• اخر تحديث : 2024-04-30 13:50
news-details
مقالات مترجمة

تحاول السعودية الظهور بمظهر الوسيط بعد الضربات الأميركية البريطانية ضد الحوثيين


تريد الرياض البقاء خارج الصراع خشية الإضرار بعملية السلام التي بدأت مع الحوثيين بعد تسع سنوات من الحرب. ونفذت الولايات المتحدة ضربات جديدة خلال الليل من الجمعة إلى السبت.
 
إن دعوة الرياض لضبط النفس يوم الجمعة 12 يناير/كانون الثاني، بعد الضربات الأميركية البريطانية الأولى ضد أهداف الحوثيين في اليمن، لا تخلو من السخرية. فهي استهزاء بواشنطن التي دعت السعودية عام 2016 إلى وضع حد للحرب القاتلة التي شنتها قبل عام ضد الحوثيين الراسخين في جزء كبير من البلاد. وهذا الانقلاب في الدور أبرزه محمد بن سلمان المعروف بـ”MBS” لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائهما في 8 يناير/كانون الثاني الماضي.
 
 
ووفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات، لم يتردد ولي العهد السعودي في التذكير بأن الرياض استمرت في تنبيه واشنطن منذ العام 2015 إلى الخطر الذي يشكله الحوثيون، والمطالبة، عبثاً، بالتزام أميركيين أقوياء إلى جانبه. وبعد ما يقرب من عشر سنوات، لم يعارض "بن سلمان" الضربات الأميركية ضد الحوثيين، لكنه حذر من أن التصعيد من شأنه أن يعرض أمن المملكة وعملية السلام التي انخرطت فيها مع الحوثيين للخطر. وعلى الرغم من ذلك، نفذت الولايات المتحدة ضربات جديدة خلال ليل الجمعة والسبت في اليمن، بعد أن أطلق الحوثيون صاروخًا باتجاه البحر الأحمر من دون التسبب في أضرار بحسب واشنطن.
 
إن الظهور كوسيط "يمكن أن يؤتي ثماره بطرق مختلفة للسعوديين" حسب تقديرات الخبير في شؤون اليمن في مركز أبحاث تشاتام هاوس (لندن) فارع المسلمي. لقد حرصت السعودية على البقاء خارج الصراع الذي يضع الحوثيين في مواجهة إسرائيل وحليفتها الأميركية منذ بدء الحرب مع حماس في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023. وإن كانت قد "لعبت في بعض الأحيان على الخط الأمامي" ويضيف الخبير: "من أجل الدفاع عن إسرائيل ضد هجمات الحوثيين من خلال إسقاط بعض صواريخهم، تجاهلت السعودية دعوات واشنطن الملحة للمشاركة في قوة حماية بحرية متعددة الجنسيات في البحر الأحمر".
 
تأسس هذا التحالف في 18 ديسمبر 2023 مع حوالي عشرين دولة - بما في ذلك البحرين فقط في المنطقة - ردًا على هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر. وتفضل الرياض إعطاء تطمينات لإدارة بايدن بشأن موضوع التطبيع مع إسرائيل، مكررة أنها لا تزال ملتزمة به. " السعودية في وضع غير مريح للغاية: من الواضح أنها تعارض الحوثيين وجهودهم لتعطيل حركة المرور البحرية في البحر الأحمر، لكنها تخشى التعرض لانتقامهم وخروج جهودها لأشهر للتفاوض على انسحابها من اليمن عن مسارها”، هكذا يحلل الباحث الكندي توماس جونو المتخصص في الشأن اليمني.
 
ومع تزايد الشائعات عن ضربات أميركية بريطانية مساء الخميس، تحدث رئيس الدبلوماسية السعودية الأمير فيصل بن فرحان هاتفيا مع نظيره الإيراني أمير عبد اللهيان، الدولة المتحالفة مع الحوثيين.. فمنذ إبرام الاتفاق مع إيران برعاية الصين في مارس/آذار 2023، انخرطت السعودية في سياسة التهدئة الإقليمية، وإنهاء الحرب في اليمن أولوية لها.
 
وأكد كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام، الخميس، لرويترز البريطانية أن محادثات السلام ليست مهددة بهجمات الحوثيين في البحر الأحمر. ويحترم الحوثيون حتى الآن الهدنة التي تم التفاوض عليها في نيسان\ أبريل 2022 تحت رعاية الأمم المتحدة. وليس هناك ما يشير، في هذه المرحلة، إلى أنهم يعتزمون كسرها. وليس من مصلحتهم عودة الطائرات السعودية إلى الأجواء اليمنية. فخلال تسع سنوات من الحرب، ألحق التحالف الذي يقوده السعوديون خسائر بشرية ومادية كبيرة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وقد حصر الحوثيون تهديداتهم بالانتقام في المصالح الأميركية البريطانية. وتشعر البحرين بالقلق بسبب مشاركتها في التحالف البحري ضد الحوثيين. وبقيت الدول الأخرى في المنطقة في الخلف غير مطمئنة، لأن بعضها يستضيف قواعد أميركية وبريطانية.
 
ودعت الإمارات إلى الحفاظ على أمن المنطقة ومصالح دولها وشعوبها وفقا للقانون الدولي، وأبوظبي، راعية الانفصاليين في جنوب اليمن، كانت هدفًا لهجمات الحوثيين في الماضي، وتجد نفسها في موقف حرج. وعلى الرغم من أنها ترغب باستعادة أمن حركة المرور البحرية، وهي ضرورية لاقتصادها، إلا أنها حريصة على عدم تعريض نفسها لانتقام الحوثيين. ومن الممكن أن تضر بالصورة التي بنيت عليها دبي، صورة جزيرة الاستقرار في قلب منطقة غير مستقرة.
 
ولم تتحول هذه الحرب لصالح الحوثيين فحسب، بل أدت أيضًا إلى هجمات  على الرياض، وهي غير مرحب بها بشكل خاص لأن محمد بن سلمان يريد جذب السياح والمستثمرين الأجانب كجزء من خطته لتحديث المملكة(رؤية 2030). ولإحلال السلام، فإن الرياض مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة. يريد الحوثيون أن تنجح المفاوضات مع السعودية، لأن الاتفاق الناشئ سيعزز قوتهم في اليمن. لكنهم سيستمرون في محاولة انتزاع المزيد من التنازلات، مستفيدين من حقيقة أن الرياض تريد إنهاء هذه الحرب بأي ثمن.