هناك اتفاق عام على أن غرض النشاط الاقتصادي الفلسطيني في ظل الاحتلال، هو مقاومة السلب والسيطرة الإسرائيلية بأي طريقة ممكنة، وهو ما يمكن ترجمته بالصمود، ابتداءً من البقاء على الأرض، ومرورًا بدعم الاقتصاد المحلي والمنتجات المصنعة محليًّا. ولأن الاقتصاد الفلسطيني هو اقتصاد ناشئ من حيث البنية والطبيعة الوظيفية التي يقوم بها كحالة مكملة للاقتصاد الإسرائيلي، فإن هذه الحالة التي كرّسها الاحتلال وحاول تعميقها، جعلته تابعًا، سواء من حيث كونه سوقًا لبضائعه، أو مصدرًا للأيدي العاملة وبعض المواد الأولية له. وكان الاحتلال دائمًا يضع تصوراته في تحديد الهياكل الاقتصادية الفلسطينية، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والتي بدورها تصب في مصلحة اقتصاده، وتكون منسجمة مع احتياجاته ومتطلباته فقط، خاصة فيما يتعلق بالقطاعات الإنتاجية الأساسية: الزراعة والصناعة. كما سعى الاحتلال دائمًا إلى إضعاف أي نشاط تأسيسي بنيوي للاقتصاد الفلسطيني، وجرّه باستمرار إلى حالة عدم التوازن، وحرمانه من أي أداة من أدوات التنمية أو الاستدامة.
ومع وجود علاقة مركبة بين رأس المال ومنظومة الأمن لدى الاحتلال، وسعيه الدائم لرفد اقتصاده على حساب إفقار الاقتصاد الفلسطيني، والسيطرة على جميع إمكانياته ومقدراته، بات الاقتصاد الفلسطيني أحد أقسى أدوات الابتزاز والمساومة التي يستخدمها الاحتلال. وفي إطار محددات بروتوكول باريس الاقتصادي، الذي منح الاحتلال الإسرائيلي مهمة جباية الضرائب والجمارك (إيرادات المقاصة) على السلع المستوردة فلسطينيًا من خلال المنافذ التي يسيطر عليها، سواء كانت مستوردة من الاحتلال أو من طرف آخر، ويتحكم الاحتلال بتحويل هذه الأموال لخزينة السلطة الفلسطينية.
حسب آخر إحصاء سنوي لسلطة النقد الفلسطينية لعام 2022، فإنّ أموال المقاصة تشكل حوالي 64% من إجمالي إيرادات الحكومة الفلسطينية، ويحولها الاحتلال بحوالة بنكية خلال الأسبوع الأول من كل شهر، مما أعطى الفرصة للاحتلال لتحويل هذه الأموال وفقًا لرضاه الأمني، ولتحقيق غايات اقتصادية وسياسية، وجعله يتحكم بحجم المبالغ التي يتم تحويلها، ويمارس من خلالها الضغط على شريحة واسعة من المجتمع الفلسطيني. خاصة وأن السلطة الفلسطينية لم تقم بدفع رواتب موظفيها العموميين بشكل كامل منذ أكثر من عامين. ويقتطع الاحتلال ملايين الدولارات شهريًا من أموال المقاصة متذرّعًا بأسباب عديدة، ومتسببًا بعجز هائل في الموازنة الفلسطينية العامة.
أهم الاقتطاعات من أموال المقاصة
عمولة تحصيل المقاصة: تقتطع طواقم وزارة المالية الإسرائيلية مقابل جباية أموال المقاصة ما نسبته 3% شهريًا من قيمة أموال المقاصة كعمولة تحصيل ضرائب، وذلك وفقًا لما جاء في بروتوكول باريس الاقتصادي. ويصل المعدل الشهري لهذه الاقتطاعات حوالي 35 مليون شيكل (10 مليون دولار)، وقد بلغت قيمة هذا الاقتطاع في عام 2022 حوالي 346 مليون شيكل (102 مليون دولار)، وبما يعادل 3 مليار شيكل (882 مليون دولار) خلال العشر سنوات الماضية.
