• اخر تحديث : 2024-11-23 11:50
news-details
تقارير

بلومبيرغ: تحديات أمام تطلعات أميركا بتوقيع اتفاق سعودي-إسرائيلي


نشرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية تقريراً بعنوان: “ضجر من الدول العربية تجاه إسرائيل، في ضربة لهدف الولايات المتحدة بالتوصل لاتفاق سلام سعودي إسرائيلي”، لهنري ماير، كبير مراسلي الوكالة الأمريكية؛ وفيونا ماكدونالد، الصحفية في الوكالة؛ وماريسا نيومان، مراسلة الوكالة، حيث يُبرز التقرير مشاعر الإحباط التي تعيشها الدول التي كانت قد وقّعت على اتفاقات أبراهام، تجاه سياسات إسرائيل في الضفة الغربية، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تطمح فيه للجمع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية من خلال توقيع اتفاق سلام بينهما. وقد جاء التقرير على النحو التالي:

تتصاعد التوترات بين دول الخليج وإسرائيل بعد ثلاث سنوات من التوقيع على اتفاقات سلام تاريخية، مما أدى إلى تباطؤ الاستثمارات المأمولة وإعاقة الجهود الأمريكية لزيادة تكامل المنطقة من خلال ضم المملكة العربية السعودية، القوة الرئيسية في المنطقة، لهذه الاتفاقات.

وأعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن شعورها بالإحباط من خلال اتصالات رفيعة المستوى مع إسرائيل بشأن نتائج اتفاقات أبراهام 2020 التي تم التفاوض والتوقيع عليها إبّان الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بينما أعربت البحرين عن خيبة أملها لنفس الأسباب، وفقاً لأشخاص مطلعين على بواطن الأمور هناك. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المخاوف بشأن تدهور العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين – خاصة في أعقاب الغارة القاتلة الأخيرة التي شنّتها إسرائيل على مخيم للاجئين في مدينة جنين والتصريحات التحريضية من قبل بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.

ومن المرجح أن تؤدي هذه التوترات إلى تعقيد مستهدفات الولايات المتحدة الصعبة بالفعل والمتمثلة في تعميق العلاقات بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط، وخاصة السعودية. حيث يشجع البيت الأبيض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على التواصل مع إسرائيل بشأن عقد صفقة بينهما. وكان بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، قد أوقف العلاقات الدبلوماسية مع إيران، العدو اللدود لإسرائيل، حتى وقت قريب، ولكنه قام في شهر مارس بإعادة العلاقات الدبلوماسية معها من خلال ترتيب توسطت فيه الصين.

وقال عزيز الغشيان، المحلّل المقيم في الرياض والذي يدرس شؤون السياسة السعودية تجاه إسرائيل: “هذا ليس جزءاً من رؤية البعض في اتفاقات أبراهام – التي أرادتها إسرائيل أن تكون محوراً مناهضاً لإيران”. “لكن المنطقة تتحرك في اتجاه مختلف الآن”.

وقد أعلنت المملكة العربية السعودية بشكل صريح بأن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو شرط مسبَق للاعتراف بإسرائيل كحليف. وقد طلبت بشكل خاص ضمانات دفاعية مؤكدة من الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة أمريكية من الدرجة الأولى، وإعطاء الضوء الأخضر لبرنامجها النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم محلياً.

رد فعل عنيف

ويترأس بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي –الذي أثار خروج احتجاجات حاشدة ضده، كما أثار قلق المستثمرين أيضاً، بسبب خطة الإصلاح القضائي التي تبنّاها– التحالف الأكثر تطرفاً دينياً في بلاده. حيث يدعم هذا التحالف بناء المزيد من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، ويضم شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الحالي، الذي قال في شهر مارس الماضي إنه “لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني“.

وقد عرّض ذلك الإمارات والبحرين لرد فعل عنيف من الرأي العام العربي والذي تفاقم بسبب الاعتداء الأخير الذي قامت به إسرائيل في الضفة الغربية، والذي ادّعت أنه كان يستهدف النشطاء ويهدف إلى تدمير أسلحتهم. وأدانت دولة الإمارات العملية التي راح ضحيتها 12 فلسطينياً وجندي إسرائيلي واحد، وأدانت كذلك التصريحات التي كان سموتريتش قد أدلى بها. ولم ترد حكومة البحرين على الفور على طلب للتعليق على ذلك.

وأجّلت المغرب – وهي دولة أخرى من الدول التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل في نفس الوقت تقريباً الذي قامت فيه الإمارات والبحرين بنفس الشيء – اجتماعاً عربياً-إسرائيلياً، احتجاجاً على خطط إسرائيل لتوسيع المستوطنات. وقالت المملكة الواقعة في شمال إفريقيا في وقت لاحق إن إسرائيل باتت تدعم رغبتها في بسط سيطرتها على الصحراء الغربية، وهي منطقة متنازع عليها، مما قد يحسن الأمور بينهما. وبعد ذلك، قال مكتب نتنياهو إنه تلقى دعوة لزيارة المغرب.

وبعد شهور من التباطؤ بشأن زيارة ثنائية لنتنياهو، دعت الإمارات رئيس الوزراء الإسرائيلي فقط لحضور حدث دولي – وهو “مؤتمر المناخ (كوب28) الذي سيجري في وقت لاحق من هذا العام في دبي. وتُعدّ تحركات نتنياهو مُحبطة أيضا للولايات المتحدة، حيث كافح من أجل الحصول على دعوة لزيارة واشنطن منذ أن استعاد زمام السلطة في أواخر العام الماضي، على الرغم من أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أشار إلى أن ذلك سيحدث في مرحلة ما.

