• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
تقارير

دلالات توجه وزارة الدفاع الأمريكية نحو تصنيع الأسلحة في الخارج


ساهمت الحرب الروسية الأوكرانية في تزايد صفقات الأسلحة التي تطلبها وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” من الشركات العسكرية الأمريكية لتلبية الاحتياجات الأوكرانية، لكن على الرغم من أن هذا التزايد أدى إلى انتعاش الصناعات الدفاعية الأمريكية، ومعالجة أوجه النقص والخلل، وكذلك إلى زيادة ميزانية “البنتاجون” بوجه عام والميزانية المخصصة للتحديث العسكري بوجه خاص؛ فإن استمرار الحرب لأكثر من عام أدى أيضاً إلى استنزاف المخزون الأمريكي من بعض الأسلحة الدقيقة وأنظمة الصواريخ التي تتطلب سنوات عدة لتعويضها، في الوقت الذي يصعب فيه الاستجابة للطلب العالمي المتنامي على الصناعات الدفاعية.

وهو الأمر الذي جعل صانع القرار الأمريكي بين شقي الرحى؛ فمن ناحية يسعى جاهداً لضمان استمرارية الإمدادات الأمريكية لأوكرانيا والدول الحليفة، خاصة في ظل تزايد احتمالات شن الصين حرباً محتملةً على تايوان. ومن ناحية أخرى، تعاني الولايات المتحدة من إشكاليات متعلقة بتصنيع الأسلحة وزيادة إنتاج الذخائر الرئيسية؛ بسبب نقص الرقائق والآلات والعمال المهرة. ومن هنا بدأ “البنتاجون” يراجع مخزوناته من الأسلحة، ويدعم خطوط التصنيع “لدعم الأصدقاء” في الخارج ولتلبية الطلب العالمي المتزايد، وكذلك بدأ يستغل خطوط الإنتاج في الخارج لتعزيز مخزونات الأسلحة والذخيرة.

أبعاد متعددة

أشارت العديد من التقارير مؤخراً إلى تخطيط وزارة الدفاع الأمريكي للتوسع في عملية تصنيع الأسلحة خارجياً. ويرتبط هذا التوجه بعدة أبعاد واعتبارات، تطورت بمرور الوقت بناءً على عوامل مختلفة. وفيما يلي الأبعاد الرئيسية لنهج وزارة الدفاع الأمريكية في تصنيع الأسلحة بالخارج:

1- استمرار الحرب الأوكرانية: كشفت كمية الذخائر التي يتطلبها الصراع عن نقاط ضعف في صناعة الدفاع الأمريكية؛ حيث أدى الصراع المستمر في أوكرانيا إلى زيادة الطلب على قذائف المدفعية والصواريخ، التي استخدمتها قوات كييف بكميات هائلة في محاولتها لطرد القوات الروسية. ونتيجة لذلك، شجعت وزارة الدفاع الأمريكية مقاولي الدفاع على متابعة خطة “دعم الأصدقاء”، من خلال تخفيف قواعد الإنتاج في الخارج وتقاسم التكنولوجيا العسكرية مع الشركات المصنعة الأجنبية في الدول الحليفة.

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة التزمت بأكثر من 43 مليار دولار من الأسلحة والذخيرة والإمدادات لأوكرانيا منذ بدء الحرب في فبراير 2022، لكن شركات الدفاع الأمريكية استغرقت وقتاً أطول مما توقعه البنتاجون لتعزيز الإنتاج في الداخل للحفاظ على المخزونات الأمريكية. وبدلاً من ذلك، تسعى شركات الدفاع الأمريكية وتلك الموجودة في الدول الحليفة إلى استغلال وتوسيع القدرة الإنتاجية في الخارج.

في المقابل، خلص تقرير حديث صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – وهو مركز أبحاث في واشنطن – إلى أن القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية “لم تكن مستعدة بشكل كافٍ” للبيئة الأمنية. وقالت أيضاً إن متطلبات الذخيرة لصراع آخر، مثل الحرب مع الصين في مضيق تايوان، من المرجح أن تتجاوز مخزونات البنتاجون.

