سارعت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها للتدخل بقضية مهسا أميني من أجل تحقيق أهدافها السياسية ضد إيران حكومةً وشعبًا، وتحديدًا ضدّ القوانين التي تراعي الشريعة الإسلامية. تشير رسائل وسائل الاعلام المعادية حول هذه القضية الى أن الدول المحرّكة لا تسعى إلى اكتشاف حقيقة الأمر، بل الى شن هجوم على النظام الإسلامي بحجة الديموقراطية وحقوق الإنسان.
ومن الواضح أن هذه الجهات تصر في هذه الحالة على تضخيم أبعاد القضية، وتقديمها على انها تستوجب العقاب والعداء، وذلك قبل الكشف عن الأبعاد الدقيقة للحادثة. وهذا ليس المرة الأولى، ففي 11 نوفمبر 2019، استغلت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مقتل الشاعر حسن حيدري لتأجيج العالم ضد النظام الايراني بحجة أنه كان معاديًا للنظام. وايضًا استغلال اعتقال الكاتبة "سيبيده رشنو" واتهام الشرطة بضربها وتعذيبها أثناء الاحتجاز.
أولًا: إجراءات التدخل
خطاب السلطات:
صرّح البيت الأبيض في 19-9-2022 أن "حادثة وفاة أميني، إثر احتجازها لدى الشرطة الإيرانية، هو انتهاك صارخ ومروّع لحقوق الإنسان". وأعلن أنه يبحث في فرض عقوبات جديدة ضد الضالعين في حملة قمع المظاهرات في إيران. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، عبر تويتر: "نشعر بقلق عميق حيال وفاة مهسا أميني، البالغة 22 عاماً، والتي قيل إنّها تعرضت للضرب خلال وجودها قيد الاحتجاز لدى شرطة الأخلاق الإيرانية". ووصف متحدث باسم الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ما حدث أنه أمر "غير مقبول"، داعيًا إلى تقديم الجناة للعدالة. وطالب بوريل السلطات الإيرانية بضمان احترام الحقوق الأساسية لمواطنيها، ولا سيما عدم تعرض المحتجزين داخل مراكز الشرطة لسوء المعاملة بأي شكل من الأشكال. ". ولجأ وزير الخارجية أنطوني بلينكين إلى وسائل التواصل الاجتماعي وقال إن أميني "يجب أن تكون على قيد الحياة اليوم"، وبدلاً من ذلك، حزن عليها الولايات المتحدة والشعب الإيراني. ندعو الحكومة الإيرانية إلى إنهاء اضطهادها الممنهج للنساء والسماح بالاحتجاج السلمي".
من جهتها، اعتبرت فرنسا أن توقيف أميني وموتها في الاعتقال "صادمان للغاية"، داعية إلى "تحقيق شفاف لكشف كل ملابسات هذه المأساة"، وفق وزارة الخارجية.
كما طالبت الأمم المتحدة بفتح تحقيق مستقل. قالت ندى الناشف، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان بالإنابة، يوم الثلاثاء 20-9-2022 "إن وفاة مهسا أميني المأساوية ومزاعم التعذيب وسوء المعاملة يجب أن تخضع للتحقيق الفوري والنزيه والفعال من قبل سلطة مختصة مستقلة". وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن شرطة الآداب الإيرانية وسعت دورياتها في الأشهر الأخيرة، مستهدفة النساء بسبب عدم ارتدائهن الحجاب بشكل صحيح، وهو وشاح ترتديه بعض النساء المسلمات.
وقال البروفيسور أشوك سوين الباحث الدولي والعضو السابق في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عبر حسابه في تويتر "إيرانيات يخلعن حجابهن احتجاجًا ويهتفن "الموت للدكتاتور" في جنازة امرأة تبلغ من العمر 22 عاما قُتلت بعد اعتقالها لخرقها الحجاب، هؤلاء النساء ببساطة ملهمات. عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بناء على طلب أمريكي لبحث الاحتجاجات في إيران 22-9-2022 على الرغم من رفض إيران وبوليفيا وفرنسا ودول أعضاء أخرى لعقد مثل هذه الجلسة. وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي إن "الحرية والكرامة الإنسانية لا يمكن فصلها عن السلام والأمن". وأضافت أن النظام الإيراني "تحت الملاحظة" وأن "العالم سيراقب ما تفعلون".
تدخل السفارات ودعم الاحتجاجات ضد الثورة الاسلامية:
نشرت 8 أحزاب سياسية معارضة للنظام الإيراني خارج البلاد، مساء الأحد 18-9-2022، بيانًا مشتركًا وصفت فيه مقتل مهسا أميني بأنه "بداية لنهاية النظام الإيراني"، وأعلنت عن دعمها للاحتجاجات داخل البلاد. كما طلبت هذه الأحزاب من الجماعات المعارضة في الخارج إيصال صوت الاحتجاجات إلى المجتمع الدولي. ومن بين الموقعين على هذا البيان المشترك: حزب "فرشكرد" و"منتدى الاتحاد من أجل بداية جديدة" و"الحزب العلماني الديمقراطي الإيراني" و"حزب المشروطة/الليبرالي" و"الحزب القومي الإيراني".
أعلن محافظ العاصمة الإيرانية طهران، محسن منصوري، عن وجود رعايا أجانب بين المعتقلين الليلة الماضية فيما يتعلق بالاحتجاجات الأخيرة. وعلى حسابه في "تويتر"، قال: "بحسب التقرير الدقيق للأجهزة المعنية في قضايا طهران الأخيرة، يمكن رؤية آثار تدخل بعض السفارات وأجهزة التجسس الأجنبية بوضوح". وأضاف: "تم القبض على رعايا 3 دول أجنبية خلال اعتقالات الاحتجاجات في طهران الليلة الماضية".
قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، الإمام علي خامنئي، في بيان على موقعه الرسمي إن "أعداء إيران استخدموا، في الأيام الأخيرة، أدوات مختلفة بما فيها الأموال والأسلحة والسياسة والاستخبارات لخلق مشاكل في الجمهورية الإسلامية".
فرض عقوبات:
فرضت واشنطن يوم الخميس 22-9-2022، عقوبات جديدة على "شرطة الأخلاق" في إيران، على خلفية وفاة مهسا أميني، واستهدفت 6 مسؤولين وهم قائد القوات البرية بالحرس الثوري كيومارس حيدري ورئيس "شرطة الأخلاق" محمد روستامي والمسؤول الحاج أحمد ميرزائي ووزير المخابرات إسماعيل خطيب، ومنوشهر أمان الله قائد قوات إنفاذ القانون في محافظة شهرمحال وبختياري في إيران، وقاسم رضائي نائب قائد الجيش وسلار أبنوش نائب قائد الباسيج.
ثانيًا: الغايات
تستغل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية قضية مهسا تحت عنوان "حقوق الانسان" من أجل تحقيق أهدافها السياسية ضد إيران حكومةً وشعبًا وهذا ما أكده المتحدّث باسم وزارة الخارجية الايرانية ناصر كنعاني. وتهدف الولايات المتحدة وحلفائها من هذا التدخل:
1. تشويه نجاح رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية ابراهيم رئيسي.
2. تشويه الثورة الإسلامية.
3. زعزعة استقرار إيران.
4. انشغال الاعلام العالمي بقضية مهسا من اجل إخماد قضية زينب خزعلي التي قتلت على ايدي القوات الامريكية في العراق.
5. تشويه صورة النظام الايراني وتأجيج الداخل على الامام القائد علي الخامنئي.
6. إشغال إيران في القضايا الداخلية.
7. تحريض العالم على الاسلام والجمهورية الاسلامية.