نشر موقع "ستراتفور" الأميركي تقريرا مطولا عن توقعاته لمستقبل الصراع في إثيوبيا بين الحكومة وجبهة تحرير شعب تيغراي. وتوقع حدوث سيناريو من 4 سيناريوهات. كما أشار إلى المؤثرات على الصراع من داخل إثيوبيا ومن دول الجوار والمنطقة عموما.
وقال إنه من المرجح أن يستمر القتال المتجدد بين الحكومة والمتمردين في منطقة تيغراي حتى نهاية العام الجاري على الأقل، مما سيعقد تجديد وقف إطلاق النار، ويزيد من حدة الأزمة الإنسانية في الدولة التي مزقتها الحرب.
وأشار إلى أنه بعد قتال بعضهما بعضا لما يقرب من عامين، وبعد المصاعب التي يواجهانها في القوى البشرية والمعدات والاستخبارات والموارد، لا يبدو أن أيا منهما مستعد للتنازل عن أهدافه الحربية، التي لم تتغير منذ بدء الصراع في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إذ تسعى الحكومة الإثيوبية إلى ممارسة سيطرة الدولة على إقليم تيغراي، وتطالب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي باستقلال الإقليم وإدارته.
وقد اندلعت أحدث جولة من القتال بين قوات الحكومة الإثيوبية وقوات التيغري يوم 24 أغسطس/آب الماضي، وأنهت وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه في مارس/آذار السابق.
ووسط تجدد الاشتباكات في أغسطس/آب الماضي، يقول الموقع، هناك 4 سيناريوهات رئيسية يمكن أن يتطور بها الصراع في الأشهر المقبلة:
1. استمرار القتال في تيغراي والمناطق الحدودية
وهو السيناريو الأكثر احتمالا، إذ يستمر القتال لكنه يظل محصورا في إقليم تيغراي والمناطق الحدودية. وصرحت جبهة التيغراي بأن هدفها الأساسي هو الدفاع عن الإقليم، وزعمت تقارير إعلامية أنها لا تنوي الخروج من حدوده.
2. القتال يتصاعد إلى ما بعد تيغراي ويصل إقليم أمهرة
في سيناريو أقل احتمالا، يستمر القتال على مدى الربع التالي من العام مع توغل قوات التيغراي في عمق إقليم أمهرة، إذ من الممكن أن تسعى هذه القوات للاستيلاء على بلدات إستراتيجية جنوبا، بالإضافة إلى ممارسة ضغط أكبر على الحكومة الإثيوبية من خلال الاستيلاء على المدن الكبرى في أمهرة، وقطع أحد خطوط الإمداد الرئيسية عن جيبوتي، وبالتالي فرض ضغوط اقتصادية كبرى على أديس أبابا. وهذا بدوره سيعزز نفوذ جبهة تيغراي في المفاوضات المحتملة مع الحكومة.
3. الحكومة وجبهة التيغراي يجددان وقف إطلاق النار
في هذا السيناريو غير المحتمل إلى حد ما في الربع الأخير، ستوافق جبهة التيغراي والحكومة على وقف رسمي آخر للأعمال العدائية. هذا السيناريو غير مرجح في الأشهر المقبلة بسبب انعدام عميق للثقة بين الطرفين.
4. تشكل جبهة التيغراي تهديدا مشروعا لأديس أبابا
في هذا السيناريو غير المحتمل أيضا، تعود إثيوبيا إلى حالة مماثلة كما كانت في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عندما سارت قوات التيغراي جنوبا عبر إقليم أمهرة، مهددة بغزو العاصمة. ولكن، يبدو من غير المرجح أن تهدد هذه القوات أديس أبابا مرة أخرى في الربع المقبل لأسباب عديدة، بما في ذلك أنها ستواجه القوات الإريترية الحليفة للحكومة، وبذلك تتعدد جبهات قتالها إلى درجة لا تقوى عليها.
