• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
تقارير

التطبيع العربي الإسرائيلي


أعد مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير تقرير كرونولوجيا يتحدث عن مسار تطبيع الانظمة العربية مع الكيان المؤقت بتواريخها المختلفة ومحطاتها السياسية المزدحمة حيث تبرز مكتسبات هذه الدول المطبعة كما الخسائر التي تعرضت لها من وراء مسار التطبيع اضافة الى الدور الاقليمي الذي بلا شك تأثر بهذه السياسات والخيارات.

الإمارات

تاريخ التطبيع: 2015

- كشفت تقارير إعلامية عن لقاء أجراه محمد دحلان، المستشار الأمني لوزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان، والذي يتهمه الفلسطينيون بخدمة الكيان المؤقت، مع وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في باريس عام 2015.

سبتمبر/أيلول 2016

- الجيش الإماراتي شارك في مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الجوية الباكستانية والإسبانية والإسرائيلية في ولاية نيفادا الأميركية يوم 2 سبتمبر/أيلول 2016.

مارس/آذار 2017

- شارك الجيش الإماراتي في مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الجوية الأميركية واليونانية والإيطالية والإسرائيلية في مارس/آذار 2017.

يوليو/تموز 2017

- كتبت صحيفة هآرتس العبرية أن نتنياهو التقى عبد الله بن زايد آل نهيان عام 2017 في نيويورك الأميركية.

أكتوبر/تشرين الأول 2018

- الإدارة الإماراتية سمحت للرياضيين الإسرائيليين بالمشاركة ورفع عَلَم بلدهم في بطولة الجودو التي استضافتها العاصمة أبو ظبي في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

- زارت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف أبو ظبي لمتابعة البطولة، ثم ذرفت الدموع خلال استماعها للنشيد الوطني لبلادها أثناء حفل توزيع الميداليات.

يوليو/تموز 2019

- وزير الخارجية والمخابرات الإسرائيلي السابق يسرائيل كاتس زار أبو ظبي للمشاركة في مؤتمر المناخ الذي نظمته الأمم المتحدة في يوليو/تموز 2019.

– 20 مايو/أيار 2020

- أطلقت شركة الاتحاد للطيران الإماراتية أول رحلة لها إلى إسرائيل لتوصيل إمدادات طبية لدعم فلسطين بمكافحة كورونا.

– 3 يوليو/حزيران 2020

- وقعت شركتان إسرائيليتان اتفاقا مع "جي42" (G42) الإماراتية لتطوير حلول تكنولوجية في مكافحة كورونا.

المكتسبات:

- هناك اتفاق نفطي بين الإمارات والكيان المؤقت يرمي إلى نقل النفط إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر، ثم عبر خط أنابيب إلى الكيان المؤقت فإلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط، ليتم شحنه بعد ذلك إلى أوروبا.

- تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أنه في الفترة من 2020 إلى 2021، ارتفعت الصادرات الإماراتية إلى إسرائيل من 115 مليون دولار إلى 632 مليونًا، فيما قفزت الصادرات الإسرائيلية السنوية إلى الإمارات من 74 مليون دولار إلى 384 مليونًا.

- جرى التوقيع على أكثر من 60 اتفاقية للتعاون الإستراتيجي بين الإمارات والاحتلال، فضلًا عن محادثات لاستكشاف آفاق تعاون أرحب في مجالات الطيران والخدمات اللوجيستية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي وتحلية المياه والذكاء الاصطناعي وغيرها من مجالات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.

- يقول وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري في تصريحات نشرتها وسائل إعلام إماراتية في سبتمبر/أيلول 2021: "ولّد الاتفاق فرصًا اقتصادية واسعة ومتنوعة لدولة الإمارات و"إسرائيل"، وتم في عام واحد تحقيق تبادل تجاري غير نفطي جيد بلغ نحو 700 مليون دولار أميركي، وكذلك توقيع نحو 60 اتفاقية رئيسة بين الجهات المعنية في البلدين، على مستوى القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات الأكاديمية والثقافية والبحثية".

الخسائر:

- تتمثّل عدم صوابيّة الاتفاق الإماراتي كونه يتعارض مع مصلحة دولة الإمارات أولًا ومع مصلحة الشعب الفلسطيني ثانيًا، وخروج عن الإجماع العربي الهش ضد الاحتلال الذي يعمل بشكل حثيث على تهويد المسجد الأقصى والقدس مسرى نبي العرب والمسلمين ويصادر مئات الدونمات مما تبقى من أرض فلسطين كل يوم قبل الاتفاق وبعده.

- تتعارض مصلحة الإمارات مع الاتفاق مع الكيان الصهيوني في تركيز الاحتلال على الجانب الأمني من الاتفاق أولًا، ولذلك كانت أول زيارة لمسؤول إسرائيلي للإمارات بعد الاتفاق ليوسي كوهين مسؤول الشاباك، ما أثار حفيظة إيران وتعقيد علاقتها المعقدة أصلًا مع دول الخليج بوجود الاحتلال الأمني بالقرب من مضيق هرمز والمياه الإقليمية الإيرانية، ما دفع إيران إلى القول إنه لم يعد بيننا وبين الإمارات حسن جوار بعد الآن، بعد أن تجاوزت الخطوط الحمر للأمن الجماعي في الخليج بعد توقيع الاتفاق. ومما لا شك فيه أن علاقة الإمارات وحسن الجوار مع إيران أهم بكثير من أي علاقات مع الاحتلال الذي لا يحترم الاتفاقات أو العهود.

- تعارض الاتفاق مع مصالح الإمارات الاقتصادية والمالية، ذلك أن الكيان المؤقت يعاني من أزمة اقتصادية حادة بسبب جائحة كورونا ووصل عدد العاطلين عن العمل إلى نحو مليون عاطل وانخفض دخل كل مواطن في الكيان بنحو 17 ألف دولار، وهو بحاجة إلى سيولة نقدية لتحريك عجلة اقتصاده المتباطئ وينظر إلى أموال الإمارات بعين طامعة ولديه من المشاريع الأمنية والفضائية والإلكترونية والتربوية والسياحية ما يستفيد منها دون أي فائدة تذكر لدولة الإمارات ومواطنيها.

