• اخر تحديث : 2024-09-30 16:40
news-details
ندوات وحلقات نقاش

حلقة نقاش: صمت الجمهور العربي وغيابه في ظل حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني: الدلالات، والعوامل المؤثرة والتداعيات


جذب هول المجازر الصهيونية في غزة عقول العالم وضمائرهم: شعوبًا وطلابًا تظاهروا تضامنًا، وتأييدًا لغزة وفلسطين، وتنديدًا بالعدوان الصهيو أميركي، لكن ماذا عن العالم العربي والإسلامي: أنظمة وشعوبًا وأحزابًا؟ هذا ما ناقشته حلقة نقاش نظّمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين عبر الفضاء الافتراضي بعنوان: "صمت الجمهور العربي وغيابه في ظل حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني: الدلالات، والعوامل المؤثرة والتداعيات"؛  وذلك ضمن العناوين الآتية:

ـ أسباب اقتصار مواقف الأنظمة العربية الحاكمة على دائرة التنديد والشجب والإدانة ومناشدة المجتمع الدولي للتدخل.

ـ موقع اتفاقيات التتبيع والإملاءات الأميركية في هذا الموقف الذي شجع العدو على مواصلة حرب الإبادة على غزة.

ـ أسباب انحسار زخم الاحتجاجات والمظاهرات وتراجعه، وعدم تفاعل الجمهور العربي على الرغم من ارتفاع وتيرة جريمة الإبادة في غزة.

ـ أسباب غياب الفعل الشعبي في العواصم الرئيسة، لاسيما القاهرة، وعمان.

ـ أسباب غياب النخب السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية عن مساندة فلسطين

ـ مقترحات عملية لمعالجة هذه الثغرة، واستعادة تفاعل الجمهور العربي، وتحريكه بما يرفد عملية الضغط على الأنظمة الحاكمة.  

أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

 الخميس 5\9\2024

الحادية عشرة صباحًا بتوقيت بيروت لغاية الثانية عشرة والنصف ظهرًا.

المكان

عبر تطبيق   Zoom Meeting

 

المشاركون السادة

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح

2

عضو الهيئة الادارية للرابطة في تونس د. فوزي العلوي 

3

رئيس  الرابطة السابق د. طلال عتريسي(لبنان)

4

عضو الرابطة د. أبو عماد الرفاعي (فلسطين)

5

عضو الرابطة د. حسن حمادة (لبنان)

6

عضو الرابطة د. قاسم بلشان  (العراق)

7

عضوة الرابطة الأستاذة ميس كريدي  (سوريا)

8

عضو الرابطة د. علي شعيب(لبنان)

9

عضو الرابطة الأستاذ سركيس أبو زيد  (لبنان)

10

أمينة سر الرابطة د. وفاء حطيط

 

ثانيًا: مجريات اللقاء

بداية رحّب رئيس الرّابطة د. محسن صالح بالمشاركين؛ ثم تولى إدارة النقاش بتقديم مداخلة تمهيدية، أعقبها نقاش حول العناوين المطروحة.  

المداخلات:

مداخلة  د. محسن صالح

 فلسطين قضية الاحرار في العالم هي في مرحلة مصيرية ومفصلية استراتيجيًا وجيوسياسيًا، واجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديًا، قد يتقاتل العالم كله على فلسطين ولأجلها، البعض من أجلها والبعض الأخر لإلغاء فلسطين وابقاء الكيان الصهيوني الغاصب؛ وبالتالي السؤال هو: ما هو موقف النخب العربية تحديدًا التي نرى البعض منها من البلدان العربية والعالم أيضًا؟، وهنا لا يمكن ان نفصل  ما بين النخب الحرة في هذا العالم مع قلة النخب العربية للأسف. نحن في حرب قد تبدو أكثر من قومية، وأكثر من قطرية، وأكثر من جغرافية، هي حرب ما بين الاستكبار والعالم الاخر.

