• اخر تحديث : 2024-07-25 13:39
news-details
أبحاث

تصاعد تهديدات طالبان باكستان.. الدلالات والتداعيات


لاتزال حركة طالبان الباكستانية أو ما يعرف بـ”تحريك طالبان” “TTP”، تمثل صداعًا مزمنًا في رأس حكومة إسلام أباد، على الرغم من الجهود التي بذلتها لتقويض تهديدات الحركة، وذلك بالنظر لقدرتها على الاستمرار في شن الهجمات الإرهابية المتنوعة، خاصة ضد قوات الجيش الباكستاني، والتي تصاعدت منذ إعلانها في نوفمبر 2022 وقفَ إطلاق النار مع الحكومة الباكستانية، والذي استمر لنحو 7 شهور، حيث اتجهت “طالبان باكستان” إلى السير على النهج المتبع لدى التنظيمات الإرهابية؛ وذلك بإعلان اتجاهها لأسلوب التصعيد والتركيز تحديدًا على استهداف عناصر قوات الأمن الباكستاني لإضعاف الأجهزة الأمنية لحكومة إسلام أباد، وإجبار الأخيرة على الموافقة على جميع شروطها. الأمر الذي بات يطرح العديد من التساؤلات حول الدوافع التي تقف خلف استمرار حركة طالبان باكستان في استهداف قوات الجيش الباكستاني، والتداعيات المحتملة لذلك، خاصة في ظل تأكيد الجيش على الاستمرار في مواجهة الحركة بكل قوة وحزم.
أولًا: تنظيم غير تقليدي
 
تأسست حركة طالبان باكستان رسميًّا في عام 2007 عندما اتفقت عدة مجموعات مسلحة على العمل معًا ضد باكستان ودعم حركة طالبان الأفغانية التي كانت تقاتل حينها القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي، كما زعمت الحركة وقتها أنها تهدف إلى محاربة “العصابات والفساد” في المنطقة الحدودية مع أفغانستان والتي تعد المعقل الرئيسي لعناصرها، خاصة في شمال غربي باكستان. وفي غضون خمس سنوات من تشكيلها، أصبحت الحركة أكبر منظمة متشددة في باكستان، ولها معاقل في العديد من المناطق القبَلية في مقاطعة الحدود الشمالية الغربية.
 
توصف الحركة بأنها كيان ليس متجانسًا، بل هي عبارة عن اندماج أكثر من 40 فصيلة إسلامية وقبلية من البشتون الذين يشكلون غالبية أعضائها، ورغم ذلك تشير بعض التقارير إلى أنه يوجد من بين أعضائها عدد من المسلحين العرب والأوزبك والأفغان والشيشان والبنجاب.
 
تزعم الحركة أنها تسعى إلى تطبيق أكثر صرامة للقوانين الإسلامية، والإفراج عن أعضائها المحتجزين لدى الحكومة الباكستانية، والحد من الوجود العسكري الباكستاني في أجزاء من خيبر بختونخوا، الإقليم المتاخم لأفغانستان الذي استخدمته لفترة طويلة كقاعدة. وصعّدت حركة طالبان باكستان هجماتها على الجنود والشرطة الباكستانية منذ نوفمبر 2022، عندما أنهت من جانب واحد وقفًا لإطلاق النار مع الحكومة بعد فشل المحادثات التي استضافتها حركة طالبان في كابول.
 
على الرغم من تأكيد خطابات الحركة على تمسكها بالشريعة الإسلامية، وأنها جماعة جهادية تكافح ضد حكومة إسلام أباد، ألا أنها في نفس الوقت تؤكد بقوة على البُعد القبلي والعرقي لتوجهاتها، من خلال التأكيد على أنها تخوض مواجهات مع الحكومة الباكستانية من أجل الدفاع عن حقوق البشتون، ضد الانتهاكات التي تتركب في حقهم من قبل الحكومة، وهو ما أشار إليه تصريح المتحدث الرسمي السابق باسم الحركة، محمد خراساني، في فبراير 2021، الذي قال فيه “الحكومة الباكستانية تقمع مجتمعات البشتون طوال السنوات الماضية، وأن الحركة تكافح للحصول على حقوقهم”.
 
