• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
تقدير موقف

أبعاد التنافس الدولي حول برامج تحديث الجيش الياباني


في منتصف ديسمبر الماضي، وافق رئيس مجلس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا على التوسع الأكثر طموحاً وسرعةً للقوة العسكرية في اليابان منذ إنشاء قوات الدفاع الذاتي في البلاد (SDF) في عام 1954؛ وذلك بهدف تعزيز قدرة اليابان على ردع أي عدوان محتمل، والتأكد من أن قوات الدفاع الذاتي جاهزة للقتال في حالة اندلاع صراع في المنطقة؛ حيث تخشى حكومة طوكيو أن تكون روسيا قد شكلت سابقة من شأنها أن تشجع الصين على مهاجمة تايوان، وتهدد الجزر اليابانية القريبة، ولا سيما تعطيل إمدادات أشباه الموصلات المتقدمة، وتحكم سيطرتها الكاملة على الممرات البحرية التي تزودها بالنفط من منطقة الشرق الأوسط؛ لذا وعد رئيس الوزراء الياباني برفع حصة الناتج المحلي الإجمالي المخصصة للأمن القومي إلى 2%، ارتفاعاً من الحد الأقصى التقليدي البالغ 1% في العقود الأربعة الماضية، وهو ما لاقى ترحيباً واسعاً من جانب الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، التي سارعت إلى البحث عن تعاقدات مع اليابان في مجال تطوير قدراتها العسكرية. هذا الاهتمام بملف التحديث العسكري في اليابان ربما يخلق حالة من التنافس، وكذلك الصراع بين القوى الغربية، وهو ما قد يؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار في منطقة الهندو-باسيفيك.

محاور التطوير

ثمة محاور متعددة اشتملت عليها خطة الحكومة اليابانية لتطوير قواتها العسكرية، ومنها ما يلي:

1.  اعتماد وثائق عسكرية استراتيجية: على مدار الفترة الماضية، أعلنت طوكيو عن ثلاث وثائق ستوجه التوسع العسكري للبلاد: الأولى هي استراتيجية الأمن القومي، التي تعرض فيها طوكيو تقييمها للتهديدات التي تصطف ضدها، والتي ركزت فيها على كل من الصين وكوريا الشمالية وروسيا، وتضع الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية التي ستستخدمها لمواجهتها.

أما الوثيقة الثانية فتتعلق بخطة دفاع وطني لمدة عشر سنوات يُحدد فيها التعزيزات العسكرية المطلوبة لقوات الدفاع الذاتي للقيام بعملها، وتعتمد على قيادة عملياتية متكاملة جديدة، وتوسيع القدرات الفضائية والإلكترونية، واكتساب قدرات هجومية بعيدة المدى. وأخيراً الوثيقة الثالثة التي حددت خطة شراء أولية للأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة، ومدتها خمس سنوات؛ وذلك لتنفيذ خطة الدفاع؛ حيث سيتم إنفاق ما يقدر بنحو 320 مليار دولار خلال هذه الفترة التي ستستمر حتى عام 2027.

2. تعزيز القدرات الذاتية لليابان: اتخذت طوكيو العديد من الخطوات الضرورية التي ستضعها على طريق القوى العظمى والتي ترتكز على مركزية السياسة الأمنية وإنشاء مجلس للأمن القومي وتعيين مستشار للأمن القومي، بما يحاكي الهيكل التنظيمي وإجراءات القوى العظمى الأخرى، كما أعادت اليابان هيكلة بنيتها الدفاعية، وأشارت إلى أنها ستبني قوة دفاع متعددة المجالات ستسمح لها بالرد على التهديدات من البر والبحر والجو والفضاء؛ وذلك من خلال إنشاء لواء انتشار سريع برمائي، وإعادة تجهيز مدمرات طائرات الهليكوبتر، وزيادة قدرات الغواصات ومدمرات الدفاع الجوي والهجوم، لا سيما سعي صناع السياسة اليابانيين إلى إزالة القيود المفروضة على توظيف مثل هذه القدرات.