الدور الإقليمي:

يتضمّن ما نُشر من الاتفاق بين الإمارات والكيان المؤقت حتى الآن استعدادهما للانخراط مع الولايات المتحدة في أجندة استراتيجية لاستقرار الشرق الأوسط، وبالرغم من غياب تفاصيل هذه الأجندة حتى الآن، إلا أن الواقع يشير إلى أن الاتفاق سيستهدف بالفعل إيران ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط. وتستشعر إيران هذا الخطر فقد انتقدت بشدّة اتفاقات التطبيع وهددت بالانتقام. فمنذ فبراير/شباط 2019، بدأ يبرز تحالف استراتيجي في المنطقة وذلك عندما توسطت الولايات المتحدة في مؤتمر أمني في وارسو لبناء استراتيجية عالمية ضد إيران. حضر الاجتماع قادة من الكيان المؤقت والسعودية والإمارات وعدة دول أخرى. بعد هذا المؤتمر، بدأت العلاقات ما بين الإمارات والكيان المؤقت تأخذ منحى علنيًّا أكثر من أي وقت مضى عنوانه العريض بناء تحالف استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط.

يضاف إلى ذلك، تخوّف بعض دول الخليج من توسّع النفوذ التركي في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تشكِّل تركيا منافسًا استراتيجيًّا لكل من "إسرائيل" و"لدول الخليج" وفق هذا المنطق. وبصورة محددة، تشتبك تركيا والإمارات في عدد من الملفات التي تثير الخلافات والصدامات العلنية بينهما، منها ملف الانقلاب ضد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في عام 2016، والصراع في ليبيا ودعم تركيا لدولة قطر في وجه الحصار الخليجي المفروض عليها.

البحرين

تاريخ التطبيع:

لقد كان أول وفد رسمي إسرائيلي يزور المنامة في أواخر سبتمبر 1994، وكان ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة قد التقى شيمون بيريز في الأمم المتحدة، كما كان وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة قد دعا في حديث نشرته صحيفة «الحياة» اللبنانية في 1 اكتوبر 2008 إلى إقامة منظمة إقليمية تتجاوز الأعراق والأديان، وتضم الدول العربية و"إسرائيل" وإيران وتركيا.

الخسائر:

لم يكن تحرّك البحرين لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع الاحتلال مفاجأة. كان البحرينيون ولا يزالون حتى اليوم يعارضون التطبيع إلى حد كبير، على الرغم من تغطية الحكومة البحرينية على ذلك. رفض العديد من النخب البحرينية وعلماء الدين والجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني بشكل قاطع فكرة التطبيع. نزل الكثير من البحرينيين إلى الشوارع للاحتجاج السلمي بعد الكشف عن اتفاق أبراهام، مظهرين تضامنهم مع الفلسطينيين ومعارضة الاحتلال الإسرائيلي، وأدانوا "خيانة" الحكومة البحرينية للقضية الفلسطينية. ردت قوات الأمن البحرينية بقوة مفرطة. ثم لاحقت السلطات المواطنين الذين شاركوا في تلك المظاهرات. ومع ذلك، استمرت الاحتجاجات، بما في ذلك في الخريف الماضي عندما زار وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد البحرين لافتتاح أول سفارة لإسرائيل في المنامة.

الحكومة البحرينية تقوّض شرعيتها بشكل أكبر من خلال تجاهل شعبها، في بلد يدعم فيه المجتمع المدني الفلسطينيين لعقود من الزمن، فقد كانت المعارضة العلنية للتطبيع واضحة قبل اتفاقيات أبراهام بوقت طويل.

المكتسبات:

- بعد التطبيع، أصبح بالإمكان الحديث عن علاقات أمنية وعسكرية بين البحرين والاحتلال، فقد وُقِّعت مذكرة تفاهم تعمل على تعزيز التنسيق الاستخباراتي، وتوفِّر إطارا للتدريبات بين البلدين وتعاونا في مجال الصناعات الدفاعية. كما وقَّع الشريكان الجديدان، خلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للمنامة قبل أيام من زيارة بينيت، اتفاقية دفاعية شملت الاستخبارات والمشتريات والتدريب المشترك. واتفق الطرفان على تعيين ضابط إسرائيلي في المملكة في "إطار تحالف دولي يهدف إلى تأمين حرية الملاحة في المياه الإقليمية للمنطقة"، لتصبح المنامة أول دولة عربية تُشغِّل ضابطًا إسرائيليًا رسميًا.

- أما بالنسبة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، فيمكن القول إنها لا تزال محدودة، إذ تجاوزت التبادلات التجارية بين البلدين عام 2021 المليون دولار بقليل، في حين وصل حجم العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والإمارات إلى ما يقارب المليار دولار، لذلك تسعى كلٌّ من تل أبيب والمنامة لتحسين التعاون في هذا الجانب، بعدما توصَّلت البنوك الإسرائيلية والبحرينية إلى اتفاقيات تعاون، ووافقت سلطات المياه في البلدين على تبادل الخبرات والتكنولوجيا.

الدور الإقليمي:

- منذ بداية إقامة علاقات التعاون الأمني السري بين المنامة وتل أبيب، ظهر جليا أن أحد الأهداف الواضحة التي تُحرِّك هذا التقارب هو ذلك العداء المشترك تجاه جارة البحرين الشمالية، إيران. كانت طهران حاضرة في الكواليس خلال زيارة بينيت الشهر الماضي إلى البلد الخليجي التي بدت بمنزلة استعراض قوة إسرائيلي قُرب طهران تزامنا مع محادثات فيينا بين إيران والدول الغربية لإحياء الاتفاق النووي المُبرَم عام 2015.

