• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
مقالات مترجمة

"الغارديان": لماذا لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة حتى الآن؟


ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن "سكان غزة يطالبون بوقف إطلاق النار، فكل يوم يحمل المزيد من إراقة الدماء، والمزيد من الدمار، والجوع، والمرض، والدموع. أما حول العالم، فيطالب ملايين المتظاهرين بوقف إطلاق النار، كما ويناشدون السياسيين أن يفعلوا المزيد، وأن يفعلوا أي شيء، لوقف المذبحة الآن. من جانبها، تريد الحكومات العربية والأوروبية، والولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وإيران وقف إطلاق النار، أو الهدنة، أو "هدنة إنسانية". ويعد الحوثيون في اليمن والمجموعات العراقية والسورية بأن وقف إطلاق النار سيوقف هجماتهم المزعزعة للاستقرار. وفي الواقع، إن وقف إطلاق النار يمكن أن يقلل من خطر نشوب حرب إقليمية كارثية ومتصاعدة".

وبحسب الصحيفة، "تبدو النظرة العالمية واضحة، فهناك إجماع دولي، يتم التعبير عنه مراراً وتكراراً من خلال الأمم المتحدة، التي تكتفي وكالاتها بمجرد المناشدات اليائسة. هذه الحرب غير إنسانية وغير أخلاقية وغير عادلة، كما وتلحق ضررا اقتصاديا وسياسياً كبيراً. إذاً، لماذا لم يتم التوصل حتى الآن إلى وقف لإطلاق النار؟ يعرب المسؤولون المشاركون في المحادثات غير المباشرة التي تتم بوساطة عربية عن نظرة إيجابية حذرة. أما بالنسبة للفلسطينيين المحاصرين في غزة ولعائلات الرهائن، فإن الأمر مؤلم. في هذه اللحظة، بعد المقترحات المضادة التي قدمتها حماس في نهاية الأسبوع، يتزايد التفاؤل مرة أخرى".

وتابعت الصحيفة، "لكن حتى مع افتراض أنه تم الاتفاق أخيراً على الشروط المعقدة لاتفاق محدود، فما هو الاحتمال الواقعي الذي قد يخلفه هذا الاتفاق، ناهيك عن إحلال سلام أوسع نطاقاً؟ المشكلة الجذرية لا تكمن في آليات وقف إطلاق النار، بل في الأجندات القصيرة والطويلة الأجل للأطراف المعنية والتي تبدو مختلفة إلى حد كبير ولا يمكن التوفيق بينها. وفي الواقع، لا يمكن لأي اتفاق أن يزيل انعدام الثقة الأساسي. وعلى نحو غير حكيم، يربط الرئيس الأميركي جو بايدن صفقة غزة بمحاولته المفرطة في الطموح لصياغة تسوية أوسع في الشرق الأوسط. في المقام الأول، يريد البيت الأبيض "وقفاً مستداماً للأعمال العدائية"، ومع ذلك، فهو مستمر، في الوقت الحالي، في معارضة "وقف إطلاق النار العام" المفتوح لأنه يقول، في ترديده لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن ذلك يخاطر بترك حماس في السلطة بلا هزيمة".

وأضافت الصحيفة، "تتضمن "الصفقة الكبرى" الطويلة المدى لبايدن في نهاية المطاف قبول إسرائيل "بأفق سياسي" غامض للفلسطينيين الذين يسعون إلى إقامة دولة مستقلة. ومع ذلك، بالنسبة لواشنطن، فإن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وليس تقرير المصير الفلسطيني، هو الجائزة الأكبر والأكثر إلحاحًا وإغراءً. وطالما رفض بايدن الوقوف في وجه نتنياهو، فإن النفوذ الأميركي يظل محدودا. وإذا انتصر دونالد ترامب في تشرين الثاني، فمن المرجح أن يصبح الدعم الأميركي لإسرائيل غير مشروط، كما يعلم نتنياهو، صديق ترامب جيدا. ويعكس مخطط بايدن حاجته الانتخابية لتحقيق فوز كبير في السياسة الخارجية، فهو لا يولي اهتماماً كافياً لما هو مطلوب فعلياً بكل عدالة، بدءاً بوقف إطلاق النار الكامل الآن".