3. زيادة حجم الإنفاق العسكري: كشفت استراتيجية الأمن القومي الجديدة لليابان عن زيادة غير مسبوقة في معدل الإنفاق العسكري الياباني؛ فعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تخطط طوكيو لإنفاق 43 تريليون ين (313 مليار دولار)، لتعزيز قدراتها الدفاعية وشراء صواريخ وأسلحة للتعامل مع أي صراع محتمل، خاصة مع تأجيج التوترات الإقليمية والحرب الأوكرانية. ومن ثم، ستجعل مخاوف الحرب اليابان ثالث أكبر إنفاق عسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، بناءً على الميزانيات الحالية؛ إذ من المخطط أن تزداد ميزانية وزارة الدفاع إلى نحو عُشر الإنفاق العام بالمستويات الحالية.

هذا وكانت اليابان قد حظرت سابقاً صادرات الأسلحة الدولية، ولديها سقف صارم لميزانيتها الدفاعية (1% من الناتج المحلي الإجمالي) وليس لديها شركاء دفاع دوليون خارج الولايات المتحدة، بيد أن تخفيف ضوابط صادرات الأسلحة، لا سيما مضاعفة اليابان إنفاقها الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة، يشير إلى تحولات نموذجية في الموقف الأمني ​​لليابان، وهو ما يعد رقماً ضخماً بالنسبة لحجم الاقتصاد الياباني.

4. توسيع نطاق الانتشار العسكري: تم إرسال قوات الدفاع الذاتي والبحرية اليابانية إلى مناطق أبعد في عمليات انتشار عسكرية عبر المحيطين الهندي والهادئ، كما سبق أن أنشأت قاعدة عسكرية خارجية في القرن الأفريقي، إلى جانب مشاركة اليابان بقوات عسكرية في مختلف عمليات حفظ السلام ومكافحة القرصنة. ومن المتوقع أيضاً أن تعزز اليابان وجودها العسكري في جزرها الواقعة في أقصى الجنوب؛ حيث تضاعف عدد الوحدات العسكرية ثلاث مرات، وتزودها بقدرات تساعدها على اعتراض الصواريخ الباليستية.

اهتمام غربي

أنشأت اليابان شبكة عالمية من الشركاء الاستراتيجيين، بغض النظر عن الولايات المتحدة حليفتها التقليدية، بدءاً من أستراليا والهند والفلبين في المحيطين الهندي والهادئ إلى فرنسا والمملكة المتحدة في أوروبا، جنباً إلى جنب مع شراكة مؤسسية مع حلف شمال الأطلسي. ويمكن إيجاز أبرز هذه الشراكات على النحو التالي:

1. استمرار الشراكة الأمنية والدفاعية مع واشنطن: على مدى العقود السبعة الماضية، اعتمدت اليابان، التي تخلت عن حق شن الحرب بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، على الولايات المتحدة لحماية أمنها بالمنطقة. واستمراراً لهذا التعاون العسكري المشترك، بحث وزراء الخارجية والدفاع للبلدين مؤخراً جهود تعزيز تحالفهما الأمني، كما أكد الرئيس الأمريكي أثناء استقباله رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في واشنطن يوم 13 يناير الفائت، أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن اليابان، وأشاد أيضاً بـ”الزيادة التاريخية” في الميزانية العسكرية لليابان، واستراتيجيتها الأمنية الجديدة.

لقد تصاعدت مؤشرات التعاون العسكري بين الدولتين مؤخراً؛ إذ أعلنت طوكيو عن عزمها شراء المئات من صواريخ توماهوك كروز الأمريكية، كما أعادت الحكومتان التأكيد على جميع جوانب الالتزام الدفاعي الأمريكي تجاه اليابان، بما في ذلك المظلة النووية الأمريكية التي تهدف إلى العمل كرادع. هذا وقد أعلنت الولايات المتحدة أنها ستنشر مؤقتاً طائرات بدون طيار في اليابان للمراقبة البحرية لبحر الصين الشرقي.

