أولاً: الموقف
أعلن “العدو الإسرائيلي” اول أمس الأربعاء عن وقوع انفجارين متتاليين في مدينة القدس المحتلة، أسفر أحدهما عن مقتل مستوطن وجرح عشرات آخرين، وعلى إثر الحادث قامت قوات العدو بنشر مئات الجنود من جهاز الشرطة وقوات حرس الحدود لمنع وقوع تفجيرات أخرى قد تقع في أماكن أخرى من المدينة المحتلة، كما قام برفع حالة الطوارئ الأمنية إلى ما قبل الحالة القصوى، بعد أن أوقف حركة حافلات النقل العام ومنع (المستوطنين) من التجمع في مواقفها، مركزاً جهده الأمني على تفعيل جميع الإجراءات الميدانية التي يمكن أن تحول دون وقوع أي تفجير آخر؛ في القدس خصوصاً وباقي مدن فلسطين المحتلة عموماً.
ثانياً: المعطيات
بعد مراجعة مجريات الموقف وتطوراته؛ وما نشر من معلومات وصور وأفلام قصيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول حادثة العبوة تلك؛ يمكن استخلاص بعض المعطيات التي تساعد في رسم وفهم المشهد العملياتي في هذا اليوم، والتي منها:
- ما نشر من صور عبر وسائل التواصل الاجتماعي للعملية، وما نتج عنها من دخان أبيض اللون، وما أثارته من كمية غبار، يفيد أنها قد تكون نفّذت عبر استخدام مواد تفجير شعبية وليست نظامية، أو أنها قد تكون جُهّزت من مواد نظامية غير نقية بشكل كبير.
- ما تم نشره من صور لآثار الشظايا الناتجة عن العبوة والتي – الآثار – كانت في معظمها غير منتظمة الشكل؛ يشي أنها من الشظايا العشوائية، المكونة من المسامير أو البراغي أو الصواميل المعدنية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن العدو قد أكدّ أن نوع الشظايا في هذه العبوة من النوع الذي أشرنا له.
إن كمية الدخان والغبار المنبعثة من العبوة، وما تركته من آثار تدميرية على أرض المنطقة التي وضعت فيها، وفي محيطها، تشير إلى أنها لم تكن كبيرة الوزن؛ حيث يمكن تقدير وزنها بين 1ـ 2 كيلو غرام، متضمنة المواد مع الشظايا.
تم تفجير العبوة عبر وضعها في شنطة ظهر تُركت في موقف الحافلات لتنفجر فوق سطح الأرض وفي الهواء الطلق، حيث فُعلّت العبوة عن بعد، عبر دائرة تفجير إلكترونية.
لم تترك العبوة أثراً تدميرياً على الأرضية الإسمنتية للمكان، ما يساعد في تأكيد أن المواد المستخدمة في التفجير من المواد الشعبية، وليست من مواد التفجير النظامية العسكرية.
ثالثاً: الدلالات
بناءً على هذا الموقف ومعطياته يمكن استخلاص مجموعة دلالات، من أهمها الآتي:
- حدوث تغير مفاهيمي لدى مجموعات المقاومة في الضفة الغربية لإدارة المعركة مع هذا العدو يقول: إن هذا العدو يمكن أن يضرب من حيث لا يحتسب – شكلاً وأسلوباً -، وإن دائرة أمنه يمكن خرقها والنفاذ لها، بأسهل مما يتصور المراقبون أو المتابعون.
- ارتفاع منسوب الحرفية والكفاءة القتالية لدى مجموعات المقاومة، أفضت إلى تمكنهم من إيقاع خسائر بشرية ونفسية في العدو بأقل الأكلاف وأنجع الطرق.
- انسحاب العناصر البشرية التي قامت بوضع العبوة وتفعيلها، وعدم إعلان القبض عليهم، يعني أن منطقة العمليات التي تمت فيها العملية هي منطقة مألوفة وغير غريبة عليهم، بحيث تم الدخول والخروج منها بشكل آمن وسليم، وبدون خسائر.
- اكتمال دائرة العمل العسكري ـ أهداف، وسائل، طرق عمل – بحيث أصبح هنا من يرصد الهدف (أهداف)، ومن يجهز وسيلة القتال ويوصلها إلى مكانها (وسائل)، ومن يُفعّلها لتحدث الأثر المطلوب (طرق عمل).
رابعاً: التقدير
وعليه نعتقد أن العدو سوف يشدد من إجراءاته الأمنية المرتبطة بإنتاج وبيع المواد التي يمكن أن يستفيد منها المقاومون في تجهيز العبوات التفجيرية، والتي كان العدو إلى هذه اللحظة لم يشدد إجراءاته الأمنية لتداولها أو التعامل معها، كما أنه سيجعل من نقاط بيع وشراء هذه المواد أماكن جذب، وأفخاخ وكمائن لصيد المقاومين الذين يسعون خلف امتلاك مثل هذه التجهيزات وتلك المواد.
خامساً: التوصيات
- توخي الحذر عند السعي لتأمين مواد العمل من المصادر الشعبية.
- الانتباه إلى أن العدو يمكن أن يقوم بتفخيخ المستوعبات التي تحوي المواد الأولية للمواد الشعبية المستخدمة في مثل هذه العبوات.
- الانتباه إلى أن العدو يمكن أن يضع أجهزة تتبع ورصد إلكترونية صغيرة الحجم وغير مرئية، في مستوعبات هذه المواد، للوصول إلى مقارّ المقاومة ونقاط انطلاقها.
- الانتباه إلى أن العدو قد يضع شرائح توجيه النار المدفعية أو الجوية في مستوعبات هذه المواد ليتم قصفها بشكل دقيق عند وصولها إلى مقار المقاومة، لتلحق الخسائر البشرية والمادية بعناصر المقاومة وكوادرها.
- الانتباه عند التعامل مع مثل هذه المواد كونها غير نظامية وغير معروفة السلوك، ما قد يوقع خسائر بشرية في صفوف عناصر المقاومة أثناء العمل والتجهيز.
- رعاية أصول مقاومة العمل الجنائي، وطمس أدلة التتبع، وعدم ترك قرائن دالة على المكان أو الأشخاص، تفيد العدو في تتبع مسار العمل وتجفيف مصادره؛ البشرية والمادية.