• اخر تحديث : 2024-04-29 01:16
news-details
مقالات مترجمة

لوفيغارو: ما هو المستقبل الذي ترى إسرائيل نفسها فيه في الشرق الأوسط؟


إذا استمرت حكومة نتنياهو في رفض أي مفاوضات، فإن النصر العسكري المتوقع للجيش الإسرائيلي على حماس لن يسمح لإسرائيل بالاندماج بشكل أفضل في بيئتها الإقليمية. وحتى لو استمر حزب الله اللبناني في الامتناع عن فتح جبهة عربية ثانية حقيقية ضد إسرائيل، فإن السلام ليس وشيكًا في الشرق الأوسط. ومع ذلك، قال بنيامين نتنياهو في مقابلة مع قناة ABC News الأميركية بُثت في 11 شباط\فبراير 2024 إن "النصر" "في المتناول" وأن القوات الإسرائيلية ستدمر آخر كتائب حماس المتحصنة في مدينة رفح المكتظة بالسكان في جنوب قطاع غزة.
 
 
ولم يعثر الجيش الإسرائيلي على القائد العسكري لحركة حماس يحيى السنوار، سواء في مدينة غزة أو في خان يونس. فهل سيجده الجنود الإسرائيليون في رفح، حيث لجأ أكثر من مليون مدني فلسطيني نازح؟ يمكن أن يكون لدينا شكوك. ولكن يمكننا أن نفهم أيضًا أن الحكومة الإسرائيلية تريد التدمير الكامل للحركة الإسلامية الفلسطينية، من أجل ضمان سكانها أن هجوم 7 أكتوبر 2023 لن تتكرر مرة أخرى أبدًا. وسيتعين على حكومة الحرب الإسرائيلية على المدى القصير إجراء مقايضة حساسة: من أجل تنفيذ عملية تطهير عسكرية فعالة لمنطقة رفح، ما هي الكارثة الإنسانية التي قد تكون على استعداد لتحملها، وكم عدد  المحتجزين الذين ستكون على استعداد للتضحية بهم؟؛ فالضغوط التي تتعرض لها حكومة الحرب الإسرائيلية خارجيًا وداخليًا كبيرة. فقد حذرها كل من السعودية ومصر والولايات المتحدة و بريطانيا وفرنسا وهولاند وألمانيا من التداعيات الإنسانية الكارثية لأي اجتياح لرفح. واعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن الإسرائيليين تجاوزوا الحدود في أعمالهم الانتقامية التي اعتبرت في البداية مشروعة. وتتزايد التظاهرات في تل أبيب والقدس للمطالبة بأن تتبنى الحكومة المفاوضات من أجل إطلاق سراح المحتجزين كأولوية سياسية. فالحكومة الإسرائيلية تدين تجاههم وتجاه عائلاتهم بدين ثقيل، وهو أن فشل سياستها الأمنية هو الذي تسبب في احتجازهم.
 
مهما كانت الوسائل المستخدمة ستكون الحكومة الإسرائيلية مع نهاية ربيع العام 2024  قادرة على الادعاء أمام شعبها أنه تمت استعادة الأمن، وتقلصت قوة حماس العسكرية قد إلى لا شيء. واستعادت إسرائيل قوة الردع في مواجهة الشعوب العربية. وسيتم إنشاء منطقة عازلة بعرض كيلومترين في شمال قطاع غزة، وقد وصلت  بالفعل الآليات العملاقة من الولايات المتحدة التي ستسوي كل شيء هناك بالأرض، وتخلق منطقة عازلة مهجورة وغير قابلة للعبور، إنه من المؤسف أن يؤدي ذلك إلى تقليص المساحة الصالحة للسكن بالنسبة لمليوني فلسطيني يعيشون في غزة.
 
ويدعو رئيس الوزراء الحالي إلى إعادة تأسيس حكومة عسكرية إسرائيلية في غزة كما هو الحال من العام 1967 إلى العام 2005. فهل يوافق الاتحاد الأوروبي والدول النفطية الخليجية على الدفع مرة أخرى؟.
 
لكن المدى الطويل أكثر غموضًا من المدى المتوسط بالنسبة لإسرائيل، إذ يتعين عليها أن تدرك أنها وحّدت عن غير قصد العالم العربي الإسلامي برمته ضدها. فخلال الأعوام 2003 – 2023 طغت الحرب الدينية السنية الشيعية التي أحياها الغزو الأنغلوسكسوني للعراق على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ودفعت فلسطين إلى هامش اهتمامات الأمة؛ إلا أن مقاتلي حماس تمكنوا من إعادة قضيتهم إلى مركز الصدارة.
 
وهنا يثير مصطلح النصر الذي استخدمه نتنياهو في مقابلته مع قناة ABC أسئلة، ففي أوروبا يُحتفل بانتصار الثامن من مايو/ أيار 1945 حتى اليوم، وما يُحتفل به هو فترة السلام الطويلة التي ولّدها هذا النصر في القارة بقدر ما يُحتفل باستسلام القوات الألمانية. وهنا، من يعتقد بصدق أن الانتصار العسكري المتوقع للجيش الإسرائيلي على حماس سيدمج إسرائيل بشكل أفضل في بيئتها الإقليمية؟. وبات في امكان إسرائيل الآن أن تتفاوض  بعدما أظهرت قوتها، فعندما نكون أقوياء يمكننا تقديم التنازلات، وليس عندما نكون ضعفاء أبدًا.
 
إن قول إسرائيل إنها لن تتفاوض على السلام مع حماس أبدًا لأنها حركة إرهابية أمر سخيف، فالفرنسيين فاوضوا جبهة التحرير الوطني في الجزائر، كما فاوض الأميركيون الفييتكونغ في فيتنام، وكذلك فعل الإنكليز مع الجيش الجمهوري الأيرلندي في أيرلندا.
 
الأمر المهم هو عندما ننظر إلى عدو غير متكافئ ليس أساليبه، بل مدى تمثيله بين السكان الذين نطمح إلى العيش معهم بسلام، وسواء شئنا أم أبينا، فحماس ممثلة بين السكان الفلسطينيين. لذا لابد من دعوتها إلى طاولة المفاوضات على غرار حركة فتح، أو اللاعبين الإقليميين الرئيسيين مثل مصر والأردن والسعودية.
إن لدى اليهود والعرب عقليات مختلفة للغاية، ولا يمكنهم العيش في الدولة نفسها؛ وبالتالي فإن حل الدولتين هو الحل الوحيد القابل للتطبيق على المدى الطويل، حتى في ظل صعوبة رسم المسألة جغرافيًا وديموغرافيًا.
 
سيجذب الإسرائيليون احترام وصداقة المجتمعات العربية المجاورة من خلال إظهار تطلعات الشعب الفلسطيني إلى دولة. وهذا يتطلب ضغوطًا منسقة من جانب الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل، والدول العربية المؤيدة للشعب الفلسطيني من أجل إبعاد التعصب الديني. وإذا لم تقبل إسرائيل بهذا الحل وتعمل جاهدة على تحقيقه، وهو الحل الذي دعا إليه رئيس الوزراء السابق رابين عندما وقّع اتفاق أوسلو عام 1993، فإنه يخشى أن تكون قد دخلت في طريق حرب أبدية تدفعها إلى الهروب من خلال إرهاق سكانها اليهود، وهذا خطر وجودي حقيقي.