• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
إصدارات الأعضاء

التهجير القسري الى اسرائيل والحقد الاوروبي الدفين...


ليس صدفة ان تندلع حربا في اوكرانيا، بعد ثمانية اعوام على انقلاب موصوف قاده صهاينة من الداخل والخارج ولقي دعما اميركيا وغربيا غير محدود. وليس من الغريب ان يتبوأ الحكم بعد الانقلاب الدموي رئيسين صهيونيين مع عدة صهيونية كاملة من الوزراء وقادة الأجهزة ومدراء المؤسسات وخزائن المال وكل المرافق الحيوية في اوكرانيا. وليس غريبا ايضا ان يقتل الآف المواطنين الأوكران الابرياء في الدونباس على يد العصابات النازية – الصهيونية، نعم الصهيونية – النازية والذي لا يعلم عليه مراجعة اتفاقية هارفا والتي ساعد فيها النازيون الهتلريون الصهاينة على تأسيس الكيان الغاصب في الثلاثينيات من القرن الافل، وليس غريبا ايضا ان يُنحر الآف الاوكران والروس على مذبح التحضير لهجرة اليهود من اوكرانيا الى الكيان المؤقت.

فالحرب المشتعلة بإرادة البيت الابيض والغرف السوداء في تل ابيب وبتوجيهاتهم والتي وقودها الشعب السلافي، أوصلت الى المرتجى المطلوب منها أميركيا وصهيونيا؛ الاهداف الاميركية واضحة بتوريط اوروبا في صراع مع روسيا وبزرع الفتنة بينهما وإضعافهما، اما الاهداف الصهيونية فهي جلية ايضا وتتمثل بالسيطرة على مقدرات اوكرانيا وسلبها والاستفادة من ثرواتها ومن آلام الحرب.

فهم كالغربان الناعقة يحومون حول الضحايا لنقل الثروات واموال الاسلحة الاوروبية والاميركية، المدفوع ثمنها من دافعي الضرائب في تلك الدول، والتي تباع في السوق السوداء، نعم، نقلها الى الكيان الغاصب الذي أصبح محجا لكل اثرياء اوكرانيا وروسيا واصبحت المصارف الصهيونية في اسرائيل تذخر بالمليارات المحولة من هذه البلاد المنكوبة والمجروحة. حتى ما يسمى بالرئيس الاوكراني او الفتى الصهيوني المدلل، نقل كل امواله وعائلته ووالديه الى الكيان المؤقت وشيد لهم قصرا بمئات ملايين الدولارات الى جانب قصور لجراذين الحرب والقتلة الاقتصاديين الذين انتقلوا الى هناك.

وحسب اخر الاحصاءات المتوفرة فان اسرائيل والسلطات في كييف ومكتب الهجرة اليهودي "سخنوت" في كييف عملوا بنشاط ملفت على نقل حوالي 50 ألف يهودي اوكراني مستغلين الاحداث هناك لتثبيت هؤلاء في اسرائيل وأغلب هؤلاء اللاجئين نُقلوا للعيش بشكل ثابت في مجمعات سكنية استيطانية تسمى "يشوفيم" في حيفا وتل ابيب ونتانيا بشكل خاص، اي انهم أُمنوا في منازل دائمة مما يؤكد نظرية التحضير لهجرتهم مسبقا، كما ويعمل في داخل الكيان الغاصب على دمجهم بشكل كامل في المجتمعات الصهيونية هناك.

