• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
مقالات مترجمة

موقع أميركي: جباليا مهد الانتفاضات.. "الجيش" الإسرائيلي ينسحب لكن المخيم لا يزال قائماً


موقع "Mondoweiss" ينشر مقالاً للكاتب طارق حجاج، يتحدث فيه عن صمود المقاومة والشعب الفلسطيني في جباليا ومخيّمها، حتى بعد تدميرها من قبل قوات الاحتلال التي نفذت فيها مرتين عمليات بريّة خلال الحرب على غزّة. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
 
بعد عملية بريّة دموية دامت 3 أسابيع، انسحب "الجيش" الإسرائيلي أخيراً من الأجزاء الوسطى من مخيم جباليا للاجئين، وبقي في مواقع مركزية على مشارف جباليا وبيت لاهيا، مخلفاً دماراً واسعاً، وهذه هي المرة الثانية التي يشنّ فيها "الجيش" عملية بريّةً على المخيم والبلدة المجاورة له.
 
في بداية العام، أعلنت "إسرائيل" نهاية المرحلة "المكثّفة" من القتال في شمال غزة، وانسحبت من جباليا وأجزاء أخرى من الشمال بعدما زعمت تفكيك الوجود العسكري لحماس هناك. وبعد 5 أشهر تقريباً، كانت المقاومة قد أعادت جمع صفوفها في الشمال. ومطلع أيار/مايو، بدأت العملية البرية الثانية لجباليا وحي الزيتون ومنطقة التفاح، ولكن بعد 3 أيام انسحب "الجيش" الإسرائيلي من التفاح والزيتون شرق مدينة غزة، لكن جباليا كانت مختلفة.
 
وأكّدت التقارير أنّ القتال في جباليا هذه المرة كان أكثر شراسة وعنفاً من العملية البرية الأولى. ويمكن ملاحظة ذلك في الارتفاع الملحوظ في الخسائر العسكرية الإسرائيلية منذ بدء اجتياح رفح جنوباً. وأطلقت فصائل المقاومة وابلاً متكرراً من الصواريخ باتجاه "إسرائيل"، واستهدفت الدبابات الإسرائيلية على الأرض في جباليا بقذائف الهاون وقذائف "آر بي جي"، وأطلقت النار على الجنود في عمليات قنص، وتم بثّ لقطات من تلك العمليات.
 
ولكن الأمر الأكثر أهمية في ما يتعلق بالعملية البرية في جباليا هو الأخبار التي تفيد بأنّ كتائب القسام أسرت المزيد من الجنود الإسرائيليين في كمين نصب لهم يوم 26 أيار/مايو. وأعلن الناطق الإعلامي لكتائب القسام أبو عبيدة أنّ المقاومة استهدفت 100 دبابة إسرائيلية خلال عشرة أيام، وقال إنّ "العدو الإسرائيلي يدخل الجحيم مرة أخرى في غزة، ويواجه المزيد من المقاومة.. لقد ظنّوا أنّهم لن يواجهوا مقاومة كبيرة، لكنهم فوجئوا وواجهوا قتالاً أقوى من اليوم الأول للغزو البري". وذكر المتحدث العسكري أيضاً أنّ المقاتلين استهدفوا قوة إسرائيلية في كمين، وتمكنوا من أسر عدد من الجنود.
 
في اليوم الأول في جباليا، قامت "إسرائيل" بتسوية أكثر من 300 منزل بالأرض، وقامت بإزالة الأنقاض بجرافات "D9" لتمهيد الطريق لدخول الدبابات إلى داخل المخيم. بدأ الناس في المخيم يقولون لبعضهم البعض إنّ الأمر يشبه العملية نفسها التي شنتها "إسرائيل" خلال اجتياحها الثاني لمستشفى الشفاء، إذ ذبحت مئات الفلسطينيين ودفنتهم في مقابر جماعية. عندما تم اكتشاف القبور، تم العثور فيها على العديد من الجثث لأشخاص مقيدي الأيدي والقسطرة الطبية لا تزال متصلة بهم.
 
إنّ معرفة ما حدث في الشفاء دفعت الناس إلى محاولة مغادرة جباليا عندما بدأت العملية البريّة، خوفاً من أن يلقوا المصير نفسه. ومع ذلك، بقي عدد كبير من الناس أيضاً.
 