2- توسع التحالفات والشراكات الاستراتيجية لواشنطن: انخرطت وزارة الدفاع الأمريكية في تحالفات وشراكات استراتيجية مع حكومات أجنبية ومقاولين دفاعيين لتطوير أو تصنيع أنظمة أسلحة محددة بشكل مشترك؛ حيث يأتي التحول إلى إنتاج الأسلحة في الخارج لتلبية الطلب العالمي المتزايد في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الأمريكية تعزيز التصنيع في التقنيات الرئيسية مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ ومحركات الصواريخ في دول مثل ألمانيا وبولندا وأستراليا.

ومن أهم الجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج من خلال الصفقات التعاونية، التحالف الثلاثي بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة المعروف باسم “أوكوس”. وتشمل الاتفاقية تزويد أستراليا بغواصات. علاوة على ذلك، فإنها تشمل استخدام أستراليا لإنتاج طائرات بدون طيار مسلحة ومحركات صاروخية ومعدات أخرى للبنتاجون.

3- إعادة تقييم واشنطن لفرص تقاسم التكنولوجيا: عند التعاون مع شركاء أجانب، تقوم وزارة الدفاع الأمريكية بعناية بتقييم نقل التكنولوجيا العسكرية الحساسة، وهي تسعى إلى تحقيق التوازن بين فوائد التعاون وحماية تكنولوجيا الدفاع الحيوية والملكية الفكرية. واستكشفت وزارة الدفاع الأمريكية الفرص المتاحة لتقاسم التكنولوجيا على نطاق أوسع وإصلاح الصادرات مع الحلفاء والشركاء الموثوقين، وهو ما تضمن تبسيط لوائح مراقبة الصادرات والتعاون الوثيق في جهود التنمية والتصنيع المشتركة.

وبدوره صرح “بيل لابلانت” – وهو رئيس قسم المشتريات في “البنتاجون”– بأن وزارة الدفاع تخطط للإعلان عن مجموعة من الصفقات خلال الأشهر القليلة المقبلة، التي تهدف إلى إنشاء خطوط إنتاج لمصانع الأسلحة في أوروبا وأماكن أخرى للاستفادة من الخبرات في هذا المجال.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الشركات الأمريكية التي تنتج الأسلحة والمعدات العسكرية في الخارج ليست جديدة؛ حيث تم الحصول على جميع مرافق التشغيل من خلال عمليات الاستحواذ الأجنبية، فإن معظم الإنتاج في الخارج تم في إطار ما تسمى صفقات التعويض التي يوافق فيها مشترو الصادرات على شراء أسلحة أمريكية مقابل بعض الإنتاج، والوظائف التي تتم في بلادهم.

4- مساعي الولايات المتحدة لتنويع الشراكات: تأمل وزارة الدفاع الأمريكية تنويع شراكاتها الصناعية عبر مناطق مختلفة، وتقليل الاعتماد المفرط على أي مجال واحد، وتعزيز المرونة الاستراتيجية. وقد أتاح المناخ الجديد عقد صفقات ستشهد قيام الشركات البولندية بإنتاج صواريخ جافلين ذات التصميم الأمريكي، التي تستخدم على نطاق واسع في أوكرانيا. وتقوم الشركات الألمانية بتصنيع أجزاء من مقاتلة لوكهيد مارتن إف–35، وقاذفة صواريخ جديدة.

وفي أغسطس الماضي، منح “البنتاجون” شركة “IMT Defense” الكندية الشريحة الأولى من عقود إنتاج القذائف، المصممة لمنح الشركات المصنعة مزيداً من اليقين مع أوامر مضمونة موزعة على عدة سنوات. ومن المقرر توسيع التعاون بين الطرفين.

5- إدارة سلسلة التوريد العالمية: تأخذ وزارة الدفاع الأمريكية في الاعتبار سلسلة التوريد العالمية في نهجها تجاه التصنيع، وتسعى إلى تنويع مصادر التوريد مع ضمان مرونة وأمن سلسلة التوريد. ويهدف هذا النهج إلى تخفيف المخاطر المرتبطة بالتبعيات الأحادية المصدر واضطرابات سلسلة التوريد؛ ما يضمن توفير مكونات الدفاع المهمة عند الحاجة.