وهو ما يخرجها من دائرة الحركات الجهادية العابرة للحدود، إلى دائرة الحركات الجهادية القومية أو العرقية، التي ترفع شعارات جهادية لتحقيق مكاسب عرقية، على غرار “حركة تحرير ماسينا”، في الساحل الإفريقي. وتؤكد الحركة من خلال خطابها على الهوية البشتونية والتمسك بها، وأنها جزء لا يتجزأ من تلك العرقية، سواء داخل باكستان أو أفغانستان، وهو ما يفسر عدم اعترافها بـ”خط ديورند”، الذي وضعته باكستان كحد فاصل بينها وبين أفغانستان، بالنظر إلى أنه أدى إلى تقسم العرقية بين الدولتين، وهو ما تشاطره فيها الرأي، حركة طالبان الأفغانية، وهو ما كشفت عنه تصريحات سابقة لذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان أفغانستان، الذي قال فيها “إن الأفغان يعارضون السياج الحدودي الذي أقامته باكستان، لأنه يقسّم العائلات البشتونية”.
 
كما حرصت طالبان باكستان خلال السنوات الماضية على التأكيد على أنها جماعة محلية، وليس لها ارتباطات بالتنظيمات العابرة للحدود، على غرار تنظيم “القاعدة” -برغم محاولة عدة تقارير الربط بينها وبين الحركة- وأنها جماعة تعمل من منطلق عرقي وقومي، برغم استمرار تبنيها للخطاب الجهادي في صراعها ضد الحكومة الباكستانية، واستهدافها شبه المستمر رجال لقوات الجيش، على غرار إعلان الجيش الباكستاني مقتل 5 من عناصر الأمن في هجوم شنه مسلحون من طالبان باكستان بمركبة محملة بالمتفجرات على موقع عسكري في وزيرستان بالقرب من الحدود مع أفغانستان.
 
يتسم مقاتلو حركة طالبان باكستان بالشراسة التنظيمية والخبرة الواسعة في حرب العصابات، والقدرة على التعامل مع الظروف المناخية الصعبة والتضاريس الوعرة. وتشير بعض التقارير أن عدد مقاتلي الحركة يُقدر ما بما يتراوح بين 4000 و6500 مقاتل، هذا بخلاف المتعاطفين والمؤيدين والداعمين لها من عرقية البشتون، ومنذ ظهورها نفّذت الحركة أكثر من 3000 هجوم؛ ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 7500 شخص، بما في ذلك 2500 من أفراد الشرطة والجيش، وهو ما يجعل الحركة لديها القدرة على شن هجمات إرهابية واسعة النطاق تؤدي إلى سقوط عشرات القتلى في الهجوم الواحد، على غرار هجومها على مدرسة في بيشاور في عام 2014، راح ضحيته 130 تلميذًا. وقد أدّى هذا الهجوم الوحشي إلى تغيير ملحوظ في المشاعر في باكستان، إذ ردّت القيادة السياسية للبلاد على الهجوم من خلال تبني ما عُرِف بخطة العمل الوطنية، التي تحدّد مسار عمل صارم لمحاربة التنظيم الإرهابي في باكستان بحزم.
 
ثانيًا: أسباب تصاعد هجمات طالبان باكستان
 
فشل المفاوضات مع إسلام أباد: برغم نجاح حكومة طالبان الأفغانية في استضافة محادثات أدت إلى توقيع اتفاق لوقف مؤقت لإطلاق النار بين كل من الحكومة الباكستانية وطالبان باكستان في عام 2022، فإن تلك المفاوضات قد فشلت، بعد إعلان طالبان باكستان انتهاء الهدنة مع الحكومة الباكستانية، وبدء عمليات عنف داخل البلاد، وذلك ردًّا على مقتل عدد من قادتها، حيث بادرت الحركة بشن هجوم إرهابي استهدف حافلة كانت تقل عناصر للشرطة في كويتا جنوب غربي البلاد؛ مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 24 آخرين.
 
