نظّمت الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين اللقاء الخامس لأعضائها في لبنان تحت عنوان: "طوفان الأقصى: انتصار الحق وانكشاف المشهد في السياسة والميدان والاستراتيجيا... فلسطين ما بعد العدوان على غزة". وقد تم تخصيص اللقاء لمناقشة هذه المرحلة الدقيقة عقب عملية "طوفان الأقصى"، وتوزع على محاور ثلاثة وفق الآتي:
1. التحالفات وموازين القوى العسكرية والاستراتيجية في المنطقة بعد العدوان على غزة.
2. المشهد السياسي في المنطقة ووضعية الكيان الغاصب ما بعد العدوان على غزة.
3. لقاء سياسي مع القيادي في حركة حماس د. أسامة حمدان.
تضع الرابطة بين أيدي السادة الأعضاء ما ورد في أوراق العمل المقدّمة إلى اللقاء والمداخلات من معطيات.
أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:
الزمان |
نهار الأربعاء 15\11\2023 |
المكان |
الغبيري ـ المركز الصحي الاجتماعي ـ شارع عبدالله الحاج ـ مقابل روضة الشهيدين ـ خلف المدرسة الرسمية. |
مدة اللقاء |
من التاسعة صباحًا بتوقيت بيروت لغاية الرابعة عصرًا |
المشاركون |
|
أعضاء الرابطة في لبنان |
أوراق العمل:
ورقة عمل العميد الياس فرحات: التحالفات وموازين القوى العسكرية والاستراتيجية في المنطقة بعد
العدوان على غزة.
شكلت عملية طوفان الاقصى في 7 أكتوبر 2023 نقطة تحول في النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي والعربي – الإسرائيلي؛ والمنطقة، وربما العالم بأسره سيكون بعد 7 أكتوبر ليس كما كان قبل 7 أكتوبر. ولكي نفهم التحالفات وموازين القوى العسكرية والاستراتيجية بعد فشل العدوان لا بد من أن نستعرض تداعيات 7 أكتوبر.
أبرز التداعيات:
1. سقوط هيبة إسرائيل العسكرية والامنية والسياسية أمام مستوطنيها، ثم أمام المقاومة الفلسطينية والإسلامية، ثم أمام داعميها في الغرب الذين تقاطروا اليها لتقديم الدعم وانتشالها من الغرق.
2. تراجع سياسة التطبيع التي أقلعت بقوة منذ أربع سنوات، وشملت معاهدات تطبيع مع الامارات والبحرين والسودان والمغرب، وكادت أن تصل إلى السعودية ما يعتبر نصرًا اسرائيليًا كبيرًا يفتح للكيان الباب إلى الدول الوازنة في العالم الإسلامي (باكستان، اندونيسيا، ماليزيا، بنغلادش).
3. انهيار مشروع الولايات المتحدة الذي أقره وروج له جيك سوليفان مستشار الامن القومي للرئيس بايدن على هامش قمة العشرين بإنشاء طريق الهند من مومباي إلى دبي الى حيفا، ثم اوروبا كبديل عن مبادرة الطريق والحزام الصينية.
4. رفع القضية الفلسطينية الى أعلى سلم الاولويات في الدول العربية والإسلامية، ولدى المجتمع الدولي.
5. اظهار طبيعة اسرائيل العدوانية والمجازر التي ارتكبتها ضد المدنيين، لاسيما النساء والاطفال في غزة ومهاجمة المستشفيات، وحصار غزة، ومنع الغذاء والماء والدواء والوقود عن القطاع.
6. مفاجأة العالم بقوة المقاومة بتخطيط العمليات وادارتها، وحرفية المقاتلين، وتعاملهم مع الحرب الالكترونية والسيبرانية ما حقق انجاز 7 أكتوبر، وأظهر هزالة الجيش الاسرائيلي وقيادته، ما دفع العديد لترديد كلمة السيد حسن نصر الله "أوهن من بيت العنكبوت".
7. سرعة حزب الله بفتح جبهة ثانية، وارهاق العدو بإخلاء 46 مستوطنة في شمال فلسطين المحتلة، واستحضار ثلاث فرق عسكرية الى جبهة الشمال وتكريس جهد أكثر من نصف القوات الجوية والقبة الحديدية لمتابعة جبهة الشمال. وامتدت الجبهة على مسافة نحو 110 كلم من الناقورة الى مزارع شبعا، وأدت الى تدمير معظم مراكز الاستطلاع والرادار للعدو وإلحاق اصابات بمراكز العدو وقتل وجرح أعداد كبيرة من جنوده.
التحالفات في المنطقة:
1- على الرغم من أن المنطقة عربية، وتنتمي دولها الى جامعة الدول العربية، فإنه لا توجد تحالفات بين هذه الدول بالمعنى السياسي.
2- هناك علاقات تتأرجح بين الممتازة والعادية والسيئة بين هذه الدول؛ حتى دول مجلس التعاون شهدت في ما بينها نزاعات شديدة وخطيرة.
3- تتميز المنطقة بوجود لاعبين من غير الدول أبرزهم: حزب الله في لبنان، وكتائب حزب الله والحشد الشعبي في العراق، وحركة حماس والجهاد الاسلامي وفصائل المقاومة الفلسطينية.
4- هناك تحالف واضح بين حزب الله وحماس والفصائل الفلسطينية وقوى المقاومة في العراق مع دولتي سوريا وإيران. أما العلاقات مع باقي الدول فتتراوح بين العادية والجيدة والمتأزمة.
5- القوى الفلسطينية لها علاقات ودية مع مصر، وخصوصًا في غزة؛ فمصر هي رئة غزة، والأمر نفسه ينطبق على الاردن والضفة الغربية.
6- صحيح أن السعودية والامارات والبحرين وضعت حماس وحزب الله على لائحة الارهاب لكن بعد 7 أكتوبر لم يعد لذلك أي معنى.
موازين القوى بعد فشل العدوان:
- حتى الآن يمكننا القول أن العدوان على غزة فشل في القضاء على المقاومة فيها، لكن الحرب لاتزال قائمة، ومن المرشح أن تطول إلى أن تتبلور تسوية تكون المقاومة هي المنتصرة فيها.
- عندما نحسب موازين القوى علينا أن نحدد المعسكرين المتقابلين: فإذا كان المعسكر الأول هو اسرائيل والولايات المتحدة، فهذا المعسكر متفوق سياسيًا وعسكريًا وتكنولوجيًا، وإذا كان المعسكر الثاني هو إيران وسوريا واليمن وحركات المقاومة فإن هذا المعسكر سيمسك بأوراق هامة في أي حرب غير متماثلة.
- إن المعسكر المقاوم قادر على التحكم بمضيقي باب المندب وهرمز، وهما شريانان في جسم الاقتصاد العالمي وطريق الطاقة.
- لقد أثمرت مواجهة المقاومة في لبنان وفي فلسطين للجيش الإسرائيلي باستعمال أساليب الحرب غير المتماثلة انتصارات لحركات المقاومة على اسرائيل:
. تحرير جنوب لبنان عام 2000، وانتصار العام 2006، وانسحاب اسرائيل من غزة عام 2005 خلافًا للمؤتمرات الدولية والمفاوضات المطولة المثقلة بالشروط الاسرائيلية التي جرت مع مصر والاردن والسلطة الفلسطينية.
. في حال انتهاء المواجهة الراهنة بانتصار المقاومة، وهذا ما نتمناه وما نتوقعه، فإن بعض الدول العربية سوف يتجه نحو المقاومة خدمةً لمصالحه ومراعاة للتوازنات التي يفرضها الميدان.
- هناك ملامح تغيير في النفوذ الدولي في المنطقة لايزال قيد التبلور، وهو تراجع الهيمنة الاميركية الذي سيحصل حتمًا بعد انتصار المقاومة في هذه المواجهة، ودخول سلس للنفوذ الصيني والروسي من بوابات اقتصادية وطاقوية وسياسية.
من هنا يمكننا القول أن المواجهة الراهنة في غزة وجنوب لبنان حتى الآن هي مواجهة مصيرية تشبه حرب 1948 التي جرت بتواطؤ ومشاركة بريطانية وفرنسية وتخاذل عربي تمثل في القضاء على تشكيلات ثورة القسام، وعندما تدخلت الجيوش العربية عام 1948 فشلت، وأُعلنت دولة اسرائيل. أما اليوم فهزيمة اسرائيل تعني نهايتها وبداية عصر جديد في المنطقة. وانهيار اسرائيل المرتقب سيؤدي الى هبوط سريع في دول التطبيع التي كانت تستقوي بإسرائيل وأميركا، ثم تفقد هذا السند الكبير.
في المقابل نلمس أن العدو الاسرائيلي يخوض حربًا مصيرية وجودية تخوضها معه دول الغرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة واوروبا. وفي حال انتصر هذا المعسكر فإن المنطقة برمتها ستدخل في عهد الفوضى والظلام الشديد.
والمواجهة الراهنة ستطول حتى انتصار المقاومة، وستقدم شعوب المنطقة تضحيات جسيمة للتخلص من المشروع الصهيوني في منطقتنا. ولا شك أن نتيجة هذه المواجهة سيكون لها تداعيات خطيرة على التوازنات الدولية، وهذا بحث اخر.
ورقة عمل د. عباس إسماعيل: استراتيجية "إسرائيل" بعد "طوفان الأقصى": من الاحتواء الى الحسم
لا شك أن ما حصل شكل فشلًا كبيرًا لإسرائيل، والنقاش في إسرائيل منذ اللحظة الأولى كان: ما الذي فشل في إسرائيل؟، أين فشل الإسرائيليون؟
الفشل الأول كان على مستوى المفهوم في مقاربة وجود حماس في غزة وحكمها، والاستراتيجية الإسرائيلية تقول إن الأفضل هو اتباع استراتيجية الاحتواء مع قطاع غزة، وحماس باعتبارها سلطة أولويتها في ضمان بقائها وضمان حكمها، وأنه يمكن التعامل معها وفق معادلة الاقتصاد والأمن، وأن البديل عنها أخطر منها، وأنه يمكن احتواء التهديد الذي تشكله.
هذا المفهوم كان ظاهرًا ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وكل الجولات التي حصلت في الأعوام 2008،2009 ،2012 ،2014، ومن ثم من بعدها جولات عديدة حصلت كلها انطلاقًا من استراتيجية الاحتواء، ويقول معظم صناع القرار في إسرائيل إن استراتيجية الاحتواء هي الاستراتيجية المفضلة، لأن البديل عن الاحتواء يعني إعادة احتلال غزة التي ستكبد إسرائيل خسائر فادحة، واضرارًا اقتصادية، وشل الجبهة الداخلية، ومسؤوليات سياسية ومالية، والبديل عن حماس سيكون أسوأ.
ولذلك بقي هذا المفهوم حاكمًا لدى صناع القرار في إسرائيل حتى الساعة 6:29 من صباح الـ 7 من أكتوبر، وهو يذكّر بالمفهوم الخاطئ نفسه، لأن هذا المفهوم الخاطئ يؤدي الى قالب تقدير خاطئ كما حصل في العام 1973؛ فالإسرائيلي وعلى الرغم من كل المؤشرات التي قرأها كان لدى شعبة الاستخبارات قالب تقدير بموجبه تقدر المخاطر والتهديدات، وقالب التقدير هذا كان يعطيها نتيجة أن العرب لا يمكن أن يبادروا الى حرب، وبالتالي يجب قراءة المؤشرات في غير هذا السياق، والذي حصل مع قطاع غزة هو الشيء نفسه.
وبالتطبيق، نلاحظ أن ما كان حاكمًا لدى صناع القرار في إسرائيل هو أن حماس سلطة يمكن احتوائها من خلال هذه المعادلة، لذلك لم تقرأ شعبة الاستخبارات مجموعة مؤشرات التي سبقت 7 اكتوبر في أنها انذار، إنما قرأتها في سياق أخر، وبالتالي كان التقدير أن حماس لا تريد الحرب.
إذًا الخطأ الأول كان خطأ المفهوم الناتج عن اعتماد إسرائيل على استراتيجية الاحتواء مقابل غزة، وهو الذي أدى الى خطأ في تطبيق النظرية الأمنية في إسرائيل التي لها مجموعة مداميك وأسس: الإنذار والردع، والحسم والدفاع.