6- البحث عن بدائل لأنقرة: إذ أدى خروج أنقرة من برنامج تصنيع طائرات “إف–35” في عام 2019، لاختيارها شراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي (إس-400)، إلى توجه واشنطن نحو البحث عن بدائل . ومن ثم، لجأت الولايات المتحدة إلى شركة “راينميتال” – وهي شركة ألمانية كبيرة تتصنع الذخيرة وقطع غيار الدبابات – لتصنيع أجزاء رئيسية من تلك الطائرة ضمن مشروع مشترك جديد لسد الفجوة التي خلفتها الشركات التركية. ويقول “ديف كيفر” المدير المالي لـشركة “نورثروب”، إن “راينميتال” لن تسد الفجوة التي خلفتها تركيا فحسب، بل ستوفر قدرة إضافية أيضاً.

المحفزات الرئيسية

لدى وزارة الدفاع الأمريكية دوافع مختلفة لنهجها في تصنيع الأسلحة في الخارج، اعتماداً على الظروف المحددة والأهداف الاستراتيجية. ويمكن تسليط الضوء على أبرز هذه المحفزات، على النحو التالي:

1- عودة أنماط الحروب التقليدية: حفز لجوء الولايات المتحدة إلى تصنيع الأسلحة في الخارج عودة تكتيكات الحرب البرية التي كانت سائدة في القرن العشرين، وهو ما ذكره الجنرال “مارك ميلي” رئيس هيئة الأركان المشتركة، بأن المخططين الأمريكيين اضطروا إلى إعادة النظر في افتراضاتهم بسبب عودة تكتيكات الحرب البرية التي كانت سائدة في القرن العشرين بعد عقدين من الزمن تشكلت خلالهما حركات التمرد في العراق وأفغانستان، كما أوضح أن أحد دروس هذه الحرب هو معدلات الاستهلاك المرتفعة للغاية للذخائر التقليدية.

2- خفض التكلفة: أحد الدوافع الأساسية للولايات المتحدة لتصنيع الأسلحة في الخارج هو خفض التكاليف؛ حيث يمكن أن تؤدي الاستعانة بمصادر خارجية لمكونات أو أنظمة معينة لمصنعين أجانب إلى انخفاض تكاليف الإنتاج؛ ما قد يساعد وزارة الدفاع على توسيع ميزانيتها وتخصيص الموارد لمجالات دفاع مهمة أخرى.

وفي بعض الحالات، يمكن أن تساعد ترتيبات تقاسم التكاليف مع الدول الحليفة في توزيع العبء المالي للمشتريات الدفاعية؛ ما يجعلها في متناول جميع الأطراف المعنية، كما أن التعاون مع الشركات المصنعة الأجنبية قد يسمح لوزارة الدفاع بالاستفادة من وفورات الحجم. ويمكن أن تؤدي عمليات الإنتاج الأكبر إلى كفاءة التكلفة، خاصة بالنسبة إلى أنظمة الدفاع المعقدة.

3- تسريع الإنتاج: في حالات الطلب العاجل أو التهديدات السريعة التطور، يمكن لشراكات التصنيع الأجنبية تسريع الإنتاج. وهذا يُمكِّن وزارة الدفاع من نشر المعدات المهمة بسرعة أكبر من الاعتماد على الإنتاج المحلي فقط.

كما شجعت الزيادة المخطط لها في ميزانيات الدفاع الأوروبية في أعقاب الصراع في أوكرانيا، الشركات الأمريكية على زيادة الاستثمار في المنطقة ومتابعة المزيد من المشاريع المشتركة، كما فتح طلب برلين لشراء طائرات مقاتلة من طراز F-35، بقيمة 8.8 مليار دولار، الباب أمام ألمانيا للانضمام إلى “الكونسورتيوم” المتعدد البلدان الذي يصنع قطعاً للطائرة الشبح. فيما اختارت شركة “نورثروب جرومان” شركة “راينميتال”، وهي شركة ألمانية كبيرة لتصنيع الذخيرة وأجزاء الدبابات، لتصنيع أقسام جسم الطائرة المركزية في مشروع مشترك جديد.

