• اخر تحديث : 2024-05-15 19:58
news-details
تقارير

"ميدل إيست آي": محاكم التفتيش نزعة ديكتاتورية في الديمقراطية الفرنسية


تحت عنوان "اغتيال صموئيل باتي: الجالية المسلمة في فرنسا أول من يتحمل وطأة الإجراءات الصارمة، نشر موقع ميدل آيست آي تقريرًا أعده الصحفي الفرنسي جول كريتوا الذي استهل تقريره بعبارة: إن استجابة فرنسا الصارمة في حربها ضد الإرهاب والتطرف بعد وفاة الأستاذ تؤثر بشكل مباشر على المواطنين المسلمين، وقد تؤثر على الفئات المهمشة الأخرى"؛ وفي التقرير:

كانت الاستجابة سريعة عقب القتل الوحشي للأستاذ صامويل باتي في في 16 تشرين الأول/أكتوبر؛ إذ أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين عن إغلاق جمعية مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا (CCIF) وكذلك BarakaCity ، وهي منظمة إنسانية إسلامية غير ربحية

وردت النائبة السابقة باربرا روماغنان بتغريدة " حتى يثبت العكس، لا علاقة لـ CCIF بهذا الأمر، وإغلاق منظمة تعطي صوتا لمن يشعرون بالتمييز ليس كفاحًا ضد الإرهاب".

وقال إن قلة من الساسة تجرأت على التحدث بصراحة في ظل وضع سياسي مشحون وتحذر من أنه قد يضر بالحريات المدنية.

لم يجرؤ سوى عدد قليل من الشخصيات السياسية على الإشارة إلى أن مشاعر الأمة المشحونة للغاية يمكن أن تعرض الحريات المدنية للخطر بشكل خطير. منذ بداية تشرين الأول/أكتوبر، وقعت الأماكن الإسلامية فريسة لعدد متزايد من عمليات البحث التي تقوم بها الشرطة في كل أنحاء فرنسا، بما في ذلك مسجد عمر في باريس في 3 تشرين الأول/أكتوبر؛ ومدرستان ودار جنازة بعد ذلك بوقت قصير  

إن ذلك كان كافيًا لإثارة قلق القادة المسلمين في فرنسا. وقد أرسل حوالي 30 من القادة الدينيين المسلمين من منطقة باريس الكبرى رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي "للتعبير عن مخاوفهم بشأن المعاملة الضارة المتزايدة للإسلام والمسلمين في بلدنا".

تنهدت أم شابة من ضواحي باريس اتصل بها موقع Middle East Eye عبر الهاتف. وشهدت إحدى عمليات البحث التي قامت بها الشرطة في العام 2018 في مركز مجتمعي في مقاطعة فال دو مارن. وقالت " كنا مع أطفالنا عندما وصل حوالي 20 من رجال الشرطة. لقد فصلونا وطرحوا علينا أسئلة. أرادوا منا أن نقول إنها مدرسة سرية، وهي ليست كذلك. نحن أمهات كنا نلتقي هناك من وقت إلى آخر. البعض منا يدرس أطفالنا في المنزل "، عندما لم تعثر الشرطة على شيء، واصل المركز أنشطته الخيرية المختلفة - لكنه توقف عن العمل مع الأطفال. قالت "تفتيش الشرطة ترك طعمًا سيئًا، وشعورًا بالوصمة، والأطفال خائفون".

تضغط الحكومة الفرنسية من أجل اعتماد مشروع قانون لمكافحة التطرف لا تزال خطوطه العريضة غير واضحة. وسيُعرض مشروع القانون الذي ينص على زيادة عمليات التفتيش على المنظمات التي تقدم دروسًا في اللغة العربية، أو دروسًا خصوصية على مجلس الوزراء في كانون الأول/ديسمبر

الواضح أن مشروع القانون يستهدف "الانفصالية الإسلامية" بشكل خاص على حد تعبير الرئيس إيمانويل ماكرون. كان الموضوع محط اهتمام وسائل الإعلام منذ بداية العام الدراسي

اللجوء إلى الحيلة

قالت سهام زين من منظمة العمل من أجل حقوق المسلمين لموقع Middle East Eye: "لا يمكن إنكار أننا خائفون، يهدف القانون الجديد إلى توسيع مجموعة الإجراءات القمعية التي تم استخدامها بالفعل على نطاق واسع في السنوات الأخيرة بين عامي 2012 و2017، عدا عن تسعة قوانين إضافية على الأقل لمكافحة الإرهاب عززت ترسانة فرنسا الجنائية والإدارية