إن تسليط تلضوء على تشكيل الشعوب العربية النفسي والثقافي نتيجة عدم تحركها يثير التساؤل في العمق، فهل وصل الخوف إلى حد أن الشعب العربي لا يتحرك حيال قضية كقضية غزة؟، هل إن عدم التحرك هذا بمعزل عن القيادة؟، وبالتالي هناك شيء تاريخي يحصل لم يسبق أن حصل؛ ولذلك فهذا الأمر يحتاج فعليًا إلى الدخول في عمق الثقافة العربية التاريخية التي بلغت هذا المستوى من الانهزام النفسي والسلوكي والثقافي، ولا بد من تغيير الكثير من المفاهيم التي يمكن أن تستعيد العقل العربي الى المكانة العالمية.

مداخلة د. معين الرفاعي( أبو عماد)

أولًا ـ إن الواقع العربي واقع مليء بالمتغيرات.

ثانيًا ـ في خضم المعركة القائمة بين محور المقاومة مع الاحتلال الصهيوني والمشروع الاميركي في المنطقة نجد الموقف العربي يعيش مرحلة من التردد في التفاعل مع قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهناك أسباب عديدة تجعل هذه الشعوب ـ سواء لجهة الحراك الجماهيري، أو الدعم. لا تدخل في خضم المعركة على المستوى التفاعلي، بينها:

أن استعمار المنطقة وتقسيمها وتجزئتها، ووجود أنظمة رجعية تتعامل مع المصالح الغربية الاستعمارية في المنطقة جزء لا يتجزأ من الهجمة التي تمارس على الأمة، وتعيق نهوضها.

العامل الأخر هو ضرب مفهوم الأمة التي كانت تتكامل وتتظافر وتتفاعل مع قضاياها؛ فقد قام الاستعمار من خلال الأنظمة القمعية بضرب الكثير من المفاهيم المبنية على القيم والتفاعل، خاصة مفهوم الأمة والتكامل بين أبنائها.

جعل الانظمة العربية تخشى هذه المفاهيم لأنها في معظمها جزء لا يتجزأ من المشروع الغربي في المنطقة. فضلًا عن وجود الأنظمة التي تمتلك مخزوناً كبيرًا من القمع والارهاب ضد شعوبها نتيجة التبعية للغرب والاستعمار، فالمشروع الغربي في المنطقة ابقاء المنطقة مقسمة ومجزأة لا تلتف حول قضاياها الرئيسة، واشغالها من خلال الصراعات المتنقلة والمستمرة، فقد شهدنا صراعات على امتداد مساحة الوطن العربي.

ضرب مفهوم المقاومة، فقد عمل المشروع الغربي من خلال الأبواق الاعلامية على ضرب مفهوم المقاومة من خلال التشكيك بجدواها، وتصويرها على أنها عبء وكارثة على شعوبها من خلال ما تلحقه ـ كما يدعون ـ من تدمير وقتل لأبناء الأمة ، والعمل على ضرب صورة المقاومة وانجازاتها في الاعلام من خلال بعض الأبواق الاعلامية التي تحاول تقزيم المقاومة، خاصة أن المقاومة أحرجت الأنظمة بالإنجازات التي تحققها على الاحتلال الاسرائيلي في المقابل تعمل الأنظمة على التشكيك بهذه الانجازات وجدوى المقاومة.

الترويج لما يسمى الديانة الابراهيمية، وهذا بالتأكيد شكل نوع من الضبابية لدى شعوب المنطقة.

استطاع الغرب والنظام العربي الرسمي العبث بتكوين الأمة الاجتماعي والسياسي والمذهبي من خلال الفرقة التي حاولوا ولايزالون بثها، سواء على مستوى الفرقة العرقية، أو الفرقة المناطقية، والأخطر هو اللعب على الوتر المذهبي.