اقتطاعات صافي الإقراض: وهي “المبالغ التي يقتطعها الاحتلال من إيرادات المقاصة مقابل الخدمات التي تقدمها بعض الشركات الإسرائيلية، كشركة الكهرباء القُطرية والمياه والخدمات الطبية“. ومن المفترض أن تتم مهمة جمع هذه المبالغ من قبل الهيئات المحلية والبلديات وشركات التوزيع المحلية لتسوية الديون المستحقة، إلا أنّ تخلف شريحة من المواطنين عن سداد هذه المستحقات والفواتير للجهات المحلية، وتراخي بعض الهيئات المحلية في تحصيل الديون، أدى إلى تفاقم أزمة صافي الإقراض بعد اقتطاع الاحتلال لهذه المبالغ شهريًا من إيرادات المقاصة. هذا بالإضافة لكهرباء غزة التي لا يتم تحصيلها نظرًا لحالة الانقسام في الشارع الفلسطيني. ويعتبر بند صافي الإقراض بندًا ثابتًا في الموازنة العامة للمالية الفلسطينية، وقد بات يثقل كاهل الإيرادات المحلية ويقلصها سنويًا، ويعزز من العجز المالي في موازنة الحكومة. بلغ بند صافي الإقراض في عام 2022 حوالي 366 مليون دولار، أي ما يعادل حوالي 8.4% من إجمالي الإنفاق العام خلال ذات العام، مستنزفًا بذلك إيرادات المقاصة.
اقتطاعات عائلات الأسرى والشهداء: في تموز/ يوليو 2018، صادق الكنيست الإسرائيلي على “تجميد دفع قيمة مخصصات ذوي الشهداء والأسرى والجرحى“، ما يعني اقتطاع مبلغ من أموال المقاصة يعادل ما تقوم السلطة الفلسطينية بتحويله لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين. وبحسب مجلس الوزراء الفلسطيني، بلغ مجموع ما اقتطعه الاحتلال منذ مطلع 2019 وحتى نهاية عام 2022، حوالي 2 مليار شيكل (588 مليون دولار).
اقتطاعات لصالح متضرري العمليات الفدائية: في مطلع عام 2023، أقرت الحكومة الإسرائيلية خصم حوالي 40 مليون دولار من أموال المقاصة، كتعويضات لصالح من تصفهم بمتضرري العمليات التي يقوم بها الفلسطينيون ضد الاحتلال، بعد أن قاموا برفع قضايا في المحاكم الإسرائيلية.
اقتطاعات قطاع غزة: منذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر، أقرّ وزير المالية الإسرائيلي قرارًا يقضي باقتطاع حصة قطاع غزة من أموال المقاصة، والتي تقوم السلطة الفلسطينية عادة بتحويلها للقطاع المحاصر، كرواتب للموظفين العموميين، وتكلفة إمداد الوقود لتشغيل الكهرباء. وقد بلغت قيمة هذا الاقتطاع خلال الربع الأخير من عام 2023، نحو 956 مليون شيكل (295 مليون دولار).
المسار النرويجي لحل الأزمة
في 21 كانون ثاني/ يناير 2024، وافق الكابينت الإسرائيلي على تحويل أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية بعد اقتطاع حصة قطاع غزة من هذه الأموال، والتي تُقدر بحوالي 73.31 مليون دولار شهريًا، وتشمل 46 مليون دولار أجور الموظفين العاملين في القطاع الحكومي، و27 مليون دولار تكلفة توفير الوقود اللازم لإمداد الكهرباء للقطاع. وبناءً على طلب أمريكي سابق، فقد تقرر إرسال حصة غزة من هذه الأموال كوديعة لدى طرف ثالث وهو النرويج، والذي بدوره يقوم بتحويل المبلغ لغزة، بحجة عدم توجه هذه الأموال إلى حركة حماس بأي شكل من الأشكال، على أن يتم تحويل الأموال لقطاع غزة فقط بموافقة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وباحتفاظ حكومة الاحتلال بحق التراجع عن تحويل الأموال في حال تم “خرق الاتفاق”. وعَقب هذا القرار، أصدر مكتب نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال، بيانًا مفاده أن هناك “موافقة دولية على قرار المجلس الوزاري المصغر، بعدم نقل أموال من “إسرائيل” إلى غزة”.