في المفهوم الأول: الإنذار الذي يعد أهم مهمة من مهام شعبة الاستخبارات فشل فشلاً مطلقا، وهو ما أدهش رئيس شعبة الاستخبارات، وقال نحن كاستخبارات فشلنا، وأنا أتحمل مسؤولية.
في المفهوم الثاني الذي فشل هو مفهوم الردع، ومجرد حصول العملية يعني أن حماس غير مردوعة.
في المفهوم الثالث الحسم والدفاع، فشلت الحماية والدفاع، لأن الحماية والدفاع لا تعني الحماية من الصواريخ فقط؛ إنما حماية المستوطنين والمستوطنات والبنى التحتية أيضًا... وهذا في عملية طوفان الاقصى فشل في الحماية أيضًا، وهذا الفشل يأخذنا الى فشل اخر هو فشل العقد الموجود بين المستوطنين والجيش الإسرائيلي، خاصة المستوطنين في المستوطنات الحدودية، والنقاش الآن هو كيف يمكن للجيش الإسرائيلي أن يعيد ثقة المستوطنين فيه بعد الفشل الذي حصل؛ فإذا سقط هذا المفهوم، يعني مفهوم : العقد بين المستوطنين والجيش، يعني أن مفهوم الاستيطان والدور الوظيفي الأمني للمستوطنات سقط ، بالإضافة الى العائق البري الذي بني على طول الحدود مع غزة هذا فشل أيضًا؛ وبالتالي فشلت المنظومة كلها.
وفشل المفهوم وضع الإسرائيليين أمام استحقاق جديد هو تبني مفهوم جديد ينطلق من حقيقة أنه لا يمكن أن تتعايش إسرائيل مع هذا التهديد بعد كل الذي حصل، وهناك نقاش في إسرائيل: هل هو تهديد وجودي، أو تهديد ذو أبعاد وجودية؟، البعض يقول إن هذا التهديد يلامس وجود إسرائيل، والبعض الاخر يقول إن هذا تهديد يؤثر على شكل اسرائيل وطابعها، وفي النهاية سيؤدي الى نتيجة واحدة.
وهذا التغير في المفهوم نتج عنه تبني استراتيجية الحسم لإعادة الاعتبار، تم تبنيه من خلال اعلان الحرب، وانبثقت من خلال هذه الاستراتيجية (الحسم) الأهداف التي تم حددها المستوى السياسي في إسرائيل، وهي: القضاء على بنية حماس العسكرية والسلطوية، واستعادة الاسرى، وضمان عدم وجود أي تهديد على الحدود، وهذه الأهداف التي أعلنتها إسرائيل ناجمة عن استراتيجية الحسم؛ لذلك لا يزال الخطاب السياسي الرسمي متمسكًا بهذه الأهداف حتى الان، وهو ليس تمسكًا لفظيًا، بل تمسك يعكس حالة الخطر التي يشعر بها الإسرائيليون، وفشل هذه الأهداف يعني أن إسرائيل في خطر، فهل تنجح هذه الأهداف أو لا تنجح فالكلمة للميدان.
وفي سعيها لتحقيق هذه الأهداف هناك مجموعة من المحددات والضوابط التي تساعدها:
ـ نتيجة ما حصل في طوفان الأقصى اعتبرت إسرائيل نفسها أنها ذاهبة إلى حرب اللا خيار، ومن نتائج حرب اللا خيار الأساسية هو أن تكون هناك مشروعية داخلية مطلقة في إسرائيل من أجل شن هذه الحرب، وهناك مشروعية دولية أيضًا، وإسرائيل تحتاجها لاسيما الموقف الأميركي، فإسرائيل الآن في حرب اللا خيار تعتمد على مشروعية داخلية ودولية.
ـ الضوابط التي تساعدها في هذا الموضوع: أن تبقى المعركة والحرب محصورة في قطاع غزة، وهذه مصلحة إسرائيلية ومطلب أميركي، وفي هذه الحرب إسرائيل ربما للمرة الاولى تكون أكثر تخففًا من مسألتي الزمن والخسائر البشرية. لكن إسرائيل تحتاج الى عامل الوقت لتحقيق الحسم، وفي عامل الوقت هي بحاجة الى المشروعية الداخلية والدولية.
والحديث عن المشروعية المطلقة لا يعني تجاهل الخلافات الداخلية الموجودة، لا نقاش ولا خلاف في إسرائيل على أخلاقية هذه الحرب بمعاييرهم وعلى مشروعيتها وحتميتها وضرورتها، لذلك لا نسمع في إسرائيل أي انتقاد لحجم المجازر والشهداء المدنيين، ولا أي انتقاد داخل إسرائيل لسقوط قتلى إسرائيليين، ولكن هذا لم يلغ الخلافات والسجال الداخلي الذي يتصل جزء منه بمن هو المسؤول عن أصل ما حصل، وهناك من يقول ان أصل الخلل وقع بالانسحاب من قطاع غزة ،وأصحابه هم اليمين تحديدًا لكي يقول أنه ورث واقعًا وتعامل معه، ومن يريد انتقاده يجب ان يبدأ الانتقاد من هناك، وبالتالي عندها يكون كل الوسط واليسار في إسرائيل.
والنقاش الثاني أن من يتحمل ما حصل هو الذي كرس استراتيجية الاحتواء التي مارسها نتنياهو منذ أن تسلم السلطة عام 2009 حتى 2023، وبفعل استراتيجيته أصبحت فصائل المقاومة اقوى؛ وبالتالي هو الذي يتحمل المسؤولية.
ولكن هناك مستوى ثانٍ من النقاش حول المسؤوليات وهو النقاش العملاني؛ بمعنى أن الجيش والمؤسسة العسكرية والأمنية الذين فشلوا في تقديم الإنذار وتحقيق الردع وتأمين الحماية هم الذين يتحملون الأساسية، وكل السجال بين نتنياهو والمؤسسة العسكرية ينطلق من هذه النقطة، والاساس فيها أن هناك إدراك في إسرائيل بأن مرحلة ما بعد الحرب هي مرحلة تصفية الحسابات الحقيقية، والجميع من الان يقوم بترتيب ملفاته في هذا السياق، وبالتالي هناك تقاذف لكرة المسؤولية.
وفي إسرائيل حديث ماذا نريد بعد الحرب، ويعتبر الاسرائيليون أنهم سيربحون الحرب، والنقاش حول صورة قطاع غزة بعد الحرب، وهناك أكثر من خيار، فقد أعلن نتنياهو أن إسرائيل سوف تبقى السيطرة الامنية في قطاع غزة، وهناك خيار إعادة احتلال قطاع غزة، وإعادة الوضع الى ما كان عليه، وإعادة السلطة الفلسطينية، وخيار تسليم الأمور الى قوة دولية.
من الواضح أن الأغلبية في إسرائيل لا تريد خيار إعادة احتلال قطاع غزة، لما يترتب عليه من نتائج، وما خص خيار إعادة السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة فقد أعلن نتنياهو في مؤتمر صحفي أنه وكل اليمين الإسرائيلي لا يوافق عليه، وهذا جزء من خلافه مع الأميركيين، أما خيار إعادة الوضع الى ما كان عليه فلا يقدم ولا يؤخر، وعليه فمن الواضح أنه ليس لدى الإسرائيلي تصور لمرحلة ما بعد ما يعتقده انتصارًا في قطاع غزة.
حكي الكثير ان الجيش الإسرائيلي قدم اقتراحات بشأن عمل استباقي، لكنه كلام يحتاج الى دليل، واذا كان قد صح فهو في جزء كبير منه من اجل لا يُسجّل أن الجيش الإسرائيلي أخفق اخفاقًا ثانيًا، وتقدير المستوى السياسي الإسرائيلي أن حزب الله لم يتخذ قرار الدخول في حرب بعد ؛ وبالتالي فإن مصلحة إسرائيل الآن هي في احتواء ما يحصل وردع حزب الله، لذا استخدم مصطلح حسم في الجنوب وردع في الشمال، ولكن النقاش الكبير جدًا هو: كيف يمكن التعامل مع حزب الله بعد الانتهاء من قطاع غزة، أو في موازاة قطاع غزة حتى ؟، هل يمكن للمستوطنين أن يعودوا الى مستوطنات الشمال في ظل وجود حزب الله على الحدود؟، يقول المستوطنون إنهم لن يعودوا، ويقول كثير من الخبراء في إسرائيل : هذا غير ممكن، ولكن هناك مجموعة خيارات أيضًا منها ضرب قوة الرضوان، والذهاب الى حرب، وتعزيز الحافة لديهم بشكل كبير بما يبعث على الاطمئنان، والخيار الديبلوماسي الضغط لتطبيق القرار 1701، وهذا الخيار الرابع هو المفضل إسرائيليًا حتى الآن على الرغم من ادراكهم أنه صعب تحققه من قبل حزب الله.
المقصود من مفهوم الحسم لدى الاسرائيل هو حسم الارادة والقدرة بما يشكل تهديدًا عليه، وبالتالي إذا بقيت المقاومة بعد هذه الحرب قادرة على أن تشكل تهديدًا للجبهة الداخلية الإسرائيلية فهذا يعني أن الحسم لم يتحقق بصرف النظر عن مستوى الدمار، والإسرائيلي بحاجة إلى الزمن الذي يشكل مفتاح الحسم بالنسبة للإسرائيلي في هذه المعركة خلافًا لكل المعارك السابقة.
نحن أمام معركة بالنقاط وأخيرًا نصل الى النتيجة، والمقاومة تبلي بلاءًا حسنًا، ولا يجب أن يغيب عن نظرنا عندما نتحدث عن موضوع الإنجازات والمكتسبات، وموازين القوى بين إسرائيل وقطاع غزة، من هنا ولإنصاف الفلسطينيين أصل إلى السؤال: لماذا لم تنجح إسرائيل حتى الآن في احتلال غزة بهذه القدرات العسكرية والعتاد ووجود قطار جوي أميركي؟، ومن الظلم عندما نتكلم في البعد العسكري أن ننسى قطاع غزة جغرافيًا وامكاناته والحصار المطبق عليه وما هي إسرائيل، وحتى لو احتلت إسرائيل قطاع غزة، هناك سيرورات التاريخ دائمًا طالما هناك شعب فلسطيني الموضوع لن ينتهي، وبالتالي لا ينتهي الصراع بالاحتلال، والإنجازات التي حققها الإسرائيلي ليست هي التي يبحث عنها، ولا تقدم له صورة انتصار. ولايزال الإسرائيلي يعمل على حساباته ومصالحه، ورؤيته أن حماس يجب أن لا تبقى في غزة، فهل ينجح أو يفشل؟، تبقى الكلمة للميدان.
ورقة عمل د. محمد نور الدين: تركيا وعملية طوفان الأقصى وما بعدها
منذ الساعات الأولى التي تلت عملية طوفان الأقصى كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يعلن موقفًا يوصف بـ "المحايد" بين حركة حماس وإسرائيل؛ وامام 1402 مندوب أعادوا انتخابه رئيسًا لحزب العدالة والتنمية ظهيرة السابع من تشرين الأول دعا إردوغان اسرائيل وحماس "الأطراف" إلى الاعتدال" و"الامتناع عن اتخاذ خطوات انفعالية تصعّد من التوتر". ووصفت وزارة الخارجية التركية في بيان متأخر من اليوم نفسه ما يجري بـ "التوتر والعنف في فلسطين واسرائيل" معربة عن "القلق" ومدينة الخسائر في الأرواح المدنية من الجانبين. وتكررت مفردة "الاعتدال" لدى كل المسؤولين في حزب العدالة والتنمية. وحده احمد داود اوغلو وتيميل قره موللا اوغلو زعيم حزب السعادة كانا واضحين بالوقوف إلى جانب حركة حماس والفلسطينيين. فيما قال زعيم المعارضة كمال كيليتشدارأوغلو إنه إلى جانب الشعب الفلسطيني ونظم اول لقاء تضامن جماهيري مع فلسطين.