- في حديثه عما سمَّاه "العلاقات متعددة الأبعاد مع إسرائيل"، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الأهمية التي توليها الأسرة الحاكمة في البحرين لمواجهة إيران، إذ تشعر البحرين التي تقع على عتبة إيران في الخليج الفارسي، كما الاحتلال، بقلق كبير من الأنشطة العسكرية الإيرانية، ناهيك بالموقف المعروف الذي تُصِرُّ المنامة على إعلانه المتعلِّق بتحميل طهران وزر المعارضة البحرينية الشيعية التي تؤرق النظام الحاكم.

- وفي سبيل مواجهة هذا الخطر القادم من طهران، بدأ الاحتلال وبتعاون مع الدول الخليجية المُطبِّعة، الاستعداد لشن حرب ضد سفن الشحن التجاري الإيرانية بمنطقة البحر الأحمر، حيث شاركت الحربية الإسرائيلية في مناورات بحرية بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة الإمارات والبحرين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وتعليقا على هذه التحركات العسكرية، أفاد "إيلي شارفيت"، قائد البحرية الإسرائيلية المتقاعد، إلى أن بحرية بلاده كثَّفت أنشطتها في البحر الأحمر بشكل كبير في مواجهة التهديدات الإيرانية المتزايدة للشحن البحري الإسرائيلي، مُضيفًا: "الأنشطة الإيرانية في أعالي البحار هي مصدر قلق إسرائيلي كبير، لكن البحرية الإسرائيلية قادرة على الضرب حيثما كان ذلك ضروريا لحماية المصالح الاقتصادية والأمنية للبلاد".

السودان

تاريخ التطبيع:

- بدأت العلاقات التجارية بين السودان وفلسطين، حينما كانت الأولى خاضعة للاستعمار الإنكليزي - المصري (1898-1956)، والثانية تحت سطوة الانتداب البريطاني (1920-1948). وبعد إعلان قيام إسرائيل في 14 أيار/ مايو 1948، حاولت مصر أن توقف هذه العلاقات التجارية، التزامًا بقرار جامعة الدول العربية الذي رفض الاعتراف بإسرائيل، وأعلن مقاطعتها سياسيًا وعسكريًا وتجاريًا. وفي تموز/ يوليو 1950، أجبرت السلطات المصرية باخرة إيطالية على تفريغ حمولتها من بذور القطن في ميناء بورتسودان؛ لأن البذور كانت مشحونة إلى إسرائيل، إلا أنّ الحكومة البريطانية اعترضت على ذلك الإجراء، محتجةً بأن السودان لم يكن تابعًا لدولة مصر.

- بعد إعلان قيام إسرائيل في 14 أيار/ مايو 1948، حاولت مصر أن توقف هذه العلاقات التجارية، التزامًا بقرار جامعة الدول العربية الذي رفض الاعتراف بإسرائيل، وأعلن مقاطعتها سياسيًا وعسكريًا وتجاريًا.

- وأنّ اتفاقية الحكم الثنائي لسنة 1899 لا تسمح بذلك. واستنادًا إلى هذا المسوغ القانوني - السياسي، رفض السير روبرت جورج هاو، حاكم عام السودان (1947-1954)، طلب حكومة النحّاس باشا (1950-1952) قَطْع علاقات السودان التجارية مع إسرائيل. وبعد ثورة تموز/ يوليو 1952، شهد السودان تحولات سياسية أفضت إلى توقيع اتفاقية 12 شباط/ فبراير 1953 التي مهدت الطريق لاستقلال السودان، بإجراء انتخابات برلمانية عامة، تعقبها فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات.

المكتسبات:

إنّ الحكومة الإسرائيلية قد أفلحت في ربط ملف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بملف التطبيع معها، كما أنها وجدت تأييدًا في هذا الشأن من الولايات المتحدة والإمارات.

إنّ قضية الربط بين الرفع والتطبيع قد تمّ تسويقها إلى البرهان، ووجدت عنده قبولًا واستحسانًا، وإنّ حمدوك لم يكن رافضًا قضية التطبيع مع إسرائيل من حيث المبدأ؛ لكنه كان مدركًا موقف الحاضنة السياسية الرافض لعملية الربط بين الرفع والتطبيع، كما أنّ الوثيقة الدستورية لا تمنحه مثل هذا التفويض.

الخسائر:

- جرى التوقّع أن يُحدث قرار التطبيع مع الاحتلال شروخًا في بنية الحكومة الانتقالية. بمعنى أنّ بعض الأحزاب السياسية المعارضة للتطبيع مع الاحتلال قد أعلنت صراحة خروجها من قوى إعلان الحرية والتغيير، المساندة للحكومة الانتقالية، وهو الأمر الذي يسهم في خلق تحالفات سياسية جديدة داخل المشهد السياسي السوداني، تفسح المجال لظهور قوى الثورة المضادة إلى الواجهة السياسية. فالقوى المضادة للثورة يمكنها أن تستغل تناقضات المعارضة والتأييد لسياسة التطبيع، من أجل إسقاط الحكومة الانتقالية الحالية، واستبدالها بحكومة أخرى تخدم مصالح هذه القوى السياسية، أو على أقل تقدير تصرفها عن مهماتها الأساسية المتمثلة في إحلال السلام المستدام، وحل الأزمة الاقتصادية، وإعادة هيكلة المؤسسات المدنية والعسكرية الموروثة من النظام السابق، وتهيئة البيئة السياسية لإحداث تحوّل ديمقراطي حقيقي في السودان. ويعني إبعادها عن هذه الأولويات دخولَها في صراعات جانبية لا تندرج في قائمة استحقاقات الثورة المركزية. ولذلك وصف الباحثان جفري فلتمان وبيتون نوف دعوة الولايات المتحدة الحكومة السودانية إلى تطبيع علاقاتها مع الاحتلال بـ "اللعبة الخطرة" لأنها من وجهة نظرهما ستهدد استمرارية الحكومة الانتقالية، وتفسح المجال لعودة فلول النظام القديم إلى السلطة، وهو الأمر الذي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية في الإقليم.