وقبل أن يطوي عام 2023 أوراقه، اقتحم مسلحون مُوالون لطالبان بشاحنة ملغومة مركزًا للشرطة في إقليم خيبر بختونخوا، شمال غربي البلاد، مما أسفر عن مقتل ما بين 23 و24 جنديًّا، وعدد من المهاجمين، ووفق مسؤولين أمنيين، فإن الهجوم الذي استخدمت فيه القنابل والبنادق، حدث في منطقة ديرة إسماعيل خان، على مشارف المناطق القبلية القريبة من حدود أفغانستان، وهو ما جعل عام 2023 يعتبر عامًا دمويًّا بالنسبة لباكستان، بسبب تصاعد هجمات طالبان باكستان. كما أن العام الجاري 2024 قد شهد العديد من الهجمات التي شنتها “تحريك طالبان” ولكنها لم تقتصر فقط على استهداف قوات الجيش، ولكنها تعدتها إلى استهداف بعض الأجانب والمسؤولين، وهو ما كشف عنه اعتقال الأمن الباكستاني في نهاية إبريل 2024، أربعة من أعضاء الحركة المشاركين في تنفيذ الهجوم الانتحاري الذي استهدف مهندسين صينيين في شمال غربي باكستان، حيث أفادت مكافحة الإرهاب الباكستانية بأنهم ينتمون إلى طالبان باكستان المحظورة.
 
التنافس الجهادي مع داعش: على غرار حركة طالبان الأفغانية تعتبر تحريك طالبان تنظيم داعش، أو ما يعرف بولاية خراسان، عدوًّا لدودًا لها، نظرًا للاختلافات الفكرية العميقة بين الطرفين، فضلًا عن الاختلاف في الأهداف والغايات، فطالبان باكستان تعد تنظيمًا محليًا قبليًا يرفع شعارات جهادية، وليس لها فروع تنظيمية خارج حدود باكستان، كما أنه ليس لديها مشروع فكري جهادي تسعى إلى تصديره للخارج، في حين أن ولاية خراسان لديها مشروع عابر للحدود، وهي امتداد لتنظم داعش الأم الذي يسعى إلى تأسيس خلافة داعشية، لذا فالعلاقة بين الطرفين هي علاقة صراعية تنافسية على صدارة المشهد الجهادي بين الطرفين، وليست علاقة تكاملية أو حتى تعاونية، ومما زاد الأمر سوءًا أن تنظيم داعش بات يستقطب عناصر من طالبان باكستان للانخراط في صفوفه، معتمدًا في ذلك على جاذبية الخطاب الداعشي؛ لكونه يقوم على المفهوم الأكثر قدسية لدى كل المتطرفين حول العالم؛ وهو مفهوم “الخلافة الإسلامية”، لذلك يزداد المشهد الأمني الباكستاني تعقيدًا يومًا بعد يوم؛ في ظل التنافس بين طالبان الباكستانية وتنظيم داعش خراسان على أيهما أقدر على شن هجمات إرهابية مروعة؛ مما خلق معضلة خطيرة أمام مخططي الأمن الباكستانيين.
 
وفى هذا السياق تشير التقارير إلى أن قادة حركة طالبان باكستان نقلوا إلى حكومة طالبان أفغانستان تحذيرهم بأنه في حالة تعرضهم للضغوط داخل أفغانستان واضطروا إلى تخفيف هجماتهم على قوات الأمن الباكستانية في مناطق الحدود الباكستانية-الأفغانية، فقد يحدث انشقاق واسع النطاق في صفوفها لينضم بعض عناصرها إلى داعش خراسان؛ لذا أصبح هناك تنافس بين الفرقتين على شن الهجمات الإرهابية؛ نظرًا لأن تلك الهجمات تعد من أبرز دلائل القوة عند التنظيمات الإرهابية المختلفة، التي تساعد بقوة في عمليات الجذب والاستقطاب، وهو ما يدفع الحركة إلى تكثيف هجماتها داخل باكستان؛ حتى تثبت أنها التنظيم الأكبر والأقوى في البلاد.
 
الضغط على الحكومة الباكستانية للإفراج عن المعتقلين: تهدف حركة طالبان باكستان من الاستمرار في الهجمات الإرهابية ضد قوات الجيش الباكستاني إلى الضغط على حكومة إسلام أباد للإفراج عن عناصرها المحتجزين في السجون الباكستانية، وهو الأمر الذي كانت تسعى له الحركة من خلال مفاوضاتها مع الحكومة الباكستانية، حيث كان من أهم أهدافها من تلك المفاوضات الإفراج عن قادتها وعناصرها، وهو ما مثل عائقًا أمام المفاوضات في 2021، حيث تشير التقارير إلى أن الحركة طالبت إسلام أباد بالإفراج عن عدد من السجناء كشرط لإجراء مفاوضات من أجل وقف إطلاق النار.
 