وتعثّرت بعض الاستثمارات المخطَّطة لشركات خليجية في إسرائيل؛ وتشمل استحواذ شركة بترول أبوظبي الوطنية وبريتيش بتروليوم (بي إل سي) على نصف شركة نيو ميد إنرجي الإسرائيلية المنتجة للغاز الطبيعي بقيمة ملياري دولار. حيث كان قد تم الإعلان عن الصفقة مؤقتاً في مارس، ولكن لم يتم الانتهاء منها بعد. وكان قد تم تأجيلها بسبب أخذ المنظمين الإسرائيليين بعض الوقت من أجل الموافقة عليها على أن يتم ذلك بحلول نهاية العام، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على مفاوضات شركة بريتش بتروليوم وأدنوك.

وقد ألغى كونسورتيوم من شركات أبو ظبي بقيادة صندوق الثروة السيادي (إيه دي كيو) خطة لشراء حصة مسيطِرة في شركة فينيكس القابضة المحدودة، شركة تأمين وإدارة أصول إسرائيلية. وكان ذلك بسبب القواعد التي كانت على الأرجح ستقيد العديد من أعضاء الكونسورتيوم من القيام باستثمارات إضافية في إسرائيل، وفقاً لخطاب أرسلوه إلى شركة فينيكس، التي تراجعت أسهمها بعد الإعلان.

علامات إيجابية

ومع ذلك، فإن العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة آخذة في التوسع. فقد بلغت التدفقات التجارية الثنائية، التي كانت تبلغ بضع عشرات الملايين من الدولارات قبل عام 2020، بلغت 2.6 مليار دولار في عام 2022، عندما أصبحت دولة الإمارات في المرتبة السادسة عشر بين أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل. ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 3 مليارات دولار هذا العام، بحسب تقديرات إسرائيلية.

وزار أكثر من مليون إسرائيلي دولة الإمارات العربية المتحدة منذ إقامة العلاقات بين البلدين، على الرغم من أن قلة من الإماراتيين سافروا في الاتجاه الآخر.

وقال مايراف زونسزين، محلل الشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية، التي تعمل على منع الصراعات، “إن الدول العربية التي وقّعت على هذه الاتفاقيات لها مصلحة اقتصادية واضحة في الاستمرار فيها”.

وكدليل على هذا التحول، تم افتتاح كنيس يهودي في أبو ظبي في فبراير الماضي كجزء من مجمع يضم كنيسة كاثوليكية ومسجداً بجانب الكنيس. وتضاعف عدد اليهود في الإمارات بمقدار عشرة أضعاف منذ عام 2014 ليصل إلى ما يصل إلى 7,000، وفقاً لأول حاخام مقيم في البلاد، ليفي دوشمان.

حيث قال دوشمان: “هذه مجرد بداية”. “يرغب الناس في الانتقال إلى هنا لأن هناك فرصة استثنائية للعيش في بلد يتمتع فيه المرء بالأمان وجودة الحياة”.

وقال السفير الإسرائيلي في الإمارات، أمير حايك، إن افتتاح الكنيس “يمنح الكثير من الثقة للمجتمع الإسرائيلي بأنهم مرحَّب بهم هنا في الإمارات العربية المتحدة”.

واعترف السفير بأن العلاقة بين الإمارات وإسرائيل لا تسير دائما على خط مستقيم.

وقال في أحد المقابلات، “نحن نسير في الاتجاه الصحيح”. “نحتاج أحياناً إلى بعض الالتفافات، لكننا نسير في الاتجاه الصحيح.”

وقالت إسرائيل إنها تأمل في أن تشجّع علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الإمارات الدول العربية الأخرى على الاعتراف بها.

وتعتقد الإمارات أنه على الرغم من إحباطاتها، إلا أن اتفاقيات أبراهام قد نجحت وأن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل يمكن أن تساعد في معالجة مخاوفها، وفقاً لشخص مطلع على أسلوب تفكير أبو ظبي.

نقاط مؤلمة

وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجراها معهد واشنطن تراجع التأييد لاتفاقات أبراهام في الخليج. ففي الإمارات والبحرين على التوالي، ووفقاً لأحدث الاستطلاعات، رأى 27% و20% فقط من المشاركين في الاستطلاع أنها إيجابية بالنسبة للمنطقة؛ وذلك مقارنة بنسب 47% و45% في عام 2020. وفي المملكة العربية السعودية، انخفضت هذه النسبة بمقدار النصف تقريباً إلى 20%.

وقد علّقت الإمارات، في نقطة مؤلمة مستمرة، المحادثات بشأن شراء طائرات حربية متطورة من طراز إف-35 من الولايات المتحدة في أواخر عام 2021 بعد أن أصرّت واشنطن على ضرورة إلغاء الإمارات لعقد مع شركة هواوي الصينية لتكنولوجيا الهاتف المحمول للجيل الخامس. وكانت الإمارات قد وُعدت بالحصول على السلاح عندما وافقت على إقامة علاقات مع إسرائيل.

ووفقاً للمحلل السعودي الغشيان، فقد تمت مراقبة تجربة الإمارات بشأن اتفاقات أبراهام عن كثب من قبل المملكة العربية السعودية. وقال: “لقد أدركت حدود العمل مع إسرائيل”.