وموقف الحياد من جانب إردوغان انسحب على كامل الشبكة الإعلامية لحزب العدالة والتنمية التي كان مختصر موقفها "كما يرفض العالم قتل اسرائيل للمدنيين كذلك يرفض قتل حماس للمدنيين الاسرائيليين". وتشكل مناخ غير مسبوق لدى التيار الإسلامي لجهة عدم التعاطف مع المقاومة الفلسطينية والنظر إليها ببرودة، بل قال القيادي البارز في العدالة والتنمية بولنت أرينتش إنه نصح حماس بالهدوء والتعقل لأن سلاحها مجرد طنين ذباب. وذهب البعض إلى التشكيك بالشرعية الأخلاقية للمقاومة بعد قتل حماس للمدنيين. وباستثناء أقلام مستقلة إسلامية، أو معادية للغرب من يساريين فقد استمر موقف الحياد التركي عشرين يومًا حين بدأ إردوغان بتغيير اللهجة واعتبار حماس تنظيمًا غير إرهابي، واتهام اسرائيل بارتكاب جرائم حرب مع تنظيم مهرجان يتيم في اسطنبول دعمًا لفلسطين في 28 تشرين الأول.
لماذا وقفت تركيا على الحياد طيلة عشرين يوما؟، لماذا رفعت تركيا الصوت لاحقا من دون الذهاب إلى إجراءات عملية؟ وما الذي كان بإمكانها أن تفعل؟
في ذرائع "الحياد" التركي:
1- فاجأت عملية "طوفان الأقصى" إردوغان. فهو منذ ثلاث سنوات وهو يعمل على قدم وساق للتقرب من اسرائيل وتطبيع العلاقات معها انطلاقًا مما يعتقد أن التطبيع مع اسرائيل يجعل المال اليهودي يتدفق على تركيا ما يعزز الوضع الاقتصادي في الداخل التركي، وهو ما كان إردوغان بأمس الحاجة إليه عشية الانتخابات الرئاسية في ربيع 2023. وربما رأى إردوغان أن أي موقف تضامني مع فلسطين في غزة وغير غزة بعد عملية طوفان الأقصى سوف ينسف كل ما بناه في السنوات القليلة الماضية.
2- التقى اردوغان للمرة الأولى وجهًا لوجه مع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في العشرين من الشهر الماضي في نيويورك. وأعلن بعد عودته ان البلدين سيعملان معا للتنقيب عن الغاز في المناطق الاقتصادية الاسرائيلية والتركية وتصدير الغاز الاسرائيلي عبر انبوب بحري من اسرائيل إلى تركيا فأوروبا. ورأى إردوغان أن أي موقف تضامني مع فلسطين اليوم قد يفجر هذه الخطط على صعيد الطاقة، ويحرم تركيا من فرصة الاضطلاع بدور مهم في سياسات الطاقة العالمية، لاسيما بعد استبعادها من خطة "الممر الهندي".
3- ساهم التعاون، بل التحالف التركي – الاسرائيلي – الأذربيجاني في تحقيق انتصار مهم في 19 أيلول/سبتمبر الماضي على حساب أرمينيا وإيران في القوقاز بعد اقتلاع الأرمن من أراضيهم في قره باغ وتهجيرهم منها. واردوغان يحتاج إلى مواصلة هذا التحالف المثلث في أكثر من مكان. وبالمناسبة وللتذكير فقط فإن الموقف الأذري الرسمي والإعلامي لا يصف حركة حماس إلا بكونها منظمة إرهابية، منحازًا إلى جانب العدو. ويعتّم الاعلام الأذري بالكامل على كل الوحشية الاسرائيلية في قطاع غزة.
4- استطرادًا، إن الحفاظ على العلاقات الجديدة المميزة مع اسرائيل يدخل في إطار تعزيز التدخل التركي في سوريا واحتلاله لأراضيها، ومواصلة أنقرة خططها المعادية لدمشق بالتكافل والتنسيق الكامل مع تل أبيب التي تسهم بضرب سوريا ومطاراتها بإضعاف القدرة السورية لمواجهة مخططات تركيا في سوريا.
5- الرغبة التركية في عدم تخريب علاقاتها من جديد مع الولايات المتحدة بعدما تم تصحيحها في قمة فيلنيوس الأطلسية في 12 تموز الماضي وعدم العودة إلى المرحلة السابقة من التوتر والتشنج بين أنقرة وواشنطن.
6- كذلك فإن عدم التجاوب الروسي مع إردوغان لتجديد اتفاقية الحبوب واعتبار موسكو أن إردوغان لم يعد شخصًا موثوقًا فيه، ربما أضعف آمال إردوغان في إبقاء روسيا ورقة بيده لمقاومة الضغوط الأميركية عند الضرورة. ولا يريد إردوغان بعد "العين الحمراء" الروسية عليه ان يخسر من جديد الورقة الاسرائيلية.
7- يطمح إردوغان بموقفه الحيادي هذا أن يضطلع بدور الوسيط بين حماس واسرائيل ليجدد التأثير التركي في المعادلات الإقليمية، وليكون ذلك استعاضة عن تراجع دورها الوسيط بين اوكرانيا وروسيا. ولذلك تشدد تركيا في مواقفها على صيغة الضمانة لأي اتفاق في غزة وفلسطين، وأن تكون تركيا إحدى الدول الضامنة للحل على غرار الوضع في قبرص.
8- لكن السعي لدور وسيط بين اسرائيل والفلسطينيين يخفي أيضًا ليس عجزًا، بل رغبة تركية في إضعاف أي احتمال لاستثمار إيران في الظروف المستجدة في المنطقة بعد طوفان الأقصى. فقد نقل عن إردوغان صبيحة تبلغه بالعملية والاطلاع على تفاصيلها قوله إن العملية تخفي امورًا خفية وخطيرة. وهو يدرك أن هذه الأمور الخفية ليست سوى الدعم الايراني لها. وكم كانت الفروقات ضخمة بين كلام مرشد الثورة الإمام علي خامنئي بتقبيل جباه المقاومين ودعمهم، وبين مساواة إردوغان بين العدو وحماس في "قتل المدنيين".
9- يؤخذ على السلطة الرسمية في تركيا في الوقت نفسه أنها لم تبادر منذ اللحظات الأولى ولا لاحقًا إلى تنظيم حملات إعلامية وإعلانية متلفزة لجمع التبرعات مثلًا، أو الدعوة لتقديم مساعدات انسانية، أو مولدات كهربائية، أو ادوية ومواد طبية، أو الاستعداد لاستقبال جرحى المقاومة في غزة في مستشفيات تركية، وما إلى ذلك. وعلى الرغم من إعلان تركيا لاحقًا عن ارسال مساعدات انسانية بقيت عالقة خارج غزة، غير أن التوقيت في الأيام الأولى كان ليكون أكثر أهمية وتأثيرًا لجهة رفع معنويات الفلسطينيين. وتبقى الخشية من مواقف إردوغان الحالية الداعمة ضمنًا لإسرائيل، أن الحملة المعادية لحماس والمقاومة التي تروج لها بقوة وسائل إعلامه ومسؤوليه قد تؤسس، ولعلها أسست، لنزعة كراهية وعداء تجاه المقاومة وفلسطين لدى التيار الاسلامي في تركيا.
ما الذي كان بإمكان تركيا ان تقوم به؟
على سبيل المثال:
أولًاـ قطع العلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل، أو على الأقل تخفيضها. وعلى امتداد الحرب اكتفت تركيا في وقت متأخر جدًا، بعد 27 يوما من بدء الحرب، باستدعاء سفيرها في اسرائيل للتشاور.
ثانيًاـ إغلاق القواعد الأميركية التي تستفيد اسرائيل منها مثل اينجيرليك وكوريجيك في تركيا التي تستخدمها الولايات المتحدة لدعم اسرائيل عسكريًا.
ثالثًا ـ إخراج اسرائيل من آليات حلف شمال الأطلسي بعدما دعم حزب العدالة والتنمية هذه المشاركة قبل سنوات على الرغم من أن اسرائيل ليست عضوًا في الحلف.
رابعًا ـ قطع العلاقات التجارية مع اسرائيل وعدم التصدير اليها ولا شراء منتجاتها التي تعني المساهمة بقتل الأطفال الفلسطينيين. ومن أهم الصادرات التركية إلى اسرائيل الحديد والفولاذ الذي يستخدم في تصنيع الأسلحة.
خامسًا ـ حظر تصدير النفط والغاز إلى اسرائيل.
لماذا رفع إردوغان الصوت ولو متأخرا؟
لقد كان موقف الحياد التركي بداية ولعشرين يومًا رسالة إلى اسرائيل بأننا لسنا مع حماس تلقائيًا. ولكن كان على إردوغان أن يواجه أيضًا جمهوره الداخلي المؤيد للشعب الفلسطيني. وإذا كان هذا الجمهور قد تم ترويضه في الأسابيع الأولى، لكنه مع تمادي التوحش الاسرائيلي بات على مسافة من موقف قيادته. من هنا كان تغيير اردوغان لهجته وتصعيدها استيعابًا لهذا الجمهور من دون الذهاب إلى أي إجراءات عملية، سواء تجاه اسرائيل أو تجاه الولايات المتحدة. ويضاف إلى عامل الاستيعاب المرحلي أن الانتخابات البلدية على الأبواب في نهاية آذار المقبل. لنجد أن العداء التركي لإسرائيل والتصعيد اللفظي في الخطاب يهدف إلى عدم خسارة الناخب الاسلامي على الأقل في الانتخابات البلدية قبل أن يكون موقفًا داعمًا لغزة.
ورقة عمل الأستاذ حسن حجازي: 7 أكتوبر خلخل الكيان الغاصب: المشهد في الكيان الغاصب عشية العدوان على غزة
في انعكاس عملية طوفان الأقصى على الكيان الصهيوني تبرز هذه العملية والحرب الكبرى التي شنتها المقاومة بشكل غير مسبوق أنها أتت في ظل معترك ازمة داخلية كبرى ويعيش في ظلها كيان الاحتلال، وهناك من يربط بين حصول العملية والظروف الداخلية، وهذه المسألة تحدث عنها قادة الأجهزة رئيس الأركان ورئيس الاستخبارات تحديدًا قبل العملية التي قامت بها المقاومة. والعملية بحد ذاتها دفعت الازمة الى البروز الى سطح بشكل عنيف وحاد جدًا، وعكست هذا التفكك والتحلل على المستوى الاجتماعي والمؤسسات، وأظهرت للإسرائيليين قبل غيرهم أن هذا الكيان يقع في مفترق طريق خطير جدًا.
المعضلة الأساسية التي يعيشها الكيان أن البنية الداخلية على المستوى السياسي والأمني والعسكري هي بنية تذهب على مسار التفكك، فهذا الكيان فقد الهوية وفقد المشروع حتى المشروع الصهيوني القائم على استقدام اليهود الى هذا المكان أصبح موضع شك نتيجة التناقضات الداخلية والتحديات الخارجية.
لدينا عنوان أساسي لهذه الازمة وهو العنوان السياسي وهو معبر عن حالة التفكك بين الشرائح المختلفة، ورأينا الازمة اتي كان يعيشها الكيان الصهيوني قبل حصول العملية ورغم ان هذه العملية شكلت صدمة للمجتمع الاسرائيلي بالعمق ودفعت هذا المجتمع الى استنهاض كل طاقاته. وعلى الرغم من هذا الواقع هذا الاجتماع الإسرائيلي على هذا النوع من التحدي فالخلافات السياسية لم تغب، ولاتزال المعضلة السياسية قائمة.
جزء أساسي من الازمة هو هذا المستوى السياسي، وهنا قناعة لدى مختلف الاوساط ان القيادة السياسية الحالية تختلف عن القيادات السياسية التاريخية في كيان الاحتلال الذين كانوا يضعون المصالح القومية للكيان فوق اعتباراتهم الشخصية، بينما نتنياهو العكس تماما في ذروة الازمة الوجودية التي يعيشها الكيان يفكر على قارب النجاة اذي يريد ان يركب به وحتى يفكر بان يرمي كل أعضاء الليكون واليمين ككبش محرقة، ازمة الكيان الأساسية هي في هذه الطبقة السياسية التي لا تختلف عن بنيامين نتنياهو. وهناك حالة من التفكك وهذا المجتمع "سوس" على مستوى قياداته. وقد عمقت هذه الازمة ازمة الثقة للمجتمع الصهيوني بقياداته، وهذه المعضلة لا تزال قائمة وتعزز القلق الوجودي. وليس هناك ثقة لدى الاسرائيليين بقدرة الحكومة على اخراجهم من الازمة التي يعيشون بها وهي ازمة وجودية. فضلًا عن أن المجتمع الإسرائيلي يعيش في مخاض عسير غير معروف النهايات، لان هذا المجتمع يحتاج الى عملية تعيد انتاج الطبقة السياسية برمتها..