فشل الربيع العربي في تحقيق أي انجازات حقيقية وفعلية، ما شكل حالة من عدم ثقة الشعوب العربية بقيادات ما سُمي حراك التغيير، وهذا العجز والفشل شكل نوعًا من التراخي والتراجع في التفاعل مع قضايا الأمة؛ كما فشلت الاحزاب العربية ـ القومية منها، أو الناصرية ، أو الاسلامية ـ في تبني ما تريده الأمة والوصول إليه من خلال تعرية المشروع الغربي الهمجي في المنطقة من خلال الوجود الصهيوني في المنطقة وافشاله،  ومن خلال الهيمنة الاقتصادية والسياسية والأمنية الغربية على المنطقة التي تشكل الأنظمة العربية أدواتها، وبالتالي لم تستطع النخب أن تجري تغييرًا حقيقيًا على مستوى الأنظمة، بالإضافة إلى عدم وجود أحزاب قادرة على تحريك الجمهور والوقوف في وجه الأنظمة ،أو التفاعل مع قضايا الشعوب، كما لم تستطع أن تشكل الرأي العام القوي الفاعل وأنموذج الاقتداء والالتفاف حوله؛ بل انشغلت بالكثير من القضايا الداخلية،  ما شكل حالة من الاحباط والتراجع لدى الجمهور العربي. فعلى سبيل المثال  لم تبرز على المستوى العربي ـ خاصة على المستوى السني ـ شخصية اعتبارية قادرة على قيادة الجمهور العربي نحو قضاياه الاساسية والرئيسة والتفاعل معها، يعني لدينا ازمة قيادة على المستوى العربي، فلا قيادة قادرة على تبني قضايا شعوبها والأمة وتتفاعل معها وهذا بكل تأكيد يشكل حالة من الاحباط والتراجع.

لماذا تفاعلت الجالية العربية في أوروبا مع قضاياها بشكل كبير ؟، وتمارس هذا الاندفاع من دون كلل أو ملل في الوقت الذي لم تتفاعل فيه الشعوب في منطقتنا بحجم ما تفاعلت الجالية العربية والاسلامية في الدول الاوروبية؟:

أولًا ـ  في أوروبا حرية تمكّن  أي شخص من أن يعبر عن رأيه بحرية، وللأسف في المنطقة العربية تمارس الاجهزة الامنية البوليسية القمعية الارهاب والتسلط على رقاب الشعوب وتنساق وفق الرؤية والدعاية الغربية ما يحول دون التفاعل،

ثانيًاـ الشعوب العربية شعوب حية وتتفاعل بشكل كبير جدًا مع قضيتها المركزية القضية الفلسطينية؛ ولكنها لم تجد القدوة كي تلتف خلفها ـ سواء  على مستوى القوى والاحزاب والتيارات السياسية والفكرية، أو رجال الدين والشخصيات الاعتبارية القادرة على توجيه الجمهور العربي نحو قضاياه.

مداخلة د. طلال عتريسي:

 لماذا لا تتحرك الشعوب؟، ولماذا صمت الأنظمة؟،

 هو سؤال حقيقي وجوهري يطرح في مختلف الأوساط الشعبية والاعلامية والمثقفة، ويحتاج الى نقاش فعلًا ربما الآن وقبل الآن وبعد الآن.

إن طوفان الاقصى حدث مفاجئ لجميع الناس والقوى السياسية،  وكان من شروط هذا الحدث أن يكون مفاجئًا لكي يحقق الانجاز الذي تحقق سواء على مستوى الكيان واجهزته الأمنية والاستخبارية والجيش، أو على المستوى السياسي، وما حدث في الرأي العام العربي والاسلامي وحتى الدولي، وهذه المفاجأة كانت بخلاف تيار التطبيع الذي كان يًعمل عليه خلال السنوات الماضية؛ فالرأي العام العربي عمومًا، والاعلام الرسمي وغير الرسمي الى حد ما يتحرك وفق مقولة أن المنطقة تسير في اتجاه التطبيع، وأن قضية فلسطين لم تعد أولوية، وهذا جزء من المشهد.