وقد أوضح وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، أن المسار النرويجي لم يزل عالقًا، ولم يتم التوافق عليه بشكل نهائي، وأن هناك بعض النقاط التي ما زالت محل خلاف بين الطرفين، وأضاف بأن على الفلسطينيين التعايش مع 20 – 30% فقط من الدخل مع اشتداد الأزمة الاقتصادية، وفي ظل تراجع حاد في المساعدات الخارجية المقدمة للسلطة الفلسطينية.
يُذكر أن السلطة الفلسطينية لم تتسلم أموال المقاصة سوى لشهر واحد منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، وبعد أن اقتطع الاحتلال حصة غزة منه، مما يعمق العجز المالي للسلطة الفلسطينية، ويفقدها القدرة على سداد المستحقات المترتبة عليها، والديون المتراكمة عامًا بعد عام، عدا عن ارتفاع الدين العام من المصارف المحلية والخارجية. يضاف إلى ذلك الخسائر الفادحة التي لحقت بالاقتصاد في عموم فلسطين بعد العدوان على غزة، إذ أظهر تقرير للبنك الدولي صدر مؤخرًا، أن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الفلسطيني، هي الأسوأ على مدى عقدين، بل وتفوق تأثير الحروب في 2008 و2012 و2014 و2021.
المآلات والتحديات
عمل الاحتلال مرارًا على تحقيق مطالب اقتصادية أو سياسية، أو فرض ضغوط تفاوضية على الجانب الفلسطيني، من خلال التلاعب في تحويل أموال المقاصة، إما بتأخيرها وحجزها لشهور أو سنوات قبل تحويلها لميزانية السلطة الفلسطينية، أو بفرض قوانين تقتطع ملايين الدولارات من المقاصة دون إرجاع، ما يعني حرمان الفلسطينيين منها للأبد ودون وجه حق. وقد هدف الاحتلال من خلال هذه الاقتطاعات إلى إبقاء ميزانية السلطة بحالة عجز، ووضع السلطة الفلسطينية بحالة عوز مادي مستديم، يودي بالشعب الفلسطيني إلى حالة ضعف اقتصادي مقصود وممنهج، وحرمان الاقتصاد الفلسطيني من أي فرصة للتخلص من تبعيته وارتهانه لاقتصاد الاحتلال.
لا يخفى على أحد أن الاحتلال سعى كذلك لقرصنة أموال المقاصة، لتغطية عجزه المادي، وتعويض شيء، ولو بسيط، مما خسره في حرب غزة، ولكسب رضى الشارع الإسرائيلي بعد عجزه عن تحقيق انتصار على أرض الواقع في غزة، إلى جانب الضغط على أهالي قطاع غزة، وتجويعهم وكسر صمودهم، وإثارة حالة من السخط على المقاومة، وكسر الحاضنة الشعبية لها من خلال إحداث أزمة مادية مقصودة، بعد أن منع آلاف العمال الفلسطينيين من العمل في الداخل المحتل، وارتفعت بذلك نسب البطالة، وانخفض مستوى الدخل الفردي، وانخفض تبعًا لذلك مستوى الاستهلاك العام في الأسواق المحلية. وهذا دليل واضح على انحراف أداء الاقتصاد الفلسطيني، فنموه مرتبط أساسًا بالطلب الإسرائيلي وصادرات العمالة، وليس بالطلب المحلي والتوظيف، ولا يعكس قدرة السوق المحلي على استيعاب موارده البشرية.