السؤال: لماذا لا يوجد هناك مشروع سياسي؟، لأنه لن يكون هناك طبقة سياسية قادرة على حمل مشروع سياسي. وليس في الطبقة السياسية من لديه القدرة والجرأة على نقل المجتمع هذه النقلة، وهناك مشكلة ترتبط بالقادة الموجودين وعقلية هذا المجتمع الذي أصبح اسير الخوف، المجتمع الإسرائيلي اسير حالة من الخوف والرعب غير مسبوقة. وهناك مستوى من الخوف والعجز يدفع هذا المجتمع الى هذا المستوى من التهديد باستخدام النووي.
على ما يبدو ان هذا الكيان يذهب باتجاه الانتحار لان لا أحد يفكر بمشروع سياسي يعترف بشيء اسمه فلسطيني، والمجتمع ذاهب على مسار من التطرف ويفكر بطريقة غير واقعية، وليس هناك قيادة قادرة على طرح مشروع. ليس هناك افق على المستوى السياسي وهذا الكيان يفقد الأفق والرؤية والمسار وليس لديه قيادة قادرة على انتشاله من الازمة التي يعاني منها.
هذا الكيان ليس لديه افق ولا مشروع سياسي ولا حلول وهو قادر على القتل والذهاب الى مسارات بالغة التطرف وما يساعده حبل الدعم الأميركي والرهان على بعض العرب في المرحلة اللاحقة من خلال التطبيع وغيرها، ولكن في العنوان العام الكيان الصهيوني يواجه ازمة وجودية على مستوى الخيارات وهذه الازمة مرشحة بعد الحرب للتفاقم أكثر فأكثر.
بعد هذه الحرب موضوع الاتهامات والانقسامات التي ستبرز ومن سيتحمل المسؤولية، والصراع على السلطة ومحاولة الإطاحة بنتنياهو لن تكون عملية سهلة بالمطلق لان اليمين الإسرائيلي هو يمين متجذر ومتمسك بالسلطة ويعتبر ان هذه الفرصة لن يتخلى عنها، وربما نرى في المراحل القادمة عنف عال جدا على المستوى السياسي وربما على مستوى الشارع، وهذه المسألة تؤكد ان هذا الكيان قد يحقق إنجازات عسكرية ما ولكن استثمارها وادراجها في مشروع يوصل الى حل يمكن ان يضمن استقرار لهذا الكيان او وجود له على المدى البعيد مسألة بالظروف الحالية شبه معدومة.
نتائج الحرب تحدد الإجابات، والجانب الصهيوني والأميركي لديهما مشروع ونحن في المقابل لدينا مشروع. لذا فإن هذه المعركة يجب ان تحسم في النقاط لأنها معركة غير حاسمة، ولن تؤدي الى كسر المقاومة، ولا لزوال إسرائيل.
المؤسسة العسكرية لديها مشكلة أساسية وكانت خط الدفاع الأول وسقطت في السابع من أكتوبر ولم تستعد هيبتها وفي كل المعارك التي تجري في قطاع غزة ليس هناك أي عملية التحام واحدة، ولو كان هناك إمكانيات أكبر لدى المقاومة في غزة كنا رأينا مجزرة أعظم بالجيش الإسرائيلي. والجيش الإسرائيلي يعاني من نفس المشكلة والمشكلة مركبة مشكلة بالجيش ومشكلة في المجتمع الصهيوني.
وسيكون لنتيجة المعركة انعكاساتها على موضوع التطبيع، والمطبعين ذهبوا الى التطبيع مع الكيان الصهيوني بناءًا على الثقة بقدرة هذا الكيان على توفير الحماية، وتهشيم هذه الصورة أكثر واثبات عجزه وفشله أكثر ستضعف عملية التطبيع وستقوي التوجه الشعبي القائم على مواجهة التطبيع ورفضه، ونتائج المعركة ايضا سيكون لها تأثير على هذا المستوى.
ومن المؤكد أنه سيكون لنتائج المعركة الاثار المزلزلة على مستوى الداخل الاسرائيلي، وترميم ثقة الاسرائيليين تحتاج الى جهد كبير وإنجاز نوعي جدًا يدمر كل التهديدات في المحيط، وهذه المسألة فوق طاقة الإسرائيليين والأميركيين أيضًا، لذلك يعيش الإسرائيلي أزمة كبرى على هذا المستوى قد تكون مقدمة لهجرة الكثيرين من الإسرائيليين الى الخارج.
المداخلات:
د. محسن صالح
الصراع وطبيعة الصراع، طوفان الأقصى، وطوفان العقل، وطوفان الميدان، وطوفان الدم، وما استقر بعد، ولكن هذا الطوفان أعاد الحياة للذاكرة ولجميع من يفكر بفلسطين والأمم التي تفكر بفلسطين والعدالة والحق، هذا الطوفان غير العالم وحتى غير الجميع من الخنادق الى الرؤوس الاستراتيجية. والعالم لم يعد كما كان على الرغم من المجازر والصدمة الوجودية للجميع وخاصة للعدو الصهيوني، لأن وجوده مشكوك فيه والوجود الفلسطيني هو الجوهر وهو الابد.
كل العلاقات الآن تتغير، وكذلك كل المؤامرات والخطط تتغير، ماذا يعد لفلسطين، خاصة لغزة والضفة الغربية والشعب الفلسطيني؟، ماذا نعد نحن للمستقبل؟، ما الذي سيحصل؟، إذا كانت الكلمة الفصل والحق لسماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله عندما قال أن الكلمة للميدان فمعنى ذلك أن الميدان هو الذي يتكلم ويحسم الخرائط المستقبلية والآنية أيضًا.
نحن بحاجة إلى إعادة التسميات، مثلًا ما الذي نطلقه على الموقف الأميركي، هي مشاركة هي "إسرائيل"؟، من يأتمر بمن؟ ولمن الامر للأميركي او الصهيوني؟ أو المصالح، أو الصراع العالمي. هناك الكثير من التسميات والمعاني التي يجب التوقف عندها مليًا من أجل الوصول الى ثقافة سياسية ميدانية جديدة.
هذا الطوفان غير أيديولوجية العالم في التقسيمات السياسية والاقتصادية وحتى الجيوسياسية، وإذا كان لا بد من نظام عالمي جديد، لا شك أن سايكس بيكو، أو وعد بلفور بدأت من فلسطين، وفلسطين الآن هي التي تعيد تشكيل العالم بالنسبة لمنطقة غرب اسيا، وحتى شمال افريقيا. وإذا كان الأميركي والغربي يريد زيادة التفتيت والفتنة من أجل الهيمنة، فماذا لدينا نحن، وعند أصحاب القرار، صحيح أن الكلمة للميدان، ولكن للوعي أيضًا دور أساسي ومهم، والميدان هو نبض الوعي.
في كتاب للمفكر والأستاذ الجامعي والفيلسوف نعوم تشومسكي وبالمشاركة مع إيلان بابيه عنوانه فلسطين حول هذا المشروع الذي يستند الى أيديولوجية صهيونية وأوروبية واختصار فكرة الاستعمار وايديولوجيته حول النظرة للشعوب الأخرى، لذلك يقول الكتاب إن ما يعيشه الفلسطيني في الضفة والقطاع أسوأ من نظام التمييز العنصري وأسوأ من فكرة النقاء العرقي.
وإذا كان هناك مشكلة في الوعي ومحاولة وضعها في الذاكرة، وهم يدركون ما يفعلون ولكن يحاولون وضعها في الذاكرة بدل الذاكرة الفلسطينية. فقد جاء طوفان الأقصى ليرفع ذاكرة الإنسانية في الانسان العربي، وبالتالي يعيد لفلسطين أنها موجودة ولا يمكن أن تنسى، وهي موجودة في الوعي والجغرافيا السياسية ولا يمكن هزيمتها. ونتحدث عن عودة الصراع الى اصوله ومن الناحية الفلسطينية إما فلسطين واما لا دولة وإسرائيل لا تريد دولة خارج إطار اليهودا والسامرة ولا تريد العيش مع الفلسطينيين في الداخل والقطاع. والحل هو ربما أن يقتنع الشعب الأوروبي والغربي أن زمن الاستعمار القديم ومحاولات تجديده قد ولت الى لا عودة، وإذا عادت فذاكرة طوفان الأقصى والمقاومة ستكون موجودة.
لدينا مشروعان المشروع العربي غير الموجود والأنظمة العربية حتى التي تفاوض فإنها تفاوض للسير في المخطط الصهيو-اميركي وضرب المقاومة وروحها، ولا تريد من حماس أن تكون حماس طوفان الأقصى، بل حماس الهدنة والسلطة الفلسطينية، وفي اعتقادي أن حماس الاحتواء انتهت الى غير رجعة، واليوم حماس تقاوم وتدافع عن من بقي الفلسطينيين في غزة.
التركي لا يريد قطع العلاقات مع إسرائيل، ولسوء الحظ ان اعتراف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بإسرائيل اقوى من اعترافه من حماس وهو مستعد ان ساوم ويفاوض على حماس مع الإسرائيلي والأميركي.
والسؤال: هل ستسمح اميركا بظل احساسها انها لم تعد القطب الوحيد في هذا العالم بتغيير جيوسياسي في المنطقة؟، وتهيئة الجو السياسي في المنطقة لكي تكون إسرائيل موجودة بهذه القوة وبهذه العنجهية، وهناك شيء هيأ هذه الأرضية في البلاد العربية لكي تكون هذا المشاع. لقد أصبحنا في حالة شبه توازن نستطيع أن نقول للأميركي لا لهذا الخط السياسي، أو لهذه المؤامرة السياسية، وما بعد هذا الوضع بالقوة والقدرة والإرادة والثقافة الى اين ذاهبين فما زال هناك إصرار أميركي غربي؟
مع طوفان الأقصى يبلغ محور المقاومة مرحلة نستطيع القول فيها إن ما قبل تكتيك هذا الكيان ستكون الجبهة الجنوبية وفلسطين هي الجبهات التي تتقاسم تفتيت هذا الكيان.
مداخلة العميد الياس فرحات رداً على بعض الاسئلة:
- دخلت المقاومة العراقية الميدان بوتيرة أكبر من المعتاد ومرشحة أن تزيد بعدد الضربات ونوعية الأسلحة.
- إسرائيل اهم من أوكرانيا لمصالح الغرب مجتمعًا والولايات المتحدة.
- عندما ينخرط الأميركي في الحرب هناك دول ستأخذ خياراتها، والانخراط الأميركي لن يكون مباشرًا، والأميركي يصرح أنه ضد توسيع الجبهة، والتوقيت الحالي ليس لمصلحة توسيع الجبهة. يكفي اغلاق مضيق هرمز ليرتفع النفط الى 150 ونرى ماذا سيحصل في الداخل الأميركي والاوروبي.
- بدأ قصف ايلات لأنها المرفأ الذي يستقبل النفط الذي يأتي أذربيجان على قناة السويس ويلف على العقبة وصولا الى ايلات.
- الدخول الأميركي سوف يحرج دول كثيرة مع شعوبها وصحيح ان الشعوب مختذلة ببعض الدول ولكن لا نستهين بحركة الشعوب.
- لا يجب ان نخلط بين الواقع والافتراضي ويجب العودة الى الميدان الذي لا يتأثر بالافتراضي.
مداخلة د. محمد نور الدين رداً على بعض الاسئلة:
موقع تركيا من المشروع الغربي وإن كانت تشكل مطية والى أي مدى، وهذا طرح كثيرًا خصوصا بعد انقلاب 2016 وانفتاح تركيا على قوى مشرقية مثل روسيا وإيران أكثر من السابق، وفي الواقع الجواب الموضوعي يعيدنا الى بدايات التحول التركي بعد الحرب العالمية الثانية. فتركيا لغاية الحرب العالمية الثانية كانت سياستها الخارجية بالإجمال اذا استثنينا مسألة الاسكندرون تتسم بالحيادية والإيجابية، لكن بعد الحرب العالمية الثانية فجأة ستالين طلب من تركيا عام 1946 قضيتين، الأولى تغير اتفاقية المضائق عام 1936 ونقلت السيادة الكاملة بهذا الموضوع، وكان الطلب بأن تكون روسيا شريكة بالسيادة على المضائق، والثاني طلب استعادة بعض الأراضي في شرق تركيا وتعود للسيطرة السوفياتية علما ان هذه حدود قد اتفق عليها في عام 1921، وتركيا رفضت فقام الاتحاد السوفياتي الغى اتفاقية الصداقة مع تركيا وكان ردة فعل تركيا بالذهاب الى العباءة الأميركية، وفي اذار 1947 اول اتفاقية عسكرية بين تركيا وأميركا وهكذا بدأت تركيا المشوار الغربي.