4- تنويع سلسلة التوريد العالمية: من خلال التصنيع في الخارج، يمكن لوزارة الدفاع تنويع سلسلة التوريد العالمية الخاصة بها؛ ما يقلل مخاطر انقطاع سلسلة التوريد بسبب التوترات الجيوسياسية أو الكوارث الطبيعية أو غيرهما من الأحداث غير المتوقعة، كما أنه من خلال التصنيع في الخارج، تستطيع وزارة الدفاع الحفاظ على المرونة في قاعدتها الصناعية الدفاعية؛ ما يسمح لها بتخصيص الموارد لمجالات حيوية أخرى، والاستجابة للأولويات الاستراتيجية المتغيرة. كذلك توفر شراكات التصنيع الأجنبية لوزارة الدفاع إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية لبيع المعدات الدفاعية؛ ما يخلق فرصاً اقتصادية لمقاولي الدفاع الأمريكيين.

تحديات جمة

تواجه عمليات التصنيع الدفاعي الأمريكية مجموعة من التحديات، بعضها مشترك في الصناعات التحويلية بوجه عام، في حين أن البعض الآخر خاص بقطاع الدفاع. وفيما يلي أبرز المشكلات التي تواجهها عمليات التصنيع الدفاعية الأمريكية:

1- الحفاظ على الأفضلية في المنافسة الاستراتيجية: يواجه مصنعو الأسلحة الأمريكية منافسة شديدة من الشركات الدولية، ومن ثم، فإن من الممكن أن تؤثر هذه المنافسة على حصة السوق وفرص التصدير. كذلك يتأثر مصنعو الدفاع الأمريكي بالقرارات السياسية والعلاقات الدولية والتحولات الجيوسياسية. ومن ثم، يمكن أن تؤثر التغييرات في سياسة الحكومة وأولوياتها على العقود والاستثمارات.

ومع تطور مهمة مكافحة الإرهاب، يجب على وزارة الدفاع الأمريكية إيجاد طرق جديدة لضمان تحقيق تلك الأهداف الأمنية مع تخصيص الموارد لتحقيق أهداف المنافسة الاستراتيجية. ويواصل المنافسون الاستراتيجيون، بما في ذلك الصين وروسيا، توسيع نفوذهم وانتشارهم عبر مناطق الهندوباسيفيك والقطب الشمالي، وأوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا. ومن خلال استعراض قوة أمريكا وحلفائها، والتدريبات والعمليات المشتركة، تهدف وزارة الدفاع الأمريكية إلى ردع العدوان من المنافسين الاستراتيجيين.

2- مواجهة نقاط الضعف في سلسلة التوريد: يعتمد قطاع الدفاع على سلسلة توريد تتسم بالتعقيد والعالمية؛ ما يجعله عرضة للاضطرابات الناجمة عن التوترات الجيوسياسية أو الكوارث الطبيعية أو الأوبئة. ويشكل ضمان أمن ومرونة سلسلة التوريد هذه تحدياً مستمراً.

3- التعامل مع تهديدات الأمن السيبراني: تعتبر شركات تصنيع الدفاع أهدافاً جذابة للهجمات السيبرانية؛ نظراً إلى الطبيعة الحساسة لعملها. ومن ثم، فإن حماية الملكية الفكرية وضمان أمن المعلومات السرية أمر بالغ الأهمية، بجانب امتلاك القدرات السيبرانية المناسبة، والأنظمة القابلة للتشغيل البيني، والتأمين السيبراني القوي.

كما أن قدرة وزارة الدفاع الأمريكية على تقييم وحماية أنظمتها وشبكاتها وأجهزتها وبياناتها معرضة لخطر عدم مواكبة قدرات الخصوم على اختراق تكنولوجيا وزارة الدفاع. ولا تهدف وزارة الدفاع الأمريكية إلى حماية نفسها فحسب، بل تهدف أيضاً إلى حماية سلسلة التوريد والقاعدة الصناعية التي تدعم وزارة الدفاع.

كذلك يتطلب ضمان الأمن السيبراني المناسب أن تقوم وزارة الدفاع الأمريكية بتطوير وإيجاد قدرات جديدة وتحديد نقاط الضعف السيبرانية ومعالجتها، لكن وزارة الدفاع الأمريكية تواصل النضال من أجل تحقيق ذلك. ومن خلال الابتكارات الحديثة مثل الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الجيل الخامس (5G)، تركز وزارة الدفاع الأمريكية على نشر واستخدام التكنولوجيا المتطورة للحفاظ على الميزة التنافسية.