ويتجسد الجزء الثاني من المشهد في محاولات تشكيل تحالف ناتو عربي في وجه ايران، وأن ايران هي العدو وليس اسرائيل، وبالتالي عمل هذا المسار على تشكيل وعي شعبي ونخبوي بأن المشكلة هي في سياسة ايران ودورها ودعمها لحلفائها في المنطقة وان المشكلة ليست في اسرائيل.  لكن عملية طوفان الاقصى قلبت الأمور رأسًا على عقب، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي والدولي والاقليمي والمحلي والشعبي والاعلامي والسياسي، نظرًا إلى أهمية هذه العملية، وفاعليتها ؛ ولم يكن من السهل على الجماهير  النخب ان تستجيب بمثل هذه السرعة لهذا التحول الذي استجاب له الرّاي العام الغربي والقوى الفاعلة بمثل هذه السرعة، لكن على مستوى الرأي العربي والاسلامي كان الأمر يحتاج الى قيادة موجودة وفاعلة وحقيقية تتخذ موقفًا مؤيدًا وتدعو الناس الى التأييد.

السؤال: لماذا لم يحصل؟:

 أولًا ـ لأنه ليس هناك قيادات على المستوى السياسي، والرأي العام العربي قيادة؛ والاحزاب السياسية العربية منذ سنوات هي ضعيفة وتأثيرها محدود، والقوة الفاعلة والمؤثرة في مختلف الدول العربية هي قوة الاخوان المسلمين؛ ولكن هذا التنظيم ولأسباب عدة وما بعد الثورات العربية لم يعد من جهة تجرؤ على التحرك ولم تعد اولويتها مثل هذه التحركات.   وخيارات الأنظمة العربية التطبيع والسلام مع العدو أصلا، وليس المقاومة.

هذه المعركة هي معركة المقاومة في فلسطين والانتصار في هذه المعركة هو ليس انتصار حماس، أو الجهاد فقط؛  بل هو انتصار لمنطق المقاومة، ودعم المقاومة في فلسطين وانتصارها يعني انتصار محور المقاومة وتراجع عمليات التطبيع، وانتصار ايران الحليف اساسي لمحور المقاومة.

مداخلة د. فوزي العلوي:

 لم تقع الاستفادة كاملة من حدث طوفان الاقصى الاستثنائي، وبالتأكيد عنصر المفاجأة مطلب استراتيجي لكنه مثل نقطة في تقديري فاجأت وحدة الساحات والموقف المقاوم الميداني نفسه وهذه ثغرة يجب الاشارة عليها ليس باستحياء بل على نحو من الفضول ومحاولة المعرفة للفهم والتجاوز.  ومن شأن هذا الشرح أن يقف عند دلالات هذا الطوفان ورهاناته الكبرى، فهو فرمل التطبيع والتطويع عبر تشويه الأصيل وصناعة وجه بشع للقبيح وتحويل الصديق الى عدو والعدو الى صديق، ولعل أقصى ما كنا نربو اليه، وأهم الانتصارات هو عودة القضية الفلسطينية الى صدارة المشهد وطنيًا واعلاميًا، شعبيًا ونخبويًا، رسميًا وجماهيريًا.

يبدو ان الاستجابة كانت استجابة من جانب واحد، أي الجانب الميداني، تمثلت في تقدم الموقف العسكري على الموقف الاكاديمي والنخبوي، وحتى جملة الدعوات الى النزول الى الشارع لم تكن في الحجم المتوقع. ومسألة القيادة كمشكلة هيكلية اساسية هي المعيق المركزي في الاداء والفعل والتفاعل مع طوفان الاقصى خاصة على المستوى الشعبي، وهي معضلة تتكرر في كل حدث تاريخي ومناسبة كبرى تحدث في عالمنا العربي، وافقار القيادة من دورها التاريخي والوظيفي مؤامرة تم العمل عليها على مستوى النفوس والعقول والنصوص، وهي مسألة نتجرع اليوم مرارتها وخيبتها بسبب ما مر على مفهوم القيادة من مؤامرة، وبالتالي يجب العمل على صياغة مفهوم القيادة مجددًا.

