• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
مقالات مترجمة

بعد رحيل إليزابيث الثانية.. وحدة بريطانيا على مفترق طريق


كتب الأمين العام للمجلس الروسي للعلاقات الدولية، أندريه كورتونوف، مقالاً في موقع "المجلس الروسي للشؤون الدولية"، يتحدث فيه بشأن الجدل المحتمل في المجتمع البريطاني حول الحاجة إلى نظام ملكي في البلاد بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، على اعتبار أنّ ابنها الأكبر الأمير تشارلز لن يكون على الأرجح بارعاً في استخدام القوة الناعمة للحفاظ على وحدة المملكة المتحدة، بحسب الكاتب. وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

من المحتمل أن تؤدي وفاة الملكة إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا العظمى، إلى مناقشات وجدل داخل المجتمع البريطاني حول الحاجة إلى نظام ملكي في البلاد، وذلك لمجموعة من الأسباب، من بينها أنّ خليفة العرش، ابنها الأكبر الأمير تشارلز، الذي أطلق عليه اسم تشارلز الثالث، لن يتمتع بوضع مماثل وحضور وتأثير داخلي وخارجي، ولن يكون على الأرجح بارعاً في استخدام القوة الناعمة للحفاظ على وحدة المملكة المتحدة ومكونات الإمبراطورية البريطانية، خلافاً لما كان عليه الحال خلال حكم الملكة الراحلة.

وحدة أمام امتحان

بحكم توليها للعرش وبقاءها في السلطة لفترة طويلة جداً، كانت إليزابيث الثانية تعكس عظمة بريطانيا، ووحدتها، ورحيل مثل هذه الشخصية سيؤدي، على الأقل، إلى نقاشات وجدل سيدومان لفترة طويلة حول ما بعد رحيل الملكة، حيث سيتم طرح الأفكار الجديدة، والتعبير عن مختلف الآراء بما يتعلق بمستقبل البلاد.

في إطار ذلك، ومن بين جملة الأفكار التي ستطرح، من المحتمل أن تكون هناك مقترحات وآراء تتعلق بالدرجة الأولى بالتخلي عن النظام الملكي بشكل تام، نظراً لأنّ الأمير تشارلز وأحفاده لا يتمتعون بنفس المكانة ونفس الأهمية والهيبة التي كانت تتمتع بها الملكة إليزابيث الثانية. ويجب هنا كذلك الأخذ بالاعتبار المقولة السائدة في الشارع البريطاني في السنوات الأخيرة بأن الملكية في بريطانيا أصبحت نوعاً ما بدائية.

نزعات انفصالية

على هذا الأساس، فإن رحيل الملكة التي حكمت بريطانيا لأكثر من 63 عاماً يمكن أن يصبح أحد العوامل المحفزة لتعزيز المشاعر الانفصالية في المملكة المتحدة، بعد أن أسدل الستار عن حكم الملكة التي لعبت لعقود دور الضامن لوحدة البلاد. كما أن عودة الجدل والنقاش حول الاستقلال عن المملكة الأم لن يعود خافتاً ولا على استحياء، كما كان في السابق.

إن هذه المشاعر الانفصالية المرشحة للعودة هي موجودة في الأساس، ومنذ زمن طويل في بعض مناطق المملكة المتحدة. وبادئ ذي بدء، يتعلق الأمر بالمزاج الانفصالي في اسكتلندا، وأيرلندا الشمالية، التي لها تاريخ طويل ودموي معروف في تاريخ محاولات الانفصال عن سلطة لندن.

كما أن الأمر لا يبدو بهذه البساطة بالنسبة إلى مصير وحدة البلاد، إذا أخذنا بالاعتبار أن جزءاً كبيراً من السكان لم يكن يرغب بمغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يحمل تداعيات داخلية وخارجية. فمن شأن الاستقلال أن يشكل بالحد الأدنى الخطر الأكبر على التعافي الاقتصادي، وبالتالي سيكون ضربة قاسمة لبريطانيا وسيقوض نفوذها في أوروبا والعالم.

انتقال العدوى

علاوة على ذلك، فإن إمارة ويلز التي تتمتع كذلك بهوية ثقافية متميزة، ليست هي الأخرى بمأمن عن تعاظم النزعات الانفصالية. وإذا كان النقاش حول مسألة الاستقلال في السابق لم تكن ظاهرة بشكل واضح، فإنّ الأمور هذه المرة ستصبح مختلفة، حيث إنّ إثارة النقاش حول استقلال أحد مكونات المملكة المتحدة الأربع سيؤدي لإثارته حتماً في المكونات الأخرى.

ويجب أن نضيف إلى خانة الاعتبارات هنا ونأخذ بالاعتبار كذلك حالة الجهل التي يعاني منها معظم البريطانيين حيال الأقاليم الأخرى في المملكة المتحدة، علاوة على جهل جل الساسة البريطانيين بها أيضاً، إذ إنّ معظمهم يكاد لا يذهب سواءً إلى أيرلندا الشمالية أو ويلز أو اسكتلندا إلا عند الضرورة.

بشكلٍ أو بآخر، هناك صفحة تقلب في كافة الأحوال، وصفحة أخرة تفتح. ودعونا لا ننسى أنه في نفس الوقت الذي رحلت فيه الملكة، سبق ذلك تغير في الحكومة أيضاً.  فقد غادر بوريس جونسون منصب رئاسة الوزراء، أما الحكومة الجديدة فتواجه مشاكل اقتصادية واجتماعية جديدة. بمعنى ما، هذه بحد ذاته يمكن أن يؤدي لنقاش في الاستراتيجية المستقبلية للمملكة المتحدة، وفيما إذا كان النظام الملكي عموماً أم بشكله الحالي سيبقى قادراً على ضمان وحدة المملكة المتحدة على المدى البعيد.