ان ما يجري اليوم في اوكرانيا لا يمكن وصفه الا بالجنون والتفلت الكامل والموت البطيء لشعب عريق جميل ومعطاء، حُفرت له حفرة كبيرة ليسقط فيها، وها هو يهوي الهوينة نحو النهاية الكاملة والبطيئة.
لقد حول الغرب وعلى رأسه الادارة الاميركية طبيعة الحكم والدولة في هذا البلد الرائع وخاصة في السنوات التي تلت الانقلاب العام 2014 الى غير مصلحة شعبه وتاريخه المجيد، فأصبحت طبيعة الحكم والدولة تتشكل من تحالف الاوليغارشيين (الذين نهبوا اقتصاد اوكرانيا وخيراتها) والبيروقراطيين بالاعتماد على عناصر نيو نازية اجرامية متعصبة تتحرك تحت السيطرة الكاملة للولايات المتحدة واستخباراتها.
فالسفارة الاميركية هي من يوجه الحكم والادارة هناك ويجري العمل على صهر اوكرانيا في بوتقة غير بوتقتها ونزعها من كيانها وسلخ جلدها بشكل كامل. اذ تم الغاء الاعياد الوطنية وغرس الايديولوجيا النازية والغاء يوم النصر على الفاشية وملاحقة المحتفلين به وزجهم بالسجون ومكانه اقامة احتفال المشاعل النازي سنويا وتمجيد وتكريم النازيين وادواتهم، ولا سيما منهم بانديرا وشوخيفيتش.
كما والانقضاض على الكنيسة الاكبر في البلاد وهتك اعراض المؤمنين ومحاولة استئصال جذور هذه الكنيسة وابدالها بعدد من الهراطقة الضالين غير المعروفين السائرين على مبادئ الشذوذ واللواط وناشري افكار وتعاليم تغيير الجنس بين الاطفال واستبدال مواعيد الاعياد الدينية لتتوافق ورؤية الغرب المتوحش. كل هذا يعتبر انقلابا كاملا على كل مبادئ وعادات وتقاليد هذا الشعب التي عاشها لمئات السنين.
لقد اوصلت الخطط الاميركية السوداء بعد الانقلاب، نازيين الى الحكم واعطتهم وجها يهوديا. فكان الرئيس الاول بيتر بوروشينكو (العائلة الاصلية - فاتسمان) يهوديا صهيونيا اوليغارشيا، وجاء الحالي فلاديمير زيلينسكي ايضا يهوديا صهيونيا والغالبية العظمى من اركان دولته من اليهود الصهاينة مع العلم ان عددهم لا يتجاوز 0,5 % من عدد سكان اوكرانيا. كل ذلك جرى تحت اشراف مباشر من الصهيونية كاترين نولاند مساعدة وزير الخارجية الاميركي الحالية.
المشكلة هي ان الرئيس الحالي غير السياسي والذي أُتي به من المسرح الفني مباشرة على يد الصهيوني الاوليغارشي كولومويسكي لا يتقن فنون السياسة ولا يعرف شيئا عنها، وهذا هو المطلوب. وبالحقيقة هنا مكمن الخطورة، فالرجل وان كان لا يفقه شيئا، الا انه ممثل بارع يتقن الدور الذي كتب له. لقد اعدّ الاميركيون له خطة كاملة تبدأ خطوتها الاولى بإشعال حرب ضد روسيا على الرغم من ان الاخيرة وقعت على اتفاقية مينسك التي تضمن الحفاظ على وحدة اراضي اوكرانيا رغم معارضة شعبية واسعة في دونيتسك ولوغانسك تحديدا. استمروا في نظام كييف بتجاهل هذه الاتفاقية لان واشنطن لا تحتاج لأوكرانيا موحدة، بل تحتاج لحرب مع روسيا وليس بأياد اميركية بل بأياد اوكرانية واوروبية. صبي المهمات لدى الاوليغارشيين والغرب رفض الاتفاقية لأنه مكلفّ برفض الوحدة!