إن الانظمة القائمة وظيفية، والشعوب تعيش ثنائية الاستبداد والخوف: وهنا علينا أن نستعيد مفهوم المقاومة، وأن يكون هذا المفهوم هو المفهوم الفيصل في أدائنا وتصوراتنا وبنائنا للبدائل الفكرية الراهنة والمستقبلية. ففي تقديري لايزال مفهوم المقاومة منخورًا من بعض التأويلات الخاطئة والمقصودة في اطار تشويه فكرة القيادة وفكرة المقاومة.  لذا علينا اعادة بناء النخب ليس ضمن قراءات تجزيئية،  ويجب ان يتسم مفهوم القيادة بطابع بعيد عن الأحكام المسقطة، وتجنب المقاربات التعميمية، وعلى النخب تجب الإيحاءات الغرائزية وأن يكون تعاطينا ضمن دلالات الحكمة والتعقل. فنحن أمام حرب شاملة هي بالأصالة وليس بالوكالة، ويكشف طوفان الاقصى عن تقدم الموقف الشعبي على نظريه النخبوي والرسمي، وعلى الموقف النخبوي والاكاديمي أخذ  الدرس العملي من سلاسة الموقف الشعبي وتقدمه. وعلينا ان نعيد تشكيل وعي مقاوم يجرؤ على تشخيص الحقائق ضمن دائرة هادئة متوازنة تلحظ الاختلالات على مستوى اداء النخب، وتقصير الشعوب.

مداخلة د. حسن حمادة

 هناك واقع هو أن نستغرب: لماذا لا يتحرك الشارع العربي؟، ولماذا يتحرك العالم كله الا العالم العربي؟.

شخصيًا لم يفاجئني هذا الامر على الاطلاق وكنت انتظر ذلك، وهناك حقيقة قائمة أن المواقف في العالم العربي ملتبسة دائمًا، بما في ذلك العلاقات بين محور المقاومة والدول المطبعة والمغالية في التطبيع وتشكل جزءً لا يتجزأ من المنظومة الصهيونية الاطلسية، وكما هو معروف هناك شيء اسمه الصهيونية العربية ناشطة منذ عشرات السنين، وهي في اساس نكباتنا، وحتى هذه اللحظة نتجنب الاشارة اليها، وتسمية الاشياء بأسمائها.

إن الشعب الفلسطيني يعطي شعوب العالم أجمع دروسًا في التحرر ، ولا يحتاج لا لبراءة ذمة ولا لصك بالجدارة من احد في العالم، وهذا بشهادة المقاومين غير الفلسطينيين، بدءًا من المقاومة اللبنانية والمقاومة اليمنية بشكل محدد، وهذا الشعب الفلسطيني الذي يتعذب ويتعرض للإبادة حتى هذا التاريخ  والعالم العربي والشعوب لا تتحرك، ولا تفرز قيادة وحدها، والشعوب الميتة لا تفرز قيادة، واللافت أن الشعوب لا تفرز قادة خصوصًا في محنة كهذه التي نعيش فيها.

العلاقات ملتبسة جدًا مع الصهيونية العربية في حين أن موقف الصهيونية العربية من محور المقاومة حاد جدًا، ومن فظائع الامور أن المفاوضات تتم على الأرض العربية، فلماذا لا تتم في قبرص أو تركيا؟، ولماذا لا تتم في باريس؟؛ وهذا نوع من العمل على عقول الشعوب العربية وقناعاتها بحيث تتقبل التطبيع، وأنه طبيعي جدا، ولم ار في بلد من دول المحور مرة واحدة اعتراضًا على زيارة مسؤول من محور التطبيع، أفهم أن شعوب العالم قد لا تفهم ما هي الصهيونية حتى الان، ولكن ممنوع على الانسان العربي يجهل ما هي الصهيونية، وما هو الخطر الصهيوني.

إن كل ما يحدث هو بقرار أميركي وقيادة أميركية، وأمر العمل أميركي، وأمر الإبادة أميركي ، والصهيونية والنظام الأميركي منذ العام 1913 حين حدث الانقلاب الكبير في الولايات المتحدة، وحينها فقدت اميركا السيادة على دولتها، بمعنى حين انتزع من المصرف الاميركي الحق الحصري في اصدار العملة، ومنذ ذلك اصبحت صهيونية، والصهيونية تمسك ناصية السلطة في الولايات المتحدة.

