ما إن يصبح الوضع في سوريا على وشك الحل حتى تبدأ الدول الغربية المعادية للدولة السورية بتلفيق القصص والأحداث بغية إبقاء حالة الحرب في البلاد ومواصلة استنزافها على جميع الصعد.. دون سابق إنذار اتخذت الدولة الفرنسية موقفاً جديداً ضد دمشق عندما أعلنت أنها سترفع دعوى في محكمة العدل الدولية في لاهاي بسبب مقطع فيديو مجهول المصدر والمكان يظهر فيه شخص يقوم بتنفيذ حكم الإعدام بمجموعة من الاشخاص قيل إنهم مدنيون، وقيل أيضاً أن ما حدث هو في دمشق، دون تقديم أي دليل واضح على هذا الادعاء، وعلى الفور تم التصعيد ضد الدولة السورية واستخدام لغة التهديد والوعيد والتصريحات الفارغة التي تهدف فقط لسرقة الصورة الإعلامية.
وزارة الخارجية السورية ردت على الفور ببيان أكدت فيه أن الحكومة الفرنسية دأبت في سياق شراكتها الكاملة في دعم الإرهاب على ترويج الأكاذيب وتضليل الرأي العام فيما يخص الأوضاع في سوريا.
وأضافت إن البيان الصادر مؤخراً عن وزارة الخارجية الفرنسية بشأن مقاطع فيديو مفبركة ومجهولة الهوية يفتقد إلى أدنى درجات المصداقية، ولم يكن مستغرباً.
وشددت الخارجية على أن الحكومة الفرنسية من خلال انخراطها الكامل في دعمها اللامحدود للإرهاب في الحرب على سوريا تتحمل مسؤولية أساسية في سفك الدم السوري والجرائم التي ارتكبت بحق السوريين. داعية فرنسا إلى أن تعيّ جيداً أن عهد الانتداب والوصاية على الآخرين أصبح في مزابل التاريخ، وأن العالم لم يعد يخدع بالقيم الكاذبة للديمقراطيات الزائفة.
منذ عام 2011 فتحت فرنسا مطاراتها لآلاف الإرهابيين للقدوم إلى سوريا وفرنسا نفسها تعلم هذا وخصوصاً أن جزءاً منهم عاد إلى أراضيها ونفذ عمليات إرهابية فيها، والجزء الأكبر بقي في سوريا وانضم إلى جماعة داعش الوهابية أو جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، والشركات الفرنسية كانت داعمة مالية أساسية لداعش وأخواتها في الأراضي السورية حيث أكد تحقيق حكومي فرنسي أن شركة لافارج الفرنسية للإسمنت قدمت بين عامي 2013 و2014 عبر فرعها في سوريا ما يقرب من 13 مليون يورو لجماعات إرهابية بينها داعش، وزعمت أن هذا الأمر كان من أجل الحفاظ على نشاط مصنعها في سوريا. وبعد ذلك قامت الشركة ببيع الإسمنت من مصنعها في سوريا لداعش مقابل الحصول على مواد خام بطريقة غير شرعية، وحسب المصادر العسكرية فإن هذه المواد الخام الذي أخذتها الشركة كانت ثروة باطنية سورية إضافة إلى اتهامها بسرقة الآثار السورية عبر داعش وتحديداً من منطقة تدمر التي كانت الجماعة الإرهابية تسيطر عليها في ذلك الوقت، إضافة إلى دعم باريس عبر ما يسمى التحالف الدولي جماعة داعش بالأسلحة النوعية وخصوصاً خلال معركة عين العرب في عام 2014، وهذا الأمر تثبته الوثائق التي نشرت فيما بعد ومقاطع مصورة تم نشرها على موقع اليوتيوب، وتظهر إرهابيين من داعش يأخذون أسلحة نوعية تم إسقاطها عليهم في صناديق عبر المروحيات الاميركية والفرنسية، وبعد ذلك كله تأتي باريس لتتهم دمشق بقضايا الإرهاب.
منذ عام 2019 اتخذت فرنسا رفقة الغرب وبقيادة الولايات المتحدة استراتيجية في خنق الشعب السوري عبر قانون قيصر الذي استهدف لقمة عيش السوريين بصورة واضحة وخنقهم ومنعهم من استيراد الاحتياجيات الأساسية مثل الأدوية والأطعمة ومواد البناء وغيرها، حيث إن هذا القانون يمنع الدول والشركات الخاصة من التعامل مع الدولة السورية أو الشركات العاملة فيها والمملوكة للسوريين أو حتى الأجانب، وهو ما أدى إلى تدهور الوضع المعيشي في البلاد، وفي ظل انتشار وباء كورونا في العالم ومعاناة فرنسا نفسها في إيقاف الجائحة وارتفاع عدد الضحايا والمصابين، بقيت باريس مصرّة على تشديد قانون قيصر ضد دمشق وخنقها وخنق السوريين دون وضع أي معايير إنسانية ودون تخفيفه جراء هذه الجائحة.
وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، اعترفت سابقاً أن الولايات المتحدة هي من أوجدت داعش والجماعات الإرهابية في سوريا، ولم يحاسبها أحد، وفرنسا التي دعمت الإرهابيين وسهّلت طريقهم لسوريا ثم تأتي لتروج مقطع فيديو مجهولا من فيه إضافة إلى أن الضحايا نفسهم مجهولين وتتهم دمشق فيه، ومن قال إن من هم في الفيديو مدنيون أو آبرياء؟ ومن يحاسب فرنسا وأميركا على الضحايا المدنيين الذين سقطوا على يد الجماعات التي دعموها؟ من يحاسب الغرب على ملايين السوريين الواقعين تحت حصار غربي قاتل يمنعهم من الهواء حتى؟ العدالة الغربية دائما عوراء وترى ما تريده، ولكن إرادة الشعوب تبقى أكبر وأقوى من الغرب وسياساته.