هذا الامر استمر الى وصول اردوغان بأشكال مختلفة، والعلاقة مع إسرائيل هي جزء من هذه العلاقة مع الغرب. واستمرت العلاقات التركية الإسرائيلية كما هي بل زادت قوة بعهد اردوغان، والعلاقات التركية الإسرائيلية لم تتغير مع وصول العدالة والتنمية بل أضيفت حيثية صغيرة كانت سبب في خلاف تركيا وأميركا وهي الحيثية العثمانية. واميركا لم تكن منزعجة من هذا التوجه العثماني لتركيا الذي يعني الاصطدام بالمشروع الإيراني الفارسي الشيعي والاصطدام بالمشروع العربي الوهابي.
تركيا كانت وستبقى هي جزء أساسي من المشروع الغربي في المنطقة وتخدم مصالحه. وعلاقة الاتراك مع حماس فكرية إسلامية اخوانية تطال كل العالم الإسلامي ولكن عند الوصول الى العثمانية ببعدها القومي التركي حماس لا يكون لها مكان. وقد وقعت حماس ضحية للمشاريع العثمانية التركية وسلكت بما تريد تركيا سواء في مصر وتونس او في أماكن أخرى دون ان تراعي الظروف الداخلية لكل بلد.
المصالحة مع سوريا من اول لحظة كانت مصالحة خادعة وكاذبة واردوغان لا يريد المصالحة وبالتالي المصالحة التركية السورية صعبة جدا وطويلة. وما يحدد خيارات الناخب التركي بالداخل هو انتمائه الفكري، 60% - 65% قوميين إسلاميين ويصبوا أصواتهم لأردوغان لأنهم لا يريدون العلماني ان يعود الى السلطة.
وما خص موضوع أذربيجان، لا يوجد شيء تتأثر فيه أذربيجان في ما يتعلق بقطاع غزة نتيجة علاقاتها التحالفية مع إسرائيل ومع الموقف التركي المتخاذل، وبالتالي مصلحة أذربيجان ان تكون كذلك.
د. إسماعيل نجار:
لقد ساعد نجاح حركة حماس في تضليل العدو الصهيوني في نجاح عملية طوفان الأقصى بشكل كبير، وسهل أمام المقاتلين التقدم باتجاه تلك المواقع حيث كان العدو الصهيوني في حالة استرخاء، ولم يكن لديه أي معلومات موثقة بأن خطرًا داهمًا يأتي من الغرب باتجاه غلاف غزة.
نتيجة عملية طوفان الأقصى كانت أكبر بكثير من نتيجة رد فعل الكيان الصهيوني على القطاع على الرغم من هول الدمار وعدد الشهداء الذي يندى له جبين الانسانية، والجميع يعلم أن عدد الشهداء وحجم الدمار ليس معيارًا للنصر أو الهزيمة، بل إن نتائج عملية 7 أكتوبر هي التي تقاس بها نتائج هذه الحرب، وفي تقديري ان الحرب بدأت في 7 أكتوبر وانتهت مساء 8 أكتوبر، وما يحصل ما هو الا رد فعل صهيوني انتقامي بآلته العسكرية، وجوًا عندما فر من الأرض الى السماء بعدما عجز جنوده ودباباته عن التصدي لجحافل المقاتلين. وقد تميز مقاتلو المقاومة الفلسطينية خلال دخولهم غلاف غزة بأخلاقيات عالية جدًا من خلال تعاطيهم مع النساء والأطفال.
العملية كان لها تبعات كبيرة جدًا على الكيان الصهيوني اقتصادية وسياسية واجتماعية، ومنها حالة الصدمة التي أدت الى تصدع القيادتين السياسية والعسكرية، وأثرت بشكل كبير في نفوس المستوطنين الذين أصبحوا يحسبون ألف حساب لموضوع العودة الى المستوطنات. وبالتالي فإن الجيش الإسرائيلي والمجتمع الصهيوني يحتاجان اليوم الى إعادة تأهيل، وكان على القيادة الصهيونية أن تتمهل بإعلان الحرب كي تقوم بإصلاح ما خربته عملية طوفان الأقصى، لكن الحقد والجرم الصهيوني دفعه الى التصرف بغريزته الاجرامية من دون ان يعود الى التكتيكات العسكرية والسياسية المناسبة.
وقد ساعدت مشاغلة المقاومة اللبنانية على الحدود اللبنانية الفلسطينية قطاع غزة على تخفيف وطأة النار الكثيفة التي كان من الممكن ان يندفع بها العدو الصهيوني، ووضع القيادة الإسرائيلية بمكان محرج جدًا، لأن الحرب مع لبنان تختلف تماما وكليا عن الحرب قطاع غزة، من حيث العمق الاستراتيجي وقوات حزب الله وقدراته وما يمتلك من شبه تكافؤ في القوة التدميرية بين الفريقين بخلاف سلاح البر وسلاح الجو.
الأستاذة عبير بسام:
من اهم نتائج المعركة العسكرية لعملية طوفان الأقصى هي دخول المقاومة العراقية وقصف المواقع الأميركية في سوريا وهذا يدل على توافق ما بين العراق وسوريا على انهاء التواجد الأميركي في منطقة شرق الفراق. وقدرة إسرائيل على الحسم متعلقة بقدرة المقاومة على الاستمرار، فهل إن هاتين المتلازمتين تسيران سويًا؟، كما سمعنا تصريح الولايات المتحدة بوجوب انهاء الحرب خلال أسبوعين، فإلى أي حد قد يؤثر ذلك على الإسرائيلي ليستطيع ان ينهي الحرب خلال هذه المدة؟، أسئلة مطروحة.
د. عبد الكريم اللقيس:
التركيز بالمعركة الوجودية ان التي تديرها بشكل مباشر اميركا وحزب الناتو الإرهاب المتمثل بما يسمى بالرجل الأبيض لا زالوا يمارسونه بالطريقة عينها، وما العدو الصهيوني الا أداة قتل، لان القاتل الحقيقي هو أميركا وحزب الناتو الذين يرفضون أي بحث بعملية وقف إطلاق النار رسمية وحقيقية لغاية الان. والتركيز على أن الحرب المفتوحة الان هي مع اميركا وحزب الناتو القتلة الحقيقيين والصهيوني هو مجرد أداة قتل. والصهيوني يحاول التركيز على ان لديه رهائن لدى المقاومة، ومصطلح الرهائن الإسرائيليين خطأ والصحيح ان كل الذين ضد المقاومة الفلسطينية غزاة والفلسطينيين المسجونين قهرا لدى إسرائيل هم الرهائن.
الأستاذ رياض عيد:
ماذا بعد الحرب على غزة؟، وكيف تشكلت سايكس بيكو لتثبيت الكيان الغاصب؟، وكيف ضرب هذا الكيان؟، وهل ثمة قدرة على اسقاط سايكس بيكو وتشكيل المنطقة؟
عندما اتى الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة اول تصريح صرحه من دولة الكيان الزائل: "ان هذه الدولة ان لم تكن موجودة لوجب وجودها"، ورغم خطورة واهمية الحرب التي تخاض في أوكرانيا بين روسيا والغرب الانغلوساكسوني، رأينا الاميركيين والأوروبيين نظروا الى المعركة في غزة ومنطقتنا بأن هي اولية لهم تزيد عن أولوية الحرب في أوكرانيا وهذا ان دل على شيء يدل على خطورة هزيمة هذا الكيان الزائل او تهديد والغاء دوره، لأنه لا يزال المشروع الأميركي في المنطقة بحاجة الى تثبيت هذا الدور. وأحد نتائج المعركة هو سقوط الخط التجاري الهندي الى أوروبا عبر الخليج ودولة الكيان الزائل، وهناك أيضا الهيمنة الأميركية الغربية على غاز المتوسط وتحديدا في الساحل لان هناك حاجة أوروبية أميركية لأوروبا تحديدا في ظل الحرب الأوكرانية كبديل عن الغاز الروسي. فهل نحن امام لحظة تاريخية فاصلة في الصراع مع الاستعمار الغرب؟، هل هذه الحرب في غزة هي مقدمة لاستكمال هذه المعركة الفاصلة؟
وفي ظل وضع اميركا الاقتصادي ووضع أوروبا الاقتصادي والتسليحي، وعلى الرغم من تهديد اميركا والاساطيل الأميركية في المنطقة رأينا ان اميركا سعت مع إيران ودول المنطقة ان تضغط على حزب الله وتؤكد انها لا تريد حرب شاملة في المنطقة وهي تريد ان تبقي المعركة ضمن غزة، ووعدت بإجراءات لم تنفذها. واميركا غير قادرة ان تخوض حرب في المنطقة لأنه ما يجري في المنطقة قد يؤدي الى حرب كونية وفي هذه الحرب الكونية هناك لحظة تاريخية حاسمة لنا ان ندخل المعركة في المنطقة، وهذه الحرب في المنطقة تريح روسيا وقد تفتح امام الصين فرصة لكي تقوم بضم تايوان ونحن اليوم امام لحظة فاصلة.
هل نحن يجب ان نلتقط هذه اللحظة التاريخية ونحن نقوم بتوسيع المعركة لتغيير الشرق الأوسط وبناء شرق أوسط مقاوم وليس شرق أوسط أميركي ونعيد تشكيل المنطقة وفق معايير ما قبل سايكس بيكو وليس ما بعده.
د. عبد الملك سكرية:
ما جرى في 1948 في فلسطين نراه اليوم بأم العين وفهمنا كيف ضاعت فلسطين، استعمار، صهيونية، خيانة فلسطينية وازنة، خيانة عربية كاسحة، هذه المعادلة لا تضيع فلسطين فقط بل تضيع المنطقة كلها. ولأول مرة الكيان الصهيوني يشعر بخطر وجودي أكثر من حرب 1973 بعد عملية طوفان الأقصى، وكونها حرب وجود بالنسبة للكيان الصهيوني فهو مستعد لدفع الثمن غاليا لان البديل زوال الكيان وطبعا لديه ضوء اخضر من الغرب الاستعماري الذي له مصلحة ببقاء هذا الكيان، فاحتمال التوسع وارد جدا لان الحرب هي بقاء إسرائيل او زوالها.
الأستاذ حمزة البشتاوي:
الكلمة الأساس هي للميدان والميدان بالنسبة لغزة واهل غزة لا يعني جبهتي الجنوب والشمال بل كل الجبهات والساحات، والساحات المقصود بها على المستوى الداخلي هي ساحة 48، وهناك حملات اعتقال واسعة داخل 48 وانتشار عسكري غير مسبوق للدبات والمجنزرات الإسرائيلية داخل مدن وقرى وبلدات عام 1948.
هناك خوف كبير ليس كما كان يتحدث المستوى الأمني والعسكري الإسرائيلي حول الخطر في منطقة وادي عارا وجبهة الشمال، هناك خطر في كل قرية ومدينة في العام 48، هذا الميدان بحال تحرك بشكل عال الوتيرة يساهم في معركة غزة وفي الدفاع عن قطاع غزة.
هناك احتلال مزيد من الأراضي منذ بدء عملية طوفان الأقصى، وتقدم وانتشار كبير للجيش الاحتلال داخل مناطق الضفة الغربية وتوسيع للبؤر والمستوطنات داخل الضفة. الميدان في الضفة الغربية كان يمكن ان يحصل فيه طوفان أقسى كما حصل في قطاع غزة، وهناك إمكانية ان يقول الميدان في الضفة كلاما عاليا بوجه حرب الإبادة لقطاع غزة. وما ترتكبه الان الوحوش المعدنية الإسرائيلية هو محاولة تدفيع الناس ثمن احتضان المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، ولكن تدفيع الثمن ليس فقط من العدو الإسرائيلي بل هناك أيضا تدفيع ثمن من الحصار.