هناك حقيقة: أننا  نحن بين محور مقاومة وعالم ميت، وعلينا معالجة وضع هذا العالم الميت، ونحن كمحور المقاومة لدينا القدرة الكافية على الصمود والانتصار ونصف العالم يقف الى جانبنا، وهناك اختراق للغرب عبر التظاهرات، والمحرك الاساس لنشاطات الشبيبة العربية الشابات والشباب الفلسطينيين والشابات والشباب العرب المتحالفين مع الفلسطينيين، ولا فضل لاي دولة عربية في ذلك، ونلاحظ الانسان العربي خارج السجن العربي ،وخارج حكومات الصهيونية العربية يستطيع التحرك وافراز قيادات ميدانية داخل الولايات المتحدة ودول العالم القديم، وفي أي مكان اخر في العالم، وهذا يعني أن الامل موجود وليس مفقودًا؛ ولكن في حالة الموت يجب احياء هذا الميت الذي لا يؤتمن على القضية الفلسطينية لأنه صهيوني عربي ينطق باللغة العربية.

مداخلة الأستاذة ميس كريدي:

يختلف توقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني عن الاتفاقات التي وقعت مع الكيان، فقد أطلق النار على الجسم القومي العربي في قلبه، وأدخل مصر في حالة عزلة تؤدي الى قتل المشروع القومي العربي إلى حد كبير، فمصر جغرافيا تؤمن العلاقة بين مشرق الوطن العربي ومغربه، ومشرق ومغرب الخريطة العربية للدولة العربية الاسلامية التي وضعها سيدنا محمد (ص)، أود من التموضع الهوياتي للمنطقة أن أقول: الغرب والولايات المتحدة قارئان لمنطق المنطقة الفكري، ومطلعان على الحقب الفلسفية والاحقاب الفكرية للمنطقة بدليل حتى تقسيمات سايكس بيكو اعتمدت على قراءة ودراسة سيكولوجيا الشعوب، ومن هنا تم حصار سوريا كونها جغرافيا مهمة.

إن عنوان التحرر الرئيس هو أن أميركا هي العدو،  لأنها الوريث الاستعماري من كل قوى الغرب، وهي التي شكلت الطغمة المكملة لشكل الاستعمار الحديث، والسيطرة المالية والهيمنة ومصادرة الافكار وكل شيء.

إذن، هذا هو الموقف الحساس الذي يجب أن نقرأه لأن أثره كبير على سيكولوجيا الشعب العربي، واستخدم النعرات المكرسة عبر الزمان وصراعات التاريخ، وفي حالة الانتقال من دولة أموية إلى دولة عباسية، وفي حالة ملوك الطوائف، وفي حالة الاستفادة العثمانية من شرعية الاسلام.

لقد شكل كامب دايفيد التباسًا واضحًا: أي هوية تعطي للمنطقة عندما تطرح منطقًا مسالمًا وأنت تتحرك بين عالمين عنوانهما تحرر العالم الاسلامي والعالم العربي؟، فعندما تعطي هوية سلام مزعوم لمنطقة تشكل مساحة واسعة جدًا للجغرافيا العربية، أو الاساس في منطق القومي العربي بمساحتها الديمغرافية الكبيرة فتشكل التباسًا. تم التأثير على العقل العربي بالهزائم القومية الكبيرة، وهناك سقوط لأصل القوميات بشكله التقليدي وهناك انطلاق عالم جديد في وقت اختلفت فيه صناعة العالم وصياغته، اختلفت صناعة العالم وصياغته ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وهدم جدار برلين.

لقد شكّلت الحالة اليمنية شكلت معضلة للأنظمة التي لها عقلية الاكتفاء بما تستطيع الحصول عليه من اموال نتيجة العلاقة مع الهيمنة الاستعمارية بسب واقع النفط. وبالتالي اليمن الذي هو الشرعية العربية لا أحد يستطيع تجاوزه، ولديه قيمة مضافة أن الاستعمار لن يتمكن من اختبار بنيته السيكولوجية كشعب. يعني لدينا شعب في مكان ما لم يتمكن الغرب من اختراقه، وهذا عامل مؤسس للحديث بحالة شعبية جادة يعبر عنها اليمن.

