• اخر تحديث : 2024-11-23 11:50
news-details
تقارير

نقص إمدادات الغاز الروسي يهدد بانقطاع الكهرباء في أوروبا خلال الشتاء المقبل


موقع الطاقة  

تتزايد المخاوف بأن يؤدي نقص إمدادات الغاز الروسي وتراجع توليد الكهرباء من الطاقة النووية والكهرومائية إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أوروبا، ما يعني أنه لم يعد هناك مجال للشك أن الشتاء المقبل سيكون أصعب ما شهدته القارة العجوز منذ عقود. واشتد الخناق على أوروبا، بعدما أعلنت روسيا إغلاق خط أنابيب الغاز نورد ستريم1- الذي يمثّل أكثر من ثلث صادرات الغاز الروسية للاتحاد الأوروبي- إلى أجل غير مسمى، مع مزاعم اكتشاف أعطال خلال عمليات الصيانة الدورية في أوائل سبتمبر/أيلول 2022.

ونظرًا لأن الغاز الطبيعي ما زال عنصرًا رئيسًا في مزيج الكهرباء لدى دول أوروبا، ترى شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، في تقرير حديث، أن اتجاه القارة العجوز إلى خفض الطلب على الغاز سيضعها أمام خيارات صعبة من قطع الكهرباء عن القطاع الصناعي إلى انقطاعات مؤقتة للتيار عن المستهلكين؛ لتوفير الطاقة. وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن التزامه بخفض الطلب على الغاز بنحو 15% من 1 أغسطس/آب حتى مارس/آذار 2023، في حالة حدوث نقص بالإمدادات، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

صعوبة تقليل الاعتماد على الغاز الروسي

على الرغم من جهود محطات الكهرباء الأوروبية لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، زاد توليد الكهرباء من الغاز، في ظل تراجع التوليد من الطاقة النووية والكهرومائية، ما أدى إلى محو 110 تيراواط/ساعة من إمدادات الكهرباء في أوروبا هذا العام حتى نهاية يوليو/تموز. ونتيجة لذلك، نما توليد الكهرباء من الغاز بنسبة 6% على أساس سنوي، ليصل إلى 39.1 تيراواط/ساعة في يوليو/تموز الماضي، بحسب التقرير الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.

ومن المتوقع أن تصبح الأمور أكثر صعوبة بحلول نهاية العام الجاري (2022)، مع زيادة الطلب الموسمي على الكهرباء في ديسمبر/كانون الأول، ما يعني أن الاستهلاك الأوروبي قد يصل لأكثر 280 تيراواط/ساعة شهريًا.

ويتزامن ذلك مع تراجع إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا خلال الأيام الماضية، لتكون أقلّ من 40 مليون متر مكعب يوميًا، بانخفاض 89% على أساس سنوي، مقارنة مع 350 مليون متر مكعب يوميًا في النصف الأول من العام الماضي (2021).

وكان معظم هذا الانخفاض نتيجة توقّف إمدادات خط نورد ستريم1 من نهاية أغسطس/آب الماضي؛ بسبب أعمال الصيانة خلال أول 3 أيام من سبتمبر/أيلول، قبل أن تعلن روسيا استمرار الإغلاق لأجل غير مسمى؛ نظرًا للعثور على أعطال خلال الصيانة، ومع ذلك يتوقف استئناف تدفقات الغاز الروسي بالكامل إلى أوروبا على رفع العقوبات.

ويوضح الرسم البياني التالي صادرات روسيا من الغاز الطبيعي خلال عام 2021، وسيطرة أوروبا على غالبية الإمدادات، وفق ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

هل تعوض المصادر البديلة الغاز الروسي؟

حال تحقيق الاتحاد الأوروبي هدفه المتمثل في خفض إجمالي الطلب على الغاز بنحو 15% مقارنة بمتوسط الـ5 سنوات الماضية، فإن الإمدادات المفقودة -التي تعادل 5.5 تيراواط/ساعة شهريًا- يجب أن تُستبدل بها مصادر أخرى، أو يُخفَض الطلب على الكهرباء، أو تُزاد واردات الكهرباء إلى أوروبا.

وفي هذا الصدد، ارتفع توليد الكهرباء من الفحم في الاتحاد الأوروبي بنسبة 12% على أساس سنوي منذ بداية 2022 حتى يوليو/تموز الماضي، مع وجود مساحة لزيادة حصة الوقود الأسود خلال أشهر الشتاء الأولى.

ومع تراجع إمدادات الغاز الروسي، ارتفع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح هذا العام، بنسبة 25% و14% على التوالي، مع توقعات بالمزيد من النمو خلال الأشهر المتبقية من العام، مدعومًا بإضافات السعة التي يمكن أن تبلغ 25 غيغاواط للطاقة الشمسية و15 غيغاواط لطاقة الرياح في 2022 عمومًا. ومن ناحية أخرى، انخفض توليد الطاقة الكهرومائية بنسبة 25% خلال أول 7 أشهر من العام، ومن المتوقع أن يظل منخفضًا خلال الـ6 أشهر المقبلة؛ نظرًا لانخفاض مستويات هطول الأمطار في أوروبا، كما تراجع التوليد من الطاقة النووية بنسبة 14%.

ويمكن أن تساعد زيادة توليد الكهرباء من الفحم والطاقة الشمسية وطاقة الرياح جزئيًا في تغطية الانخفاض في إمدادات الغاز الروسي، من خلال إضافة 34 تيراواط/ساعة خلال المدة من سبتمبر/أيلول إلى مارس/آذار 2023، لكن هذا لن يكون كافيًا مع تراجع التوليد من الطاقة النووية والكهرومائية.

ويرصد الرسم البياني التالي خطة أوروبا لإنهاء الاعتماد على واردات الغاز الروسي بحلول عام 2025.

أزمة الكهرباء في أوروبا

وسط نقص إمدادات الغاز الروسي وعدم وجود مرونة كبيرة من مصادر الطاقة البديلة، فإن توليد الكهرباء في أوروبا سيواجه تحديات كبيرة هذا الشتاء، قد تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، في سيناريو التزام الكتلة بخفض الطلب على الغاز بنحو 15%.

وبحسب ريستاد إنرجي، يشير هذا السيناريو إلى عجز في إمدادات الكهرباء لدى الاتحاد الأوروبي قدره 51 تيراواط/ساعة، بداية من سبتمبر/أيلول 2022 إلى مارس/آذار 2023، وهو ما سيتعين تعويضه عن طريق الواردات الإضافية من النرويج والمملكة المتحدة وسويسرا، أو البلدان المجاورة الأخرى. ومن المقدّر أن يصل عجز الكهرباء إلى حدّ أقصى يبلغ 13.5 تيراواط/ساعة في يناير/كانون الثاني 2023، قبل أن يتراجع تدريجيًا، بحسب التقرير الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة. ويمكن مواجهة العجز عن طريق خفض إجمالي الطلب على الكهرباء بنسبة 5% على أساس سنوي، خلال أشهر الشتاء المقبل. وانخفض الطلب الأوروبي على الكهرباء بنحو 2% حتى الآن هذا العام، مع ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية، بحسب التقرير الذي تابعت تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة. وارتفعت الأسعار الفورية للكهرباء في جميع أنحاء أوروبا الغربية إلى مستويات قياسية الأيام الماضية، إذ تجاوزت 600 يورو (594 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة في ألمانيا، وأكثر من 700 يورو (693 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة في فرنسا.

ومن المتوقع أن تواصل أسعار الكهرباء ارتفاعها خلال أشهر الشتاء، مع عدم اليقين بشأن إمدادات الغاز الروسي عبر نورد ستريم1.