• اخر تحديث : 2024-05-02 20:55
news-details
مقالات عربية

نتنياهو يختار التفاهم مع سموتريتش


نجح بنيامين نتنياهو في إعادة رص صفوف ائتلافه الحكومي، بعد أن وقّع مع سموتريتش وغالنت وثيقة تفاهمات، تؤكد وتقصل صلاحيات سموتريتش في الضفة، المتعلقة بفرض زمام سيطرته على الشؤون الاستيطانية وعلى الأراضي المصنفة بالمنطقة (C)، بما يشمل الإشراف على كل ما يتعلق بالاستيطان، من شرعنةٍ وتخطيطٍ وإقامةِ وحدات استيطانية ومصادرةِ أراضٍ وشقّ طرق التفافية وهدم منازل الفلسطينيين المبنية في المنطقة (C) بحجة البناء غير القانوني بمعايير وقوانين الإدارة المدنية. وقبل ذلك بيوم، صادقت حكومة الاحتلال على بناء 7287 وحدة سكنية داخل المستوطنات، وهو يشكل ضِعف ما تم بناؤه في العام الماضي.

وبنقل صلاحيات الإدارة المدنية من وزير الأمن غالنت إلى وزير الأمن الثاني في الوزارة سموتريتش؛ يكون نتنياهو قد رأب الصدع بين غالنت وسموتريتش، الذي حدث على إثر إصدار غالنت أوامر بهدم كرم استيطاني قبل أيام، والذي على إثره غرد سموتريتش مهاجمًا غالنت ومهددا بأنه يعرف كيف يلزم نتنياهو بتطبيق ما جاء في الاتفاق الائتلافي الذي وقعه مع "الليكود".

نتنياهو - الذي يهتم أولًا وقبل أي شيء بسلامة ووحدة ائتلافه - اضطر وبعد محاولات للمناورة مع سموتريتش، إلى الانصياع لمطالبه، ومردّ ذلك هو غياب الموقف الفلسطيني والعربي والدولي، فبرغم تحذير البيت الأبيض من شرعنة بؤر استيطانية ومن السماح لسموتريتش ببسط سيطرته على الضفة؛ إلا أن نتنياهو الذي قدّر بأن التهديدات الداخلية أقوى وأخطر وأهم من التحذيرات الخارجية الخجولة والركيكة، اختار سموتريتش. وقد كان اختياره غير مكلف، حيث إن رد الفعل الوحيد تقريبًا على بيان الحكومة بشرعنة تسع بؤر استيطانية وبناء آلاف الوحدات السكنية، جاء على لسان مجلس الأمن الذي أصدر بيانًا رئاسيًا يُعبر فيه عن قلقه من أن الأمر قد يعيق حل الدولتين، وطالب جميع الأطراف بعدم اتخاذ خطوات اتحادية، حتى إن بيان مجلس الأمن غاب عنه أن شرعنة البؤر الاستيطانية والبناء الاستيطاني تعتبر خرقًا للقانون الدولي، وخرقًا لقرارات مجلس الأمن ذاته.

حكومة الفاشيين تُظهر سلوكًا منفلتًا على كل المستويات، والعدوان هو عدوان شامل بلا توقف، فمن مجزرة إلى أخرى، وقتل وتغول في الدم الفلسطيني بلا حسيب ولا رقيب، فاستشهاد أحد عشر شهيدًا في عملية قتل وحشية وجماعية دون رد حقيقي فلسطيني أو عربي يمنح القتلة المزيد من الجرأة والإحساس بحرية القتل، والإفلات من العقاب والتفاخر في الإعلام الإسرائيلي بنجاح قوات الأمن بتصفية عدد كبير من "الإرهابيين".

العنف والإرهاب الاحتلالي والاستيطاني المتواصل دونما ثمن حقيقي تدفعه دولة المستوطنين، يفتح الأبواب على مزيد من التصعيد في الأسابيع والأشهر القادمة، لا سيما وأننا مقبلون على فترة تتصف بالحساسية والقابلية للاشتعال، شهر رمضان الكريم وأجندات المستوطنين الاستفزازية في القدس وفي الضفة.

غياب رد الفعل الفلسطيني الرسمي المقبول شعبيًا، وكذا غياب الفعل الفصائلي؛ يبقي الشارع الفلسطيني مكشوفًا في ابتداع أشكال وطرق مقاومة ارتجالية، يؤكد من خلالها إرادته ويعلي صوته في مواجهة آلة الحرب والاستيطان.

نتنياهو يسجّل نجاحات ليس في العدوان على الأرض الفلسطينية؛ بل وفي العدوان المتكرر على الأراضي والأجواء الإقليمية، فمن قصف في إيران إلى قصف في قلب دمشق، ومن جهة أخرى ينسج المزيد من خيوط التطبيع، وصلت إلى زيارة علنية لوزير الخارجية كوهين إلى السودان، وفتح أجواء سلطنة عمان أمام الطيران المدني الإسرائيلي، وتسريبات عن محادثات على صفقة تطبيع مع السعودية، وهي نجاحات كبيرة ومؤسفة لكنها لا تنجح أبدًا في ثني الضحية الأولى للصهيونية عن المقاومة والتمسك برفع راية الحق والجهاد وبث التفاؤل وزرع الأمل في الشعب الفلسطيني وفي كل الأمة العربية والإسلامية، مؤكدة أنه مهما علا طغيان وعربدة المجرمين، ومهما تهاون وتآمر المطبعون؛ فإن الكلمة الأخيرة ستظل لإرادة الحياة والحرية والجهاد، وإن فجر الأحرار قادم مهما كانت حلكة ليل الاحتلال.