إن العالم الليبرالي سيتوحش كثيرًا على الشعب العربي، فهناك قسم سيجد فرصة عمل في الخارج، وهناك قسم سيبقى أمامه حاجز صد، وسيفهم في اللحظة المناسبة؛ فالواقع يفرض نفسه ضمن المعادلات العالمية انه لا يمكن أن يتحرر اقتصاديًا ما لم يؤد اداءًا سياسيًا. والآن، وأيًا كانت هوياتنا الشخصية، وانتماءاتنا الضيقة، فطالما اميركا اعلنت شكل الصراع في العالم صراع الحضارات فعلينا أن نتمسك بالدفاع عن حضارتنا التي هي الحضارة الاسلامية.

مداخلة د. قاسم بلشان التميمي:

نحن أمة حية، ولكن الصهيوني أصبح قائدًا عربيًا، والقائد موجود بصورة عربي وهو صهيوني للأسف الشديد. وسبب غياب المظاهرات الشعبية العربية عدم وجود معارضة حقيقية فعلية. وحركة الشعوب العربية ـ والخليجية خصوصًا ـ أصبحت حركتها بطيئة جدًا من كثرة التخمة، وباتت لا تستطيع التحرك لأن تخمة الترف أعمت عينها عن الحقيقة. واذا اردنا نصرة القضية الفلسطينية فعلينا أن نؤسس دولة عربية شعبية ، أو دولة اسلامية شعبية تأخذ الأمة والمواقف المصيرية على عاتقها، وهذه نقطة مهمة.

على الرغم من أن الكيان الصهيوني وأميركا والصهيونية العالمية وأذنابها وذيولها تجرعت كأس الهزيمة من أوسع أبوابها، نجد أن  الكيان الصهيوني والاعلام الغربي والاعلام العربي المأجور حرفوا بوصلة العداء من الكيان الصهيوني إلى الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهذه جريمة كبرى. وعلى الشعوب العربية الضغط على حكوماتها كي تلوح بسلاح المقاطعة الاقتصادية. ونحن كمثقفين علينا القيام ببرنامجنا وتنوير الشعوب بأن القضية ليست قضية ايران، أو فلسطين ، أو العراق ، أو سوريا ، أو اليمن ، أو الجزائر ، أو المغرب ، أو تونس، إنما القضية هي قضية منظومة قيم أخلاقية، ومنظومة: أكون ، أو لا أكون. 

مداخلة الأستاذ سركيس ابو زيد:

المطلوب من القوى التي تعبر عن المقاومة بمختلف اتجاهاتها والقوى الشعبية التغييرية بمختلف اتجاهاتها هو القيام بحوار لتشكيل جبهة المقاومة والتغيير التي تستطيع قادة الجماهير، ومواجهة معادلة رسم معالم الغد. فعلى الرغم من التحديات الموجودة في فلسطين لم تتحد القوى الإسلامية، ولا القوى العربية والقومية، ولا القوى التقدمية واليسارية، والبداية في رأيي تكون بتوحيد هذه القوى عبر حوار جدي لتكوين جبهة المقاومة والتغيير، لان المقاومة من دون تغيير تخلق هوة وبيئتها، ولتغيير من دون مقاومة يصبح تابعًا للمشروع الغربي الصهيوني، وبالتالي المطلوب خطوة عملية هي: توحيد هذه القوى حتى تشكل قوة وميزان قوة جديد على الساحة المحلية والاقليمية والدولية. 

مداخلة د. علي شعيب:

من أسباب اقتصار مواقف الانظمة العربية الحاكمة على دائرة التنديد والشجب والادانة، ومساندة المجتمع الدولي للتدخل:

1.1. الأمن من الضغط الشعبي الداخلي بسبب انكفاء الأحزاب والفعاليات وعدم وجود اطر فعالة لجمع الناس، واحباط النخب والناس نتيجة فشل الربيع العربي في تبديل الانظمة الاستبدادية المطبّعة مع الاميركي (مصر ولأردن أنموذجًا) ،  ودرجة القمع الممارس عل كل من يعترض على سياسات الحكم (الاغتيال، السجن، الاعتقال...).