القوى المؤثرة المحتملة على الصراع
يشير التقرير إلى أن الجماعات المسلحة الأخرى في إثيوبيا والدول المجاورة لها مصالح راسخة في نتيجة الصراع. وعلى الرغم من عدم مشاركتها بشكل مباشر في النزاع المركزي بين الحكومة الإثيوبية وجبهة التيغراي، فإنها لا تزال قادرة على التدخل في الحرب من أجل تحقيق غاياتها الخاصة، مما قد يغير مسار الحرب بطرق غير متوقعة.
مسلحو أورومو
جيش تحرير أورومو "أو إل إيه" (OLA) هو جماعة متمردة تقع إلى حد كبير في منطقة أوروميا الوسطى في إثيوبيا، والتي كانت أيضا في حالة حرب مع قوات الحكومة الإثيوبية. وفي حين لم يتم تأكيد الشائعات عن تحالف بين جبهة تحرير تيغراي وجيش تحرير أرومو رسميا، لم يتمكن الجيش الإثيوبي من استعادة نفسه بشكل كامل خلال فترة وقف إطلاق النار مع جبهة التيغراي بسبب تصاعد القتال مع جيش تحرير أرومو. وإذا استمرت القوات الإثيوبية في قتال كل من الجماعات المتمردة في وقت واحد، فمن المرجح أن يضغط ذلك على مواردها وأفرادها.
مسلحو الأمهرة
تقاتل قوات الأمهرة، وهي مليشيا عرقية كانت على خلاف مع جبهة التيغراي منذ عقود، إلى جانب القوات الحكومية منذ بداية الحرب. وفي حين أنهما حليفان في النزاع المسلح، فإن قوات الأمهرة لا تخضع لسيطرة الحكومة الإثيوبية، الأمر الذي يصبح إشكالية للقيادة السياسية عندما يكون لهما أهداف متباينة. على سبيل المثال، قالت قوات الأمهرة إنها ستحاول تعطيل أي تسوية تفاوضية مع جبهة التيغراي، ويمكنها القيام بذلك من خلال بدء الاشتباكات والهجمات عبر الحدود، حتى لو تم إعلان وقف إطلاق النار.
إريتريا
ظلت إريتريا على خلاف مع جبهة التيغراي منذ عقود وتعتبرها مهددا وجوديا لها. ونفذت إريتريا عمليات توغل في شمالي تيغراي قبل وقت طويل من بدء الحرب بين التيغراي والحكومة الإثيوبية عام 2020. ومن غير المرجح أن تدعم إريتريا تسوية بين القوات الحكومة الإثيوبية وجبهة التيغراي، وستواصل دعم أي هجوم حكومي إثيوبي، وفي حالة وقف الأعمال العدائية، ستحاول تعطيل المفاوضات المحتملة.
مصر والسودان
لدى مصر والسودان حوافز متباينة للتدخل في الصراع في إثيوبيا المجاورة أيضا. فمنذ 2019، تعمل أديس أبابا من جانب واحد على ملء خزان سد النهضة الإثيوبي، رغم المخاوف التي أعربت عنها دولتا مصب نهر النيل، السودان ومصر، مرارا وتكرارا. ووسط الصراع المستمر في إثيوبيا، ورد أن المسؤولين المصريين هددوا عدة مرات بدعم جبهة التيغراي انتقاما من استمرار ملء سد النهضة.
أما السودان، مقارنة بمصر، فمن غير المرجح أن يقدم دعما لجبهة التيغراي بسبب محدودية موارد قواته المسلحة في وقت تواجه فيه الحكومة العسكرية السودانية أزمة سياسية متنامية في الداخل، لكن اندلاع اشتباكات متفرقة بين السودان وإثيوبيا بشأن نزاع الفشقة يمكن أن يساعد بشكل غير مباشر جبهة التيغراي عن طريق تحويل انتباه القوات الإثيوبية بعيدا عن التيغراي.