وبموجب ترتيب الانتشار الأمريكي الجديد في اليابان، ستتحول قوات المارينز التي تخدم في أوكيناوا إلى وحدة أكثر قدرة على الحركة؛ الأمر الذي سيسمح لها بالانتشار بسهولة أكبر عبر الجزر الأخرى على طول الساحل عند الحاجة؛ إذ ينظر إلى أوكيناوا على أنها مفتاح عمليات الجيش الأمريكي في المحيط الهادئ. ويرجع ذلك جزئياً إلى قربها من تايوان، وضمها أكثر من 25 ألف عسكري أمريكي وأكثر من 20 منشأة عسكرية، وهو ما يقرب من 70% من القواعد العسكرية الأمريكية في اليابان. كما سيعتمد البلدان على استخدامهما المشترك للمنشآت في اليابان وإجراء المزيد من التدريبات في الجزر الجنوبية الغربية لليابان، وهي خطوة من المؤكد أنها ستثير حفيظة بكين، نظراً لقربها من تايوان والصين.

بالإضافة إلى ما سبق، أعلنت واشنطن وطوكيو، في شهر يناير الفائت، عن توسيع معاهدة الدفاع الخاصة بهما، لتشمل الهجمات من الفضاء وإليه وسط قلق متزايد بشأن التقدم السريع لبرنامج الفضاء الصيني.

2. اتفاق دفاعي مشترك مع بريطانيا: لم يقتصر الأمر على الولايات المتحدة فحسب، بل أعلنت اليابان والمملكة المتحدة، أثناء زيارة رئيس الوزراء الياباني إلى بريطانيا في يناير الفائت، عن توقيع البلدين اتفاقية دفاعية تخلق أساساً قانونياً لنشر كل من القوات البريطانية واليابانية على أراضي الأخرى، لا سيما من أجل التخطيط لتدريبات عسكرية مشتركة على نطاق أوسع وأكثر تعقيداً؛ الأمر الذي يجعلها أهم اتفاقية دفاعية بين البلدين منذ أكثر من قرن، وفقاً لبيان صادر عن الحكومة البريطانية، والذي أوضح أن هذه الاتفاقية بصدد العرض على البرلمانين الياباني والبريطاني للتصديق عليها خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وفي ديسمبر الماضي، أعلنت اليابان أنها ستبني مقاتلة نفاثة جديدة مع بريطانيا، في أول مشروع دفاعي دولي لها مع دولة أخرى غير الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. والجدير ذكره أنه سبق أن شاركت سفينة دورية بريطانية العام الماضي للمرة الأولى في تمرين “كين سورد”، وهي عملية تدريب منتظمة في المحيط الهادئ تنفذها البحرية اليابانية والأمريكية؛ وذلك في إطار الجهود البريطانية للتقارب مع اليابان في المجال العسكري.

3. بدء التعاون العسكري مع فرنسا: في أول زيارة رسمية له إلى باريس، خلال شهر يناير الفائت، تعهد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بمزيد من التعاون الأمني مع فرنسا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ؛ وذلك رداً على التدريبات العسكرية التي تجريها الصين في منطقة بحر الصين الشرقي، التي تعتبرها طوكيو بمنزلة محاولات صينية أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في هذه المنطقة. كما أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعداد بلاده لتقديم الدعم الكامل لليابان من أجل مواجهة انتهاكات كوريا الشمالية المتكررة للقانون الدولي في المنطقة.