وبحسب الصحيفة، "في إسرائيل، يتمسك نتنياهو الذي لا يحظى بشعبية بالسلطة بخيط رفيع، وهو يرفض رفضاً قاطعاً دعوة حماس إلى وقف دائم لأن ذلك من شأنه أن يحبط تعهده الأحمق والمتكرر بالقضاء على عدوه وتحقيق "النصر الكامل". كما أن هدفه المتمثل في الحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية على غزة إلى أجل غير مسمى سيصبح غير ممكن التحقيق. ولم يحرر الضغط العسكري الرهائن كما قال، ولم تُهزم حماس بعد مرور أربعة أشهر، بل ومات العديد من الجنود الإسرائيليين. وهذا، علاوة على الإخفاقات الأمنية التي حدثت في 7 تشرين الأول، ينبغي أن يكون كافياً في حد ذاته لإغراق نتنياهو. إن وقف إطلاق النار الذي يدوم لأكثر من بضعة أسابيع، وما يترتب على ذلك من ضغوط لجعله دائما، من شأنه في كل الأحوال أن يدفع وزراء اليمين المتطرف إلى التسبب في انهيار ائتلافه الحاكم".

وتابعت الصحيفة، "لذا، ولأسباب سياسية أنانية في المقام الأول، سيعارض نتنياهو كل الصفقات باستثناء صفقة تبادل الأسرى الأكثر تواضعاً، إذا كان بإمكانه ذلك، ومن المحتمل أن يصر على وقف مؤقت محدد للقتال. وفي مثل هذه الحسابات الساخرة فهو ليس وحده، فقادة حماس منقسمون أيضاً بين أولئك في غزة الذين يريدون وقف إطلاق النار الآن، وأولئك المتمركزين في الدوحة، الذين يضغطون من أجل التوصل إلى اتفاق أفضل يتضمن إطلاق سراح الآلاف من "السجناء الأمنيين"، وتمويل إعادة الإعمار، والانسحاب العسكري الإسرائيلي الكامل. ولم يُظهر قادة حماس السياسيون في المنفى، وعلى رأسهم إسماعيل هنية، أي اهتمام بالمعاناة الهائلة التي أعقبت هجوم 7 تشرين الأول. وسواء أمر بذلك هو أو قائد حماس في غزة، يحيى السنوار، فهي نقطة خلافية. ومنذ ذلك الحين، سعى هنية إلى تحقيق أقصى قدر من المكاسب السياسية مع ضمان سلامته الشخصية، ويظل هدفه العام دون تغيير: تدمير "الكيان الصهيوني".

وأضافت الصحيفة، "من الممكن أن يبذل ما يسميه البعض "محور الشر" الجديد، الصين وروسيا وإيران، جهوداً أكبر للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي يزعمون أنهم يدعمونه. حماس، على سبيل المثال، تريد منهم أن يقدموا ضمانات. ولكن تبين يفتقرون إلى الكفاءة حتى الآن. ملالي إيران يستمتعون بنشاط بمتاعب إسرائيل، إنهم يستنكرون علنًا بؤس الفلسطينيين في غزة، لكنهم يرون في ذلك سرًا وسيلة لتعزيز الأجندة الجيوسياسية الوطنية. فلماذا لا يتم وقف إطلاق النار؟ الإجابة البسيطة هي أن الزعماء السياسيين الخائفين وغير الفاعلين، الذين يهتمون بمصلحتهم الذاتية، يعيقون ذلك".

وختمت الصحيفة، "إن تاريخ الشعب الفلسطيني هو صرخة طويلة من الغضب والألم، وبدون خطة سلام ذات صدقية ومدعومة دوليا وجدول زمني ثابت لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، فإن الصراخ لن يتوقف".