لماذا؟ الاسباب كثيرة:
1- صرف الانتباه عن الازمات الاجتماعية والاقتصادية وسرقات الاوليغارشيين بالتعاون مع رأسماليين وسياسيين غربيين، ولا سيما منهم الرئيس الاميركي جو بايدن وابنه هنتر بايدن، واستيلاء الغرب بالتعاون مع هذا النظام على اهم الاراضي الخصبة في البلاد، ولذلك كانت العودة الى الطريقة الكلاسيكية المعتمدة وهي اللجوء الى نزاع خارجي.
2- اضعاف روسيا واستنزافها بالحروب من خلال احداث صعوبات اجتماعية واقتصادية اضافية وفوضى اجتماعية على هذه الارض لتسهيل فرض سلطة الغرب على هذه البلاد الغنية وتاليا توجيه سهام الغرب المستقبلية نحو الصين.
3- نقل اجزاء من اراضي اوكرانيا الغربية الى عضوي الناتو بولندا والمجر.
رفض الولايات المتحدة الاميركية للأمن المتساوي والعادل الذي اقترحته روسيا عشية الحرب قوّض السلام في المنطقة. ووفقا للطريقة الاميركية وتقليدها تشن الولايات المتحدة الحرب وتلقي باللائمة على ضحاياها، وهذا الذي حصل، لا بل بدأوا عن وعي واصرار بجر العالم حاليا نحو حرب عالمية ثالثة كما يبدو بدأت بشكل هجين. حتى ان النازيين الاوكران بدأوا يعلنون عن ذلك صراحة. فقد صرح سكريتر مجلس الامن القومي في النظام الاوكراني اليكسي دانيلوف بالقول:
"اذا كان احد يعتبر ان الحرب العالمية الثالثة لم تبدأ، فهذا خطأ كبير، لقد بدأت ومستمرة منذ فترة معينة في مرحلتها الهجينة، والان دخلت في مرحلتها الفعالة"، وأضاف: "اذا كان احد يعتبر ان هذه هي تسوية الحسابات بين روسيا واوكرانيا، فان هذا خطأ والامر اكثر تعقيدا بكثير".
اذا، ان الدمى المتحركة التي تقود شكليا اوكرانيا والتي يعرف القاصي والداني انها لا يمكنها ان تعيش ساعة واحدة بدون الدعم الاميركي والغربي المتعدد: المالي، العسكري، المخابراتي، الاقتصادي والاعلامي (ولذلك تسمى دمى متحركة) تعرف حقيقة ما تفعله، وان ما يسمى بالرئيس زيلينسكي لديه خطة اميركية واضحة المعالم ينفذها بدقة ويلعب مشاهدها المأساوية على الساحة الاوكرانية بعد ان لعبها بامتياز على خشبة المسرح في مسرحية "خادم الشعب" (للذي لا يعرفها ارجو مراجعة تفاصيلها) فنال اعجاب من اتى به الى السلطة ومن يوجهه الى الفناء الكامل لأوكرانيا ولشعبها.
فهذا الزيلينسكي لن تسقط له دمعة واحدة على الشعب السلافي الاوكراني المسالم فهو ليس منه ولا يعرفه ولم يعش بينه ولا حتى يعرف لغته (تلقنها منذ فترة) ولذلك فهو يلعب دور يهوذا الاسخريوطي الذي سلم السيد المسيح لجلاديه لقاء ثلاثين من الفضة. ويهوذا اليوم يسلم اوكرانيا لجلاديها لقاء مليارات اصبحت مكدسة في حساباته الخارجية والتي سيسرّع الخطى للقائها فيما تتكدس جثث ضحاياه وضحايا الغرب الهمجي الاميركي من الشعب الاوكراني على هذه الارض الطيبة.