا نسمي التحالف ضد اليمن؟!، هناك تحالف من 17 دولة ضد اليمن على راسها الولايات المتحدة الأميركية انتهى بالفشل ومحمد بن سلمان ترك وحيدًا معلقًا على رأس الشجرة.

لا تخيفنا اميركا لا بناتو شرق اوسطي ولا غير شرق اوسطي، وهذا الناتو الذي يريد الأميركي صنعه مجددًا ولو بشكل اعلامي وسياسي في منطقة الشرق الأوسط يهدف الى حماية إسرائيل ودمج الكيان الغاصب في المنطقة العربية وتذويب هذا الكيان في هذه المنطقة ومسح كلمة العدو الصهيوني او الكيان الصهيوني الغاصب من ذاكرة الشعوب العربية واستبدالها بالعدو الإيراني.   

كل المخططات التي تقوم بها الولايات المتحدة وتحاول تنفيذها عبر اذنابها وادواتها في الشرق الأوسط وعلى راسها محمد بن سلمان ونظام مصر ونظام الأردن لن تأتي اكلها، فالشعوب العربية اليوم عندما وجدت أنظمتها تتراجع الى الخلف تقدمت الى الامام وشكلت مقاومات رغمًا عن انف الأنظمة العربية كلها.

يحاولون اليوم رسم مخطط جديد يبدأ من العراق من خلال صدام شيعي – شيعي، وتقدم الاكراد باتجاه كركوك وبعض المدن، وتقدم تركي في العمق، ومساندة الأطراف الوهابية السلفية بمساعدة رئيس المجلس النيابي العراقي محمد الحلبوسي من اجل السيطرة على الوضع، في سوريا سيكون الدور التركي ومهمته الدخول بعمق 30 كلم، وخربطة الوضع في لبنان مع تجهيز الاف المقاتلين الغرباء الذين دخلوا المنطقة في حال نشبت حرب مع إسرائيل كي يطعنوا المقاومة في الظهر.  

مداخلة الأستاذ طالب الحسني

 منذ العام 2021 إذا بدأنا من موقف الولايات المتحدة الأميركية مع حضور بايدن، فإن رؤية الولايات المتحدة الأميركية في اليمن تجميد الحرب وانهاؤها، ولكن بالكيفية التي كانت تريدها السعودية والولايات المتحدة، بحيث يكون هناك سلام داخلي وتفاوض يمني سعودي لأن الحرب ليست نزاعًا اهليًا، فأميركا ومعها الأمم المتحدة يحاولان تصوير ما يجري في اليمن على أنه حرب أهلية، وبالتالي يجب أن يكون هناك مفاوضات يمنية – يمنية وانهاء الحرب بهذه الطريقة، وكأن السعودية غير موجودة في الأساس في الحرب.

هذه الرؤية لم تنفذ، ولم تجعل اليمن يرضخ، ورفض حتى تجميد الحرب بالطريقة التي تريدها الإدارة الاميركية منذ وصول بايدن الى البيت الأبيض.

في العام 2022 كان هناك تغير بأن الحرب ليست أهلية، ويجب كسر الحصار وبالتالي ضربت السعودية بعمليات عسكرية استهدفت 7 مدن سعودية تتعلق بكسر الحصار، والحرب العسكرية أصبحت بالنسبة للسعودية مكلفة ومن دون أمل وأفق حتى مع ادواتها الذين ضعفوا وتقاتلوا وتقسموا، ورأينا مؤخرًا السيناريو الذي قامت به السعودية بإبعاد عبد ربه منصور هادي وعلي محسن الأحمر وتشكيل مجلس قيادي، وهو ربما خطوة للخروج من الحرب، ولكن ليس بالطريقة التي تريدها السعودية، وليس بالطريقة التي تريدها اميركا، فاليمن يفرض معادلة مختلفة تمامًا:  انه لن يكون هناك سلام الا إذا كان هناك اتفاق سلام بين الجمهورية اليمنية بكل جغرافيتها من حدود نجران وعسير وحتى المهرة مع السعودية، وان يكون هناك مفاوضات مع السعودية وليس تحت رعايتها.

