• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
إصدارات الأعضاء

في ضوء سباق التسلّح بين تركيا واليونان... جاويش أوغلو يفتح باب العلاقة مع سوريا؟


 كان الموقف الأخير لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من تطورات الأوضاع في سوريا لافتاً، كما كان الأول من نوعه عقب انعقاد "قمة طهران" بين رؤساء روسيا وإيران وتركيا فلاديمير بوتين وإبراهيم رئيسي ورجب طيب إردوغان.

قال أوغلو حرفياً إنَّ بلاده "ستقدّم كل أنواع الدعم السياسي لدمشق من أجل إخراج الإرهابيين من المنطقة"، قاصداً بهم "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ذات الغالبية الكردية، واعتبر في الوقت عينه أن وصف سوريا "المعارضة المعتدلة" بالإرهابية ليس أمراً صائباً، قاصداً هنا متفرعات "جبهة النصرة" المصنفة دولياً في لائحة الإرهاب العالمي، وخصوصاً "هيئة تحرير الشام" التي تسيطر على غالبية محافظة إدلب في الشمال السوري، والتي تحظى برعاية أنقرة ودعمها.

لا ريب في أنَّ هذا الموقف المذكور أعلاه أثار جملةً من التساؤلات في شأن توقيته ومضمونه الحقيقي والهدف الفعلي لإطلاقه أخيراً، وخصوصاً أنه أتى بعد قمة طهران التي حملت تركيا، كما يبدو، إلى التراجع عن تنفيذ العملية العسكرية التي أعلنها أنقرة في الشمال السوري، والرامية إلى إقامة "منطقة آمنة" داخل سوريا على امتداد الحدود مع تركيا، بعرض لا يقل عن 430 كيلومتراً، وعمق يصل إلى 30 كيلومتراً، من أجل نقل أكثر من مليون ونصف مليون لاجئٍ سوريٍ يقيمون في تركيا إلى المنطقة المذكورة.

وتعقيباً على ما ورد آنفاً، تلفت مصادر سياسية سورية إلى أن موقف أوغلو لا يحمل أي جديد، لكونه لا يزال يطالب دمشق وحلفاءها بنزع سمة الإرهاب عن بقايا "النصرة"، وهذا الأمر مرفوض جملةً وتفصيلاً، على حد تعبير المصادر. 

لا تستبعد المصادر أن يكون الهدف "المبطن" لهذا الموقف التركي هو توجيه رسالة إلى الأميركيين للحصول منهم على تنازلاتٍ معيّنةٍ لخدمة المصالح التركية عموماً، وتقول: "هذه الألاعيب ليس بعيدة من ممارسات النظام التركي"، ولكن في الوقت عينه، ترجّح المصادر السورية أن يكون أحد أهداف موقف أوغلو المذكور أعلاه هو فتح باب التفاوض مع الحكومة السورية بعد قمة طهران التي أوجدت مساحةً سياسيةً إضافيةً للحوار بين الأطراف المؤثرين في الميدان السوري، على حد تعبيرها.

ولا تتوقع المصادر تأجيل أي عملية تفاوض سياسية سورية تركية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التركية المزمع إجراؤها العام المقبل، على اعتبار أن المؤشرات توحي بأن لا تغيير يُذكر في التكوين السياسي التركي، على حد قولها.

وهنا، يشاطر مرجع في العلاقات الدولية المصادر السورية الرأي في قراءتها موقف أوغلو على أنه يفتح باب التواصل مع الحكومة السورية. كذلك، قد يسهم هذا الموقف في الوقت عينه في التضييق على الكرد في الشمال السوري، في حال أدت الضغوط التركية إلى انتشار الجيش السوري على الحدود السورية التركية، وانسحاب المجموعات المسلحة الكردية منها، وخصوصاً بعد تراجع أنقرة عن تنفيذ عمليتها العسكرية في سوريا، المذكورة آنفاً، عقب قمة طهران.

ويكشف المرجع أنَّ لديه معطيات مؤكدة عن تعزيز العلاقات التركية مع كل من روسيا وإيران، في ضوء سباق التسلح بين تركيا واليونان واحتمال نشوب حربٍ بينهما. 

وفي هذا السياق، يؤكد خبير في العلاقات التركية أن موقف أوغلو الوارد آنفاً لم يأتِ بجديدٍ، أولاً لأنَّ الجيش السوري ليس في حالة حرب مع فصيل "قوات سوريا الديموقراطية" المدعوم أميركياً. ثانياً، لا يزال الموقف التركي على حاله من المنظمات الإرهابية الناشطة في الشمال السوري، التي تعتبرها أنقرة "فصائل معتدلة"، كما أن الإرهابي هو الكردي في نظر الأتراك.

ثالثاً، لو كان لدى تركيا نية جدية في إعادة العلاقات السورية التركية إلى طبيعتها، لكانت أعدت سلة لعودة هذه العلاقات إلى طبيعتها، تبدأ باعتراف أنقرة بالحكومة السورية، وانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، والإسهام في إنهاء سيطرة الفصائل الإرهابية على إدلب وسواها، والكف عن التحريض على الكرد، لكونهم مكوناً من مكونات المجتمع السوري، فلا يحق لتركيا إلغاء مكون سوري. 

ويرى الخبير أن جلّ ما قد تقدم عليه تركيا عقب "قمة طهران" هو إعادة فتح طريق "m4" الذي يربط حلب باللاذقية، وهذا الأمر متفق عليه بين الروس والأتراك مراراً في مراحل سابقة. 

وفي سياق متصلٍ، تعتبر مصادر في المعارضة السورية أن الأوضاع في سوريا لم تكن أولى أولويات جدول أعمال "قمة طهران"، فأبرز ما خرجت به هذه القمة هو تثبيت العلاقات الروسية - التركية، والتفاهم بينهما في شأن أمن البحر الأسود، وخصوصاً لجهة إخراج السفن الأوكرانية المحملة بالحبوب من ميناء مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود. وتختم المصادر المعارضة بالقول: "لقد جعلت موسكو من أنقرة مفاوضاً إقليمياً على خط الحرب في أوكرانيا".