أقلق تأخّر ردّ حركة الجهاد الإسلامي قرابة 35 ساعة على عملية اغتيال ثلاثة قادة كبار منها في قطاع غزة كما قال عاموس هرئيل في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية بعنوان: "بعد أن أقلقها تأخر رد الجهاد.. إسرائيل: ماذا عن حماس و19 أيار؟"؛ وقال: "إن تأخر الرد الفلسطيني ليوم ونصف كان أمراً استثنائياً جداً، وأثار قدراً لا بأس به من علامات الاستفهام في إسرائيل. في البداية، حاول الجيش الإسرائيلي الادعاء وكذلك في المستوى السياسي أن الأمر ينبع من الصدمة التي ألحقتها العملية بقيادة الجهاد والتي تكبدت خسارة فادحة. ولكن إسرائيل تميل دائماً للمبالغة في تأثير خطواتها العسكرية على الطرف الآخر... بعد ذلك، وفي حوالي الساعة 13:30 ظهراً، أطلق الجهاد الإسلامي للمرة الأولى عدة مئات من الصواريخ نحو غلاف غزة وإلى الشمال منه... والتصريحات الفلسطينية أبرزت النشاط المنسق للتنظيمات في إطار غرفة العمليات المشتركة في القطاع. شخصية رفيعة في حماس، حسام بدران، أكد أن الاغتيالات الإسرائيلية مست بالشعب الفلسطيني كله، ولهذا فإن الرد سيمثل كل فصائله. متحدثون آخرون ذكّروا بالسيناريو الذي يقلق جهاز الأمن منذ عدة شهور – رد من ساحات متعددة (ومن بينها لبنان والضفة الغربية) والذي من شأنه أن يدهور المنطقة ويوصلها إلى حافة حرب..".
وجاء ردّ المقاومة الفلسطينية بمعركة "ثأر الأحرار" على اغتيال ثلاثة من قادة سرايا القدس.
ولأهمية هذه القضية، أعدت الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين عددًا من المقترحات للتعامل معها في الخطاب الإعلامي.
أولًا ـ تأكيد وحدة الشعب الفلسطيني في كل الساحات خلف المقاومة في غزة، والمعنويات المتقدمة مقارنة مع حالة الخوف والهلع التي تسود مستوطني الكيان المؤقت.
ثانيًا. تأكيد أن المواجهة الحالية استمرار للمواجهة التي بدأت في شهر رمضان الفائت، وتشكل تراكمًا في التصعيد في مواجهة العدو، وصمود قيادة المقاومة الفلسطينية في وجه الضغوطات الدولية والعربية للقبول بالشروط الصهيونية. وهو ما عكسته صحافة الكيان المؤقت، بينها ما كتبه موقع أي 24 تحت عنوان:"رسالة إسرائيل إلى الجهاد الإسلامي وسبب "عقبة" محادثات وقف إطلاق النار"، ونقل فيه عن مسؤول مصري قوله "إن المحادثات "اصطدمت بعقبة"...
وفي مقال تحت عنوان: "مسؤولون إسرائيليون ينفون تقديم تنازلات للجهاد الإسلامي مقابل وقف إطلاق النار" ذكر موقع تايمز أوف إسرائيل "قال مسؤولون إسرائيليون يوم الخميس إن إسرائيل تجري محادثات مع دول عربية بشأن وقف محتمل لإطلاق النار لإنهاء القتال مع حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في قطاع غزة، لكنهم نفوا تقارير تزعم أن إسرائيل ستوافق على عدد من التنازلات المثيرة للجدل.
ثالثًا ـ تأكيد وحدة الفصائل تحت لواء الغرفة المشتركة وكذلك إمكانية توحيد الساحات بدءًا من الضفة والداخل المحتل، وإفشال كل محاولات العدو للتفرقة. وهو ما عكسته تصريحات فصائل المقاومة الفلسطينية وبياناتها؛ ففي هذا السياق صرّح الناطق العسكري باسم سرايا القدس -الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين- أبو حمزة "أن المقاومة خالفت التوقعات كلها، وجعلت العدو يرتعب خوفًا لـ 35 ساعة". وقال: "نقول للعدو إننا جاهزون لتوسيع دائرة النار مهما كلف الثمن، وطالما أن صواريخ المقاومة طالت أهدافها في عسقلان وسيديروت وبئر الشبع وتل أبيب، فإننا قادرون على أن نحقق أهدافًا جديدة وبعيدة في العمق الإسرائيلي”.