- حال السودان ليست أفضل من حال المغرب كثيراً، إذ إن التطبيع مع "إسرائيل" لم يُنهِ أزمات السودان، ولم يحقق مصالحه، كما جاءت الوعود قبيل اتفاقية التطبيع، فقد رُوِّج أن التطبيع سيحل أزمات السودان. والنتيجة اتَّضحت على الأرض، وهي أن هذه الوعود ليست إلاّ مجرد نظرة قاصرة، في حقيقة الواقع، بل اتضح السبب الحقيقي من وراء التطبيع الإسرائيلي السوداني، هو أن "إسرائيل" تبحث عن مصالحها وأمنها القومي في البحر الأحمر فقط.

المغرب

تاريخ التطبيع:

- تعود بداية العلاقات بين الرباط وتل أبيب إلى مطلع ستينيات القرن الماضي، وهي فترة يصفها مراقبون بـ"المثيرة للجدل"، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.

- وقال اليهودي الراحل شمعون ليفي، وكان يشغل منصب مدير المتحف اليهودي في مدينة الدار البيضاء، "إن اليهود المغاربة هاجروا إلى إسرائيل على دفعات بدواعٍ متعددة".

- وأضاف ليفي لجريدة "المساء" المغربية (خاصة) عام 2009 أن "أول دفعة من اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى إسرائيل كانت سنة 1948، أي مباشرة بعد قيام الكيان الصهيوني. ويقدَّر عددهم بنحو 90 ألف فرد كان معظمهم يزاولون حرفاً بسيطة، (وهاجروا) بدافع تحسين ظروفهم الاجتماعية".

- وتابع بأن "الدفعة الثانية هاجرت بعد حصول المغرب على الاستقلال (1965)، ومعظمم لم تكن لديهم رغبة في الهجرة، وجرى تهجيرهم ربما بقرار من الدولة، نظراً إلى الصراع السياسي الذي ميز تلك المرحلة من تاريخ المغرب".

- أفاد ليفي بأن "أكبر محطة في تاريخ هجرة اليهود المغاربة إلى "إسرائيل" هي تلك التي وقعت سنة 1967، أي بعد انتصار "إسرائيل" على العرب في ما تُعرف بـ"حرب الأيام الستة".

- وفي 22 يوليو/تموز 1986 استقبل العاهل المغربي آنذاك الحسن الثاني، رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها شمعون بيريز، في مدينة إفران (شمال)، ثم التقاه في العاصمة الرباط. وأثار استقبال بيريز ردود أفعال مستنكرة، بخاصة من طرف قوى سياسية مغربية وجامعة الدول العربية.

- تميزت سنة 1994 بتطور كبير، ففي الأول من سبتمبر/أيلول، جرى افتتاح مكتب اتصال إسرائيلي في الرباط، ليؤرخ ذلك اليوم لاعتراف مغربي ضمني بإسرائيل. وبعد عامين فتح المغرب مكتب اتصال له في إسرائيل. وأرجع المغرب حينها إقامة تلك العلاقات إلى "الرغبة في دعم لغة الحوار والتفاهم بدل لغة القوة والغطرسة، للتوصل إلى السلام العادل والشامل". وأصدرت إسرائيل طابع بريد حمل صورة الملك الحسن الثاني بعد وفاته سنة 1999.

- وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1999 نحو 50 مليون دولار، وزار المغرب في ذلك العام نحو 50 ألف إسرائيلي، وفق مكتب الاتصال الإسرائيلي في المملكة.

- وفي 12 مايو/أيار 2000 زار وفد عسكري إسرائيلي يضم 25 خبيراً من سلاح الجو المناطق الجنوبية للمغرب. وفي 22 سبتمبر/أيلول من العام نفسه زار المغرب رجال أعمال إسرائيليين يمثلون 24 شركة متخصصة في التقنيات الزراعية، بدعوة من غرفة التجارة والصناعة والخدمات (حكومية) في الدار البيضاء.

المكتسبات:

عبّر البعض عن أنّ تطبيع العلاقات مع الكيان المؤقت ما هو إلا منحَ شكل رسمي لعلاقة قائمة وتاريخية. وبالفعل، يتحدّر أكثر من مليون مواطن إسرائيلي من جذور مغربية، وهم يشكّلون ثاني أكبر مجتمع في إسرائيل بعد المجتمع اليهودي الروسي. وبين البلدَين أيضاً تعاون اقتصادي قائم. ففي الواقع، تصل قيمة التبادل التجاري السنوي بينهما إلى 30 مليون دولار تقريباً. علاوة على ذلك، تعاونت الجهتان سرّاً في السابق في مسائل الأمن، فقد ساعدت إسرائيل النظام المغربي على الحصول على معلومات استخباراتية وأسلحة.

الخسائر:

ينظر فاعلون آخرون إلى الاتّفاقية بحماس أقلّ ويقولون إنّ أحقّية المغرب في الصحراء الغربية شرعية وليست المملكة بحاجة إلى اعتراف الولايات المتّحدة بذلك أو إلى تطبيع العلاقات مع الاحتلال كما يتحدث البعض لتبرير التطبيع مع الاحتلال. ويتماشى هذا الرأي أكثر مع رأي الشعب، إذ يؤيّد 9 في المئة فقط من المغاربة معاهدات السلام بين الاحتلال والإمارات العربية المتّحدة والبحرين، فيما يظنّ 13 في المئة فقط أنّه من المفيد للمنطقة العربية أنّ بعض الدول تنسّق سياساتها الخارجية مع إسرائيل. وقد استنكر الجناح الديني في حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة التطبيع الجزئي للعلاقات، فيما كانت قيادة الحزب أقلّ انتقاداً وأكثر مراعاة لقرار الملك.

الدور الإقليمي:

- يتموضع النظام الملكي كوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويشدّد إعلام الدولة على أنّ المملكة تستأنف الرحلات ومكاتب الاتّصال والعلاقات الدبلوماسية لا أكثر.