ونظرًا لعدم توفر فرص العمل الملائمة للشباب فقد توجه جزء منهم نحو خيار الهجرة، وقد تبدو موجات الهجرة هذه طوعية ولكنها في حقيقة الأمر قسرية، فالضغوطات الاقتصادية التي يعانيها الفلسطيني إلى جانب الإذلال والتنكيل والاعتداءات المتواصلة التي يمارسها الاحتلال يوميًا، وتقييد الحركة عبر الحواجزـ، دفع بالعديد من الفلسطينيين وخاصة فئة الشباب للجوء إلى خيار الهجرة هربًا من ذلك، فقد أظهرت إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2022 أن حوالي 15% من الشباب في الضفة الغربية لديهم الرغبة بالهجرة، ولكن أكثر من ضعف هذا العدد في قطاع غزة (حوالي 37%) يرغبون بالهجرة إلى الخارج.
وقد دفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وأزمة الرواتب المتتالية، شباب غزة للهجرة بشكل جماعي، وفي كثير من الأحيان بطرق غير شرعية، هربًا من البطالة وضيق العيش وتردي أوضاعهم المادية، وبحثًا عن مصدر رزق بعيدًا عن الحصار الخانق الذي يعاني منه القطاع منذ سنوات. وما يحصل حاليًا في قطاع غزة من تدمير شامل للمنشآت والمباني كافة، وتسويتها بالأرض، ينذر بالمزيد من التراجع في الوضع الاقتصادي وخاصة القطاع الخاص، وهذه المؤشرات جميعها ستضغط باتجاه المزيد من هجرة الشباب إلى خارج القطاع، مما يحرم فلسطين من الكفاءات العلمية والمهنية والأيدي العاملة، وخاصة العمالة الماهرة منها. كما يحرمها من فرص استثمار رؤوس الأموال لمشاريعهم فيه، والبحث عن ملجأ آمن للاستثمار. وقد سعى الاحتلال قبل السابع من أكتوبر لدعم هجرة الغزيين وتسهيلها وتوفير الفرص الجاذبة للسفر، إذ “كشف مسؤول إسرائيلي كبير، مساعي تل أبيب لتشجيع هجرة سكان غزة عبر تمويل رحلات هجرة طوعية، في محاولة منها للتخفيف من تهديد أزمات القطاع، وتجنب الانفجار السكاني الذي يمكن أن يشكل خطرًا أمنيًا واقتصاديًا وسياسيًا استراتيجيًا عليها".
ولعل المتضرر الأول والمباشر من اقتطاع أموال المقاصة هو الموظف العمومي، الذي لم يتقاضَ منذ عامين أكثر من 80% من راتبه الأساسي، بمافي ذلك 40 ألف موظف في القطاع العام في غزة حرموا تمامًا من رواتبهم، وكذلك الحالات الاجتماعية التي تتقاضى معونات ومبالغ شهرية من السلطة الفلسطينية، إضافة إلى الأطراف المحلية التي تتعامل مباشرة مع السلطة الفلسطينية، وباتت تتراكم مستحقاتها دون قدرة السلطة على سدادها، عقب عجز ميزانيتها وتقييد قدراتها المالية العامة. ومما فاقم من الأزمة المالية إلى جانب احتجاز أموال المقاصة، وحرمان قطاع غزة من حصته منها، أن العدوان المتواصل على غزة منذ خمسة شهور، تسبب بانخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي، والذي انخفض في قطاع غزة خلال الربع الأخير من عام 2023، بحوالي 80%، فمن 670 مليون دولار في الربع الثالث، انحدر إلى 90 مليون دولار في الربع الأخير.