وعلى الرغم من أن التقارير تشير إلى أن الحكومة الباكستانية أبدت قدرًا من المرونة فيما يتعلق بالإفراج عن عناصر الحركة لإنجاح المفاوضات، فإن المعضلة كانت تتعلق بكيفية الإفراج عنهم، ونوعية العناصر التي يمكن الإفراج عنها، حيث اشترطت الحركة الإفراج عن عناصرها قبل المفاوضات، في حين أن إسلام أباد اقترحت أن تفرج عن بعض العناصر في انتظار ما سوف تقدمه الحركة من تنازلات خلال المفاوضات؛ ما يعني أن كل خطوة إيجابية تقدمها الحركة يقابلها الإفراج عن مجموعات من عناصرها، في حين رغبت الحركة في إطلاق سراح جميع عناصرها قبل وقف إطلاق النار، وبالتالي عادت الحركة لشن هجمات أكثر كثافة وشراسة للضغط على الحكومة الباكستانية للإفراج عن عناصرها، لإرسال رسالة إلى إسلام أباد، فحواها أن ما لم تأخذه الحركة بالمفاوضات ستأخذه بالقوة المسلحة، وربما هذا ما يفسر عودة الحركة إلى الهجمات الانتحارية.
 
ضغوط الأجنحة المتشددة داخل الحركة: على الرغم من قبول طالبان باكستان بفكرة التفاوض مع حكومة إسلام أباد ووقف إطلاق النار في البلاد، وإنهاء عقود من الصراع، مقابل تحقيق عدد من المطالب، في مقدمتها الافراج عن قادتها وعناصرها، إلا إنه توجد أجنحة داخل الحركة ترفض التفاوض وتدفع دائمًا باتجاه الاستمرار في شن الهجمات الإرهابية، وهو ما يعود للمنظومة الفكرية للحركة التي رسخت عبر سنوات طويلة، والتي تنظر إلى الحكومة الباكستانية على أنها حكومة علمانية يجب إقصاؤها من خلال الجهاد ضدها بالسلاح، وأن القتال أو ما يطلقون عليه الجهاد ضد هذه الحكومة هو غاية في حد ذاته وليس وسيلة، وبالتالي يجب الاستمرار في القتال حتى القضاء على الحكومة الباكستانية وتحقيق كل مطالب الحركة، وقد تصاعد دور الأجنحة الداعية إلى تصعيد الهجمات بعد فشل المفاوضات مع الحكومة الباكستانية؛ بسبب إصرار الحركة على تخفيض كبير للقوات العسكرية الباكستانية في المناطق القبلية، والسماح لقادتها وكوادرها بالعودة إلى الأراضي الباكستانية برفقة أسلحتهم، لكن الحكومة الباكستانية قالت إنه لن يُسمح لعناصر “طالبان” بالاستقرار في باكستان إلا أولئك الذين يعودون من دون أسلحة.
 
ثالثًا: التداعيات المحتملة لهجمات طالبان باكستان
 
تزايد الانفلات الأمني في المنطقة الحدودية: من المتوقع أن تؤدي الهجمات التي تنفذها طالبان باكستان ضد قوات الجيش في منطقة شمال وجنوب وزيرستان الحدودية مع أفغانستان إلى مزيد من حالة الانفلات الأمني في تلك المنطقة التي تعاني من الهشاشة الأمنية جراء نشاط الحركة وتمركز مقاتليها فيها، واتخاذها كقاعدة انطلاق لشن الهجمات الإرهابية المختلفة، وخاصة أن حركة طالبان الباكستانية لا تأخذ بمبدأ السيطرة الترابية أو المكانية؛ بمعنى أنها لا تسيطر على منطقة أو إقليم بشكل كامل تقيم على أرضه ما يشبه الإمارة الإسلامية، وإنما تتبع استراتيجية الانتشار التنظيمي، التي تقوم على الانتشار على شكل مجموعات وخلايا في أكبر منطقة جغرافية دون السيطرة عليها، حتى لا تكون عرضة للضربات الجوية من الجيش الباكستاني، وتلك الاستراتيجية تعد مرهقة للغاية بالنسبة للجيوش والقوى الأمنية المنظمة، خاصة إذا ما كانت التنظيمات تتبع استراتيجية حرب العصابات، التي تقوم على بث الرعب والإرهاب في المناطق التي تنشط فيها، على غرار ما قامت به الحركة في وادي سوات، من ممارسة لأعمال القتل والتفجير ولاختطاف والابتزاز.
 