4. توقيع اتفاقية أمنية مع أستراليا: في أكتوبر 2022، عقد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا جلسة مباحثات مع نظيره الأسترالي أنتوني ألبانيز في مدينة بيرث بغرب أستراليا، أشاد خلالها الجانبان بالعلاقات الاستراتيجية بين الدولتين، التي وصلت إلى مستوى جديد غير مسبوق، ودفعت زعيمي البلدين إلى توقيع اتفاقية أمنية جديدة تمتد إلى عشر سنوات، تهدف إلى مواجهة تصاعد النفوذ الصيني، خاصة في منطقة الهندو-باسيفيك، فضلاً عن تبادل المعلومات الاستخباراتية وإجراء المناورات العسكرية المشتركة، والتعاون في مجال الأمن السيبراني؛ الأمر الذي من شأنه تعزيز التعاون بين الجانبين في المجال الأمني في ظل اشتراك البلدين في تحالف “كواد” الرباعي مع الولايات المتحدة والهند.

تداعيات محتملة

مما لا شك فيه أن التنافس الدولي، والغربي بالأساس، على برامج التحديث العسكري الياباني، قد ينجم عنه مجموعة من التداعيات يمكن تصورها أبرزها الآتي:

1. إضفاء المزيد من التعقيدات في الهندو-باسيفيك: يرحب المؤيدون، مثل الولايات المتحدة وأستراليا، بمساهمات دفاعية أكبر من اليابان. ومع ذلك، تنظر الصين إلى أي زيادة في قدرات اليابان بشكل سلبي؛ حيث من المتوقع أن تثير اللهجة الأكثر قوة في استراتيجية الأمن القومي غضب الصين؛ إذ تحدد الوثيقة بكين على أنها تهديد أمني إقليمي، ولم تعد تنص على أن اليابان تسعى إلى شراكة استراتيجية متبادلة المنفعة مع الصين، كما تنظر الصين إلى التوجه العسكري الجديد لليابان باعتباره عاملاً محفزاً على استقطاب المزيد من القوى الدولية والغربية، إلى المنطقة، وهو ما قد يؤدي إلى المزيد من الضغوط عليها.

2. تصاعد محتمل في المعارضة الداخلية باليابان: لدفع فاتورة شراء الأسلحة والمعدات العسكرية، من المتوقع أن ترفع الحكومة اليابانية ضرائب على التبغ والشركات اليابانية، ولكن مع معارضة الزيادات الضريبية داخل الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، ما زال يتعين على الزعيم الياباني أن يقول متى سيطبق هذه الزيادات التي من المتوقع أن تشهد معارضة شعبية؛ ففي استطلاع للرأي أجرته قناة فوجي تي، عارض 66% من المشاركين الضرائب المزعومة لدفع تكاليف التطوير العسكري للجيش الياباني.

3. تنامي التحديات أمام النفوذ الأمريكي في اليابان: لا يمكن إغفال أن حالة التطور الحادث في الاستراتيجية العسكرية اليابانية، وبالرغم من تأكيد طوكيو وواشنطن استمرار التعاون بينهما، قد تؤدي إلى تنامي التحديات أمام النفوذ الأمريكي في اليابان؛ فتعددية الحلفاء الغربيين الطامحين إلى المشاركة في برامج التحديث العسكري الياباني، قد يتيح لليابان فرصة لموازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة، وخصوصاً أن الوجود الأمريكي الكبير داخل اليابان أثار الاستياء المحلي؛ حيث طلبت حكومة أوكيناوا من أجزاء أخرى من اليابان استضافة بعض القوة العسكرية الأمريكية، خاصة أن أوكيناوا تستضيف ما يقرب من 70% من القواعد العسكرية الأمريكية في اليابان.