4- معضلة تجاوز التكاليف: تعاني المشروعات الدفاعية من تجاوز التكاليف؛ حيث إن تطوير التكنولوجيا العسكرية المتطورة أمر معقد بطبيعته؛ إذ يتطلب البقاء في صدارة المنافسة من حيث التكنولوجيا استثمارات كبيرة في البحث والتطوير؛ ما قد يؤدي إلى إجهاد الميزانيات ويؤدي إلى التأخير، كما أنه كثيراً ما تخضع أنظمة الأسلحة المعقدة للتغييرات في المتطلبات وتعديلات التصميم ومشكلات غير متوقعة تؤدي إلى ارتفاع التكاليف.

5- تقادم البنية التحتية: يبلغ عمر العديد من المرافق أكثر من نصف قرن، وهي مليئة بالمعدات القديمة، وغير قادرة على تلبية متطلبات الإنتاج، وغالباً ما تعتمد على المعادن والمواد الكيميائية التي ينتجها الخصوم التقليديون لواشنطن بشكل رئيسي. وتتفاقم المشكلة بشكل خاص فيما يتعلق بالصواريخ والذخائر، سواء الأسلحة اللازمة للقتال اليوم في أوكرانيا أو القدرات المستقبلية مثل الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت؛ ما قد يعيق الكفاءة والقدرة التنافسية، كما أن هناك ضغوطاً متزايدة للحد من التأثير البيئي لعمليات التصنيع الدفاعي. ويشمل ذلك المخاوف بشأن التلوث واستهلاك الموارد واستدامة المعدات العسكرية.

6- إشكالية نقص المواهب: كشف تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، في 29 أبريل 2023، معاناة الولايات المتحدة من إشكاليات متعلقة بتصنيع الأسلحة، أبرزها نقص الرقائق والآلات والعُمال المهرة؛ لذلك قد يكون العثور على العمال المهرة والاحتفاظ بهم في مجالات التصنيع المتقدم أمراً صعباً؛ حيث هناك منافسة على المواهب مع القطاع الخاص. والعديد من هذه الوظائف تتطلب مهارات متخصصة، بينما هناك ضغوط متزايدة لمعالجة المخاوف الأخلاقية المتعلقة باستخدام تكنولوجيا الدفاع، مثل الأسلحة المستقلة. ومن ثم، فإن الموازنة بين الاعتبارات الأخلاقية وضرورات الأمن القومي مسألة معقدة.

7- دورات الشراء الطويلة: غالباً ما تكون عملية شراء المعدات الدفاعية بطيئة وبيروقراطية؛ ما يؤدي إلى تأخير في الإنتاج والنشر. كذلك تخضع الشركات المُصنعة للدفاع لقيود الميزانية، ويمكن أن تؤثر التقلبات في الإنفاق الدفاعي على مستويات الإنتاج والتخطيط على المدى الطويل، كذلك يمكن للاعتبارات السياسية وقيود الميزانية أن تزيد من تعقيد العملية.

8- ضوابط التجارة والتصدير العالمية: تحد ضوابط تصدير الأسلحة الدولية من السوق بالنسبة إلى مصنعي الدفاع الأمريكيين، ومن ثم، فإن التعامل مع هذه اللوائح أمر صعب. كذلك يخضع التصنيع الدفاعي للوائح صارمة وضوابط التصدير ومتطلبات الامتثال؛ لذلك يمكن لهذه اللوائح أن تبطئ الإنتاج وتزيد الأعباء الإدارية، كما تعد عمليات الاختبار وإصدار الشهادات الصارمة ضرورية لضمان موثوقية وسلامة المعدات الدفاعية، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تأخيرات وزيادة التكاليف.

وفي الختام، فإن نهج وزارة الدفاع الأمريكية في تصنيع الأسلحة في الخارج هو استراتيجية متعددة الأوجه تتأثر بدوافع واعتبارات مختلفة. وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي المتمثل في ضمان الأمن القومي يظل ذا أهمية قصوى، فإن وزارة الدفاع توازن أيضاً بين الأهداف الأخرى، بما في ذلك خفض التكاليف، والوصول إلى الخبرات المتخصصة، وتنويع سلسلة التوريد العالمية، والدبلوماسية الاستراتيجية مع الدول الحليفة. ومن ثم، تسعى وزارة الدفاع إلى الحفاظ على توازن دقيق بين حماية مصالح الأمن القومي وتحسين الموارد من خلال التعاون الدولي في التصنيع الدفاعي.