وما زال العمل جاريا على نقل اعداد أكبر، بما في ذلك من روسيا عبر سرقة العقول والكفاءات اليهودية ودفعها دفعا ومن خلال اغراءات كبيرة للهجرة الجماعية الى الكيان المؤقت. واشنطن بدورها التي دفعت لحصول الحرب تسعى الى تهجير أكبر عدد ممكن من الاوكران، وذكرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من ثمانية ملايين أوكراني فروا إلى الدول المجاورة هربًا من الحرب، وان أكثر من نصفهم دخلوا بولندا، بينما ذهب الآخرون إلى المجر ومولدوفا وسلوفاكيا ورومانيا وقد تلقوا ترحيبا حارا، اذ عبر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قائلا: "إن الأوكرانيين الذين يصلون إلى المجر يأتون إلى مكان ودود". فيما وزير الداخلية البولندي ماريوس كامينسكي الذي قتلت بلاده قبل أشهر قليلة عشرات اللاجئين الاسلاميين والعرب والافارقة بطريقة وحشية عند الحدود مع بيلاروسيا قال: "سنبذل قصارى جهدنا لتوفير مأوى آمن في بولندا لكل من يحتاج إليه من اللاجئين الاوكران".

ملفت وجيد ان ترحب أوروبا بقوة باللاجئين الأوكرانيين ولكن في المقابل هي تطلق النار والكلاب على المهاجرين الآخرين من الدول الاسلامية والافريقية. على الحدود البولندية، يوزع الحراس شطائر على الأوكرانيين في غرف الانتظار ويتبرع المواطنون البولنديون بأكوام من الألعاب ويلاقون المهاجرين بأكواب الشاي الساخن والجولات المجانية إلى حيث يريدون الذهاب. يتناقض الترحيب المفتوح مع الفارين من أوكرانيا بشكل حاد مع معاملة الموجات السابقة من اللاجئين من أماكن مثل العراق وسوريا وأفغانستان، فما الذي يجري خاصة وان أوربان قبل عدة أشهر قال إن "المجر تحافظ على سياسات الهجرة التقييدية: لن نسمح لأي شخص بالدخول."

ولماذا تنظر اوروبا إلى الفارين من أوكرانيا على أنهم مختلفون عن اللاجئين الآخرين اذ ذكر رئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف ان "هؤلاء الناس أوروبيون، هؤلاء الأشخاص أذكياء، إنهم أناس مثقفون. ... هذه ليست موجة اللاجئين التي اعتدنا عليها..."، أي تأثير هو لواشنطن وخاصة لتل ابيب على قادة هذه الدول؟ غريب ما يحصل!

وعلى الرغم من ان أوكرانيا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، ولكن حتى قبل بدء هذه الحرب، سُمح للمواطنين الأوكرانيين بالسفر إلى دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة، فكيف ذلك؟ ولماذا وافق الاتحاد الأوروبي على خطة طوارئ تسمح للأوكرانيين بالعيش والعمل في الكتلة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات؟ على النقيض من ذلك، تقطعت السبل بمئات المهاجرين من العراق وسوريا وأفغانستان ودول أخرى على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا العام الماضي حيث حاول الآلاف الوصول إلى أوروبا الغربية.

 منعت بولندا المهاجرين من دخول البلاد، لا بل أطلقت عليهم النار وارسلت الكلاب الشرسة في أثرهم مع اطفالهم ونسائهم ما ادى الى مصرع الكثيرين منهم اما من رصاص الشرطة البولندية او من هجمات الكلاب اما من الجوع والصقيع القارص وقد قتل أكثر من 10 اشخاص من بينهم اطفال، لماذا لم يتحدث أحد عن ذلك؟ اين هي دول حقوق الانسان المتحضرة الكاذبة؟ ما هذا التمييز الوقح!! ما هذه العنصرية المقيتة عند القادة الاوروبيين المنافقين!! حتى تعليقات بعض الصحفيين الغربيين كانت عنصرية وفظة الى ابعد الحدود، ولم ينس العالم بعد التصريحات الشائنة للصحفي فيليب كوربي من قناة BFM الفرنسية عندما قال "نحن لا نتحدث هنا عن فرار سوريين من قصف النظام السوري المدعوم من فلاديمير بوتين، نحن نتحدث عن مغادرة الأوروبيين في سيارات تشبه سيارتنا".

