• اخر تحديث : 2024-05-02 20:55
news-details
مقالات مترجمة

"فورين بوليسي": السبب الأعمق لن يسلح نتنياهو أوكرانيا ضد روسيا


نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية مقالا للكاتب ستيفن كوك تناول فيه السبب الاعمق الذي يجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدم تسليح أوكرانيا ضد روسيا، معتبرا ان علاقة نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا أهم من دعم أوكرانيا بالسلاح. وفي ما يلي نص المقال مترجم الى العربية: 

إن علاقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا أهم من دعم أوكرانيا بالسلاح. 

عندما كان الرئيس الأميركي السابق جون إف كينيدي عضوًا في الكونجرس في الخمسينيات من القرن الماضي، كان من بين مجموعة من الأعضاء التشريعيين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ الذين سعوا إلى إنهاء حظر الأسلحة الأميركي على إسرائيل. على الرغم من هذا الضغط، لم يتزحزح الرئيس آنذاك دوايت دي أيزنهاور، معتقدًا أن الإعلان الثلاثي لعام 1950 - الذي وافقت فيه الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة على عدم بيع الأسلحة إلى المتحاربين الإقليميين - أفضل طريقة لمنع الحرب في الشرق الأوسط. وعندما تم انتخاب كينيدي رئيسًا خرج عن الاتفاقية وباع أنظمة الدفاع الجوي الأميركية هوك إلى الدولة اليهودية، وهو قرار يمثل بداية علاقة الدفاع بين الولايات المتحدة وإسرائيل كما عرفها العالم.

في منتصف كانون الثاني/ يناير طلبت إدارة بايدن من إسرائيل إرسال أنظمة هوك التي تعود إلى حقبة الخمسينيات من القرن الماضي، وكانت مخزنة في إسرائيل، إلى كييف لمساعدة الأوكرانيين في الدفاع ضد وابل الصواريخ الروسية والطائرات من دون طيار الإيرانية الصنع. وبحسب ما ورد فقد رفض الإسرائيليون.

لقد كان قرارًا صاعقًا من دولة حصلت على 107،806،200،000 دولار من المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة بين عامي 1946 و2021، وأُجبر سكانها (مثل أوكرانيا) على العيش تحت تهديد الصواريخ والصواريخ والطائرات من دون طيار - وعدد منها مستمد من التكنولوجيا الإيرانية.

واصل قادة إسرائيل شن "حربهم بين الحروب"، ومهاجمة الإيرانيين ووكلائهم في سوريا وأحيانًا العراق لضمان بقاء السكان الإسرائيليين في مأمن - بما في ذلك الهجوم على منشآت إيرانية نهاية الأسبوع الماضي الذي ورد أن المسؤولين الأميركيين نسبوه إلى جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد. ومع ذلك، يبدو أن الإسرائيليين يحرمون الأوكرانيين حتى من التكنولوجيا القديمة وغير المستخدمة لتأمين سكانهم. ولكن يجب ألا يندهش أحد من رفض إسرائيل إرسال الهوك.

ومنذ غزو فلاديمير بوتين أوكرانيا، لعبت الحكومة الإسرائيلية لعبة مزدوجة، ودعمت كلاميًّا استقلال أوكرانيا ومساعدة كييف إنسانيًا. فيما كانت تركيا مستعدة لبيع مُسيّراتها وأسلحة لأوكرانيا. لكن الإسرائيليين تجنبوا أي سياسات تدمر علاقتهم مع موسكو. وسبب هذا الموقف الرئيس هو أمني، فالوجود الروسي الكبير في سوريا وسيطرته على الأجواء مهم لإسرائيل التي تقوم بعمليات ضرب جماعات الحرس الثوري الإيراني أو الجماعات الوكيلة عن إيران الموجودة على الأراضي السورية. ويريد الطيارون الإسرائيليون خفض التوتر مع الروس، لأن بوتين وإن اتفق مع آية الله علي خامنئي على دعم بقاء بشار الأسد، إلا أنه يريد من إيران أن تكون لاعبًا صغيرًا. 