ويلاحظ في هذا الصدد، أنه بالرغم من أن الوثائق التي تعبر عن استراتيجية الأمن القومي الجديدة لليابان تشمل لأول مرة إنشاء “قيادة مشتركة دائمة” تكون مسؤولة عن التنسيق بين الفروع البرية والبحرية والجوية لقوات الدفاع الذاتي والجيش الأمريكي، فإنها عبرت في الوقت ذاته عن حاجة اليابان إلى بناء نظام دفاع مستقل لا يعتمد فقط على الجيش الأمريكي؛ ففي ظل التحالف الياباني الأمريكي، اعتمدت طوكيو على واشنطن لضمان القدرة على الهجوم المضاد؛ حيث لعبت الولايات المتحدة دور “الرمح” واليابان دور “الدرع”. ووفقاً لاستراتيجية الأمن القومي الجديدة، ستتحول الاستراتيجية المستقبلية لقوات الدفاع الذاتي اليابانية من التركيز على نظام الدفاع الصاروخي المعترض إلى “الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل”.

وفي هذا الإطار، سيكون مستقبل العلاقات الأمريكية اليابانية مفتوحاً على سيناريوهات عديدة؛ فالولايات المتحدة ظلت على مدار عقود الحليف الأهم لليابان الذي يقدم لطوكيو الحماية والتأمين المطلوب. ومن ثم، قد لا تتقبل واشنطن بسهولة التخلي عن نفوذها، وربما تضغط على طوكيو لضمان حصول شركاتها على أكبر قدر من صفقات التسليح المطلوبة للجيش الياباني، وربما أيضاً تضغط على طوكيو لتحجيم تعاونها العسكري مع بعض الأطراف.

4. استدعاء تشابكات التنافس الأوروبي: من المرجح أن يؤدي التنافس الغربي على برامج التحديث العسكري إلى استدعاء ديناميات التنافس الأوروبي، وخاصة بين كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك ألمانيا؛ فالعلاقات الفرنسية البريطانية لم تكن على ما يرام طوال السنوات الماضية، وجاء إلغاء أستراليا صفقة الغواصات النووية مع فرنسا، في سبتمبر 2021، والاستعاضة عنها بغواصات نووية أمريكية في إطار تحالف “أوكوس” بينها وبين الولايات المتحدة وبريطانيا، ليؤكد حالة التنافس العسكري بين بريطانيا وفرنسا، كما أن ألمانيا هي الأخرى ستحاول الحصول على حصتها في برامج التسليح اليابانية، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم التنافس مع فرنسا وبريطانيا. لا سيما أنها أظهرت اهتماماً في الشهور الماضية بالعلاقات مع اليابان. وتجلى ذلك في زيارة وزيرة الخارجية الألمانية “أنالينا بيربوك” لطوكيو، في يوليو 2022، وتأكيدها أهمية التعاون بين الدولتين في مواجهة الصين وروسيا.

5. التكريس المحتمل لسياسات المحاور العسكرية: يحتمل أن يفضي التنافس على تحديث الجيش الياباني إلى التكريس لسياسات المحاور العسكرية في التعامل مع طوكيو؛ فمن جهة قد تعمل أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا على التنسيق فيما بينها للحصول على النسبة الكبرى من صفقات تحديث الجيش الياباني. وهو الأمر الذي قد يقابل بتعاون بين فرنسا وألمانيا، وبعض الدول الأخرى، لتنسيق مساهمتها في مسار تحديث الجيش الياباني.

خلاصة القول: تعد السياسات اليابانية الأخيرة تحطيماً للمحظورات القائمة منذ عقود، التي تبنت موقفاً دفاعياً منضبطاً نسبياً بموجب دستورها السلمي، الذي صاغته الولايات المتحدة بعد هزيمة طوكيو في الحرب العالمية الثانية، بيد أنه على الرغم من آفاقها المتوسعة، فإنها ستؤدي إلى تشابكات عديدة في ظل حالة التنافس الغربي القائمة حول برامج التسليح المطروحة لتطوير الجيش الياباني. هذه التشابكات لن تقتصر على تفاعلات اليابان مع القوى الغربية، لكنها ستمتد إلى طبيعة المعادلات الحاكمة لمنطقة الهندو-باسيفيك.