- فوراً بعد الإعلان الذي أطلقه ترامب، أصدر الديوان الملكي بياناً صحافياً يناقش اتّصالاً هاتفياً جرى بين الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس والملك محمّد السادس، الذي يصدف أنّه رئيس لجنة القدس (لجنة برعاية منظّمة التعاون الإسلامي مسؤولة عن مناقشة القرارات المرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي وتطبيقها). وخلاصة هذا الاتّصال والإعلام الصادر عنه هو أنّ المسألة الفلسطينية ما زالت مسألة مهمّة للنظام المغربي وأنّ الروابط ما زالت متينة بين الجهتَين. وقد زعمت وزارة الشؤون الخارجية أنّ موقف المغرب حيال فلسطين لم يتغيّر، فهو ما زال يدعم حلّ الدولتَين ويعزّز المفاوضات بين الجهتين التي ستؤدّي إلى سلام نهائي.

- ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، انتقدت كلّ من الجزائر، منافِسة المغرب، وإيران قرار المملكة، وسيصدر على الأرجح المزيد من الانتقادات من دول أخرى لها علاقات متوتّرة مع إسرائيل، مثل لبنان وسوريا والعراق. بين أنّ هذه الدول ليست الجهات الحليفة المستهدَفة للمغرب، بل تعطي المملكة الأولوية في المنطقة إلى علاقاتها مع الدول الخليجية، التي تقدّم الدعم المالي والتأييد في المنتديات الإقليمية مقابل التدريب الأمني والدعم الدبلوماسي. ولن تغيّر هذه الاتفاقية علاقات المغرب بدولة قطر، وهي من أقرب الدول الحليفة للمغرب وستمتنع على الأرجح عن التعليق على الموضوع.

- والمهم أنّ الاتّفاقية سترسّخ علاقات المغرب العاصفة مع الكتلة السعودية الإماراتية لأنّ الإمارات العربية المتّحدة والبحرين سبق أن طبّعتا العلاقات. وأسّست كلتا الدولتَين أيضاً قنصليتَين لهما في مدينة العيون، في اعتراف منهما بأحقّية المغرب في تلك الأرض. وفيما لا تزال المملكة العربية السعودية صامتة بشأن إمكانية التطبيع، هي واحدة من الدول الحليفة الأقرب إلى إدارة ترامب في المنطقة وقد تحذو حذو المغرب في المستقبل، ولا سيّما إن جرى لقاء نيوم المزعوم فعلاً بين ولي العهد محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. أما عمان، وهي دولة خليجية أخرى قد تكون مرشحاً مرجَّحاً للتطبيع الجزئي، فسبق أن أشادت بقرار النظام المغربي.

السعودية

تاريخ التطبيع:

- على مدى أكثر من عقد، زار مسؤولون إسرائيليون الرياض سراً، وبينهم غانتس عندما كان رئيساً للأركان، ورؤساء الموساد مئير دغان وتامير باردو ويوسي كوهِن، أحد الأهداف: تنسيق أمني، وخصوصاً ضدّ إيران. اتصالات تجارية أثمرت صفقات.

- سلسلة جهات أمنية وسياسية إسرائيلية رفيعة المستوى زارت السعودية في السنوات الأخيرة، على ضوء المسعى الأميركي الحالي للتقريب بين الطرفين.

- زيارات الإسرائيليين للرياض تُجرى منذ أكثر من عقد. هي زيارات سرية، باستثناء واحدة هي الزيارة الاستثنائية الوحيدة التي قام بها رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2020، لمدينة نيوم على ساحل البحر الأحمر، حيث التقى بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وشارك في اللقاء أيضاً وزير الخارجية الأميركي حينها مايك بومبيو. نتنياهو توجّه إلى هذه الزيارة بطائرة خاصة، استُؤجرت خصيصاً لذلك. كذلك أغلبية الرحلات الأخرى لمسؤولين إسرائيليين للمملكة تمّت بطائرات خاصة.

- كذلك، مسؤولون في الجيش الإسرائيلي وفي المؤسسة الأمنية زاروا في العقد الأخير السعودية. أوّلهم وأبرزهم كان بيني غانتس الذي زار السعودية في الفترة التي كان فيها رئيساً للأركان. كما عُقدت لقاءات مع السعوديين بمستويات أخرى وفي أماكن أخرى، بمشاركة عدة ضباط برتبة لواء، وكذلك جهات مختلفة من وزارة الأمن. كما زار الرياض عدد من رؤساء مجلس الأمن القومي، بينهم كوهِن ومئير بن شابات. وعقد ممثلو مجلس الأمن القومي اجتماعات مع مسؤولين سعوديين في دول ثالثة أيضاً، خصوصاً في الخليج وفي أوروبا.

- الاجتماعات هدفت إلى توثيق التنسيق الأمني بين الطرفين اللذين يواجهان سلسلة طويلة من التهديدات المشتركة، وعلى رأسها إيران. السعودية تُهاجَم بوتيرة مرتفعة، ولا سيّما بواسطة صواريخ باليستية، ومؤخراً أيضاً بطائرات مسيّرة وصواريخ كروز. إيران كانت مسؤولة مباشرة عن هجوم الطائرات المسيّرة في أيلول/سبتمبر 2019 على منشآت شركة النفط السعودية أرامكو، التي تلقّت خسائر مادية واقتصادية بالغة.

المكتسبات:

إن أي تقارب بين المملكة والكيان المؤقت مرهون بتكافؤ العلاقة بين البلدين، فعلى المستوى العسكري يعد الكيان المؤقت هو الوحيد الذي يمتلك السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط مما يمنحه عامل التفوق في توازن القوى إقليمياً، وبناء على ذلك فإنه ينبغي السماح للمملكة امتلاك مثل هذه المقومات الردعية أو تجريد "إسرائيل" منها.

