• اخر تحديث : 2024-05-10 13:04
news-details
تقارير

انسحاب الجيش من المفاوضات وفرص حل الأزمة السياسية في السودان


أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن "عبد الفتاح البرهان" في 4 يوليو 2022، انسحاب الجيش من المفاوضات السياسية التي تشرف عليها أطراف دولية وإقليمية (الآلية الثلاثية)، تاركاً المجال أمام القوى السياسية للتوصل إلى توافق حول تشكيل حكومة كفاءات وطنية لإدارة شئون البلاد فيما تبقى من المرحلة الانتقالية الراهنة، على أن يتم حل مجلس السيادة الانتقالي الحالي بعد تشكيل هذه الحكومة.

التحليل:

- أطلق الفريق أول ركن "عبدالفتاح البرهان" هذه التصريحات في ضوء ما تشهده السودان من تصعيد سياسي غير مسبوق من قبل القوى السياسية المدنية وعلى رأسها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير منذ تسيير مليونيات "30 يونيو" في الذكرى الثالثة لإسقاط نظام الإنقاذ وعزل الرئيس السابق "عمر البشير"، حيث تتواصل الاحتجاجات الشعبية لليوم الخامس على التوالي في الخرطوم وعدد من المدن الأخرى.

- اكتسبت تصريحات الفريق "البرهان" أهمية خاصة، نظراً لعدة اعتبارات هامة، من أبرزها ما يلي:

- الكشف عن استجابة لمطالب الاحتجاجات بشأن إبعاد الجيش عن الحياة السياسية السودانية، خاصة وأن هذه التصريحات جاءت في اليوم التالي للبيان الصادر عن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الذي اتهمت فيه المؤسسة العسكرية بتدمير العملية السياسية، واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين رغم إعلان الجيش قبل انطلاق هذه المظاهرات بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين والسماح لهم بالتعبير عن آرائهم، إلا أنها شهدت مقتل 9 متظاهرين.

- أن إعلان الجيش انسحابه من الحوار الوطني الذي تشرف عليه الآلية الثلاثية (بعثة الأمم المتحدة "يونيتامس" – الاتحاد الأفريقي – الإيجاد) يمثل مناورة تكتيكية، سوف تكشف عن حجم التباينات فيما بين القوى السياسية المدنية وخاصة فيما يتعلق بإجراء الحوار الوطني وتشكيل الحكومة التنفيذية.

- تشير تصريحات الفريق "البرهان" إلى اتجاهه لوضع بعض الإجراءات التي تضمن له البقاء في المشهد السياسي ولو بشكل غير مباشر، وذلك من خلال إشارة الفريق "البرهان" إلى أنه بعد تشكيل الحكومة التنفيذية، سيتم تشكيل "مجلس أعلى من القوات المسلحة والدعم السريع" يتولى القيادة العليا للأجهزة النظامية ويكون مسئولاً عن مهام الأمن والدفاع.

- جاءت هذه التصريحات أيضاً عقب إصدار عدد من الفاعلين الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج والأمم المتحدة بيانات أدانت فيها استخدام السلطات الأمنية القوة المفرطة لقمع المظاهرات، وما ترتب على ذلك من مقتل بعض المتظاهرين وإصابة آخرين وارتفاع عدد القتلى إلى 114 منذ اندلاعها بعد إجراءات 25 أكتوبر الماضي، وهو ما نفته السلطات الأمنية واتهمت في المقابل بعض لجان المقاومة بإثارة العنف والتسبب في مقتل وإصابة رجال الأمن المكلفين بتأمين المظاهرات، وفي ذلك مؤشر على استجابة نوعية للضغوط الدولية على الجيش واتهامه بعرقلة تسوية الأزمة السياسية الممتدة في السودان.

- تشير تصريحات الفريق "البرهان" كذلك إلى نفي ما تردد خلال الفترة الأخيرة من وجود تحالف بين الجيش وحزب المؤتمر الوطني "المنحل" والحركة الإسلامية، وما أثاره ذلك من قلق أمريكي بشأن احتمالات عودة النظام السابق للسلطة مرة أخرى، وتم نفي تلك المزاعم بالتأكيد خلال هذه التصريحات على أن القوات المسلحة لن تكون مدخلاص لأي جهة سياسية للوصول إلى حكم البلاد.

التوقعات:

- من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة اتجاه الآلية الثلاثية للاتفاق مع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وحزب الأمة القومي على تحديد جولات جديدة للحوار الوطني بمشاركة كافة الأحزاب والقوى السياسية المتصدرة للمشهد السياسي الراهن في البلاد.

- أن تؤدي هذه التطورات إلى تهدئة الشارع السوداني ووضع حد للإعتصامات المفتوحة التي أعلنت لجان المقاومة الثورية تنفيذها لحين الاستجابة لمطالبهم.

- من المرجح أن يسهم انسحاب الجيش من الحوار الوطني، في تسهيل مهمة الوساطة السعودية الأمريكية بالتنسيق مع الآلية الثلاثية لحل الأزمة السياسية الراهنة.

- أن يؤدي تشكيل حكومة كفاءات وطنية من القوى السياسية المدنية في مرحلة لاحقة، إلى عودة تدفق المساعدات الاقتصادية والمنح الدولية التي تم تعليقها بسبب إجراءات 25 أكتوبر الماضي، وهو ما يمكن أن يسهم في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة في السودان.