وفي نهاية العام 2017، تم دمج الأحكام المخصصة سابقًا حصريًا لحالة الطوارئ التي تم وضعها عقب هجمات تشرين الثاني \نوفمبر 2015 في باريس، وانتهت صلاحيتها في تشرين الثاني\ نوفمبر 2017 بالقانون العام. ويمكن لقادة الشرطة ووزير الداخلية الآن لمجرد الاشتباه إصدار أمر بتفتيش بيت واعتقال أو إغلاق مركز للعبادة

وقد شهد تشرين الثاني \نوفمبر 2019 تطورًا إضافيًا عندما أصدرت وزارة الداخلية تعميمًا يحث على استخدام الإجراءات الإدارية لقمع الأماكن والمنظمات المشكوك فيها. وأرسل وزير الداخلية آنذاك كريستوف كاستانير رسالة واضحة إلى رؤساء الشرطة. وقال كاستانير: "في اللحظة التي تساورك فيها شكوك حول مكان أو منظمة أطلب منك عدم التردد في إجراء عمليات التفتيش والتفتيش. وإذا تم تحديد أي مشكلة، فقم بإغلاق إداري من دون تردد".

وفقًا للمحامي ويليام بوردون ، "إنه تحريف: إنهم يستخدمون إجراءات إدارية  ظاهريًا في مكافحة التطرف، بينما في الواقع يسعون إلى تحقيق أهدافهم الخاصة ، مثل ضمان الامتثال لقواعد" النظافة ". وكمثال داهمت الشرطة مسجد عمر في 3 تشرين الأول/أكتوبر وشارك فيها 15 رجل شرطة من أجل "الكشف عن خرق في إجراءات السلامة" كما قال النائب الكيسي كوربيه

وترى زين أن هذا تجاوز لمبادئ القانون "تقوم السلطات باستخدام القنوات الإدارية لتجاوز القضاء الذي يسمح بالدفاع عن النفس". ولم تخف الوزيرة المفوضة إلى وزارة الداخلية مارلين شيابا هذا الأمر في تصريحات إذاعية في 2 تشرين الأول/ أكتوبر "يجب على الحكومة اللجوء إلى الخداع” في كفاحها ضد الانفصالية. وتضيف أن 210 حانة و15 مركزا للعبادة و12 مركزا للثقافة والمجتمع و4 مدارس أغلقت بناء على الأوامر الإدارية في العامين الماضيين. مع أن آلاف البيوت والمواطنين والمنظمات كانت هدفًا للتفتيش والاعتقال ومصادرة الوثائق في الفترة ما بين 2015 وقانون الطوارئ وتبني قانون 2017 الذي وسع من هذه الإجراءات بالإضافة لتعميم كاسنير.

وفي العام 2017 وجد مجلس الدولة الفرنسية أن 40 في المئة من هذه الإجراءات القمعية التي اتخذت في سياق قوانين الطوارئ تمت مواجهتها أمام محكمة إدارية، ولم تكن قانونية

وقالت المحامية بسمة مغربي "لكن الضرر قد حدث" و "عندما تداهم الشرطة مركزًا اجتماعيًا، مطعمًا أو مسجدًا تعاني سمعة المؤسسة من الضرر كما يتم تهميش المواطنين الذين تفرض عليهم الإقامة الجبرية". وتقول مغربي إن عمل الشرطة يقوم الآن على الشك. وتدافع مغربي عن أشخاص بمن فيهم أئمة ومنظمات "هناك الكثير من قوانين مكافحة الإرهاب والتعميمات التي أدت إلى تطبيق الأوامر الإدارية والقانونية قامت على الشك". و"هذا يشكل معضلة قانونية حقيقية". 

وعادة ما ينبع الشك من المنظمات الاستخباراتية التي أصبح دورها مركزيًا. وتقول زين إن "الملاحظات البيض من وكالة الأمن الداخلي التي تكون عادة من دون تاريخ، أو ترويسة، أو توقيع هي أساس الكثير من الإجراءات التي اتخذتها السلطات". 

وفي مذكرة 2020 للهيئة الاستشارية الوطنية لحقوق الإنسان أكدت أن هذه الملاحظات تقيد الحريات الأساسية، وتقوم على الشكوك وتدعمها معلومات من المخابرات". وتضيف مغربي "هناك خطر كبير من تصرفات الشرطة بناءًا على دليل يقول إنه يدخل في تعريف الراديكالية الإسلامية، خاصة أن الكثير من المواطنين قد يجدون أنفسهم ضد هذا التعريف". 

