يفيد مقال بموقع "ناشونال إنترست" الأميركي بأن لليبيا دورا في إنجاح أو إفشال دبلوماسية الرئيس الأميركي جو بايدن النفطية في الشرق الأوسط، كما عرض الصعوبات التي تكتنف الوضع الليبي وعودة البلاد للاستقرار.
يؤكد بن فيشمان كبير الباحثين بـ "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" -في المقال- أن ليبيا بإمكانها إنجاح أو إفشال دبلوماسية بايدن بالمنطقة، مشيرا إلى أن زيادة الإنتاج السعودي لن تعني الكثير إذا ظل إنتاج النفط الليبي غير موثوق به.
وقال إن مستشاري الرئيس الأميركي يواصلون التقليل من أهمية الأولوية المباشرة لرحلة بايدن للمنطقة، وهي إقناع الرياض بزيادة إنتاج النفط. فقد نجح مساعدوه في إقناع "أوبك" بتوسيع أهداف الإنتاج ببضع مئات الآلاف من البراميل يوميا ليوليو/تموز وأغسطس/آب، لكن زيادة الإنتاج السعودي لن تعني الكثير إذا ظل إنتاج النفط الليبي غير موثوق به.
انخفاض نفط ليبيا أكثر من ضعف زيادة أوبك
وقال الكاتب إن عمليات إغلاق المنشآت الأخيرة أدت إلى انخفاض الإنتاج الليبي بنحو 600 ألف برميل يوميا منذ بداية عام 2022، وهو ما يعادل انخفاضا يزيد على ضعف زيادة أوبك التي تعهدت بها السعودية والإمارات.
وأوضح أن تحقيق الاستقرار في ليبيا يمكن أن يؤدي إلى عودة ما بين 500 ألف ومليون برميل في اليوم إلى السوق بسرعة، كما سيوجه ضربة إستراتيجية لروسيا التي نشرت مرتزقة مجموعة فاغنر في ليبيا.
وأضاف المقال: لكن ليبيا لديها بالتأكيد تحدياتها، ومع ذلك يجب ألا يكون ضخ النفط أحدها. فحقول ومحطات التصدير بحاجة إلى ترقيات واستثمار، لكن الأهم هو إنهاء الاستيلاء المنتظم على المرافق النفطية لابتزاز الحكومة المؤقتة لدفع مبالغ، أو في حالة إغلاق اللواء المتقاعد خليفة حفتر الحقول والمحطات في المناطق التي يسيطر عليها.
وذكر أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار، كلف حفتر ليبيا أكثر من 3 مليارات دولار من عائدات النفط المفقودة. كما أنه يكلف المستهلكين الأميركيين، مضيفا أن حل الاضطرابات السياسية في ليبيا ليس بالمهمة السهلة. ومع ذلك، هناك عناصر إستراتيجية لم يتم التعامل معها بشكل فعال.
عناصر إستراتيجية يجب التعامل معها
ومن بين هذه العناصر، يقول الكاتب، ضرورة إجراء الانتخابات لوضع البلاد على أساس أكثر استقرارا، لكنها لا تزال في طريق مسدود بشأن مسألة أهلية المرشح، والتي تعد رمزا لما إذا كان حفتر أو الشخصيات الإشكالية الأخرى، مثل سيف الإسلام نجل العقيد القذافي، بإمكانهم الترشح للرئاسة مرة أخرى، معربا عن اعتقاده بأن المسار الواضح للانتخابات أهم من الخلاف حول شرعية الحكومة المؤقتة الحالية.
وأشار المقال إلى أن واشنطن وشركاءها الأوروبيين دعموا جهود الأمم المتحدة، لكن ليس بشكل كاف، كما أشار إلى أن اللاعبين الإقليميين الأكثر نشاطا يقوضون بشكل روتيني التقدم المحتمل.
وعما يمكن أن تفعله أميركا من أجل استقرار ليبيا، يقول الكاتب إنها ركزت مؤخرا على آلية اقتصادية لدفع البنك المركزي الليبي والمؤسسة الوطنية للنفط لمعالجة التظلمات الأساسية لليبيين الشرقيين، وهي عدم توزيع عائدات النفط بشكل عادل وشفاف.
توزيع عائدات النفط بعدالة
وأيد الكاتب أميركا في دعوتها لأن تكون هناك آلية محايدة لتوزيع عائدات النفط حتى إجراء الانتخابات، لكنه قال إن هذا يضع العربة أمام الحصان، موضحا أن مثل هذا الامتياز المالي من شأنه أن يمنح حفتر وحلفاءه مثل باشاغا ما يريدون -السيطرة على عائدات النفط- دون ضمان التسوية السياسية. فإذا حصلوا على الإيرادات، فلن يعود لديهم حافز لدعم الانتخابات.
ودعا إلى التعامل مع حفتر بصرامة وإخباره بشكل لا لبس فيه بعدم إغلاق أي منشآت نفطية قبل قبوله في أي عملية سياسية. وبصفته مواطنا أميركيا، يمكن تجميد أصوله ويمكن توسيع دعوى قضائية مدنية رُفعت ضده مؤخرا بولاية فرجينيا، حيث يُتهم بممارسة التعذيب.
مصر وتركيا
كما دعا المقال إلى وجوب إخبار مصر، المدافع الرئيسي عن حفتر، بأن دعمها هذا يضر بالمصالح الأميركية، وأن يوضح بايدن للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة السعودية المقبلة أن القاهرة مسؤولة أيضا عن إعادة إنتاج النفط الليبي.
ويضيف أن أميركا يمكنها أيضا العمل في الوقت نفسه على وقف الاشتباكات بين الجماعات المسلحة الموالية لكل جانب في ليبيا، مشيرا إلى أن مصر وتركيا يمكنهما، باعتبارهما الداعمين الرئيسيين لطرابلس، الضغط من أجل هذا الشرط لأن أيا من الدولتين ليس لديه مصلحة في رؤية العودة إلى الحرب الأهلية.