لاريب أن الإرباك الذي تشهده المنطقة راهنًا على الصعد السياسية والميدانية والاقتصادية، هو انعكاس للإرباك الذي تشهده الساحة الدولية، تحديدًا الميدان الأوكراني، حيث تميل موازين القوى على الأرض لمصلحة الجيش الروسي، على حساب القوى الاطلسية، بحسب معلوماتٍ موثوقةٍ ومتعددة المصادر. "الأمر الذي دفع واشنطن إلى محاولة إقحام ميادين أخرى في حربها مع موسكو، عبر إشعال ساحاتٍ بعيدةٍ من ساحة الصراع الأوكرانية،
ويبدو أن الإدارة الأميركية قررت إعادة تحريك المجموعات الإرهابية وسواها في سورية ولبنان، للضغط على القوات الروسية ومحور المقاومة في هذين البلدين، كذلك في محاولةٍ لحرف الأنظار عن حقيقة الوضع في أوكرانيا، وانعكاسه السلبي على الأوضاع في دول الاتحاد الأوروبي (شركاء واشنطن في مختلف حروبها)، تحديدًا على صعيد الوضع الاقتصادي هناك، بحسب معطيات ورأي مرجع في العلاقات الدولية.
وفي الإطار عينه، أي (توسيع رقعة المواجهة مع موسكو)، "تمارس الإدارة الأميركية الضغوط على بعض الدول الخليجية، لثنيها عن استكمال إعادة تفعيل علاقاتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع سورية حليفة روسيا، فقد أدت هذه الضغوط إلى عرقلة مسار الانفتاح العربي والخليجي على دمشق، غير أن هذا المسار لم يقفل، بدليل انعقاد اللقاء بين وزيري الخارجية السورية والسعودية فيصل المقداد وفيصل بن فرحان في الأيام القليلة الفائتة، تلاه انعقاد لقاء الأخير مع نظيره الإيراني أمير حسين عبد اللهيان، حيث شددا على التمسك بسياسة الانفتاح القائمة بين طهران والرياض على الصعد كافة، خصوصًا على صعيد العلاقات الاقتصادية"، يختم المرجع.
وعن إمكان تفاقم الأوضاع في سورية و إمكان اندفاع واشنطن الى الانزلاق في حربٍ مباشرة مع الجيش السوري، خصوصًا بعد تعزيز قواتها المنتشرة على الأراضي السورية وفي الخليج، تعلق مصادر سياسية متابعة عن كثب لتطورات الميدان السوري، بالقول: "لو كانت الولايات المتحدة جادةً في دخول الحرب بقواتها في مواجهةٍ مباشرةً مع الجيش السوري، لكانت فعلتها قبل أيلول من العام 2013، يوم هددت بتوجيهها ضربة عسكرية لسورية، ثم تراجعت، بعدما "أنزلت بريطانيا إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عن الشجرة" عبر تسويةٍ قضت بتخلي دمشق عن سلاحها الكيماوي، مقابل تراجع واشنطن عن قيامها بالضربة".
وتضيف المصادر: " يوم كانت سورية شبه مقطعة الأوصال، وقبل تدخل القوات الروسية مباشرة في الميدان السوري في العام 2015، لم تنزلق الولايات المتحدة إلى الحرب مباشرةً في سورية، فكيف اليوم، بعدما استعاد الجيش السوري غالبية أراضي بلاده، ووضعها في كنف الدولة؟".
وتتابع المصادر بالقول: "كادت القوات الأميركية أن تنسحب من الأراضي السورية في عهد الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، بحسب ما أعلن في نهاية العام 2018، وكان يسعى من تخفيف خسائر وأعباء انتشار جنوده خارج البلاد، خصوصًا في المناطق غير المجدية، لكنه تراجع تحت ضغوطٍ مارستها بعض الأجنحة في الإدارة الأميركية، التي اعتبرت أن هذا "الانسحاب"، هو هزيمة لواشنطن، فهل من المنطقي أن يعود الرئيس الأميركي جو بايدن إلى النقطة الذي قرر خصمه الانتخابي ترامب الانتهاء عندها؟".
وتستبعد المصادر أن "يجرأ الرئيس الأميركي على اتخاذ قرار بدخول الحرب العسكرية المباشرة في سورية، وتحمل تبعاته التي ستنعكس في شكلٍ حتميٍ على وضع حزبه في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة المزمع إجرائها في العام 2024". وتتوقع المصادر استمرار واشنطن في تشديد الحصار الاقتصادي على الشعب السوري، في سياق محاولات واشنطن الدائمة، لتأليبه على الحكم في دمشق، ولكن من دون جدوى"، تختم المصادر.
وتعقيبًا على ذلك، تقر مصادر سياسية لبنانية قريبة من دمشق بالتأثير المأساوي للحصار الغربي الجائر على الشعب السوري، على حد تعبيرها.
وتقول: "لاريب أن العقوبات الاقتصادية تنهك الشعوب ولكن لا تغيّر في المعادلات، وها هي التجربة الفنزويلية وقبلها الكوبية ماثلة أمام أعين الجميع".
وتختم المصادر عينها بالقول: "لن تحقق واشنطن أي "إنجازٍ" عبر الأساليب السياسة والحصار الاقتصادي، ما عجزت عن تحقيقه في الميدان، فعبثًا تحاول".