لم تستطع مصر ان تعلن عن السيادة المصرية الفلسطينية على معبر رفح لتقديم بعض الوقود في ظل حالة إنسانية صعبة.
هناك محاولة تدفيع ثمن للناس بسبب صمودها والتفافها حول المقاومة، ولا يمكن غزة ان تنكسر ولا يمكن الا ان تنتصر مع التأكيد على ضرورة ان يكون الميدان كما الحال في غزة وجنوب لبنان، يجب ان تكون كل الميادين عالية الوتيرة الان في المعركة الدائرة لان هذه الحرب الإبادة لا يمكن الرد عليها كما حصل من قبل الدول العربية والإسلامية بمجموعة بيانات.
لقد تراجعت نظرية الحسم وتآكلت ولم تعد كما كانت عام 1967، وبعد العام 2000 أيضا تراجعت وتأكلت. والان هناك حرب كونية تشن على قطاع غزة رغم مسحته وظروفه والحصار، وهذا الدفاع البطولة والملحمة التي يكتبها الشعب الفلسطيني امام هذه الالة العسكرية الإسرائيلية تحتاج فعلا كما قال سماحة السيد حسن نصرالله الى ان تكون الكلمة للميدان، والميدان يعني كل الميادين. والاعلام هو جزء أساسي في الحرب والعدوان حاليا على قطاع غزة، وحديث حكومة الحرب الصهيونية عن سنوات ومدة طويلة لا يتناسب مع واقع الكيان، وهم يتحدثون عن إعادة عقارب الساعة الى الوراء.
تسعى حكومة الحرب الصهيونية الى مسائل ثلاث:
- احتلال جزء من شمال قطاع غزة وإقامة شريط أمني وقد يكون أيضًا من الشرق بمسافة اقل تمتد الى 2 كلم ليس أكثر.
- تحرير أكبر عدد من الاسرى الصهاينة لدى المقاومة تحت عنوان المدنيين والأطفال.
- جهد أمنى صهيوني لاغتيال قائد او أي رمز من رموز القيادة الفلسطينية في قطاع غزة او خارجه ان استطاعوا ذلك.
هذه المسائل الثلاث تسعى حكومة الاحتلال الى تحقيقها خلال هذا العدوان وليس احتلال قطاع غزة وتدمير المقاومة وانهائها. وهناك تخوفات حول موضوع جهود أميركية مع بعض النظام الرسمي العربي لإيجاد بديل تحت عنوان انتخابات عامة فلسطينية تشمل قطاع غزة والضفة الغربية لإيجاد سلطة الشرط الأساسي لها التنسيق الأمني، وظيفة السلطة مرتبط بالتنسيق الأمني، وهم يريدون تشكيل سلطة جديدة عنوانها الأساسي التنسيق الأمني بما يشمل السيطرة الأمنية على الضفة الغربية وقطاع غزة.
د. مريم رضا:
يجب ان نفرق بين القدرة والإرادة وهل ارتقى الوعي العربي الى مستوى يكسر القيود للأسف لم نصل بعد الى هذه المرحلة رغم كل المجازر التي نشهدها.
د. سهام محمد:
من تداعيات هذه الحرب ان هناك في الأفق تراجع لمسالة التطبيع في المنطقة خاصة التطبيع السعودي، ولا اعتقد أن السعودي سيتراجع عن مسألة التطبيع وهذا كان واضحًا منذ بداية الحرب. فهناك جبهة محكمة أعدها السعودي على وسائل التواصل لتغيير وجهة المعركة الحقيقية باتجاهات أخرى. واليوم تقريبا بنسبة 99% من الخليجيين الذين يقدمون أنفسهم كخبراء وخاصة السعوديين تحديدًا يخرجون سواء على المنصات أو غرف النقاش أو المقالات كله يتحدث ويحمل مسؤولية لحماس واخرجوها من التوجه المذهبي والعقائدي الذي نعرفه عنها، وتغير وتغيير وجهة الصراع واصل الصراع اتجاه إيران وموقفها من المعركة والمقاومة الخ...
هناك معادلة طرحها السيد حسن نصرالله عندما قال ان المعادلة ا الأساسية هي ان لا تسقط حماس، وباعتقادي عدم سقوط حماس هو ليس فقط هدف انما هو أيضا مشروع وهو استمرارية للتحرير وبوابة لتحرير كامل وشامل لكل المنطقة وليس فقط مسألة محددة جغرافيا في غزة.
الأستاذ وليد محمد علي:
الملاحظة الأساسية ان الغرب ليس لديه فعليا حضارة، والغرب همجي دوني قام على المجازر والقتل واعتبار ان الانسان الاخر هو مجرد أداة ووسيلة لفرض سيطرته على العالم ويتعامل مع الاخرين جميعا بهذا المستوى. والرئيس التركي رجب طيب اردوغان حتى الان يرسل بواخر محملة بالمواد الغذائية والخضار الطازجة الى ميناء اسدود ويدعم الكيان للخروج من مأزقه. وقال اردوغان: انا أقدم النموذج القبرصي كرؤيتي لهذا المخرج، فقد طرح بوضوح ان موقعه موقع من يسعى لإيجاد صيغة تدجن الحق الفلسطيني وتجعله صيغة تخدم مشروع الاخرين، فالدور الذي لعبه في قبرص مستعد لان يلعبه في غزة.
إن المشروع الصهيوني لا يقول عن يهود الدول العربية والاسلامية سفرديم، هؤلاء مزراحيم ويعتبرونهم يهود أقليات ولا يمثلوا اليهود، والسفرديم هم اليهود الذين اخرجوا من اسبانيا، اما يهود الدول العربية والإسلامية فلا قيمة لهم. وتفكيك المشروع يحتاج الى تراكم بالنقاط بوعي الاخرين.
وما يجري في غزة لا موضوع حماس مهم، فغزة من أكثر المناطق التي تؤثر وتتحكم بموضوع الغاز في شرق المتوسط، وتتحكم بمسار الممر الهندي او قناة بن غوريون، فلا يمكن ان يحصل هذا المشروع ولاتزال هناك مقاومة في غزة، وغزة استهدفت لأنها درع القدس ودرع الضفة، واهدف في الضفة ويهودا والسامرة.
اللقاء السياسي مع د. أسامة حمدان
اختتم لقاء الأعضاء بلقاء مع د. أسامة حمدان الذي قدّم مداخلة بعنوان: "صورة الميدان والسياسية في فلسطين بعد العدوان على غزة"
لماذا طوفان الاقصى ؟، هناك عنوانان أساسيان في هذا الموضوع:
الأول هو مسار حكومة الكيان الصهيوني الراهنة في العمل على تفكيك القضية الفلسطينية وانهائها بشكل حاسم، فقد قدمت برنامجًا واضحًا في هذا الاتجاه يتجه لتهويد المدينة المقدسة في مدينة القدس، وأجرى الإسرائيلي مسحًا كاملًا للعقارات في المدينة وهناك 50% من العقارات هي عبارة عن اوقاف إسلامية ومسيحية و50% عقارات مملوكة للناس، ولكن أكبر مشكلة تواجه هذه العقارات هي مشكلة التسجيل، لأنها عقارات كانت بالإرث عبر قرون، وبالتالي بعضها لا أوراق فيها وبعضها اوراقها قديمة جدًا من زمن العثمانيين، ففي حي الشيخ جراح المشكلة الحقيقية كانت تسجيل العقارات، ارض وقف إسلامي منح لأبناء القدس الغربية السكن فيه بالاتفاق مع دائرة الأوقاف والحكومة الأردنية والإسرائيلي واجه أبناء المنطقة انهم لا يملكون ما يثبت ملكيتهم للعقار، وأكثر من سنة ونيف هناك مشكلة مع الأردن حتى مع الضغط ومع معركة سيف القدس، الأردن وافق على إعطاء أوراق الملكية لأصحاب العقارات والا كانت المنطقة سلبت ولهذا انتهت القضية لان صار هناك دليل قانوني على امتلاك العقارات.
والإسرائيلي أجرى مسح للعقارات وقررت هذه الحكومة انها تستطيع ان تستولي على 60% من العقارات المملوكة للناس، وهذا معناه حولي ربع عقارات القدس وبالتالي أصبح موضوع تهويد القدس خطر جدي، وحتى اللحظة المدينة القديمة لا تزال مدينة عربية فلسطينية وكل التوسيعات في الاستيطان حولها لم يؤثر على ملكية العقارات وعلى التركيبة السكانية فيها، لذلك دخل في مسار يمكن ان يترك اثرًا كبيرًا على تركيبة المدينة الديمغرافية.
وعلى مدار عام الذين اقتحموا المسجد الأقصى تجاوزوا 50 ألف مستوطن، وكان في ما مضى تتم زيارات على شكل سياح لكن هذه المرة كل الاقتحامات هي عبارة عن اقتحامات تؤدى فيها شعائر دينية، اديت كل الشعائر باستثناء القرابين الحيوانية، وتقريبا نضج التقسيم الزماني فصار يغلق المسجد من الساعة 7 صباحا حتى 11 قبل الظهر وهذه مساحة زمنية فقط تخصص لليهود.
في الضفة الاستيطان بدأ ينتشر حيث وضع مخطط للاستيطان والحكومة منذ ان تشكلت حتى 7 أكتوبر 2023 أصدرت 150 تصريح بناء لمستوطنات جديدة او توسعة مستوطنات قائمة والهدف عمليا الاستيلاء على المنطقة "ج" من الضفة وهذا يعني ضرب فكرة قيام دولة فلسطينية فضلا عن خنق التجمعات الفلسطينية بشكل كامل والذهاب الى تهجيرها وهو ما تكلم عنه بتسلإيل سموتريش بصراحة في البرلمان، وهو وزير مالية ولكنه أيضا هو وزير الشؤون المدنية او شؤون الاستيطان في حكومة الحرب الإسرائيلية، بمعنى أنه هو الذي يقرر كل ما يتعلق بموضوع الاستيطان والأراضي والاحكام العسكرية داخل الضفة، وتكلم أن سر نجاح مشروع قيام الدولة عام 1948 هو تهجير اكثر من 80% من السكان الفلسطينيين، وأن بقاء إسرائيل لا يمكن أن يتحقق الا اذا تمت الخطوة نفسها في ما يتعلق بالضفة وغزة، فهو ذاهب الى الاستيلاء على الأرض وتهجير الشعب الفلسطيني، فيما يشدد الخناق على غزة ، وهناك مشروع للتهجير وقد نضج بإقامة منطقة صناعية في سيناء ترتبط لاحقًا بمنطقة نيوم عبر جزيرتي تيران وصنافر، وجسر يمتد اليها وتنقل نقطة الحدود المصرية من رفح الى ما وراء العريش، ويتحرك الفلسطينيون في هذه المنطقة من ابناء غزة التي ستكون مساحتها قرابة 8 اضعاف مساحة غزة اليها من دون أي قيد يتعلق بالحدود والعبور، وهذا يعني تفريغ تدريجي للسكان من قطاع غزة، فهو أخذ مسارًا عمليًا لتصفية القضية الفلسطينية.
والعنوان الثاني هو الذهاب الى التطبيع، وتجاوز الشعب الفلسطيني، وبناء شبكة علاقات مع الإقليم، وهذا عنوان خطير ولكن الأخطر منه المضمون؛ فالمضمون هو بناء تحالف جديد في المنطقة، ومحور ينبغي أن يتشكل في المنطقة يحمل إسرائيل لتكون كيانًا طبيعيًا في هذه المنطقة، ثم كيانًا قائدًا في هذه المنطقة، وهذا سر العمل على تكسير الدول الكبرى في المنطقة ونقل القرار العربي من القاهرة الى الرياض، وإذا نضج هذا التحول الكبير في المنطقة واكتمل فسنكون أمام مشكلة كبيرة جدًا، ولهذا كان لا بد من القيام بتحرك يعيق يعطل تصفية القضية الفلسطينية ويعطل وأيضًا بناء تحالف جديد مهمته القضاء على مشروع النهضة في المنطقة وعنوانه المقاومة.
