تتجه الأنظار نحو الشمال السوري، حيث يعزز الجيش السوري قواته المنتشرة على مشارف ريفي حلب الشمالي والشرقي، في ضوء انعقاد الجولة 20 من محادثات "أستانة" لإحلال السلام في سورية، برعاية كلٍ من روسيا وتركيا وإيران، وفي حضور ممثلين عن الأمم المتحدة وبعض دول الجوار السوري وسواها. ما يؤشر إلى أن استقدام القوات السورية لهذه التعزيزات، ترمي إلى بدء استعادة الدولة السورية لبعض المناطق الخارجة على سلطتها، وذلك كخطوةٍ أساسيةٍ على طريق تطبيق بنود "مسار أستانة"، الذي يضمن وحدة الأراضي السورية، بتعهّدٍ موقعٍ من الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، منذ انطلاق هذا المسار في أواخر العام 2017.
غير أن الجانب التركي لايزال يناور، ويتهرب من التزاماته أمام موسكو وطهران، تحديدًا لجهة وضع جدولٍ زمنيٍ محددٍ لسحب قواته التي لاتزال تحتل أراضٍ سوريةٍ، بذريعة حماية الأمن التركي، كون النظام في أنقرة يعتبر أن الجيش السوري غير قادرٍ على ضبط الحدود المشتركة السورية- التركية من خطر المجموعات الإرهابية الانفصالية في الشمال السوري. لكن توقيع أردوغان على تعهده بالحفاظ على وحدة الاراضي السورية، سيدفعه في نهاية المطاف إلى إنهاء احتلاله لبعض هذه الأراضي، طال الوقت أم قصر، ولن يطول، بحسب تأكيد مصادر سورية مطلعة، على المستجدات في الشمال، وعلى سير المحادثات السورية- التركية.
وتعتبر أن السلوك التركي حيال إعادة إحياء العلاقات الثنائية السورية- التركية غير مطمئنٍ حتى الساعة، ولكن انخراط تركيا وسواها في الحرب الكونية على سورية، ارتد سلبًا على المشاركين في هذه الحرب، وفي مقدمتهم تركيا، التي تعاني أزمةً اقتصاديةً، جراء النزوح السوري إلى تركيا، كذلك إقفال الحدود المشتركة السورية- التركية، التي كانت تؤمّن لها مردودًا ماليًا وفيرًا، من خلال الحركة التجارية على هذه الحدود، التي أقفلت غداة بدء الحرب على سورية في منتصف آذار من العام 2011، ودائمًا بحسب رأي المصادر. بالإضافة إلى ذلك، فإن أنقرة غير قادرةٍ على الاستمرار في "المناورة" على الجانبين الروسي والإيراني إلى ما لا نهاية، على حد قول المصادر عينها.
وتعقيبًا على ما ورد آنفًا، ترجّح مصادر مطلعة على تطور العلاقات السورية- التركية، أن يبادر الجانب التركي الى تسليم طريق "M 4” الذي يربط محافظة حلب بمحافظة اللاذقية إلى الجيش السوري، وإبعاد المجموعات المسلحة التي تدور في فلك أنقرة عن شمال هذه الطريق لبضعة كليومترات في وقتٍ قريبٍ، كخطوةٍ أولى وأساسيةٍ إلى الأمام على طريق استعادة "العلاقات"، والتزامًا بمسار أستانة.
أما المعارضة السورية، فتعتبر من جهتها، أن مسار العلاقات السورية- التركية يسير ببطء، برعايةٍ روسيةٍ إيرانية. وتستبعد حدوث أي اشتباكٍ في شمال غرب سورية، حيث تنتشر المجموعات المسلحة التابعة لتركيا، وفي شمال شرق البلاد السورية، حيث "وجود" القوات الأميركية والمسلحين التابعين لها. وترجّح أن استقدام الجيش السوري لتعزيزاته المذكورة أعلاه، هو استعدادًا لعملية انتشار في بعض مناطق الشمال، بالتنسيق مع السلطات التركية، وفقًا لمدرجات مسار أستانة، لا لفتح معركة مع أي طرف، تختم المصادر المعارضة.