هذا ليس اعلانا تجاريا مع الأسف.. بل عنوان مقالة استفزت عقلي منذ تركت القاعة التي تشرفنا فيها بلقاء سماحة السيد حسن نصر الله وقال لنا في خطابه، اكتبوا اقتراحاتكم وتحليلاتكم وأنا اقرأ ما تكتبون فلعلنا نجد من خلال مشاركة سكنى العقول مع العقول والقلوب مع القلوب، كل الحلول لمشاكلنا..
لن ادخل ههنا في تحليل الخطاب، فغيري فعل الكثير..
بل أقول إنني معني هنا بحوامل النصر وحوامل المقاومة وهم بالطبع: الناس الجائعون لا ينتصرون.
تلك حقيقة صادمة لا أطالب أحدا من محور المقاومة أن يذكرها، لكنني وغيري نذكرها هنا..
لقد انكشف الشعب السوري على زلازل أظهر أنه قد فقد الكثير من المقومات التي كان كل محبو سوريا يتغنون بها، بلد الفقير الذي يستطيع أن يستقبل ضيوفا في بيته ويطعمهم من مونته...
والمقومات الأساسية للإنتاج الزراعي والصناعي قد جرى ضربها بالحرب والحصار...
في سوريا على الأقل ستة مناطق إنتاج زراعي خصبة جدا ووفيرة المياه هي: منطقة الغاب والساحل وحوض العاصي وحوران والزبداني وغوطة دمشق وحوض مسكنة حلب ودير الزور، وكلها تحت سيطرة الدولة السورية..
هذه المناطق تستطيع لو زرعت بالطرق الحديثة اطعام الشعب في سوريا ولبنان والأردن، حيث تقوم سهول هولندا بتصدير نفس السلع للعالم كله من مناطق أصغر منها...
إذا اضفنا اليها مناطق في البقاع وجنوب لبنان، وسهولا واسعة هائلة بين دجلة والفرات، فسوف نكون أمام ثورة زراعية حقيقية.
الفكرة:
إزالة القيود التي تكبل ايادينا واقلامنا لا تقتصر على مقارعة العدو بالسلاح الصانع لتوازن الردع معه وهو الأمر الاخذ بالتحقق فعلا.
لكن لا بد لنا من اجتراح نظرية اقتصادية خاصة بالمقاومة تحت عنوان ان لا نترك اهل المقاومة يجوعون كما لا نترك أسرانا في السجون.
ما الذي يمنع محور المقاومة من تأسيس أكبر شركة للإنتاج الزراعي الغذائي وفق النهج الذي تتبعه الصين حاليا، أي أنني لا أعنى أبدا دعوة الميسورين واصحاب المال من المقربين لنا لفعل ذلك، لأن الأمر لن يلبث إلا ويعود للاصطدام بالعبارة الممجوجة بأن: رأس المال جبان.. وهنا لا أريد الخوض في قضايا الجبناء..
النهج الصيني الذي حقق المعجزة هو القرار الأعلى بتأسيس الشركات الضخمة ومنحها كل التسهيلات المطلوبة وغالبا ما يرأسها ضابط او إداري فذ.
مهمة هذه الشركة هي استزراع مئات آلاف الهكتارات من الأراضي بالمواد الزراعية المطلوبة بالشراكة مع اصحابها وفق نسب رضائية وذلك ما يمكن بحثه من خلال إصدار القوانين المسهلة للأمر، وعدم اخضاع المنتجات لمنطق التسعير وفق العرض والطلب، بل وفق توزيع قسم منها على عائلات المقاومين وبيع قسم آخر لتحقيق الربح العام.
الفكرة تأتي لكي تلغي تأثير الدولار في التعاملات، وهو الأمر الذي سيعني ان النقل والتوزيع سيكون مفتوحا بين بغداد ودمشق وبيروت دون خضوع الأمر لفكرة التصدير والاستيراد، تمامآ كما حصل مع فتح الحدود أمام قوافل الحشد الشعبي التي أتت من العراق ولبنان والأردن لنقل الغذاء للمنكوبين بسبب الزلزال..
هنا بت أسأل نفسي: إذا كنا قادرين على اجتياز الحدود وإرسال آلاف الاطنان من المواد بسهولة ويسر بسبب الكارثة، ألسنا نعيش كارثة القيود التي نقيد نحن أنفسنا بها؟
يعلم أهلنا من العراق الشهم أنهم وحين ينقلون الاغذية والبيوت الجاهزة للعائلات في حلب، إنما هم ينقلون العون إلى أكثر متحد سكاني انتاجا في منطقة الشرق كله، فهذه المحافظة وحدها كانت تحتوي قبل الحرب على اربعين ألف منشأة صناعية تضاهي في حجم ونوعية انتاجها مثيلاتها في تركيا وإيطاليا والصين، وهؤلاء لا يحتاجون سوى إلى رفع الجور الذي ألم بهم بكل قسوة، ليعودوا أكبر المنتجين في العالم.
نحن سننتصر نعم، ذلك فعل ايمان ولكن ماذا بعد النصر..
إذا لم يقترن نصرنا بتحقيق النهضة التي تبدأ بالإنتاج الزراعي لغذائنا كما اخترعت هذه الأرض زراعة القمح ووجد ذلك في مملكة ايبلا قرب حلب منذ آلاف السنين، فإننا سنكون غافلين عن أهم ما يعزز ذلك النصر.
اخيرا فإن كل ما ورد في هذه المقالة من أفكار هي رؤى وليست دراسات جاهزة فهذا ما يجب أن ننجزه من خلال الحوار مع الخبراء والذين بالتعاون، يمكن ان تستحيل المعجزات واقعاً....