• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
مقالات مترجمة

مجلة أميركية: فظاعة الحرب الإسرائيلية في فلسطين توسع زخم الاحتجاجات ضد "إسرائيل"


ذكرت مجلة "Counterpunch" الأميركية، أنّ محاولات تقييد الصورة الداعمة للنضال الفلسطيني والمناهضة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، لم تنجح، فالاهتمام العالمي بالقضية خاصةً بين الشعوب في الدول الغربية يتوسع. فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

يتأثر مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم تأثراً عميقاً بفظاعة الحرب الإسرائيلية على فلسطين. وقد شارك الملايين في المسيرات والاحتجاجات الرافضة للمذبحة الإسرائيلية الأميركية في غزة، والعديد منهم يشتركون بالتظاهر لأول مرة في حياتهم.

كذلك، وسائل التواصل الاجتماعي، وبجميع لغات العالم تقريباً، أشبعت بمواقف إدانة "إسرائيل" ومناصرة فلسطين. يركز البعض على قتل الأطفال الفلسطينيين المتعمد، ويركز آخرون على الاستهداف المجرم للبنى الصحية التحتية في غزة، ويشير آخرون إلى إبادة ما لا يقل عن 400 أسرة (أكثر من 10 في كل عائلة استشهدوا). ولا يبدو أن الاهتمام العالمي الواسع يتضاءل مع الفلسطينيين. وقد مرت العطلات في الشهر الماضي، لكن الاحتجاجات والمشاركات ظلت ثابتة وضخمة. ولم تنجح أيّ محاولة من قبل شركات وسائل التواصل الاجتماعي لتحويل الخوارزميات ضد الفلسطينيين، ولم تنجح أيّ محاولة لحظر الاحتجاجات، حتى رفع العلم الفلسطيني. وفشلت الاتهامات بمعاداة السامية ورفضت مطالب إدانة حركة "حماس". وهذا مزاج جديد، نوع جديد من الموقف تجاه النضال الفلسطيني، خاصة بين الشعوب في الدول الغربية.

خلال 75 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لم يكن هناك هذا الحجم من الاهتمام المستمر بقضية الفلسطينيين والتوحش الإسرائيلي الممارس عليهم. فقد شنت "إسرائيل" 8 حملات قصف على غزة منذ عام 2006، وقامت ببناء غير قانوني بالكامل ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية "جدار الفصل العنصري والمستوطنات ونقاط التفتيش". وعندما قاوم الفلسطينيون، سواء من خلال العمل المدني أو الكفاح المسلح واجهوا عنفاً هائلاً من قوات الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ أن توفرت وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت صور مآسي فلسطين، من استخدام الأسلحة المحرمة دولياً من ضمنها "الفوسفور الأبيض" ضد المدنيين في غزة، إلى عمليات اعتقال وقتل الأطفال الفلسطينيين في جميع أنحاء الأرض المحتلة. لكن أيّا من أعمال العنف السابقة لم يثر هذا النوع من الاستجابة من جميع أنحاء العالم مثل الاستجابة على التوحش الإسرائيلي المستمر على غزة منذ أكثر من 100 يوم.

إبادة جماعية

التوحش الإسرائيلي ضد غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر، يختلف كماً ونوعاً عن جولات العنف السابق التي انتهجتها "تل أبيب". فالقصف الجوي والبري والبحري تركز على المناطق السكنية دون أي اهتمام بحياة المدنيين، حيث ازداد عدد الضحايا يوماً بعد يوم بمعدل لم يسبق له مثيلاً من قبل، إضافة إلى إجبار الفلسطينيين لإخلاء جماعي غير قانوني من منازلهم ودفعتهم أكثر فأكثر جنوباً نحو الحدود مع مصر.

مع ذلك، انتهك الإسرائيليون وعودهم بـ "مناطق آمنة" قاموا بقصفها بشكلٍ متعمد. وكان لا بد أمام هذا الحجم من الإرهاب والتوحش الإسرائيلي من وصف هذه الأفعال بجريمة "الإبادة الجماعية". وبحلول أوائل الشهر الجاري، كانت قد قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 1% من مجموع السكان الفلسطينيين في غزة، في حين تم تهجير أكثر من 95%.

لم يشهد العالم هذا المستوى أو النوع من العنف المستخدم على الفلسطينيين في أي حرب معاصرة، لا في العراق حيث تجاهلت الولايات المتحدة معظم قوانين الحرب، ولا في أوكرانيا (حيث عدد القتلى من المدنيين أقل بكثير على الرغم من أن الحرب مستمرة منذ عامين).

زخم الاحتجاجات الجماهيرية الضخمة في العالم ضد الإرهاب الإسرائيلي، شجع حكومة جنوب أفريقيا لتصدر المدافعين عن الفلسطينيين ورفع قضية قانونية في "محكمة العدل الدولية" ضد "إسرائيل" بتهمة ارتكابها لجريمة الإبادة الجماعية.

