مع إشتداد إرهاصات الحصار الإقتصادي الغربي على سورية في المرحلة الراهنة، والمتزامن مع تعزيزات قوات الإحتلال الأميركية المنتشرة على الأراضي السورية، التي دغدغت أوهام أصحاب المراهنات الفاشلة، الذين راهنوا منذ بدء الحرب الكونية على سورية في منتصف آذار من العام 2011، على التدخل الخارجي لإسقاط الدولة السورية، وسط هذه الأجواء، شهدت مدينة السويداء وبعض محيطها في الجنوب السوري، “إحتجاجاتٍ مطلبيةٍ” وقطع طرقٍ وهتافاتٍ ضد الدولة، وإعتداءاتٍ على بعض الأملاك العامة والخاصة، كمحاولة الإعتداء على صاحب محطة وقود في السويداء، فقط لأنه يضع صورة لرئيس البلاد على جدار محطته، هذا على سبيل المثال، لا الحصر. ما يؤكد أن هذه “التحركات”، ذات خلفيةٍ سياسيةٍ وكيديةٍ، وليست مطلبيةً، كما يدعي الإعلام التضليلي المواكب لأعمال الشغب في “جبل العرب”. ولعل أخطر نتائج إثارة هذا الشغب في الجنوب السوري راهنًا، هو تسخير بعض القوى الدولية والإقليمية، الإعلام المذكور، في محاولةٍ لإعادة تحريض بعض السوريين على دولتهم، وزرع الشقاق بين أبناء الشعب الواحد، من خلال إثارة النعرات الطائفية. على إعتبار أن أهالي السويداء هم من لونٍ مذهبيٍ معينٍ، بخلاف باقي المحافظات السورية. علمًا أن هذه التحركات لاتزال محدودةً حتى الساعة، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة. وتلفت إلى أن السويداء “متنوعة في الآراء والتوجهات”، ولكن تبقى المخاوف قائمةً من محاولات إثارة الفتن وأعمال التحريض، وإمكان وصولها إلى محافظاتٍ أخرى، على حد قول المصادر.
وتعقيبًا على ما ورد آنفًا، تعلق مصادر معارضة بالقول: “الوضع لم يعد يحتمل والناس تموت جوعًا”. وتكشف أن “تحركات الجنوب السوري” مماثلة “لثورة 17 تشرين الأول 2019 في لبنان”. أي إثارة الفوضى في البلاد، وتقطيع أوصالها، كذلك الإعتداء على الأملاك العامة والخاصة، بإدارة مباشرة من السفارات الغربية والعربية، وبمواكبة من الإعلام التحريضي، وإشراف “منظمات المجتمع المدني” المدعوم في شكلٍ أساسيٍ من الولايات المتحدة، التي فشلت إثر “إحتجاجات 2019” في تطويق المقاومة في لبنان، وإسقاط حليفها الأساسي رئيس الجمهورية اللبنانية في حينه، العماد ميشال عون. غير أن الإدارة الأميركية، وفي ضوء “تحركات السويداء”، لاتزال تحاول تشديد الخناق على رقاب السوريين، من خلال قطع الطريق الممتد بين العراق وسورية، عبر نشر ميليشياتها وأدواتها في المناطق الحدودية المشتركة بين هذه البلدين، بهدف منع وصول أي سلعٍ إستهلاكيةٍ بمن فيها المحروقات للشعب السوري من إيران والعراق.
وهنا تشير المصادر المعارضة أن القوات الأميركية و”حلفاءها” تمكنت من تقطيع أوصال محور المقاومة والممانعة الممتد من إيران مرورًا بالعراق ثم سورية وصولًا إلى لبنان، ودائمًا بحسب “معلومات” المصادر المعارضة. وتعترف من جهتها أن “الحصار الإقتصادي الغربي المفروض على سورية قد أرهق السوريين، ولكن غياب الرؤى الإقتصادية والخطط الرامية إلى النهوض بالوضع الإقتصادي والحد من الإنهيار، وتحكم تجار الأزمات والفاسدين والمنتفعين ببعض مواقع القرار في الدولة، أوصل الشعب السوري إلى حافة المجاعة”، تختم المصادر.
وبالعودة إلى “تحركات السويداء” ومخاطرها، تجزم مصادر ميدانية متابعة أن هذه التحركات ستبقى محدودةً ولن تشكل خطرًا على السلطة، في حال بقيت محصورةً في بعض مناطق الجنوب، من دون أن تمتد إلى مختلف المحافظات، تحديدًا دمشق وحلب، تختم المصادر.
وتعقيبًا على كل ما ورد آنفًا، تقر مصادر سياسية سورية بصعوبة الأوضاع الإقتصادية. وتقول: “لقد قررت واشنطن قتل الشعب السوري بالتجويع والبرد، إنتقامًا من دمشق التي قاومت حلف الناتو منفردةً في العام 2011، ولاتزال تقاوم”. وتختم المصادر بالقول: “إن رياح التغيير التي هبت في أفريقيا وسواها، ستسهم في بلورة نظامٍ عالميٍ جديدٍ متعدد الأقطاب، وستلفح منطقتنا حتمًا، وستحرر شعوبها من هيمنة القطب الواحد، المتمثل بالإدارة الأميركية، لا محال”.