بدا واضحًا بعد سيف القدس اننا قد قطعنا شوطًا تقريبًا يكتمل في استنزاف العدو ومشاغلته، وفي إبقاء القضية الفلسطينية حية، وآن الأوان في ظل كل التحول الذي يجري فلسطينيًا وإقليميًا (تطور وضع محور المقاومة) أن نذهب في اتجاه البدء في معركة التحرير، وهي معركة في اخرها ستكون حاسمة. ولكنها في تقديرنا مسار يجب أن يبدأ بمحطة من المحطات، ويجب أن يبدأ بشكل كبير وواضح، وكان تقديرنا من اللحظة الاولى أن اثمانه لن تكون قليلة، وحتى في تسمية الاسم "طوفان الأقصى" هذه هي الخلفية، لآن هذا الطوفان يتشكل وينمو مع الوقت واتجاهاته لا يحددها الا الميدان.
وفي مسار العمليات، كان لدينا مفاجأتين في كل ما اعددنا، الأولى سرعة الانهيار الإسرائيلي، والمفاجأة الثانية مع سرعة الانهيار الإسرائيلي أن الناس اندفعت بلا قيد وبلا حساب في اتجاه المستوطنات، وهذا انطوى على إيجابية غير مقدرة عندنا، وهي رسم في العقل الإسرائيلي صورة نهاية إسرائيل، وأن صورة نهاية إسرائيل ليست صعبة، وأن الجيش الإسرائيلي يمكن أن ينهار، وأنه عندما ينهار هذا المجتمع يصبح بلا أي قيمة.
الان الذي أصاب الإسرائيلي أن صورة جيشه ضربت، وهذا الامر الاخطر بالنسبة اليه وليس قتل المدنيين، وهذا كارثة بالنسبة اليه؛ وبالتالي يريد أن ينتقم لصورة هذا الجيش، ولكن الأخطر هو الموقف الأميركي الذي وضع رهانات كثيرة على إسرائيل في رسم مستقبل المنطقة، وبناء محور موازي في المنطقة يحمي مصالح اميركا ويخدم إسرائيل، ويجعل إسرائيل دولة أساسية في المنطقة، فإذا بكل هذا المشروع ينهار.
في التطبيع قُدمت إسرائيل على أنها جيش قادر على الحماية، وجهاز أمن قادر على توفير كل المعلومات اللازمة للاستقرار، وقوة اقتصادية قادرة على أن تدير المال العربي، وقوة تكنولوجية، كل هذه الأبعاد الأربعة سقطت على الأرض خلال ساعات، ووجد الأميركي نفسه يفقد السيطرة في مشروع استراتيجي في ظل التحول الدولي، وهذه خسارة فادحة. ولذلك لم يكن مفاجئًا أن يزور بلينكن الكيان الغاصب خلال 10 ايام ثلاث مرات، ويأتي بايدن نفسه الى الكيان، لان المسألة لم تكن مواساة إسرائيل فقط؛ بل هي حماية مشروع أميركي استراتيجي يتعرض للاهتزاز ويوشك ان يقع، وان شاء لله سيقع على الأرض.
في موضوع العمليات، كان تقديرنا أن تنفيذ عملية كبرى بهذا الحجم، والعمل على مشروع بحجم التحرير بالتأكيد ردة الفعل الإسرائيلية ستكون كبيرة، ولهذا كان لدينا في تقدير الموقف أن الاجتياح البري سيكون، وأن هذا الاجتياح يقتضي تكتيكًا جديدًا، لأن الإسرائيلي لن يقبل باجتياح محدود، وملخص هذا التكتيك تحول غزة الى منطقة استنزاف للإسرائيلي ويصل الى مرحلة إما أن يغرق في غزة وتصبح كل آلته العسكرية غير قادرة على التحرك في أي اتجاهات أخرى، وتعود إسرائيل الى مربع القتالي اليومي المباشر ، وهذا يعني انتهاء أي مشروع يبنى على هذا الكيان، أو أن يبتلع الإسرائيلي هذه الضربة ويغادر وعندها لا يمكن الرهان على هذا المشروع.
لقد حشد الجيش الإسرائيلي أكثر من 1000 الية عسكرية ما بين دبابة وناقلة جند مدرعة ودخل بها الى غزة، واليوم ما أصاب هذه الآلة العسكرية من دمار كلي أو جزئي تقريبًا 200 آلية عسكرية خلال 10 أيام من الاجتياح البري، ولانزال نعتبر أننا في بداية المعركة من حيث استعدادنا النفسي والمادي والقتالي بالنسبة للمقاومين، وإذا طال الزمن فسيخسر الإسرائيلي أكثر، ونحن نود أن نُخسّره أكثر حتى لو قرر اليوم أن ينسحب فلن نوقف ونقول له شكرًا، بل سنلاحقه.
إن القضية الأساسية التي نركز الجهد الآن لمعالجتها هي قضية النيل من المدنيين، وهذا الجهد نحاول ادارته من خلال الضغط لإدخال المساعدات الى قطاع غزة، مع تقديرنا أن مسار الميدان هو الذي سيحدد المآلات، والإسرائيلي لن يكون قادرًا على الاستمرار لفترة طويلة، بمعنى أنه ممكن أن يأخذ 3 أسابيع الى 4 أسابيع أخرى وبعدها الصراخ سيعلو داخل الكيان وهنا تكون حالة الانعطاف.
دار الكثير من الكلام حول موضوع محور المقاومة، وفي تقديري إدارة المعركة تتم بنسق مناسب فنحن لا نخوض معركة الحسم النهائية، بل دخلنا الى عتبة التحرير، وهذه الدخلة لها ثمن وثمن ينبغي أن نتحمله وندفعه كفلسطينيين، وهو سيفتح الطريق في النهاية للمشروع الذي سيأخذ وقتًا، لكن بعد ذلك هذا المشروع سيستقر على الأرض، وفي هذا الظرف أداء المحور ينبغي أن يكون بنمط مختلف عن ما يتخيله كثيرون.
المشاغلة التي تتم في لبنان لو لم تكن معركة غزة موجودة كان 10% منها تشعل حرب، ودخول المقاومة العراقية على الخط في استهداف الاميركيين هذا أيضًا سببه وجود معركة في غزة، وهذا يعطي هامش مهم للمقاومة في العراق، عدا عن الدور الذي أدّاه اخواننا في أنصار الله. يعني المحور الآن يبني معادلة اشتباك جديدة مع الإسرائيلي؛ فبعد نهاية هذه المعركة لن تكون معادلات الاشتباك مع الإسرائيلي هي المعادلة السابقة نفسها، بل ستختلف معادلة اشتباك حزب الله مع الإسرائيلي، وستكون لصالح حزب الله افضل، ومعادلة اشتباك المقاومة العراقية التي كانت صفرًا حيث لا يوجد اشتباك مباشر أصبحت امرًا واقعًا، ومعادلة اشتباك اليمن مع الإسرائيلي خاصة بعد الموقف الذي اعلنه السيد عبد الملك الحوثي باستهداف البحرية الإسرائيلية التجارية والعسكرية إضافة مهمة في المعادلة أيضًا، لان منطقة البحر الأحمر التي أراد الإسرائيلي أن يبني تحالفًا جديدًا فيها يضم كلًا من (جيبوتي والسودان واريتيريا ومصر والسعودية) من أجل حماية مصالحه في البحر الأحمر، هذه المعادلة كلها لا قيمة لها عندما يغلق اليمني باب المندب، ولذلك نحن نرى أن الأمور تسير على نحو مناسب في اطار رؤية مشروع التحرير.
في العملية العسكرية نحن سنأخذ الإسرائيلي الى مرحلة استنزاف، فحتى إذا خرج من غزة لن يخرج على قاعدة ان نوقف وهو يوقف أيضا، واليوم أصبح لدينا صور ثلاثية الابعاد لكل موقع اسرائيلي واي محاولة إسرائيلية للتطوير ستظل في حدود التخمينات الممكنة، وبالتالي عملية الاشتباك المباشر مع الاحتلال ستطول وسيخرج من غزة او سيغرق في رمالها.
هذه المرة نحن لسنا حريصين على مجرد وقف إطلاق النار فقط؛ بل نحن حريصون على أكثر من ذلك، وهذا سيحدده الميدان، وهذان المسارين سيأخذان وقتًا وتضحيات، والإسرائيلي يعمل على عملية حرب نفسية مركزة، وأعلن الإسرائيلي أنه سيدخل الى مجمع الشفاء ويريد أن يصنع صورة نصر، ولن يكون لديه أي شيء يقدمه، ولن يكون لديه أي إجابات.
المسار الثاني هو المسار السياسي الذي حاول الأميركي أن يبنيه في موازاة العملية العسكرية، لان الأميركي يدرك أن العملية العسكرية لن تحسم الأمور، وحاول أن يبني في أول أيام المعركة تحالفًا إقليميًا ضد المقاومة ولم ينجح، وحاول أن يبني حالة من الترحيل ولم ينجح، والأن يتكلم عن غزة ما بعد المقاومة وما بعد حماس، ولكن نحن واضحين وأرسلنا رسائل علنية وسرية لكل من يعنيهم الامر: وضع غزة والقضية الفلسطينية بعد هذه المعركة لن يكون كما قبلها ولن يكون الا لصالح الشعب الفلسطيني، ومن يفكر أن يأتينا على ظهر دبابة أميركية أو اسرائيلية سنتعامل معه على أنه عميل، ومن جاء في أوسلو لم نتعامل معه على أنه عميل لان أوسلو لها ظروفها ونحن لنا ظروفنا آنذاك، ولكن هذه المرة المسألة مختلفة، فهناك معركة ومن يفكر أن إسرائيل ستقدمه قائدًا فيجب أن يوقن أننا سنتعامل معه على اأه عميل.
لقد أحبطنا الكثير من الخطوات، فمثلًا كان هناك مخطط تنظيم لقاء لـ 50 شخصية فلسطينية في سويسرا لبحث مستقبل غزة بعد الحرب، ومعلوماتنا تفيد حتى الآن بأن 30 شخص اعتذروا لأننا ارسلنا رسائل نعلمهم فيها أننا نعلم بأمر الدعوة التي وصلتهم، والباق يقول إنه لن يحضر، وفي كل الأحوال الذي سيحضر هو الذي سيخسر، ونحن سنمنع ذلك، وعندنا في مواجهة هذا مجموعة من الخطوات يجري الحوار فيها مع فصائل المقاومة لبناء حالة سياسية تمثل عنوانًا للمقاومة في الميدان وربما تكون لاحقًا عنوانًا لقيادة الشعب الفلسطيني.
بعد انتهاء مداخلته دار حوار بين الدكتور حمدان والأعضاء المشاركين:
فما خص موضوع المستشفيات العائمة والمستوطنات والمساعدات وإعادة الاعمار بعد وقف العدوان الصهيوني على غزة وشعبها قال:
هناك قصة خلال المعركة تتعلق بالمساعدات واستخدامها سلاح في الضغط على الشعب الفلسطيني، هناك حد أدنى موجود ونحن نسير به، ونحن معنيون أن نبقى نرفع الصوت حتى تدخل المساعدات، والمساعدات لسنا نحن من يستلمها، بل تستلمها الأمم المتحدة والأونروا والهلال الأحمر المدار من رام الله، ونحن نساعد في تنسيقه، ولكن هناك جهد نقوم فيه لنؤمن للناس حد أدنى من مقومات الصمود.
وموضوع إعادة الاعمار هي معركة، ونحن لدينا لجنة أشرفت على موضوع الاعمار بعد 2021، والان تعمل على برامج وتصورات لموضوع إعادة الاعمار، وكيف يمكن ان يكون هذا في المرحلة القادمة، ولكن موضوع المساعدات وإعادة الاعمار تحديان مهمان وإذا حصل فيهما أي خلل انعكاسه على الناس سيكون سلبيًا.
موضوع المستوطنات في الضفة، حقيقة هي معركة والإسرائيلي يخطط لها، والناس يقاومونه، وهناك برنامج شعبي لمواجهة موضوع الاستيطان، وسيطور وقد بدأنا في بعض المناطق بتشكيل مجموعات دفاع شعبي لمنع المستوطنين من الاستيلاء على الاراضي وقد تصبح حالة مسلحة، ولكن هذا يحتاج الى وقت.