الهدنة هي مدفوعة برغبة أميركية تتعلق باستراحة للسعودية وعدم استهدافها وخلق أجواء هدوء في السعودية ودول الخليج، وهذا الهدوء يخدم استمرار انتاج النفط وبيعه، واستمرار تجهيزاتهم أيضًا لأدواتهم الذين نقلوا بعد تشكيل المجلس القيادي الى عدن، وأميركا تعتبر المناطق التي تتواجد فيها أدوات السعودية مناطق نزاع، على الرغم من أن السعودية ترفض أنها مناطق نزاع، بل تريد اعتباره مناطق امنة وتسميها محررة، واليمن وافق على الهدنة لأسباب ثلاث:

1. تخفيف من الأعباء الاقتصادية خاصة في ما يتعلق بالطاقة.

2. الترتيبات العسكرية لمعركة مقبلة تطلق عليها صنعاء معركة التحرير المقبلة.

3. اظهار ان اليمن يريد السلام ولكن السلام الذي يرسمه وليس السلام الذي تخطط له الولايات المتحدة الأميركية على قاعدة طاولة مفاوضات محلية وقاعدة القبول بأدوات عملوا مع الحرب.

لا تزال السعودية والامارات والولايات المتحدة يتواجدون في مطارات مدنية، ولم يبنوا قواعد عسكرية لأنهم يخشون من التحول المقبل. ومع هذا الفراغ الموجود في المحافظات الجنوبية الساحلية المطلة على البحر العربي والمحيط الهندي وكذلك جزء منها مطل على البحر الأحمر، حتى هذا التموضع لم تُبنَ فيه قاعدة عسكرية. لأنهم يخشون من الصواريخ ومن التحول العسكري، خاصة ان واحدة من أسباب خسارة السعودية هو هشاشة القوات المحلية التي تقاتل معها، وهشاشة البناء الذي اسسوه.

ما سيأتي بعد الهدنة كبير جدًا وهو من ثلاث سيناريوهات محتملة:

1. المشاركة السعودية في التغطية ضعيف؛ وبالتالي يتحاشون أي استهداف للعمق السعودي، وبالتزامن أيضًا ستتوقف الامارات تمامًا، وستكون مشاركتها بصورة محدودة في المحافظات الجنوبية أو في مناطق المحافظات الجنوبية.

2. الانهيار السريع للقوات الموجودة في عدن ولحج والضالع والشبوة وحضرموت، وهذه المناطق التي تتواجد فيها السعودية بشكل هش جدًا، وسترحل السعودية عنها سريعًا وبالتالي ندخل عملية السيناريو الثالث.

3. حرب التحرير التي لا بد منها، فاليمن لا يقبل سيناريو التقسيم (شمال وجنوب)، وصنعاء افشلت ما كان يطرح منذ 2011 موضوع الأقاليم، وهذا الامر فشل في الثورة عام 2014.

الامل كبير جدًا بالتغيرات والصمود، وهذه المعركة لو قورنت بوضع منطقة محور المقاومة على الاقل بما كانت عليه قبل 20 عامًا سيكون هناك فرق كبير جدًا وشاسع.

مداخلة د. عبدالله زيعور

لا شك أن المحور الأميركي في المنطقة قد تشكل في الإطار السياسي والامني العسكري وزيارة بايدن المرتقبة هي لوضع اللمسات و"شدشدة البراغي" لمحور الناتو الشرق اوسطي.  وما خص المواقف أشير إلى موقف القيادة العسكرية في مصر، فالقادة العسكريون في مصر يرفضون المشاركة في أي حلف قد يكون من جدول اعماله الحرب على الجمهورية الاسلامية في إيران.

