يتصدر ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع فلسطين المحتلة واجهة الإهتمامات في الساحة اللبنانية والمنطقة أيضًا، مع وصول الوسيط الأميركي في ملف "الترسيم" آموس هوكشتاين الى بيروت، ناقلًا معه "الطرح الإسرائيلي"، المتعلق بالملف المذكور. ومن المرجّح أن تكون جولة هوكشتاين كسابقاتها، أي بلا جدوى، ولا يعوّل عليها في أن تحقق أي نتيجةٍ ملموسةٍ، أو خطوةٍ عملانيةٍ على طريق الوصول الى خاتمةٍ سعيدةٍ لملف الترسيم البحري، على حد تعبير مرجعٍ في فريق الثامن من آذار.
ويرجّح أن يستمر الثنائي "الأميركي- الإسرائيلي" في إتباع سياسة المماطلة والتسويف في التعامل مع ملف "الترسيم" مع لبنان، على إعتبار أن الشعب اللبناني، هو الذي يرزح تحت الضغوط الإقتصادية والمعيشية، جراء الحصار المالي الأميركي المفروض على لبنان وشعبه، بهدف محاولة إخضاعه، ودفعه الى قبول الإملاءات الأميركية- الإسرائيلية، وفي مقدمها راهنًا، موافقة لبنان على ترسيم الحدود البحرية، كما يشتهي العدو الإسرائيلي، ودائمًا بحسب رأي المرجع.
ويلفت الى أن الثنائي " الأميركي _الاسرائيلي " لا يعاني أزمة إقتصادية- معيشية، كالتي يعانيها الشعب اللبناني، كذلك ليس لدى الثنائي المذكور أزمةً حادةً في الغاز الطبيعي، كالتي تعانيها الدول الأوروبية، جراء وقف ضخ الغاز الروسي الى هذه الدول. لذلك فإن هذا الثنائي "مرتاح على وضعه" الى حدٍ يتيح له الإستمرار في سياسية المماطلة والتسويف، ومحاولة فرض أمر واقعٍ معينٍ، من خلال البدء في عملية إستخراج الغاز من المناطق البحرية المتنازع عليها في الخريف المقبل. وقد يعوّل الكيان الإسرائيلي على الضغوط الأميركية على السلطات اللبنانية المستسلمة لواشنطن أصلًا، على حد قول المرجع عينه.
ويتوقع مزيدًا من ممارسة الضغوط الإقتصادية على لبنان خلال الشهر المقبل، الذي يفصلنا عن موعد بدء إستخراج الغاز من الحقول المشتركة اللبنانية- الفلسطينية، علّ ذلك يدفع لبنان الى الرضوخ والإذعان للإملاءات الأميركية – "الإسرائيلية"، وفقًا لحساباتهما. ويلفت المرجع إلى أن الدليل الدامغ إلى إذعان هذه السلطات لواشنطن، هو عدم التعاطي الجدي مع العرض الإيراني، الذي أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الآونة الأخيرة، ويفضي هذا العرض إلى إمداد المحطات الكهربائية اللبنانية بالفيول، لإنقاذ الشعب اللبناني من العتمة المدقعة.
وعن قانونية هذا العرض، تحديدًا لجهة الطرق الرسمية المتبعة في لبنان لقبول الهبات من الدول الصديقة، يجزم المرجع عينه أن شخصية كالسيد نصر الله لا تطلق كلامًا في الهواء على الإطلاق. ويعتبر أن هذا العرض لم يلق أي تجاوبٍ جديٍ من المعنيين في لبنان، سوى بعض الردود الخجولة، التي تحمل طابع المجاملة، لا أكثر، على حد تعبير المرجع المذكور. ويرتكز في رأيه هذا، الى مواقف سابقة إتخذتها السلطات اللبنانية في تعاملها مع عروض إيرانية سابقة أيضًا، كرفض إنشاء محطات كهربائية، وإنفاق لحل أزمة السير في العاصمة بيروت، وإمداد لبنان بالدواء الإيراني، وتسليح الجيش من دون قيدٍ أو شرط.
ويختم بالقول: "إن هذه السوابق تؤكد بما لا يرتقي الى مستوى الشك، أن أي طرفٍ من الأطراف الفاعلة في السلطة التنفيذية، لن يجرؤ على إغضاب الأميركي".
وبالعودة الى إحتمال قيام الكيان الإسرائيلي بإستخراج الغاز من الحقول المتنازع عليها، يؤكد مرجع سياسي قريب من فريق المقاومة، أنها لن تسمح للعدو الإسرائيلي بسرقة الثروة الغازية اللبنانية، مهما بلغت الأثمان، معتبرًا أن الخيار العسكري هو الخيار الوحيد الذي يشكل أداة ضغط فعلية على هذا الكيان، الذي يطمح بإستخراج الغاز وتصديره الى أوروبا، خصوصًا في ضوء أزمة الغاز، جراء وقف ضخ الغاز الروسي الى الدول الأوروبية. ويؤكد المرجع أن "إسرائيل" لن تجرؤ الى الدخول في حربٍ بريةٍ مع لبنان، بسبب جهوزية محور المقاومة القتالية على مختلف جبهات المنطقة المحيطة بهذا الكيان، من اليمن الى فلسطين وسورية وصولًا الى لبنان، متوقعًا أن تبقى الحرب مع هذا الكيان، في حال نشوبها، في إطار القصف الصاروخي الجوي والبحري والأرضي المتبادل.