حتى وإن كانت العلاقات الروسية- الإسرائيلية أمنية، لكن هناك أمر آخر، فإذا كان قادة إسرائيل ينظرون إلى بلدهم على أنه ديمقراطي وجزء من الغرب، فالمواقف العامة مهمة. فقد تغيرت المواقف الإسرائيلية وبثبات في ظل بنيامين نتنياهو نحو اليمين. وأقامت حكومته علاقات لا تصنف وفقًا لأي من الفئتين. يبدو أن السياسة القائمة على القومية والهوية والخوف من الليبرالية والعداء للمسلمين سبب في دفع إسرائيل نحو كتلة الدول غير الليبرالية، خاصة روسيا وهنغاريا والهند وبولندا والبرازيل في ظل جائير بولسونارو.

الميول المتقاربة لا تسير بنفس الاتجاه بالطبع؛ فبولندا برزت كأكبر داعم لأوكرانيا، وأثبتت أنها مهمة لجو بايدن وحربه ضد الاستبداد. ومع ذلك فبولندا تشترك في الكثير مع ملامح نظام بوتين، فحزب القانون والعدالة لا يزال معاديًا للديمقراطية الليبرالية، وهو نفس اتجاه إسرائيل اليوم. ولا يبدو نتنياهو محاربًا طبيعيًا في الحروب الثقافية، ويفضل التركيز على الأمن وكيفية تقديمه إلى لمواطنين الإسرائيليين. لكنه أظهر ميلًا في وقت الأزمات لرمي ثقله وراء ناشري العنصرية والتعاون مع الجماعات المتطرفة. ففي العام 2015 حذر الناخبين الإسرائيليين عبر تويتر من أن الحكومة اليمينية في خطر، وأن العرب في إسرائيل تدفقوا بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع، حيث يقوم اليسار بنقلهم عبر الحافلات. وتحالف في الفترة الأخيرة مع القوميين اليهود الدينيين غير الليبراليين التي يشترك قادتها برؤية اليمين المتطرف العالمية ويعتبر بوتين زعيمها. فحكومته التي تضم إيتمار بن غفير وبتسليئل سمورتيش وأفي ماعوز ليس لديهم أي التزام بالديمقراطية. ويبدو أنهم مهتمون باستخدام الوسائل الديمقراطية لدعم أجندة غير ديمقراطية. وعلى الرغم من أن حكومة نتنياهو ضمّت أحزاب أخرى غير الأحزاب الصغيرة التي يمثلها ماعوز وسمورتيش وبن غفير، إلا أنهم يتصرفون وكأن لديهم التفويض لحرف مسار القرار في الكنيست الذي يتمتعون فيها مع حلفائهم بهامش غالبية ضيق.

وفي الوقت الذي ركز فيه الإعلام على فكرة تحالف نتنياهو مع هذه الجماعات لمساعدته الهروب من الملاحقات القانونية، إلا أن هذا أقل ما يمكنه القيام به، وهو منح الكنيست فرصة لتجاوز قرارات المحكمة العليا التي لا تناسبهم. وسيؤدي هذا لمنحهم فرصة لتوسيع الاستيطان في الضفة، وتقييد حقوق الأقليات، وتغيير الهوية اليهودية بناء على التعريف الأرثوذكسي.  وسيشمل تغييرًا في قانون حق العودة اليهودي، وستتعرض أوضاع المثليين للخطر، فقد تعهد ماعوز المعادي لهم بممارسة سياسات ضدهم. وما سيحدث هو متابعة الساسة الذين تحالفوا مع الدول غير الليبرالية ـ بمن فيها روسياـ لسياسات قومية ودينية.

ولطالما وجد النظام الإسرائيلي صعوبة في التوفيق بين مبادئ الديمقراطية والقومية الدينية- الإثنية. وحاول قادتها على مدى 75 عامًا إدارة هذه التناقضات والمشاكل التي خلقتها الدوافع المتنافسة، لكن الحكومة الجديدة لا تريد إدارتها، بل تريد تعزيز فكرة الدولة اليهودية بناءًا على تعريف لما هو يهودي، ولا تحاول استيعاب من يقع خارج هذا التعريف لليهودي.