 وقال تشارلي داجاتا، كبير المراسلين الأجانب في شبكة "سي بي إس نيوز"، واصفًا القتال في كييف: "كما تعلمون، هذه مدينة متحضرة نسبيًا وأوروبية نسبيًا..."، لقد تعرض طلاب يدرسون في أوكرانيا من دول إفريقية وجنوب آسيوية لمعاملة سيئة وللتمييز العرقي السافر من قبل حرس الحدود الاوكراني أثناء محاولتهم الفرار، حيث اجبروا بالقوة على الانتظار لعدة ايام بسبب لونهم وعرقهم وسمح فقط للأوكرانيين بالمرور.

يتناقض احتضان الأوكرانيين مع الموقف العدائي لبعض الدول تجاه المهاجرين الآخرين في السنوات الأخيرة في انتهاك واضح لحقوق الإنسان الذي تدعي اوروبا الغربية الدفاع عنه، وقد ظهرت حقيقة مريعة وهي ان هذه الأوروبا تميز حتى بين اللاجئين فهي ترحب باللاجئين من ذوي الجنسيات الأوروبية والسحنات البيضاء والعيون الزرقاء وترفض ذوي البشرة السمراء والعرب والافغان، كذلك التمييز احيانا بين الديانات حيث تستقبل المسيحيين وترفض بشكل خاص من يعتنق الدين الإسلامي وتعاملهم بعنف فائق. هذه للأسف هي حقيقة اوروبا التي تظهر عن تمييز صادم على خلاف ما تدعي ولا تحمل في حقيقتها اي صفات إنسانية، هذه هي العنصرية المجردة.

وكما يبدو فان الاوروبيين يبذلون أقصى ما يستطيعون لدعم الشعب الأوكراني، ليس حبا بالأوكرانيين، بل حقدا على الروس!!!

والسؤال المنطقي الذي يطرح، لماذا يجب أن تخضع بعض مجموعات الأشخاص لفحص مكثف قبل منحهم حق اللجوء، بينما في حالة الاوكرانيين تفتح ابواب ونوافذ الاتحاد الأوروبي على مصراعيها امامهم؟

وبالرغم من محاولة الاوروبيين صياغة مصطلحات عنصرية جديدة عبر التحجج بالأمن القومي! على اساس التمييز بين المهاجرين وربط ذلك بالعرق او اللون والارهاب. ولكن هنا تظهر الرسائل الايديولوجية بوضوح تام أكثر من التظاهر بالخوف من الارهاب وغيره، ولا يسعنا في هذا الصدد الا تذكّر كيف كان الغرب في ذروة الحرب الباردة، يشجع الفارين من الدول الشيوعية ويستقبلهم بحرارة لإرسال رسائل أيديولوجية معينة. اليوم الوضع مشابه تماما مع الاوكران فهم يستغلون من قبل دول حلف الاطلسي لمحاربة روسيا.

هذا النقاش حول التمييز العنصري بين اللاجئين والتناقض في الموقف يحصل حاليا في اوروبا وحتى داخل بولندا، فلماذا كل هذا التناقض بين استقبال بولندا للأوكرانيين وبين الكره الشديد واستعمال العنف ضد المجموعات الأخرى من دول الشرق الاوسط وافريقيا؟، هذه التصرفات يجب ان تشعر كل أوروبي بالخجل الشديد ووخز الضمير إذا كان هناك بعد من ضمير. يتفرجون على معاناة شعوب الشرق الاوسط وافريقيا وتساقط القنابل الاميركية والإسرائيلية بالتحديد على رؤوس هؤلاء في فلسطين والعراق وسوريا وغيرها من الدول. فهل لان هذه القنابل اميركية وغربية واسرائيلية، يعتبر الامر مختلف وقتل الناس مستباح؟!

لقد كشفت الحرب في اوكرانيا عن خطط جهنمية اسرائيلية – اميركية لسحق الشعوب وستظهر الايام الاتية تداعيات خطيرة جدا على مستقبل الانسانية جمعاء، اذ لم يتم معالجة هذه الظاهرة من العنصرية والتمييز فورا والعودة الى الرحمة وحماية الانسان وحقوقه التي افتقدها ويفتقدها العالم اليوم بعد انصياعه كليا للصهيونية.