موضوع المستشفيات العائمة، نحن طلبنا من الجميع ان تنقل المستشفيات من البحر الى البر وان تصبح مستشفيات ميدانية، ولا نعلم مدى التجاوب ولكن موضوع اقتراح بعض الدول انشاء مستشفيات ميدانية في العريش، نحن طلبنا منهم من يريد ان يخدمنا كفلسطينيين ان ينشئها داخل غزة، فهناك حالة معدودة مضطرين لنخرجها للعلاج، لان الفكرة لدينا اليوم 30 ألف مصاب إذا اخرجناهم ونخرج معهم مرافق يعني ذلك اخراج 60 ألف في جو معركة وهذا لا يناسبنا.
وفي موضوع تبادل الاسرى قال:
لقد فصلنا بين قضيتين: الجنود الاسرى وقلنا لا نتحدث في موضوع تبادل هؤلاء الجنود الا بعد ما ينتهي العدوان ويرفع الحصار ثم بعد ذلك ندخل في هذا البحث، لكن هناك مستوطنين وأجانب جيء بهم الى غزة وأبدينا استعدادنا أن نجمعهم ونعيدهم ضمن آلية معينة ، وهي باختصار أن هناك أيضًا بعدًا انسانيًا يتعلق بالشعب الفلسطيني، وبالتالي نعيدهم مقابل دخول الشاحنات وعودة معبر رفح الى العمل، ووقف الطيران الحربي لنتمكن من جمعهم ونضمن سلامتهم، ومقابل خروجهم نريد خروج، فاقترحنا اخراج النساء مقابلهم النساء الاسيرات، والأطفال مقابلهم الاسرى من الأطفال، وكبار السن مقابلهم الاسرى من كبار السن.
بمن نثق في المفاوضات، سؤال صعب هذا ولكن نحن نعمل في موضوع التفاوض وهناك اكثر من قناة وهناك قناة رئيسة يتولاها القطري في موضوع الأجانب والمدنيين تحديدًا، أما في موضوع العسكريين فلم نعطِ أي طرف تفويض فيهم، والملف مغلق حتى على مستوى الحركة ولم نفصح داخليًا عن تفاصيل ملف الاسرى من العسكريين، وبعد التبادل سنقطع مرحلة مهمة وسنكون قد اخرجنا على الأقل 1000 فلسطيني من السجون معظمهم في الضفة قتلوا يهود ويمكن تخيل انعكاس ذلك على بيئة الضفة، ومعظمهم من حديثي الاحكام وهذا سيكون له دور مهم في احداث نقلة في المواجهة بالضفة.
وفي ما خص الدور المصري قال حمدان: لا شك إذا تكلمنا بمنطق المصالح المجرد فليس مصر فقط، بل المنطقة العربية كلها مستفيدة من ضرب المشروع الإسرائيلي، ومعظم ازماتنا لأن اميركا تريد أن تجعل إسرائيل حقيقة واقعة في المنطقة، ولتصبح إسرائيل دولة معتبرة في المنطقة يجب تفكيك الدول الكبرى في المنطقة، ويشمل ذلك حتى الدول الصديقة لأميركا وإسرائيل، لان الجغرافيا السياسية والديمغرافيا لا يمكن هزيمتها عبر نظام يتعامل معك لان سيتغير النظام والحقيقة تعود لتظهر من جديد وتضرب هذا المشروع، وبالتالي هو حريص ان يفكك كل قوى المنطقة.
لا شك ان الموقف المصري في رفض نقل الفلسطينيين الى سيناء خدمنا، ونحن أبلغناهم مبكرًا أننا لا نريد ذلك، وأننا سنقاوم ذلك، وببساطة شديدة قلنا للمصريين ان 2.5 مليون من الفلسطينيين اذا خرجوا من غزة لن يذهبوا الى مصر بل سيقفون عند الحدود وكل يوم يقومون بعملية ضد إسرائيل، وبالتالي ستصبح المعركة من مصر على إسرائيل، ولذلك لتبقى من غزة افضل وهذا يحسبه المصري ويدرك ما الذي صنعناه في غزة، حيث اننا لم نبني فقط كتائب القسام فقط بل انشأنا جيلا مقاوما كاملا، ولكن من المفروض ان يكون لمصر دور اكبر وبالمقابل هناك ادراك في مصر لكل هذه القضايا. والسؤال: الى أي مدى ممكن ان يحصل تحول في موقف مصر، قناعتي انه ليس قبل ان يدرك الجميع أن وضع الميدان ليس لصالح الإسرائيلي تمامًا.
وردًا على سؤال: الى أي مدى سيتحمل العرب انتصار حماس قال: هذه ليست مشكلتنا أن يتحملوا أم لا، فنحن عازمون على الانتصار، وانصحهم أن يعيدوا النظر في برنامج العلاقة مع إسرائيل كلها، ولا نطلب من أحد أن يحارب، فهذه حرب لا يمكن ان يخوضها وينجح فيها الا الذي يخوضها عن قناعة، فقط إن كان لا يستطيع خوض الحرب فليكفنا بلاءه فقط، ومؤسف ان نصل الى هذا الحد ونطلب فقط ان يكف اذاه، ولكن هناك متورطين في العلاقة مع إسرائيل وفي الحرب.
وحول دور الصين قال: صحيح أن دور الصين خجول، لكن خدمنا في تعطيل قرار مع الروس في مجلس الامن مطلوب منه ادانة حماس بتهمة بالإرهاب، والصينيون بطيؤون في الحراك السياسي في المنقطة مع الأسف، وحتى على المستوى العالمي تجد تركيزهم في منطقتهم، ولا يمكن أن تدفع الصيني بالقوة على الدخول بالمعركة، ونحن حريصون على الاتصال واللقاء والزيارات على الأقل، والصينيون كانوا واضحين باعتبارهم حماس مقاومة، ويؤيدون حق الفلسطيني أن يقاوم، وأي عمل ضد الجيش الإسرائيلي والاحتلال وفي مناطق 1967، والصيني يشعر أن الممر الهندي الأوروبي هو تحدٍ لهم، ولمسنا من حديثهم أنهم يعتقدون هذا المشروع غير جاد، وعلى الرغم ذلك فنحن حريصون على تطوير العلاقة معهم وأن نطور موقفهم.
وحول توقيت المعركة ومدى الحرب، ومشاركة الفلسطينيين في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948 قال حمدان: جهدنا أن نقصر وقت المعركة، لأن الإنجاز في 7 أكتوبر تحقق، وحماية هذا الإنجاز بأقصر وقت ممكن تكريس لهذا الإنجاز، ولكن في الوقت نفسه نحن مستعدون لوقت يطول، وقناعتنا أن يصعب على الإسرائيلي أن يطيل أمد هذه المعركة بالنظر لحجم الخسائر. الخطة الدفاعية موجودة ونحن في الدفاع عن غزة في مواجهة الاجتياح ولكن نقوم بالهجوم، والعمل في الضفة ليس دفاعيًا بل هو عمل هجومي مبادر ضد الاحتلال والنقلة الأساسية الإضافية في الضفة ستكون في اتجاه الهجوم وليس عمليات رد الفعل فقط. ونحن لم نكن ننتظر أن يتحرك الشعب الفلسطيني في 48 وهذا جزء من الخطة خسرناه، ولكن في ظل معركة نذهب بها للعبور الى التحرير هناك 1.5 مليون فلسطيني في 48 في معركة سيف القدس تحركوا وأنجزوا خللًا هائلًا للعدو الإسرائيلي الذي اعتقل 1000 شخص بعد هذه المعركة، ولكن المشكلة أن القوى السياسية في البيئة العربية تعرضت خلال السنتين الماضيتين في ظل الانتخابات المتكررة لانقسامات واهتزازات وقدرة الفعل لديها كحالة محركة تراجعت كثيرًا، وتفكيك الحركة الإسلامية الشمالية ومع الأسف انخراط الجنوبية في الكنيست والحكومة الإسرائيلية بطريقة مقززة ولا يمكن تصنيفها انها مناورة سياسية بل هي أقرب الى العمالة.
على الصعيد الوطني هناك حراك واتصالات وحوارات تتجه لإنضاج فكرة محددة لإطلاق جبهة وطنية فلسطينية دون ان يكون هناك اعتراض على مشاركة أي أحد فيها سواء تنظيمات او شخصيات وطنية فلسطينية وهناك حوارات مع فتح ولكن في فتح مشكلة عميقة ينبغي ان ندركها هناك هيمنة للفريق الأمني وأبو مازن سهل هذه الهيمنة، ولهذا تقييمنا الإسرائيلي اعترض على كبار السن لان خروج احمد سعدات سيؤدي الى نقلة في وضع الجبهة ولكن الأخطر خروج مروان البرغوثي سيضرب فرص التيار الأمني في فتح ان يصعد الى القيادة.
مؤشرات الانتصار، بالنسبة لنا نحن صنعنا انتصارًا، ومن يرى الأدوات التي استخدمت في المعركة لا يصدق، والأميركي نفسه لم يصدق ما حدث، لكن من مؤشرات الانتصار بالنسبة لنا أن فكرة القضاء على مشروع المقاومة تسقط وبشكل نهائي والإسرائيلي لن يكون قادرًا على أن يفعل أكثر مما يفعله اليوم، ومآلات المعركة ببقاء المشروع المقاوم مؤثر وفاعل وهذا من اهم المؤشرات بهذا الموضوع.
موضوع الحرب طويلة والمحور غير جاهز، هل هو جاهز للاشتباك مع الإسرائيلي اراه جاهزًا وهو يشتبك مع الإسرائيلي، ولكن معركة تحرير الان بما لدينا من معطيات وإمكانات وقدرات انه يمكن إنجازها نكون نخدع انفسنا باننا قادرين على إنجازها الان، ولكن ان نضع اقدامنا على بداية الطريق ونقول ان مشروعنا اليوم هو التحرير، اعتقد اننا لا نحتاج الى وقت طويل بل نحتاج بعض الوقت بترتيب بعض الأوراق وتطوير بعض القدرات، واظن ربما جولة او جولتين مع حجم من التضحيات سنصل الى المعركة النهائية، وهذه المعركة ليس مع إسرائيل فقط بل مع اميركا وكل ما تمثله في العالم. ليس بالضرورة ان ننتصر من اول جولة، نحن قطعنا شوطا في الانتصارات ونؤمن اننا سننجز هذا الانتصار.
وحول موضوع العملية الوطنية السياسية قال: نحن حريصون على ان لا نذهب الى بحث سياسي بمعنى الحلول السياسية، وعندما تكلم الأخ أبو العبد في كلمته عن الموضوع السياسي فقد تكلم في نقطة محددة أنه بعد وقف العدوان وفك الحصار وبحث موضوع التبادل والاعمار نتكلم في الأمور السياسية والفلسطينيين يريدون دولة وعاصمتها القدس، ولم يحدد حدود ولا مشاريع، وحل الدولتين كان ولا يزال مرفوض لدينا. وهذا الحديث السياسي هو في إطار البحث في محاولة لدفع الأمور في إطار بحث سياسي قائم على العودة الى مسار التسوية، ونريد في السياسة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وهذا الهدف الاستراتيجي الذي نريده وسنصل اليه بإذن الله تعالى. وبعد انتهاء المعركة لدينا شعار واضح الذي يقرر مستقبل الشعب الفلسطيني هو قيادة فلسطينية يختارها الشعب الفلسطيني، ومن السابق لأوانه التكلم عنها بالتفصيل ولكن بكل لن نقبل بقيادة لا تؤمن في مشروع المقاومة ايمان استراتيجي، فقضية المقاومة ليست عملية تكتيكية.
اميركا حريصة على إعادة تأهيل إسرائيل، وهي مدركة ومقتنعة أكثر من الاسرائيليين أنه لا يوجد شيء عسكري في مستشفى الشفاء؛ وعلى الرغم من ذلك وقبل العملية بساعة أصدر البنتاغون بيان أنه توفرت من استخباراته معلومات عن مقر عسكري في المشفى حتى يغطي هذه العملية، فالأميركي سيحاول أن يؤهل الإسرائيلي مرة أخرى بغض النظر عن عواقب المعركة وتداعياتها، ونحن مهمتنا أن لا نسمح لهذا التأهيل أن يعيد إسرائيل الى الواجهة السياسية. مع الأسف ابتلينا بمنظمة التحرير، وأنها صارت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ونحن الان صامتون، وسيكون لنا بعد المعركة حديث أي منظمة تحرير لا تتبنى المقاومة لا تمثلنا ولن نقبل حتى ان نكون فيها، وان شاء لله ننجح ببناء مشروع وطني فلسطيني يستند الى المقاومة.