وما خص الحرب في المنطقة تحديدًا، فالمحور الشيطاني لايزال يتحضر سياسيًا وامنيًا وعسكريًا وقراره الحرب، ولكن السؤال طالما أن لا قدرة لديه على الحسم، وليس هناك من فرصة واضحة لديه في الحسم، وموازين القوى أيضًا ليست في صالح الصهيوني بالتحديد الذي يتحمل العبء الأكبر من هذه المعركة، وقد يبدأ الحرب هذا المحور، ولكن هل سيكون قرار انهائها في يده؟ وهو يخشى من هذا السؤال.

ليس هناك أي فرصة مضيئة لهذا المحور الشيطاني لأن يكسب الحرب على الاطلاق، ولا هو في موقع له اليد الطولى في هذا الاتجاه، واميل الى القول ان فرص الحرب ليست كبيرة في المنطقة. هل الولايات المتحدة حاليًا حاضرة لتحمل تبعات هذه الحرب، ومن ثم معالجة هذه التبعات وهي غير المضمونة العواقب، في وقت تتصاعد فيه حدة الصراع الدولي، ونجد ان الناتو يتورط يومًا بعد يوم في الحرب في اوكرانيا أكثر فأكثر.

وتشير التوقعات إلى أن الناتو سيتورط أكثر فأكثر، والمعروف أن الحرب في أوكرانيا هي بين روسيا والناتو، وبالتالي ستفتح صفحات جديدة في هذه الحرب، وتوازنات جديدة قد ترسمها صورة المعركة الميدانية، وبالتالي الغرب ليس في موقع مريح، في وقت الولايات المتحدة وفريقها الغربي له مصلحة ويجب ان يعمل ان كانت له المصلحة بسياسة حصر الجبهات ما أمكن للتفرغ لمواجهة التطور الاكبر في اوروبا والعالم.

شعر بعض الدول الامبريالية في اوروبا لاسيما بريطانيا في المقدمة وهي رأس الحربة في المواجهة ضد روسيا على المستوى الاوروبي تساعدها فرنسا والمانيا وبعض الدول الاخرى.

خيارات المحور الاخر على مستوى الحرب في اوكرانيا محدودة وهو في ازمة عميقة ووجودية وقد تكون هذه بدايات واشارات الحرب العالمية الثالثة وقد نكون على اعتابها، السؤال: هل لهم مصلحة بشن حرب في منطقة الشرق الاوسط التي ان فتحت في منطقة ستفتح على كل الجبهات؟ وهل ستتحمل مدن كرتونية في الخليج سقوط صاروخ او صاروخين في هذا الاتجاه؟

هذا المحور يفكر بقرار الحرب أكثر مما يفكر به بعض الانظمة او الدول الغير ناضجة، فالغرب وحتى الكيان الصهيوني عندما يفكر بقرار حرب فهو يفكر بطريقة انهائها والنتائج المحتملة، وما لم تكن النتائج مضمونة فلا قرار بالحرب منذ البداية.

فتح الباب للخطوات المتسارعة مستقبلا لوقف مشروع الهيمنة الاميركية على العالم، وروسيا اول من وقف بوجه الهيمنة الاميركية بهذا المستوى بعد الحرب العالمية الثانية، وروسيا تدرك ان لا خيار لها سوى هذه المواجهة، لان الخطوة الثانية بعد ادخال اوكرانيا في حلف الناتو هو تجزئة روسيا من الداخل، ولعب لعبة الاثنيات والاعراق ومحاولة ترجمة الحلم الاميركي بتقسيم روسيا من الداخل بعد ان تفكك الاتحاد السوفياتي.

نعيش ظروف انقسام شبيه بأعتاب الحربين العالميتين الاولى والثانية ولكن مع مفارقة ان اراضي اميركا خلال الحربين العالميتين كانت خارج المعركة، والان هي هدف استراتيجي وستكون مستهدفة أكثر، وهذا ما يطرح اسئلة تجعل الاميركي يعد للعشرة قبل اي خطوة في المجهول على المستوى العالمي وينطبق هذا الكلام على المستوى الاقليمي.