توتر العلاقات بين كابل وإسلام أباد: يعتقد الباكستانيون أن حركة «طالبان» الباكستانية لديها مخابئ على الجانب الأفغاني من الحدود، ومن خلالها يشنون هجمات على قوات الأمن الباكستانية في المناطق الحدودية. وقد تحول هذا إلى تهديد خطير، مع سقوط عدد كبير من القتلى من قوات الأمن الباكستانية في هذه الهجمات؛ لذا من المتوقع أن تشهد العلاقات بين أفغانستان وباكستان توترات كبيرة خلال الفترة القادمة، خاصة بعدما قام الطيران الباكستاني بشن ضربات جوية داخل حدود أفغانستان، في ولايتي باكتيكا وخوست الأفغانيتين، بدعوى استهداف قواعد لحركة طالبان الباكستانية؛ ما أسفر عن سقوط 8 قتلى مدنيين منهم نساء وأطفال، وأدت هذه الضربات إلى رد أفغاني، حيث أطلقت نيران أسلحة ثقيلة على أهداف عسكرية باكستانية في المناطق الحدودية، مما استدعى ردًّا من الجيش الباكستاني أيضًا، برغم أن الحكومة الأفغانية تنفي على الدوام إيواءها جماعات مسلحة أجنبية، مؤكدة أنها لن تسمح لأي طرف باستخدام أراضيها منطلقًا لهجمات على جيرانها. وتؤكد باكستان أن جماعات مسلحة من بينها حركة «طالبان باكستان» تشن هجمات مخططًا لها من الأراضي الأفغانية عبر الحدود غير المضبوطة بأحكام.
 
تعزيز التحالفات الجهادية المحلية: تشير بعض التقارير إلى أن الحركة لديها شبكة علاقات ببعض التنظيمات الأخرى داخل باكستان، على غرار “الحزب الإسلامي التركستاني”، الذي برز حضوره في السنوات الماضية بمنطقة وزيرستان الباكستانية، هذا إلى جانب علاقاتها مع جماعة “جيش تحرير بلوشستان”، على الرغم من عدم وجود مؤشرات قوية على وجود شراكة حقيقية بينها وبين الحركة، إلا أن ذلك يمكن أن يأتي في إطار التعاون والتعايش فيما بينهم لتجنب المواجهات التي غالبًا ما تحدث في الفصائل المسلحة بمناطق النفوذ المشتركة، والتي غالبًا تستنزف قدراتهم التنظيمية والعسكرية، هذا إضافة إلى التقارير التي تشير إلى ارتباط حركة الجهاد الباكستانية بـ”تحريك طالبان”، والتي تقوم بين الحين والآخر باستهداف قوات الجيش والشرطة الباكستانية بهجوم متنوع، من بينها الهجمات الانتحارية، وبالتالي فإن رغبة تحرك طالبان في الاستمرار في شن الهجمات الإرهابية ضد الجيش الباكستاني سيدعوها إلى التحالف والتعاون مع تلك التنظيمات، لمنع التصادم من ناحية، والتنسيق والتعاون في مناطق النفوذ من ناحية أخرى، خاصة وأن العلاقة فيما بينهم ليست علاقة تضاد بل علاقة تنوع؛ بمعنى أن هناك إمكانية للتعاون؛ لأن العلاقة ليست عدائية في المطلق، كما هي الحال بالنسبة للتنظيم داعش.
 
الخلاصة، يمكن القول إن هجمات حركة طالبان الباكستانية يبدو أنها ستستمر الفترة القادمة، نظرًا لرغبة الحركة في الضغط على الحكومة الباكستانية للإفراج عن عناصرها في السجون الباكستانية، والكف عن ملاحقة عناصرها وقيادتها، وخاصة مع وجود أجنحة داخل الحركة تدفع باتجاه التصعيد ضد الحكومة الباكستانية، في ظل عدم وجود أفق لأي مفاوضات بين الطرفين في الأمد القريب، وهو ما يعني تصاعد العنف خلال الفترة القادمة في المنطقة الحدودية التي تنشط فيها الحركة؛ بسبب استهداف القوات الأمنية والعسكرية الباكستانية. كما أنها قد تسهم في توتر العلاقات الأفغانية الباكستانية التي زادت حدتها منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في كابل في صيف عام 2021، واتهام إسلام أباد لمجموعات مسلحة مناهضة لها بشنّ هجمات انطلاقًا من أراضي أفغانستان.