ويعدّ مخيم جباليا للاجئين إحدى أهم القواعد الشعبية لحركة حماس. ولكثرة عدد المقاومين الذين يسكنون هناك، أصبح يطلق عليه اسم "معسكر جباليا". عام 1987، أشعلت شرارة الانتفاضة الأولى في جباليا. تتكون تضاريس المخيم من مبانٍ مكتظة بأزقة معقدة وضيقة لا تتسع إلا لشخصين يسيران جنباً إلى جنب. كان أي شخص نشأ في المخيم وأصبح في ما بعد مقاتلاً في المقاومة قادراً على التحرك في ساحة المعركة التي كانت في السابق موطناً له بسرعة وألفة.
 
وعندما اقتحم "الجيش" الإسرائيلي جباليا للمرة الثانية، ظناً منه أنه سيسحق المخيم، فوجئ بأنّ المقاتلين كانوا على أهبة الاستعداد. بدأ عدد الضحايا الإسرائيليين الذين تم الإبلاغ عنهم من خلال الأخبار بالارتفاع، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإحباط الجنود من دخول جباليا.
 
وبسبب القصف المدفعي العشوائي الذي طال كل مناطق المخيم، غادرت بعض العائلات جباليا إلى مناطق أقل استهدافاً في شمال غزة. وفي الوقت نفسه، شهد من بقوا معارك ضارية، وأغرقت تكتيكات المقاومة الجديدة الجنود الإسرائيليين بالعديد من الكمائن.
 
واستخدمت المقاومة في جباليا وشمال غزة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية أسلحة جديدة للدفاع الجوي ضد المروحيات وطائرات الاستطلاع، وأسقطت بعضها.
 
الصمود والبقاء على قيد الحياة هما أيضاً قتال
وفي انعكاس لتماسك المقاومين، حاول سكان المخيم أيضاً تجسيد الصمود من خلال البقاء في منازلهم.
 
أحمد أبو خاطر (34 عاماً) يسكن في جباليا، ولم يغادر المخيم في أي لحظة منذ بداية الحرب، وقال إنّه شاهد جنوداً إسرائيليين يدخلون عشرات المنازل المهدمة التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية مقدماً، ورأى تلك المنازل نفسها تنفجر بعد دخول الجنود. وذكر أيضاً أنّه شاهد كيف تم استهداف التجمعات العسكرية الإسرائيلية بقذائف الهاون.
 
وقال أبو خاطر إنّ "مقاومتنا أقوى، والجميع هنا شاكرون لأننا نعلم جميعاً أن هذا العدو يحارب الوجود الفلسطيني، وسيرتكب المزيد من المجازر المروعة إذا لم يواجهه أحد"، مضيفاً أنّ "جباليا هي مهد الانتفاضات، والمحتل يعرف ذلك، لكنه يرفض القبول به، ومن المؤكد أنّه لن يتمكن أبداً من اقتلاع مقاومتنا".
 
وأشار أبو خاطر إلى أنّ عدد الشباب الذين يحملون السلاح في المخيم ارتفع في الآونة الأخيرة، وقال إنّ "المقاتلين الشباب المنتمين إلى فصائل مختلفة يتجولون في الأزقة وينتظرون أي جندي أو مركبة للهجوم والقتال.. إنّهم يثورون غضباً.. فالاحتلال يقتل عائلاتهم ويدمر منازلهم".
 
وشدد أبو خاطر على أنّ "كل من في المخيم فقد أحباءه وعائلته، والذين مرّوا بتجارب أصعب من الموت على يد "الجيش" الإسرائيلي، يريدون القتال، لأنهم فقدوا كل شيء، ويعيشون في ألم وحزن. لذا، إذا استطاعوا، فإنهم يقاتلون".
 
وأوضح أبو خاطر أنّ "الجميع يريد المقاومة في جباليا، كل على طريقته، ومن لا يستطيع مواجهة "الجيش" والجنود سيبقى هنا في أرضه.."، خاتماً حديثه بالقول: "هذه هي مقاومتنا. الصمود والبقاء على قيد الحياة هما أيضاً قتال".