أن "قيادة المقاومة في انعقاد دائم منذ اللحظة الأولى لإقدام العدو على اغتيال أبناء شعبنا...غرفة العمل المشتركة منظومة متكاملة... وأن الغاية من هذا العمل الفصائلي المشترك هو الثأر لقادتنا الذين سقطوا شهداء الواجب..."
بدوره أكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم أن العمل الذي تقوم به فصائل المقاومة في غرفة العمليات المشتركة في معركة ثأر الأحرار تمثل ردًا جماعيًا لفصائل المقاومة ضد اغتيال القيادي في حركة الجهاد عدنان خضر. وقال "إن غرفة العمليات المشتركة تجمع لفصائل العمل العسكري، وجميع العمليات تتم وفق تنسيق مشترك ... وحالة التنسيق بين فصائل المقاومة أزعجت إسرائيل، ولذلك تحاول جاهدة أن تنال من هذا التنسيق".
وقال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هاني الثوابتة إن "كتائب أبو علي مصطفى جزء من غرفة العمليات المشتركة وذراع أساسي من أذرع المقاومة الفلسطينية... فصائل المقاومة الفلسطينية أمام تحدٍ واحد هو مواجهة دولة خارجة عن القانون، وجيش لا يعترف بحقوق الشعوب".
من جهته، أكد القيادي في لجان المقاومة حسن الششنية أن "فصائل المقاومة توحدت ووحدت بنادقها باتجاه العدو الذي بدأ باغتيال كوادر المقاومة". وقال: إن ألوية الناصر صلاح الدين شاركت هي الأخرى في القصف الصاروخي باستهداف عدد من المستوطنات في الداخل الإسرائيلي... وكل من يشارك في غرفة العلميات المشتركة كان يعمل ضمن إطار المقاومة وضد التغول الإسرائيلي".
وقال نائب الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين جميل مزهر في تصريح صحفي: " المعركة معركة المقاومة والشعب الفلسطيني كله الذين لن يسمحوا للعدو الصهيوني بالاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي".
ومن جهتها، قالت مجموعات عرين الأسود: "نقول لكم بأننا طوع أمركم فلا صوت يعلو اليوم فوق صوت المعركة، ونقول للاحتلال ارتقب جيدًا فكلها ساعات وجهنم تفتح أبوابها على مصراعيها".
يذكر أن الغرفة المشتركة تضم 12 ذراعا عسكريا لفصائل المقاومة وهي: كتائب الشهيد "عز الدين القسام"، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، و"سرايا القدس"، الذراع العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، وتشارك كتائب "شهداء الأقصى" التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بمسميات هي: (لواء نضال العامودي، جيش العاصفة، مجموعات الشهيد ايمن جودة، كتائب عبد القادر الحسيني). كما تشارك كتائب "أبو علي مصطفى" الذراع المسلح للجبهة الشعبية، وكتائب "المقاومة الوطنية" الذراع المسلح للجبهة الديمقراطية (وهما من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية)، ألوية الناصر صلاح الدين، الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية. ومعهم، كتائب الشهيد "جهاد جبريل" الذراع المسلح للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، كتائب "الأنصار" الذراع العسكري لحركة "الأحرار الفلسطينية"، وكتائب "المجاهدين" الذراع العسكري لحركة "المجاهدين الفلسطينية"(. وكالة قدس برس)
رابعًا. التركيز على فشل اغتيال قادة الجهاد الغادر في ترميم الردع حيث بدأت المقاومة بشكل مكثف بقصف تل أبيب ومحيطها. وفي هذا الإطار كتب يوآف ليمور مقالًا نشرته إٍسرائيل اليوم بعنوان: " ألحقت العملية في غزة خسائر فادحة بالجهاد الإسلامي، لكن لم يتم كسر المعادلة" خلص فيه إلى أنه "لم يتغير شيء أساسي هذا الأسبوع. أولئك الذين يتفاخرون في الجانب الإسرائيلي بتغيير المعادلة – أهلا بكم للعودة إلى البداية: هذه هي المرة الثالثة خلال ثلاث سنوات ونصف التي تكرر فيها إسرائيل نفس التمرين، مما يعني أن ردع الجهاد الإسلامي قصير. عاش ويحتاج إلى تعزيز مستمر. في غياب أفق لحل جذري لمشكلة غزة (والقضية الفلسطينية بشكل عام)، ستستمر إسرائيل في شن حملتها ضد غزة التي تهدف إلى الحصول على أقصر جولات قتال ممكنة من أجل تحقيق أطول فترة ممكنة. وقفات ممكنة بينهما. يوصى بأن تشرح الحكومة هذه الحقيقة لسكان المنطقة المحيطة قبل أن يستيقظوا في غضون أسابيع أو أيام قليلة على الصوت المزعج للإنذار باللون الأحمر التالي".