الدور الإقليمي:

إن الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني هو أطول صراع في المنطقة، وقد استخدمه المتطرفون لتبرير أفعالهم. كما شتّت انتباه الأطراف الفاعلة في المنطقة من التركيز على الخطر الرئيسي على المنطقة وهو إيران. إن حل هذا الصراع سيفتح المجال أمام التعاون الأمني، والتجاري، والاستثماري، وتعاون أكثر فاعلية في التصدّي لإيران، بحسب الذهنيّة السعودية.

- دور السعودية من خلال التطبيع يكمن في المساهمة في التصدّي لأي نشاطات تخدم "السياسات العدوانية" لإيران في الشرق الأوسط.

- زيادة الإجراءات الاقتصادية العدوانية الأمريكية والدولية المتعلّقة بالصواريخ الباليستية الإيرانيّة.

- زيادة الإجراءات الاقتصادية العدوانية المتعلّقة بالرعاية الإيرانية للإرهاب حول العالم.

- إعادة نظر مجموعة (خمسة + 1) في الاتفاق النووي مع إيران لضمان تنفيذ شروطه حرفياً وبشكل صارم.

- الحدّ من وصول إيران إلى أرصدتها المجمّدة، واستغلال الحالة الاقتصاديّة المترديّة لإيران وتسويقها لرفع درجة

- الضغط على النظام الإيراني من الداخل.

- التعاون الاستخباري المكثّف في محاربة "الجريمة المنظمة وتهريب المخدرّات المدعوم من إيران وحزب الله".

- السعودية ترى أن انسجام التقنيات الإسرائيلية مع القدرات الاقتصادية لدول الخليج وحجم أسواقها، والطاقة البشرية العربية، سيطلق القدرات الكامنة للشرق الأوسط ويحقق الازدهار، والاستقرار، والسلام.

- إن الدور الأكثر فاعلية للسعودية هو أن تدعم وتحشد الآخرين نحو حل يحقق عصراً جديداً من السلام والازدهار بين إسرائيل ودول العالم العربي والاسلامي.

- أما عن قضية اللاجئين الفلسطينيين فتؤكد السعودية سعيها لتوطينهم حيث هم، فمن الممكن للمملكة الاسهام بدور إيجابي إضافي في حل قضية اللاجئين من خلال دعم اقتراحات مبتكرة وجريئة مثل:

- إلغاء توصية جامعة الدول العربية الذي لايزال سارياً منذ خمسينيات القرن الماضي، والداعية بعدم تجنيس الفلسطينيين بجنسية أي بلد عربي.

- بذل الجهود لتوزيع اللاجئين الفلسطينيين على البلدان العربية وإعطائهم جنسياتها وتوطينهم فيها.

- ستسخّر السعودية قدراتها الدبلوماسيّة وعلاقاتها السياسيّة مع السلطة الفلسطينية ومع الدول العربية والاسلامية لتسهيل إيجاد الحلول المعقولة والمقبولة والمبتكرة بشأن القضايا المختلف عليها في البنود المتضمنة في المبادرة العربية للسلام التي تقدمت بها السعودية، ومن خلال تبني الولايات المتحدة للمبادرة بطرح الحلول الإبداعية للمسألتين الرئيستين، وهما مدينة القدس، واللاجئين الفلسطينيين، كالآتي:

- إخضاع مدينة القدس للسيادة الدولية، من خلال تبني مشروع بيل لعام 1937 ومشروع الأمم المتحدة لعام 1947 حول القدس، وهما مشروعان دوليان للتقسيم قد أوصيا بعدم ضم المدينة للدولتين اليهودية والعربية المقترح اقامتهما ووضع المدينة تحت السيادة الدولية، ونصّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) الصادر في 29/11/1947 القاضي بتقسيم فلسطين على إخضاع مدينة القدس لنظام دولي خاص تدار بموجبه من جانب الأمم المتحدة وأن يقوم مجلس الوصاية بتعيين مسؤوليات الجهة المديرة للمدينة وواجباتها ونص مشروع التدويل على عدم جواز اتخاذ أي طرف من الأطراف المتنازعة القدس عاصمة له

الخسائر:

إن تقارب السعودية من الكيان المؤقت يتضمن مخاطرة من قبل المملكة تجاه الشعوب الإسلامية، لما تمثله القضية الفلسطينية من مكانة روحية وإرث تاريخي وديني. ولن تُقدم المملكة على هذه المخاطرة إلا إذا شعرت بتوجه الولايات المتحدة الصادق ضد إيران، التي تقوم بزعزعة استقرار المنطقة من خلال رعايتها للإرهاب، وسياساتها الطائفية، وتدخلها في شؤون الغير، وخصوصًا أن هذا السلوك الإيراني قد أدانه العالم الإسلامي بالإجماع بشكل رسمي خلال مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في مدينة اسطنبول في شهر ابريل 2016  .

الأردن

تاريخ التطبيع:

ارتبطت العائلة الهاشمية الأردنية بالقضية الفلسطينية، خاصة عندما منحها البريطانيون دوراً خاصاً في الوصاية على المسجد الأقصى. كما لعبت العائلة المالكة دوراً في مفاوضاتها مع الحركة الصهيونية حول مشروع قرار التقسيم، وذلك بعد فشل الحركة الصهيونية في مفاوضة الحركة الوطنية الفلسطينية بقيادة الحاج محمد أمين الحسيني. وكشفت رئيسة حكومة الاحتلال السابقة غولدا مائير، في مذكّراتها، عن لقائها الملك عبد الله الأوّل حين كانت تشغل رئاسة الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية، للوصول إلى تفاهم بينهما قبل نكبة عام 1948.

الخسائر:

- رغم التأكيدات الرسمية بحصول الأردن على كامل حصته المائية في نهر الأردن بموجب اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة عام 1994فإن خبراء دوليين في قطاع المياه يتهمون إسرائيل بـ"سرقة المياه الأردنية من نهر الأردن، ومياه الآبار الجوفية بمنطقة وادي عربة والغمر جنوبي المملكة".

