• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
إصدارات الأعضاء

إستعادة دمشق لمقعدها في "الجامعة العربية"... إعتراف بالحكم... ومدخل لتفعيل علاقاتها الدولية


حملت زيارة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي إلى سورية، في الأيام الفائتة، دلالاتٍ هامة ، من حيث التوقيت، والرمزية، والمضمون، وهي لم تكن مجرد زيارةٍ بروتوكوليةٍ فحسب، بل إعلان ولوج سورية والمنطقة مرحلةٍ جديدةٍ، تحديدًا على صعيد العلاقات الدولية، في ضوء التطورات والتحولات في مجرى هذه العلاقات على الصعيدين الإقليمي والدولي.

أولًا- من حيث التوقيت، فقد جاءت هذه الزيارة إثر إنعقاد مصالحة بكين، بين السعودية وإيران، برعاية الصين من جهة، وبعد عودة العلاقات الثنائية بين دمشق والرياض من جهةٍ ثانيةٍ. وهنا، فقد تم تحديد موعد الزيارة المذكورة في توقيتٍ لا يستفز السعودية، كبرى دول الخليج، خصوصًا انها تتصدر اليوم قائمة الدول الساعية إلى إستعادة دمشق لمقعدها في جامعة الدول العربية.

ثانيًا- من حيث الرمزية، وهي قد تكون الدلالة الأبرز للزيارة الإيرانية، كونها تشكّل بدايةً لكسر العزلة الدولية لسورية، التي حاول المحور الغربي فرضها على دمشق. فهي أول زيارة لرئيس دولةٍ فاعلةٍ في المنطقة، عقب إندلاع الحرب الكونية على سورية في منتصف آذار 2011، سبقها زيارة للرئيس السوداني السابق عمر البشير في نهاية العام 2018. بالتالي، فإن زيارة رئيسي لسورية، هي تكريس لسقوط هذه العزلة، إيذانًا بدخول سورية مرحلة ما بعد فشل الحرب الكونية عليها، وإنطلاق مسيرة دمشق نحو إستعادة علاقاتها الدولية، ودورها الريادي في المنطقة، والعالم العربي. إلى ذلك، فلاريب أن وجود وفد رئاسي من إيران في دمشق، للبحث في شؤونٍ إقتصاديةٍ وإنمائيةٍ، له دلالة واضحة على إنتهاء الحرب على سورية، وإنتصار محور المقاومة على المحور الغربي، سيما وأن حلفيّ الدم والنصر، الجمهورية الإسلامية وسورية، هما الركيزتان الأساسيتان لهذا المحور.

ثالثًا- من حيث المضمون، فقد تضمن الوفد الرئاسي الإيراني الذي زار دمشق أخيرًا، شخصياتٍ إقتصاديةٍ، بالإضافة الى العسكرية، فلاريب أن وجود إقتصاديين ضمن الوفد، يهدف إلى تعميق العلاقات الثنائية الإقتصادية بين إيران وسورية، وتفعيلها خلال المرحلة المقبلة، أي مرحلة ما بعد الحرب، على إعتبار أن هذه العلاقات موجودة أساسًا. فمعلوم أن التحالف الإيراني- السوري، قائم غداة إنتصار الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979.

غير أن توقيع إتفاقيات إقتصادية وإنمائية بين الجانبين الإيراني والسوري في هذا التوقيت، يحمل في طياته إعلان ضمور الدور العسكري في سورية، رغم تأكيدهما تعزيزه على المستوى الإستراتيجي، ولكن تبقى الدلالة الأساسية، هي ولوج سورية مرحلة الإستعداد للبدء في عملية إعادة الإعمار، وإعلان عزم إيران على المشاركة فيها. وتعقيبًا على ما ورد آنفًا، يؤكد مرجع في العلاقات الدولية، أن الهدف الأساسي للزيارة هو تكريس التحالف الإستراتيجي القائم بين البلدين، وتعميقه. وتحمل أيضًا في أبعادها رسالةً واضحةً إلى المحور الأميركي- الغربي، مفادها: أن المنطقة مقبلة على مرحلةٍ جديدةٍ من العلاقات الثنائية بين دول هذه المنطقة، خصوصًا بعد عقد "مصالحة بكين" بين السعودية وإيران، وبدء المحادثات التركية- السورية، برعاية روسيةٍ، أي أن المنطقة لم تعد تحت النفوذ الأميركي المطلق، في ضوء تبلور الثنائي القطبية على الساحة الدولية، وعمادها الصين وروسيا.

وفي السياق، قللت مصادر في المعارضة السورية من الأهمية الإقتصادية لهذه الزيارة، لافتةً إلى أن العلاقات الإقتصادية قائمة منذ أربعة عقود، ولكنها غير مجديةٍ، مادامت إيران تحت الحصار الأميركي، كذلك لم يبادر حتى الساعة الطرفين السوري والإيراني،إلى إنشاء مصرفٍ للتعاون التجاري بينهما، رغم كل الكلام الدعائي عنه، على حد قول المصادر. لكنها توافق على ما ورد آنفًا للناحية الرمزية للزيارة المذكورة.

وفي سياق منفصل، تؤكد المصادر المعارضة أن إستعادة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية، إذا تمت، تكون الحدث الأبرز والأهم في مستجدات الوضع السوري، على إعتبار أن العزلة الدولية للسلطة السورية، بدأت إثر مواقف عربية، حاولت نزع الشرعية عن هذه السلطة، وإستخدمت منبر ومقام الجامعة، لإسقاط الشرعية عن الحكم في دمشق، بالتالي فإن إستعادة مقعدها، تؤكد إعتراف الدولة العربية المنضوية في إطار الجامعة، بشرعية هذا الحكم. بالتالي فإن هذا الإعتراف، يشكّل المدخل الأساسي لعودة دمشق إلى ما كانت عليه قبل بدء الأزمة في العام 2011، تحديدًا لجهة إعادة تفعيل مختلف علاقاتها الدولية