وفي الوقت الذي كانت تعيش فيه أكثر من نصف الأسر الغزية تحت غطاء المعونات التي توفرها برامج الحماية الغذائية، أصبح الآن القطاع بأسره بحاجة للمعونات والمساعدات، وسكانه يعانون ممن نقص حاد في الأمن الغذائي، ويعيشون تحت خط الفقر والفقر المدقع. وقد توقع البنك الدولي بأن تصل مستويات الفقر في عموم فلسطين، إلى أكثر مما كانت عليه في ذروة جائحة كورونا. تنذر هذه المؤشرات مجتمعة، بواقع اقتصادي قاسٍ بات يُفرض على الفلسطينيين، فمع تأزم السلطة الفلسطينية، وفقدانها القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وتغطية نفقاتها التطويرية والجارية على حد سواء، وتقييد إمكانياتها المالية بتجميد أموال المقاصة، وانخفاض الدعم الخارجي، ومع أوضاع اقتصادية متردية لم تشهدها فلسطين منذ انتفاضة الأقصى، والدمار الذي أصاب الأصول الثابتة في معظم قطاع غزة، إن لم يكن كله، وفقدان الأغلبية لبيوتهم، بات حالًا كارثيًا يستدعي دعمًا جادًا وسريعًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتحرير أموال المقاصة المقتطعة، والتي يمكنها إحداث فارق في سد ديون السلطة الفلسطينية، وتخفيف الأزمة الاقتصادية في قطاع غزة.
خلاصة
مازال الاقتصاد الفلسطيني أحد الساحات المتاحة للتأكيد على حق الفلسطيني في دولته، وميدان التحدي في تحقيق وتفعيل فكرة التنمية والاستدامة في ظل الاحتلال الصهيوني المستمر. فلا شك أن استراتيجية التحرير والتنمية، مبنية على معالجة الحقوق الاقتصادية والسياسية معًا، وهي ليست بالمَهمة السهلة في أي حال من الأحوال، لكنها ضرورة ملحة لتحقيق العدالة للقضية الفلسطينية. وبالنظر للتقويض الذي يعانيه الاقتصاد الفلسطيني في ظل مخرجات اتفاق أوسلو وملحقه الاقتصادي، فإن الحديث عن تحرير أو تنمية مازال مبكرًا.
في ظل هذه الظروف الصعبة، والتضييق المتواصل، وتجفيف منابع الاقتصاد الفلسطيني وزيادة الخناق عليه، فإن النشاط الاقتصادي لم يعد محايدًا. لذلك فإن أي محاولة للتنمية سيتم العمل عليها مستقبلًا، يجب بدايةً الحكم عليها إن كانت تعزّز سلطة الاحتلال أم تضعفه. علاوة على ذلك، فإن المفاهيم الأساسية للتنمية، بحاجة لإعادة صياغة وتحديد الأولويات والاستراتيجيات، وحتى أدوات التنمية باتت بحاجة للدراسة والتغيير؛ كي تتلاءم مع ما يمر به الاقتصاد الفلسطيني، ومع التحديات التي فُرضت عليه، إضافة إلى ضرورة تعزيز الروابط الاقتصادية والسياسية بين مختلف المكونات الفلسطينية.
كذلك فإن الحديث عن إطار اقتصادي وأفق تنموي، سيكون صعبًا ومعقدًا في ظل غياب السيادة، وخاصة على الحدود، ولا يمكن تحقيق نمو اقتصادي، ورفع مستويات المعيشة للأفراد، دون نمو القدرات الوطنية. كما أن مهمة إعادة إعمار غزة لا تقل أهمية عن أي حلول سياسية أو محاولات تفاوضية مع الجهات الدولية والعربية، فالدمار الذي لحق بغزة وببنيتها التحتية وبمرافقها الرئيسة كالمستشفيات والمدارس قد أحدث فارقًا كبيرًا في بنية الاقتصاد بمختلف قطاعاته وبعناصره الإنتاجية، وهو بحاجة لمليارات الدولارات كي يعاود النهوض من جديد. ومن المؤكد أن عملية إعادة الإعمار هذه سيتم ربطها بنتائج المفاوضات مع الاحتلال واتفاق الوضع النهائي الذي سيتم التوصل إليه، لذلك فمن الضروري أن تكون عملية إعادة الإعمار أولوية ضمن مقاربات الحل السياسي. وعلى المدى القصير فإن المساعدات الحالية هي في مجملها مساعدات إنسانية كالأغذية والدواء، لكن بات من الضروري التوجه نحو إعادة الإعمار، والأهم هو الوصول لضمانات بعدم عودة الاحتلال الإسرائيلي لتسوية المباني والمنشآت بالأرض.