ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن "الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ أربعة أشهر في قطاع غزة المحاصر أدت إلى محاصرة أكثر من نصف سكان القطاع في قطعة من الأرض يحدها الهجوم البري الإسرائيلي من جهة والبحر الأبيض المتوسط من جهة ثانية والحدود المغلقة مع مصر من جهة أخرى. إنها أزمة إنسانية لا يوجد لها مثيل في العصر الحديث. والآن أعلنت إسرائيل أن قواتها ستستهدف مدينة رفح في حملتها ضد حماس، التي أفلت قادتها الكبار في غزة من الاعتقال. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الاثنين: "سنصل أيضًا إلى الأماكن التي لم نقاتل فيها بعد، وخاصة آخر مركز ثقل لا يزال في أيدي حماس: رفح".
وبحسب الصحيفة، "ما يقدر بنحو 1.4 مليون شخص متواجدين في المدينة الحدودية الجنوبية، والذين يعانون بالفعل من ظروف قاسية وقصف متقطع، وليس لديهم مكان آخر يفرون إليه. ينتشر الخوف من الهجوم القادم في المخيمات المتواجدة على الأطراف في رفح، حيث يعيش معظم النازحين بعد تقدم الجيش الإسرائيلي من الشمال إلى الجنوب، وهدم ما لا يقل عن نصف مباني القطاع. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الأربعاء من أنه إذا أرسلت إسرائيل جيشها إلى رفح، فإن ذلك "سيؤدي إلى تفاقم الكابوس الإنساني بشكل كبير". وقال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لقد أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى دمار وموت في غزة على نطاق واسع وسرعة لا مثيل لها". وأضاف: "إنني منزعج بشكل خاص من التقارير التي تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم التركيز بعد ذلك على رفح، حيث يتم الضغط على مئات الآلاف من الفلسطينيين في بحث يائس عن الأمان".
وتابعت الصحيفة، "تظهر صور الأقمار الصناعية الحديثة وبيانات الرادار حول الأضرار التي لحقت بالمباني والمقابلات مع النازحين مدى الضغط على سكان غزة في رفح ومخاطر أي عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في المنطقة المكتظة بالسكان. عندما اجتاح غزة، طالب الجيش الإسرائيلي المدنيين بالتوجه جنوبًا، وقد فعل معظمهم ذلك، وتوجهوا أولاً إلى خان يونس، ثاني أكبر مدينة في غزة ومعقل حماس. ثم، في أوائل كانون الأول، بدأت قوات الدفاع الإسرائيلية عملياتها في خان يونس، التي كانت بحلول ذلك الوقت مكتظة بمئات الآلاف من النازحين داخلياً. وتعرضت المدينة للدمار بحلول منتصف كانون الثاني، وفر المدنيون جنوباً إلى رفح".
وأضافت الصحيفة، "يرى الجيش الإسرائيلي في رفح الملاذ الأخير لقادة حماس وراء هجوم 7 تشرين الأول، وهم الرجال الذين تعهد بالقضاء عليهم قبل انتهاء الحرب. وقصف جيش الدفاع الإسرائيلي عدة مواقع في رفح. وخلال الحرب، سعى سكان غزة إلى الاحتماء في منازلهم والفرار عبر طرق الإخلاء الخطيرة والوصول إلى المستشفيات المتبقية العاملة. ولكن بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في رفح، هناك خيارات أقل في ظل الظروف الصعبة. لقد تغيرت مدينة رفح بفعل طوفان النازحين قسراً من الشمال، وقال أحد الأشخاص: "نعيش مثل السردين في علبة". لكن معظم النازحين يلجأون إلى مدن الخيام الواسعة التي تمتد الآن من الطرف الجنوبي الغربي لرفح، على طول الحدود المصرية، إلى قرب البحر في الغرب".