- ولا يتوقف الأمر عند "سرقة إسرائيل الحقوق المائية الأردنية" بحسب الخبراء الدوليين، بل يتم بيع تلك المياه إلى الجانب الأردني بواقع 50 مليون متر مكعب سنويا وعلى مدى السنوات الأربع القادمة، وذلك خارج إطار اتفاقية السلام والكميات المنصوص عليها، وفق مصدر رسمي.

- يؤكد مصدر مسؤول في وزارة المياه الأردنية أن بلاده تحصل على 55 مليون متر مكعب من المياه من الجانب الإسرائيلي بموجب بنود الاتفاقية، ويتم تزويد الأردن بها من مياه بحيرة طبريا، وتنقل تلك الكميات عبر قناة الملك عبد الله إلى العاصمة الأردنية عمّان للتحلي.

- بمرور أكثر من ربع قرن على معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، ربما لن يُقدم الأردن على إلغائها، رغم ما تسبّبت له من حرج كبير، خاصة لعدم التزام الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بإنهاء الصراع على أساس «حل الدولتين» وتطبيق قرار الأمم المتحدة 242، وفشلها في الوصول إلى مفاوضات التسوية النهائية في كامب ديفيد عام 2000. وقد بقيت هذه المعاهدة، إلى اليوم، محصورة في إطار رسمي وبعض العلاقات التجارية لأصحاب رؤوس الأموال، وسط رفض شعبي أردني لأي تطبيع مع إسرائيل.

المكتسبات:

- برأي زكي بني ارشيد الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في المملكة) فإن معاهدة وادي عربة لم تحقق أيا من أهدافها بعد مرور 26 عامًا على توقيعها.

- وفي ظل معاهدة وادي عربة -يتابع بني ارشيد للجزيرة نت- نشأ جيل أردني جديد حاولت الجهات الرسمية الأردنية "فرض ثقافة التطبيع عليه والانقلاب على الذات لتحقيق أوهام السلام في المنطقة".

- ويتساءل "هل نجحت عمليات الطحن الرسمية المستمرة في إنتاج عقيدة التصالح مع عدو انتهازيٍ غادر لم يحترم شركاءه ولم يلتزم بعهوده؟".

- ومن المقارنات -وفق بني ارشيد- أن اتفاقيات السلام السابقة (كامب ديفيد، أوسلو، وادي عربة) كانت مصحوبة بمساعدات ومنح أميركية ودولية، في حين الاتفاقيات العربية للعام 2020 وقّعت دون ثمن، وأكثر من ذلك أن الحكومات العربية هي من يمول الاستحقاقات المالية المترتبة على تلك الاتفاقيات.

- وقال أيضًا "هذا يعني أن وادي عربة لم تعد هي الصيغة الأنسب للاحتلال، فالدول العربية الداخلة لنادي التسوية قدمت خدمة لليمين الأميركي في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد أسبوع من الآن، وخدمة أخرى لليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفا وعدوانية".

الدور الإقليمي:

إبّان محاولات الكيان المؤقت تحويل مياه نهر الأردن من خلال قناة «بنات يعقوب»، اقترحت إدارته مشروع «جونستون» لتقسيم المياه عام 1953 بين كل من سوريا والأردن و"إسرائيل". وبصعود الحركة القومية بقيادة جمال عبد الناصر، بدأت "إسرائيل"، هي الأخرى، تشعر بحاجتها إلى إبقاء استقرار الحكم في الأردن، فأرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، ديفيد بن غوريون، إلى الرئيس الأميركي جون كينيدي، رسالة جاء فيها أن «بقاء الأردن تحت حكم الهاشميين يصب في المصلحة القومية الإسرائيلية». وترجمت الرغبة الإسرائيلية الأميركية في الحفاظ على النظام الأردني، في أعقاب أحداث «أيلول الأسود» عام 1970، حين تعهّدت "إسرائيل"، بموجب اتفاق أميركي ــ إسرائيلي، باستخدام سلاح الجو ضد الدبابات السورية الموجودة في إربد، وبشن هجوم بري ذي محورين ضد الأراضي السورية والقوات السورية في الأردن.

مصر

تاريخ التطبيع:

- على الرغم من أنه يمكن العودة بالعلاقات المصرية – الإسرائيلية إلى سنة 1977 (زيارة الرئيس السادات للقدس)، أو إلى سنة 1978 (توقيع اتفاق كامب ديفيد)، أو إلى سنة 1979 (عقد المعاهدة المصرية – الإسرائيلية)، فإن البداية الرسمية سوف تظل في سنة 1980، أي السنة التي شهدت إلغاء المقاطعة الاقتصادية للكيان المؤقت، وإنشاء سفارة كل من الطرفين لدى الطرف الآخر.

- وبذلك، فإن عقد الثمانينات، كان العقد الأول في العلاقات السياسية الرسمية بين الاحتلال ودولة عربية. ولأن هذه العلاقات هي الأولى من نوعها، وأنها جاءت في أعقاب تطورات صاخبة غيرت وجه الأحداث في المنطقة، فضلاً عن أنها تتم بين "إسرائيل" وأكبر دولة عربية، فقد كان من الطبيعي أن تحظى بكمٍّ كبير من الدراسات والكتابات: الإسرائيلية، والغربية، والعربية. ولذلك، فإن إحدى مشكلات تناول هذا الموضوع هي ما يجد الباحث فيه نفسه من طوفان من التحليلات والبيانات مما يحتم فرز ما تتزايد إمكانات صدقه وصحته عما تتزايد إمكانات كذبه وزيفه، وتمييز ما هو مهم وما هو ثانوي أو أقل أهمية، والأكثر من ذلك التمميز بين ما هو سبب أو متغير مستقل وبين ما هو نتيجة أو متغير تابع، وهكذا.

- في ضوء هذه الاعتبارات، فإن سعينا هنا لتحليل وتقويم الأعوام العشرة الأولى للعلاقات المصرية – الإسرائيلية سوف يتم وفق إطار للتحليل يفرق بين كل من العوامل المحددة أو الحاكمة لتلك العلافات، وبين مضمون هذه العلاقات.  ثم وظيفة هذه العلاقات أو عائدها.