ويوثق الملف المكون من 84 صفحة الذي قدمته حكومة جنوب أفريقيا العديد من الفظائع التي ارتكبتها "إسرائيل"، وأيضاً، والأهم من ذلك، كلمات كبار المسؤولين الإسرائيليين، جمعت في 9 صفحات وهم يدعون إلى "نكبة ثانية"، المصطلح الذي يشير إلى نكبة الفلسطينيين عام 1948، حيث اقتلعوا من ديارهم على يد العصابات الصهيونية.

كلمات تقشعر لها الأبدان، صدرت عن عدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين، الذين لم يتورعوا عن إظهار اللغة العنصرية بوصف الفلسطينيين بـ "الحيوانات" ووصف غزة بـ "الغابة". وقال وزير الأمن الإسرائيلي يوافي غالانت في 9 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، "إسرائيل تفرض حصاراً كاملاً على غزة. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود. كل شيء مغلق. نحن نحارب الحيوانات البشرية، ونتصرف وفقاً لذلك". بهذا، إلى جانب طبيعة وحجم القصف الإسرائيلي، يكفي استخدامه كمعيار لتوجيه اتهام الإبادة الجماعية لحكومة بنيامين نتنياهو، التي لم تستطع خلال جلسة الاستماع في محكمة العدل الدولية، من الرد بشكلٍ موثق على دعوى جنوب أفريقيا.

الشرعية

على مدار العامين الماضيين، منذ بداية الحرب في أوكرانيا حتى الآن كان هناك تراجع سريع في مصداقية الغرب، ولا سيما لدول منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وخاصة أمام شعوب ودول الجنوب العالمي، الذين تروعهم صور التوحش الإسرائيلي في غزة والتصريحات العنصرية لوزراء حكومة "تل أبيب" المدعومة بالكامل من حكومة الولايات المتحدة والعديد من حكومات الدول الأوروبية، ما يثير هذا الغضب الجماهيري المستمر والمتعاظم في كل أرجاء البسيطة.

منذ بداية الكساد الكبير الثالث في عام 2007، فقد الشمال العالمي ببطء سيطرته على الاقتصاد العالمي، وعلى التكنولوجيا والعلوم، وعلى المواد الخام، في حين عمق الأثرياء في الشمال العالمي فسادهم بدفع "الضرائب"، وحولوا حصة كبيرة من ثرواتهم إلى ملاذات ضريبية واستثمارات غير منتجة. ترك هذا الشمال العالمي مع عدد قليل من الأدوات للحفاظ على القوة الاقتصادية، بما في ذلك عن طريق القيام باستثمارات في الجنوب العالمي. وقد تولت الصين هذا الدور ببطء، حيث كانت تعيد تدوير الأرباح العالمية إلى مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء العالم. وبدلاً من الاعتراض على "مبادرة الحزام والطريق الصينية"، على سبيل المثال، من خلال مشروعها التجاري والاقتصادي الخاص، سعت كوريا الشمالية إلى عسكرة ردها بإنفاق ضخم، لتكون إلى جانب دول حلف "الناتو" التي تضخ على الإنفاق العسكري ثلاثة أرباع مجموع ما تنفقه كل دول العالم.

يستخدم الشمال العالمي اليوم، أوكرانيا وتايوان كأدوات لاستفزاز روسيا والصين في صراعات عسكرية من أجل "إضعافهما"، بدلاً من تحدي قوة الطاقة الروسية المتنامية والقوة الصناعية والتكنولوجية الصينية من خلال التجارة والتنمية. ومن الواضح لغالبية الناس، أن الشمال العالمي هو الذي فشل في معالجة الأزمات في العالم، سواء كانت أزمة المناخ أو عواقب الكساد الكبير الثالث. لقد حاولت استبدال لغة ملطفة بالواقع، باستخدام مصطلحات مثل "تعزيز الديمقراطية"، و"التنمية المستدامة"، "الوقفة الإنسانية"، ومن وزير الخارجية البريطاني اللورد ديفيد كاميرون ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الصيغة السخيفة لـ "وقف إطلاق نار مستدام".

الكلمات الفارغة ليست بديلاً عن الأفعال الحقيقية. إن الحديث عن "وقف إطلاق نار مستدام" أثناء تسليح إسرائيل أو الحديث عن "تعزيز الديمقراطية" مع دعم الحكومات المناهضة للديمقراطية ما هو إلا نفاق الطبقة السياسية في الشمال العالمي.

يقول الإسرائيليون إنهم سيواصلون حرب الإبادة الجماعية هذه مهما استغرقت من وقت. ومع مرور كل يوم من هذه الحرب، تتدهور شرعية "إسرائيل". ولكن وراء هذا العنف نفسه تكمن النهاية الأعمق بكثير لشرعية مشروع حلف "الناتو"، الذي تبدو لائحة تعريفاته للأخلاق ملطخة بدماء الفلسطينيين الأبرياء.