وكتب تل ليف رام مقالًا نشرته معاريف تحت عنوان: "عنصر المفاجأة: هكذا خدع بن غفير خدعة الجيش الإسرائيلي": إن الانتقادات التي وجهها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وإجراءات الاحتجاج التي اتخذها مع أعضاء حزبه عوتسما يهوديت ضد الحكومة خدمت خداع الجيش الإسرائيلي – وكأن جولة التصعيد قد انتهت قبل أسبوع... مع كل الاحترام الواجب للإنجاز في الضربة الافتتاحية، يجب على المرء أن يحذر من النشوة المفرطة والرضا عن النفس من الجانب الإسرائيلي. سيتم اختبار جيش الدفاع الإسرائيلي من حيث قدرته على الحفاظ على سلسلة من الإنجازات العملياتية والمبادرة والمفاجأة خلال جولة كاملة من التصعيد، حيث يمكن للطرف الآخر أيضًا تحقيق إنجازات. في الوقت نفسه سيُطلب من المستوى السياسي أن يحدد بدقة الغرض من العملية للقيادة العسكرية".
خامسًا. تأكيد أن محور المقاومة يتحرك من خلال مفهوم الاقتراب الموزع وليس المشاركة الشاملة لكل القوى إلا في حال الضرورة، وهو يشكل احتياط ردع استراتيجي للمقاومة في غزة.
سادسًا. الإضاءة على الحرب السايبيرية التي تجري في موازاة المواجهة العسكرية القائمة وتأثيراتها الهامة على الجبهة الداخلية للكيان المؤقت.
سابعًا. الإشارة إلى المشكلة التي تعاني منها القبة الحديدة ونظام الإنذار الإلكتروني في الكيان والتأثير الاستراتيجي لهذا الخلل على المواجهة، ما انعكس ازديادًا في نزوح المستوطنين من نطاق المواجهة (غلاف غزة والضفة).
ثامنًا ـ الإلفات إلى التطور الهام في أداء المقاومة على مستوى القرار والتصرف بهدوء واستنزاف أعصاب العدو بشكل غير مسبوق ومفاجئ للعدو ومشترك بين جميع الفصائل خصوصًا بين الجهاد وحماس.
تاسعًا. الإشارة إلى أهمية سقوط الأهداف السياسية لحكومة العدو المتمثلة في استعادة نتنياهو وفريقه للمشروعية وصورة القيادة محل الإجماع والقادة على الإنجاز.
عاشرًا. الإشادة بصمود أهالي غزة المحاصرين والصابرين والثابتين في مواجهة آلة الحرب الهمجية الصهيونية، مقابل صمود المستوطنين الذين لديهم الملاجئ وأماكن للفرار إليها.
حادي عشر. الإلفات إلى أن حكومة نتنياهو عندما قامت باغتيال وقتل عائلات القادة، كانت تدرك أنها تفتعل مواجهة واسعة مع المقاومة في غزة وتتحمل كامل المسؤولية عن تداعيات ذلك.
ثاني عشر. التذكير بأن الجريمة التي ارتكبها العدو، تمت بغطاء أمريكي واضح ومعلن، وبالتالي تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية موازية في هذا المجال، في معادلة أمريكية لإيقاف خسائرها في المنطقة.
ثالث عشر. الإشارة إلى أن المقاومة في غزة استعدت طوال المرحلة التي تلت سيف القدس وهي جاهزة للمواجهة كمًا ونوعًا.
رابع عشر ـ تأكيد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال صوت الشعب الفلسطيني المظلوم إلى شعوب العالم، وإبراز الجوانب الإنسانية وبيان الجرائم التي ارتكبها العدو بالأطفال في غزة مع بداية العدوان.
خامس عشر. دعوة الفعاليات السياسية والحزبية والإسلامية والاجتماعية إلى التعبير عن الموقف الموحد ضد العدوان الصهيوني الغادر وإلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ومقاومته الباسلة.
سادس عشر. مواكبة ما يقوله الصهاينة في إعلامهم حول إخفاقات الأزمة السياسية والجيش في مواجهة المقاومة، وعكس هذه التصريحات الى الرأي العام.