ونتيجة هذا الواقع، يدفع الكثير من المواطنين المسلمين الثمن بناءًا على أدلة تصمهم بالراديكالية. وقال مسلم "أحاول أن أكون إيجابيًا، لكن في مرحلة ما من حياتي لم أعد أتحمل وكنت على الحافة وأتوقع الأسوأ". وانقلبت حياته رأسا على عقب في 2015 عندما طلبته الإدارة وقالت إن لحيته تختلف عن لحى زملائه. ومع أنه نجح في امتحان الضريبة العام، إلا أنه حرم من العمل ووجد نفسه عرضة لتهمة الراديكالية واسمه ضمن ملف "أس" المخصص للأشخاص الذين يشكلون تهديدًا على الأمن. وبرأت محكمة اسمه لكن مسيرته العملية توقفت. وقال "على مدى أشهر، ومن بدون دليل موثوق تم وصمي بالراديكالية، لكن أخذت سنوات لإثبات العكس". وفي الوقت نفسه تغيرت الحياة حوله "فأنت ملاحق بالشك والناس ابتعدوا عنك وعليك توفير الرسوم القانونية". وشجب هذا الشاب "مناخ محاكم التفتيش" الذي يقوم على الشك حيث تم وضع اسمه في قوائم المتشددين مع ألا علاقة لها بهم

وفي كتابه "أعداء الدولة" حلل الكاتب رفائيل كيمبف الآلية التي يتم من خلالها تحويل الشبهة لجريمة عبر سلسلة من الإجراءات التي توسع سلطة القضاء. وفي السنوات الأخيرة تم إرسال المواطنين الفرنسيين للسجن لأسباب تتعلق بعدم انصياعهم للأوامر الصادرة عن وزارة الداخلية مثل عدم الحضور إلى مركز الشرطة. ولا يزال مفهوم التشدد غير واضح مع أنه أساس المحاكمة

ويقول ياسر لويتي عضو لجنة العدالة والحرية للجميع إن المصطلح لم يتم تعريفه. وفي تقرير لمجلس الشيوخ عام 2017 وجد أن المسؤولين المنتخبين شكوا في المفهوم و"هناك غموض حول الموضوع وكل تحرك يقوم بناء على هذا المصطلح". فوزارة الداخلية تبحث عن مبررات للبحث عن التشدد من خلال الولاء الديني وامتلاك النصوص الدينية الكلاسيكية التي يتم مصادرتها خلال عمليات البحث. وبناءًا عليها يتم إغلاق الأماكن الدينية

وكان وجود كتاب النووي "رياض الصالحين" مبررًا لإغلاق مسجدين على الأقل في بلدتي أومون وسارتوفيل ، لأن في الكتاب باب يحض على الجهاد. وقال محام لديه معرفة في هذه الحالات "لا يمكنك إلا ملاحظة أن الملاحظات البيض عادة ما تشير إلى ممارسات دينية متعارف عليها". ومنذ 2014 كان هناك قمع قاس ضد "التحريض على الإرهاب". 

وعبرت منظمة أمنستي والمنظمات غير الحكومية عن قلقها من استخدام كلمة "تحريض" التي لم يحدد تعريفها، وقد تكون تعليقًا عاديًا من دون نية ،أو قصد في ارتكاب العمل. وحذرت أمنستي من أن الاعتقالات قد تؤدي إلى خرق حرية التعبير

ويذكر كيمبف أنه دافع عن رجل فرنسي عام 2015 اتهم بوضع شعار تنظيم الدولة الأسود على نافذته وكان في الحقيقة تعويذة لحماية البيت من الحسد. وتجنب السجن لكن إثبات براءته اقتضت عامين. وبمهاجمة الدولة المجتمع المسلم والمنظمات الدينية فإنها تقوم بحرمانها من الحرية

وفي 10 حزيران/يونيو 2019 أغلق بنك بي أن بي حسابات منظمة العمل من أجل حقوق المسلمين. واعترف المحامون بدور طرف ثالث في القرار، قد تكون المخابرات. ولاحظ المثقفون والحركات السياسية والمنظمات غير الحكومية في محاكم التفتيش نزعة ديكتاتورية في الديمقراطية الفرنسية

وفي ضوء القيود على حرية التجمع والقمع المتزايد للحركات الاجتماعية فإن الأصوات المسلمة تدق ناقوس الخطر. وقال حمزة إسماعيل عالم الاجتماع الذي يدرس استراتيجيات مكافحة الإرهاب أن العمل الذي يتولد عن نهج الكراهية للإسلام يعني أن الدولة قد لا تمنع نفسها من عدم استخدام النهج نفسه ضد الجماعات الأخرى مثل دعاة البيئة. وفي أيلول/سبتمبر تم طرد مهندس شاب من المركز الوطني للأبحاث الفضائية بناءًا على سطرين في رسالة نصية وردا في "ملاحظة بيضاء" واتهم بالتواصل مع اليسار المتشدد.