2.1. التوافق والانسجام والتماهي مع المؤسسة الدينية (الحاكم ورجل الدين الأول: يعين والثاني يرد الجميل بعدم الاعتراض عليه مخلفًا ذلك بقول: عدم جواز الخروج على الحاكم).

3.1 دور الوظيفي التابع لهذه الانظمة : بعد أن ارتضت أن تكون خادمة للهيمنة الأميركية التي تحميها مقابل أن تأخذ مواردها ، وتعطي الحكام فيها الأمان من الاعتراض الداخلي أو الضغط الخارجي (ترامب وابن سلمان أنموذجًا). وبداية هذا الدور مع تأسس الكيان الصهيوني المؤقت عام 1948 ومسرحية الحروب العربية عليه بقيادة غلوب باشا، والاتفاقيات السرية مع حكام الخليج لتنتهي مع خروج مصر من دائرة الصراع مع العدو الصهيوني عبر اتفاقيات كامب دايفيد مرورًا بمؤتمر مدريد عام 1991، واتفاقية اوسلو عام 1993 الذي تخلت فيه منظمة التحرير عن الكفاح المسلح، واعترفت بحق اسرائيل في الوجود كدولة على 78% من فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة، وصولًا إلى مبادرة السلام العربية التي تنص على حق اسرائيل بالوجود ضمن حدود 1967 وتطالبها بالانسحاب من ما احتلته بعد ذلك وعززته قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ: الارض مقابل السلام.

4.1. العجز الذي تعاني منه الدول العربية تجاه أميركا:

- مصر (الفقر، المياه "سد النهضة") في يد الاميركي، والعسكر القابض على السلطة كذلك، والسلع الاستراتيجية (قمح مصر، كهرباء...). والفريق سامي حافظ عنان ذهب الى السفارة الأميركية لأخذ الموافقة على ترشحه لرئاسة الجمهورية

- الاردن (دولة وليست دولة:  لا موارد مالية ومادية تساعد على قيامها الا المساعدات الأميركية الفرنسية فماذا يرتجى من حكامها؟).

- دول الخليج صغيرة لا قوة لها ما عدا السعودية المرتهنة بسلاحها وحكامها كاملا للأميركي، وكانت ولاتزال تتنافس مع تركيا على خدمة مصالحه في العالم الاسلامي.

في اسباب تقاعس الشعوب :

1.حالة الترفيه من جانب في الدول الخليجية والحرب الناعمة التي تمارس عليهم لثنيهم عن التفكير خارج إطار عصبويتهم الوطنية.

2.حالة الفقر في الدول العربية (مصر، الأردن، تونس)، والحرب الناعمة والاقتصادية التي تمارس عليهم لجعلهم يائسين من أي محاولة تغيير.

3. نجاح سياسة (divide and rule:  فرّق تسُد  التي أحيت العصبيات الوطنية الطائفية والمذهبية، وشرذمت الأمة العربية خارج اطار دولها وداخلها، ونجاحها في احياء الفتنة المذهبية

4. تداعيات الحرب التكفيرية الاميركية ونجاحها في احياء الفتنة المذهبية التي جعلت البعض يعتقد أن حرب حماس على الصهاينة هي حرب الروافض عليه،  وحماس مالت الى الروافض وايران ، يعني تصوير المعركة أنها بين ايران واسرائيل واميركا).

5. تغليف التقاعس بمظلة دينية شعارها "عدم جواز الخروج على ولي الامر"، وايران مجوس.

6.حالة الاحباط التي نتجت عن تداعيات فشل الربيع العالي وعدم قدرة القوى التي تحمل رؤى التغيير من النجاح في تحقيق رؤيتها.

7. ضرب روحية الجهاد في الأمة (عقيدة الضاحية، عقيدة غزة).

 8. اقتناع جزء من الفلسطينيين بعدم ضرورة الجهاد واعتماد سياسة الاستسلام والتطبيع مع العدو الصهيوني.