الخسائر:

- في شباط/فبراير من عام 2018، حقّقت "إسرائيل" اختراقاً تطبيعياً نوعياً في البنية التحتية المصرية، عندما وقَعت اتفاقاً بقيمة 15 مليار دولار مع شركة "دولفينوس" المصرية لتصدير الغاز الفلسطيني المسروق إلى مصر من حقل "ليفاياثَن" (124 كم غربي حيفا)، وحقل "تامار" الأصغر حجماً (80 كم غربي حيفا، والذي أغلِق خوفاً من صواريخ المقاومة خلال معركة "سيف القدس" في أيار/مايو 2021). ويعدّ الكيان الصهيوني حقول الغاز نقطةَ ضعفٍ دفاعية له. لهذا، أجرت البحرية الصهيونية مناورة عسكرية كاملة، الأسبوع الفائت، تحاكي هجوماً عليها بالسفن من جانب محور المقاومة.

- في بداية عام 2020، بدأ الضخ الفعلي من حقلي "ليفاياثَن" و"تامار" إلى مصر، وارتفعت قيمة الصفقة الغازية إلى نحو 20 مليار دولار؛ 19.5 مليار دولار تحديداً. وتبيّن أن جزءاً من ذلك الغاز سيذهب إلى السوق الداخلية المصرية، على عكس ما أُشيع سابقاً عن أنه موجَّه إلى التصدير إلى أوروبا فحسب بعد تسييله في مصر، مع العلم بأن مصر وصلت إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز وأصبحت مصدّرِاً صافياً له منذ عام 2019، كما أن لديها أكبر حقل غازي شرقي البحر المتوسط، حقل "زُهر"، الذي يحوي احتياطيات تقدَّر بـ30 ترليون متر مكعب من الغاز، وهو حقل تملك امتيازه شركة "إيني" الإيطالية، التي تدير عمليات تشبيك الغاز الإسرائيلي والقبرصي والمصري بأوروبا.

- تُعَدّ صفقة الغاز المصرية - الإسرائيلية أهم صفقة تطبيعية بين مصر والكيان الصهيوني منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، كمياً ونوعياً، وتحولت مصر معها من مصدِّرٍ إلى مستورِدٍ للغاز من الكيان الصهيوني.

- لا يشكل الاستثمار ولا السياحة ولا التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين أرقاما تذكر في الاقتصاد المصري، مما دفع الولايات المتحدة لاحقا لابتكار اتفاقية "الكويز" علها تنشط التعاون التجاري، بحسب الخبير الاقتصادي ممدوح الولي. و"الكويز" اتفاقية تم توقيعها بين القاهرة وتل أبيب وواشنطن عام 2004، وتهدف إلى فتح الأسواق الأميركية أمام الصادرات المصرية (خاصة الملابس)، شريطة أن تحتوي على مكون إسرائيلي بنسبة 10.5% على الأقل.

- بحسب موقع الخارجية الإسرائيلية، بلغ حجم صادرات الكيان المؤقت إلى مصر عام 2015 نحو 113.1 مليون دولار، مقابل 147.1 مليون دولار عام 2014. في حين كان حجم صادرات مصر إلى الاحتلال في تلك الفترة أقل بكثير، إذ بلغ في عام 2015 نحو 54.6 مليون دولار فقط، مقابل 58.3 مليون دولار في عام 2014.

الدور الإقليمي:

- منذ معاهدة السلام مع دولة الاحتلال عام 1979، لم تعد مصر معنية بالصراع العربي الإسرائيلي إلّا بالقدر اللازم لما تقتضيه المصلحة الإسرائيلية، والإملاءات الأميركية التي تفرض على مصر لتحصل هذه الأخيرة على ما يُسمَّى بالمُساعدات، وهي مُساعدات تُعمِّق الارتهان المصري لواشنطن، و"التعاون" المصري مع "تل أبيب". ويمكن لهذه المُعطيات أن تفسّر استمرار التطبيع بين مصر والاحتلال رغم تصاعُد اعتداءات هذه الأخيرة على الفلسطينيين، وتنكّرها لأيٍّ من حقوقهم، وحملتها لتصفية القضية الفلسطينية، واستمرار التهويد في القدس والاعتداءات على المسجد الأقصى. وكان السيسي قد قال في مقابلة مع قناة CBS الأميركية بُّثت في كانون الثاني/يناير 2019، إنّ "العلاقة مع إسرائيل هي الآن الأمتن منذ بدئها، وهي تشمل كلّ المجالات".

- من تجلّيات هذه العلاقة، الدور الذي تلعبه القاهرة في ما يتعلق بقطاع غزَّة، إذ تبدو حريصة على عدم تدهور الأمور في القطاع المُحاصَر، وتعمل على إتمام ملف التهدئة بين حماس ودولة الاحتلال، خوفًا من انفجار الوضع الأمني في القطاع.

- ومن تجليّاتها أيضاً، زيارة وفد كنَسي إلى القدس المحتلة في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، عن طريق "تل أبيب"، بعد نشوب أزمة دير السلطان في البلدة القديمة للوقوف على الأزمة ومحاولة الحصول على إذن من الاحتلال لترميم الدير المُعرّضة بعض أجزائه للسقوط. وأتت الزيارة بخلاف قرار المقاطعة الكنسية وتحريم زيارة القدس قبل تحريرها، لحلّ الأزمة التي نشأت على خلفية اعتداء عناصر من الاحتلال على أحد الرهبان المصريّين في دير السلطان في 24/10/2018، في أثناء مشاركته في وقفة احتجاجية نظّمتها بطريركية الأقباط الأرثوذكس في القدس القديمة احتجاجاً على رفض حكومة الاحتلال قيام الكنيسة القبطيّة بأعمال الترميم داخل دير السلطان القبطي، فيما تتولّى حكومة الاحتلال هذه الأعمال داخل الدير لمصلحة الأحباش من دون موافقة الكنيسة القبطية.